تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

لأمریکــا الإستراتیجیــات.. وللمقاومــة الإنتصــارات

برغم ضراوة العدوان وقساوته على محور المقاومة، والذی تصاعد فجأة وبمستوى غیر مسبوق ضد کل مکوناته، ما حدى بسماحة السید فی تقدیر لمدى خطورته بوصفه على أنه “حرب وجود ومصیر”، الأمر الذی أضفى ضبابیة على المشهد، فبدى للوهلة الأولى مخیفا بشکل رهیـب..
رمز الخبر: ۶۰۸۳۶
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۲۰:۲۳ - 25October 2014

لأمریکــا الإستراتیجیــات.. وللمقاومــة الإنتصــارات

أحمد الشرقاوی

برغم ضراوة العدوان وقساوته على محور المقاومة، والذی تصاعد فجأة وبمستوى غیر مسبوق ضد کل مکوناته، ما حدى بسماحة السید فی تقدیر لمدى خطورته بوصفه على أنه “حرب وجود ومصیر”، الأمر الذی أضفى ضبابیة على المشهد، فبدى للوهلة الأولى مخیفا بشکل رهیـب..

فشل وکلاء أمریکا فی إحداث التغییر المطلوب فی سوریة، فقرر ‘أوباما’ تحت ضغط المحافظین الجدد ولوبیات التأثیر الصهیونیة (الیهودیة والمسیحیة والعربیة)، العودة إلى المنطقة من البوابة العراقیة بعد سقوط الموصل بسلاح الغدر والإرهاب..

فتبین أن إیران لو کانت فعلا محتلة للعراق کما یقول “هــزّاز” السعودیة، لما نجحت شرذمة من التکفیریین فی إسقاط الموصل ومناطق واسعة من البلاد.. کما أکدت الأزمة السوریة أیضا، أن طهران لو کانت تنشر التشیّع فی العالم العربی کما تتهمها مملکة الشر والظلام وحلفائها من الحکام الأعراب، لکانت سوریة الیوم شیعیة بعد أزید من 3 عقود من إستدارتها الإستراتیجیة نحو طهران، ولما إستطاعت أمریکا وأدواتها النفاذ إلى العباد من بوابة التعددیة والإختلاف لتخریب البلاد.

فهم الجمیع هذه المرة، أن الحرب أصبحت على أبواب إیران، المستهدفة بالنهایة من وراء کل ما جرى ویجری من قتل وخراب.. وأدرک المسؤولون فی موسکو وطهران وبغداد ودمشق وحزب الله، أن الإستراتیجیة الأمریکیة کما اعتادوا التعامل مع أدواتها التنفیذیة فی المنطقة فأفشلوها فی لبنان وفی سوریة حیث بدى النصر قاب قوسین أو أدنى.. تحولت فجأة، من الترکیز على إسقاط محور المقاومة مُکوّنا بعد آخر، إلى تفجیر الفوضى على إمتداد جغرافیة المحور، لدفع طهران إلى الخضوع والإستسلام من خلال الترکیز على إسقاط الأسد.

وکان واضحا قبل فترة، أن إعلان ‘أوباما’ عدم سماح بلاده لإیران بتفریخ نماذج من حزب الله فی دول المنطقة، هو بمثابة إعلان حرب مبطن، تُرجم واقعا على الأرض من خلال إستراتیجیة ‘أوباما’ الجدیدة المثیرة للجدل، والتی تستهدف سوریة فی المقام الأول کما أصبح واضحا، وأکده الوزیر ‘لافروف’ الإثنین بصراحة لافتة، حیث قال، إن “أمریکا تسعى لإسقاط الرئیس الأسد بالإرهاب”، وأن بلاده “تقدم الدعم لکل من سوریا والعراق حلیفتا روسیا فی الحرب الحقیقیة ضد الإرهاب”، وأنها “تزودهما بالأسلحة والمعدات العسکریة على نطاق واسع یعزز قدرة هذین البلدین على المواجهة”.. فکانت رسالة واضحة لواشنطن مفادها، أن روسیا، وبرغم ما حصل فی أوکرانیا، لن تترک العراق وسوریة لقمة صائغة لواشنطن، وأنها ستقف معهم فی حربهم ضد الإرهاب وستفشل ما وراء الإرهاب من أهداف.

