تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

رموز عملة داعش بین المعنى و المقصود.. من یحول التنظیم إلى دولة مؤسسات ؟

أعلن تنظیم داعش عن نیته لسک عملة خاصة به، الإشارات التی تأتی من التنظیم تفضی إلى أن ثمة من یقدم دعماً کبیراً للتنظیم من الناحیة المادیة و اللوجستیة بما یفضی لتغییر واقع سیاسی و جغرافی فی منطقة الشرق الأوسط،
رمز الخبر: ۶۱۴۷۹
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۰۱ - 15November 2014

رموز عملة داعش بین المعنى و المقصود.. من یحول التنظیم إلى دولة مؤسسات ؟

أعلن تنظیم داعش عن نیته