تصریح لافروف الحاد هذا، یظهر أن العلاقات الأمریکیة الروسیة هی الیوم فی أسوأ أحوالها منذ نهایة الحرب الباردة مطلع تسعینیات القرن الماضی.. وبالتالی، کل من یروج لقرب إنفراجات سیاسیة لحل أزمات المنطقة المتعددة والمتشعبة والمتداخلة، هو کمن یُمنّی النفس بالسراب.. لأن أمریکا ترفض أن تفهم أن العالم لم یعد أحادی القطب، وأن عنجهیتها وأطماعها الغیر مشروعة هی السبب فی کل الأزمات التی یعیشها العالم الیوم، و’أوباما’ الذی جاء لسدة الرئاسة على حصان “التغییر”، لا یرید أن یقتنع أن العالم قد تغیر بالفعل، لکن لیس بالشعار الذی حمله إلى البیت الأبیض، بل بفضل منجزات المقاومة السیاسیة والدیبلوماسیة والإقتصادیة والأمنیة والعسکریة والإعلامیة من بیکین إلى غزة.. والتی تعتبر بحق إنتصارات تکتیکیة فی حرب الإرادات.. فی إنتظار أن یصرخ من یشعر أولا بالألم.

کثیرة هی الإستراتیجیات التی وضعتها الإدارة الأمریکیة فی إطار الدور الذی رسمته لسیاستها الخارجیة.. فمنذ عدوان تموز 2006 على لبنان وإعلان ‘کوندولیزا رایس’ بدایة میلاد شرق أوسط جدید من مخاض الحرب الدائرة بین حزب الله و”إسرائیل”، فهم الجمیع أن المستهدف بالنهایة هو محور المقاومة برمته ولیس لبنان فحسب، وکانت الخطة تقتضی کسر حلقاته الواحدة تلو الأخرى إنطلاقا من لبنان، الذی یدرب ویوصل السلاح للمقاومة فی غزة، ثم الإنتقال بعد ذلک إلى سوریة، الدولة المرکزیة فی المحور، فإشعال العراق لمحاصرة إیران وتفجیرها من الداخل، خوفا من مواحهتها عسکریا، بعد أن سبق وهددت بتفجیر المنطقة، وغلق مضیق هرمز، وضرب 78 قاعدة عسکریة أمریکیة فی الشرق الأوسط وآسیا تطالها صواریخها، وإزالة “إسرائیل” من الوجود بصلیات صاروخیة مدمرة قُدّر عددها الأول بـ11 ألف صاروخ ستنزل فوق فلسطین المحتلة فی العشر دقائق الأولى من الحرب، ناهیک عن المفاجئات التی حضرها حزب الله وسوریة، لإجتیاح فلسطین وصولا إلى القدس وتحریر الجولان..

کانت بالفعل ستکون حرب الحسم الأخیر، أو “یوم الله” الذی ینتظره الصهاینة برعب تحوّل إلى مُرکّب نقص یتجسّد فی عقیدتهم العدوانیة تجاه العرب والمسلمین وعلى رأسهم إیران، العدو الوجودی الأخطر، لأنه یحمل مشروعا إسلامیا یضع تحریر القدس وفلسطین والعداء لإسرائیل من أولى أولویات السیاسة الخارجیة، ویسعى لتوحید العرب والمسلمین وراء هذا المشروع.. وهو ما حدى بـ’أوباما’ حینها، بعد أن فهم خطورة المغامرة، لأن یقرر التراجع عن المقامرة، وقبل بالسلاح الکیماوی مقابل إلغاء الضربة العسکریة حفظا لماء وجهه الأسود الکالح.

کل الإستراتیجیات الأمریکیة سقطت کأوراق خریف محروقة على أرض الممانعة والمقاومة المبارکة فی لبنان وغزة وسوریة، وأصبح العالم یتحدث بإعجاب عن ذکاء حزب الله، وعن صلابة ‘الأسد’ وصمود الجیش العربی السوری وإلتحام غالبیة الشعب حول القیادة وحماة الدیار.. ففهم الغرب أن السر یکمن فی شیىء لا یقهر ولا یباع ولا یشترى فی سوق النخاسة السیاسیة، ویستحیل هزیمته بالقوة العسکریة حتى لو إجتمعت ضده کل قوى الشر فی الغرب والمنطقة، شیىء إسمه “عقیدة المقاومة” التی تعنی: “هیهــات منـا الذلــة”، أو بعبارة أخرى أقرب إلى فهم العامة: “لا إستسلام، فإما العیش بکرامة أو الموت بشرف”..

کتبتُ کثیرا عن إنتصارات سوریة فی محطات عدیدة، وکان بعض الأصدقاء یعیبون علی الإفراط فی التفاؤل فی توقعاتی برغم ظلمة المشهد وقساوته.. وکنت أقول دائما، أننی قبل التعامل من المعلومات والمعطیات والتصریحات والمواقف لإستشراف الآتی، کنت أرکز کثیرا على عامل “العقیــدة القتالیــة” لدى محور المقاومة، والذی لا یمکن تفسیره بمناهج التحلیل السیاسی العقلانی، لأنه إذا توفر الإیمان بوعد السماء، وأخذ المؤمنون بالأسباب، وتحلوا بأعز صفة نبیلة کان یتمیز بها الرسول الأعظم (صلع)، أی “التفاؤل” من خلال قوله لأصحابه فی ساعة الشدة، لا تخافوا إن الله معنا.. وترجم ذلک من خلال عقیدة قتالیة صلبة لا تلین.. تُسترخص حینها الدماء دفاعا عن الحق، فیتحقق النصر الموعود، ویومئذ، تنشرح الصدور ویفرح المؤمنون بنصر الله..

ولعل مثل هذه القناعة هی التی تجعل سماحة السید الذی لا یعلم الغیب، یعد جمهوره وأنصاره والأمة العربیة والإسلامیة دائما بالنصر فیتحقق، وکان العدو الذی طمس الله على بصره وأعمى بصیرته یضع وعد صاحب الوعد الصادق فی خانة الحرب النفسیة، فیفاجئ بعد فوات الأوان أن فی الأمر سر غامض لم یستطع إلى الآن فهم کنهه..

ذلک، أن العقلیة السیاسیة الصهیونیة والغربیة البراغماتیة مثلا، لا تستطیع أن تفهم لماذا لا تقبل المقاومة فی غزة برغد العیش فی وضع إقتصادی مریح وتتخلى عن المقاومة؟.. ولا تستوعب أیضا، لماذا لا ینخرط حزب الله فی العمل السیاسی فی لبنان وینعم بالسلطة والثروة ویتخلى عن مغامراته ضد “إسرائیل”؟.. ولا یمکن أن تدرک بالمطلق السر الذی جعل الرئیس الأسد یرفض 100 ملیار دولار وعودة الجولان المحتل دون حرب، وإغراق سوریة بالإستثمارات الخلیجیة والغربیة لیعیش الشعب فی بحبوحة إقتصادیة تجعله یتمسک بوطنه وبما یملک من مکتسبات خوفا من ضیاعها، شریطة أن یتخلى عن الممانعة والمقاومة، ویلعن الحرب وویلاتها، ویعود لحضن الأخ الأکبر فی الریاض، ویمتثل لتعلیمات العـم سـام فی واشنطن؟.. لأنه حینها سیکون للأسد الحکم ولواشنطن القرار، ولیفعل بعد ذلک بشعبه ما یشاء، فلن یتحدث أحد فی هذا العالم عن الدیکتاتوریة فی سوریة، تماما کما هو الحال فی السعودیة والبحرین مثلا.

وسبب هذا الغموض، الذی یسمیه البعض بسوء فهم خصوصیات المنطقة، یکمن فی أن أمریکا أخذت عامل “الجهاد” الإسلامی فی حسبانها على ضوء الخیبات التی منیت بها فی أفغانستان والعراق زمن الإحتلال، فجندت ودربت وجهزت عشرات الآلاف من الذین کانت تعتقد أنهم سیقاتلون بنفس عقیدة المقاومة تحت مسمى “الجهاد ضد الکفار الشیعة”، وأنه لا مناص من أن تنتصر إستراتیجیة “الضد النوعی” أو “إسلام ضد الإسلام” هذه المرة، ما دامت هزمت الإتحاد السوفیاتی سابقا بـ”الجهاد” فی أفغانستان..

غیر أن هذه المرة، وککل مرة، أخطأت الإدارة الأمریکیة فی الفهم وفی العنوان، لأن سوریة والعراق ولبنان وإیران لا یشبهون فی شیىء أفغانستان، ولأن عدو الیوم مسلم مختلف عن عدو الأمس الذی کان یقال أنه روسی ملحد، والفرق بین المقاومة والإرهاب هو کالفرق بین من یقاتل دفاعا عن النفس کما أمر الله، ومن یذبح ویفجر دفاعا عن الشر المطلق المسمى “إسرائیل” کما أمرت أمریکا..

وها هو “الشهید الحی”، الجنرال ‘قاسم سلیمانی’ یؤکد ما نقول، بإعلانه الإثنین: إن “التدخل والغزو الأمیرکی لدول المنطقة بذریعة مکافحة ‘داعش’، مصیرها الفشل والهزیمة، ولن تحقق اغراضها المشؤومة، وذلک لأنها تفتقر الی المبدأ”.. والمبدأ الذی یتحدث عنه ‘قاسم سلیمانی’، یمکن فهمه بمعرفة الفرق بین “المنفعة و الحق”.. ولأجل هذه المعادلة بالتحدید، رفع الله السماء ووضع المیزان لیقام العدل حتى لا تفسد الأرض فیعم الظلام والخراب..

وهذا هو سر فشل أمریکا وأدواتها وإنتصار محور المقاومة.. فأدرکت أمریکا هذه المرة، ولو متأخرة کعادتها، أن عقیدة اللقطاء المرتزقة التی تقوم على “المنفعة” بأسلوب القتل والتفجیر من أجل السلب والنهب والإغتصاب، لا یمکنها أن تنتصر على عقیدة رجال الله التی تقوم على التضحیة.. وهنا یکمن الفارق الکبیر بین القتال من أجل تحقیق مکاسب غیر مشروعة والقتال دفاعا عن الحق إمتثالا لأمر السماء.

والتاریخ یؤکد، أن کل الحروب الظالمة التی قامت على غیر “مبدأ”، فشلت لأن عقیدة المقاومة فی الجهة المقابلة شکلت على الدوام قوة إلهیة لا تقهر، تدعمها السماء رغم قلة الرجال والوسائل والإمکانات مقارنة مع ما تملکه إسرائیل وأمریکا وأدواتها الغنیة فی المنطقة وعلى رأسها السعودیة..

الیوم، من یؤمن بعقیدة المقاومة، یرى بوضوح کیف أن کل إستراتیجیات أمریکا إنهارت وأخرى فی طریقها إلى المزبلة، وکل من وثق فی أمریکا واستسلم لها انتهى به الأمر إلى القمامة کمندیل مرحاض.. بل حتى أمریکا نفسها، وقبلها “إسرائیل”، أدرکوا بما لا یدع مجالا للشک، أن للقوة مهما بلغت من جبروت حدود.. وأن “العقیدة القتالیة” وحدها کفیلة بصنع المعجزات، برغم محدودیة الوسائل والإمکانات، حین تستعمل بحکمة وإقتصاد، وتدار المعارک بعقل إستراتیجی جبار، یرى بنور الله ما لا یراه صناع السیاسة والمخابرات تحت ضوء المصابیح فی الدهالیز والکوالیس وأقبیة المؤامرات..

لأن هدف المقاومة الأساس وعنوان إستراتیجیتها التی لا تتبدل ولا تتغیر لأنها من سنن الله فی الخلق، هو الدفاع الشرعی عن النفس لا الإعتداء، والترکیز على إفشال أهداف العدوان.. وهذا بالمفهوم السیاسی والعسکری الإستراتیجی یعد إنتصارا کبیرا للمقاومة، فی حین أن إنتصار أمریکا لا یمکن أن یتحقق إلا من خلال بوابتین: هزیمة العدو فی المیدان من خلال الحسم العسکری، وهذا مستحیل لإعتبارات باتت معروفة للجمیع.. أو إحتوائه بالضغوط والوعود والحیل، عساه یقبل بتجنیب بلده وشعبه الخراب والقبول بشروط أمریکا، سیدة العالم حتى الآن، وإن کانت فی مرحلة الإنهیار والإحتضار، وهذا أیضا مستحیل لأن أصحاب المبادىء لا یباعون ولا یشترون مهما کانت الإغراءات..

فمثلا، کان بود إیران أن تقبل بإقتراح أمریکی لتزوید أوروبا بالغاز عبر ترکیا مقابل 400 ملیار دولار سنویا.. وبالرغم من أن روسیا صوتت لصالح فرض عقوبات إقتصادیة ضد إیران فی الأمم المتحدة بسبب برنامجها النووی التی تعرف أنه سلمی ما دامت هی من أقامت محطاته، وبالرغم من أن موسکو أخلّت بإلتزاماتها التعاقدیة ولم تسلم إیران منظومة (إس 300) المدفوع ثمنها مقدما منذ سنین، نزولا عند ضغوط واشنطن.. إلا أن أخلاق محور المقاومة ترفض الإنتقام، فقامت طهران بإبلاغ موسکو بالعرض وواشنطن بالرفض. وهو ما جعل روسیا توقع معها عقودا کبیرة لتسویق النفط، وتقرر ضمّها لمنظمة شانغهای، وتعلن أن إیران حلیف إستراتیجی لروسیا، کما هی سوریة أیضا.. وهذا هو ثمن الوفاء.

حاولت أمریکا أن تلعب نفس اللعبة مع الأسد، وقامت باتصالات سریة مع القیادة السوریة، لکنها لم تفلح فی إستمالة هذا الرجل العملاق، وعلق الوزیر لافروف على ما راج من تسریبات حول هذا الأمر بالقول: “من المستحیل أن یقبل الأسد بذلک”.. لأنها تعرف أن ما تعانی منه سوریة الیوم، هدفه البعید المدى هو سحب البساط من تحت أقدام موسکو وبیکین حتى لا یکون لهم موقع فی الشرق الأوسط وشمال إفریقیا.. وهذا ما یفسر إصدار بوتین لأوامره بفتح مخازن السلاح الروسیة وتزوید دمشق وبغداد بما یلزم من عتاد معدات وتقنیات متطورة، وخبراء، ووضع بوارجها وغراصاتها قبالة الشواطىء السوریة تحسبا للأسوء.. إلى أن تفشل حرب الإستنزاف وینتصر المحور مجتمعا.. فتنزف أمریکا وأوروبا.. ولهذا قال الوزیر لافروف بدایة هذا الأسبوع، إن أمریکا بحاجة لوقت أطول، لتدرک خطأ سیاساتها فی المنطقة والعالم.

لکن هناک تطور کبیر وملفت حصل هذا الأسبوع فی المنطقة، وتمثل فی تزامن زیارة سکرتیر الأمن القومی الروسی ورئیس الوزراء العراقی إلى طهران، وعقد مجموعة إجتماعات وصفت بالمفصلیة، وبدأ الحدیث عن تأسیس حلف جدید بین روسیا وإیران ومکونات محور المقاومة لمواجهة حلف أمریکا سیاسیا ودبلوماسیا وأمنیا فی المرحلة الأولى، ولجم طموح أمریکا لإحداث أی تغییر فی العراق وسوریة ولبنان..

هذا الأمر، اعتبره مراقبون بمثابة إنتقال موسکو وطهران من إستراتیجیة الدفاع إلى إستراتیجیة المبادرة التی تسبق إستراتیجیة المواجة فی حال أصرت أمریکا على تنفیذ إستراتیجیتها الوهمیة.. وهو ما ینذر بتطورات کثیرة ستشهدها المنطقة فی المدى المنظور، خصوصا فی الجنوب السوری، بعد أن سکتت الإدارة الأمریکیة عن جبهة النصرة، وتعمل على تعویمها کمعارضة معتدلة بطلب من “إسرائیل”، ضدا فی قرار مجلس الأمن الذی یعتبرها منظمة إرهابیة تتبع القاعدة..

ونفس الشیىء یحصل مع “داعش”، التی یبدو أن أمریکا ترسم حدود تقسیم الأقالیم فی العراق وسوریة من الجو، فی حین تملأ “داعش” الفراغ، فی إنتظار تعویمها وتدریب المزید من الوحوش فی ترکیا والسعودیة..

لکن السؤال الأهم فی کل هذا، والذی لا تعرف له أمریکا وحلفها جوابا هو.. إذا کان لکم الجو ولنا الأرض، فکیف ستستطیع “داعش” الإستقرار فی المناطق التی احتلتها ورجال الله یحضرون لتسونامی سیجرف “داعش” والنصرة” وکل الأفاعی الرقطاء والعقارب السوداء من على وجه أرضنا المقدسة؟.. وهل أخذتم فی الحسبان إحتمالات الرد فی البحرین والسعودیة والأردن وفلسطین المحتلة مثلا؟..

بمعنى، أن من یملک الأرض هو من سیحسم الحرب مع الإرهاب.. ومع الخونة والمنافقین الذین یدعمون الإرهاب.. وأمریکا ستقف عاجزة تتفرج على أفاعیها تنفق فی صحراء العراق وسهول سوریة وجبال لبنان، وعند وصول الأمر إلى حافة الهاویة، ستطالب موسکو وطهران بالحوار.. بلا حیاء وبلا کرامة، خوفا على مصالحها من الضیاع..

لهذا السبب بالذات فهمت بریطانیا صاحبة الماضی الإستعماری “العریق”، أن مشارکتها فی ضرب سوریة، هو مقامرة غیر محسوبة العواقب، فاعتذرت، وترکت أمریکا تعانی فی تخبطها، ولا تجد من یقفز مکانها نحو المجهول سوى ‘أردوغان’.. البغــل الذی قرر الإنتحار من أجل وهم عودة الخلافة على ظهر حمار الإخوان..

المصدر: باناروما الشرق الاوسط

 

 

 

رایکم
الأکثر قراءة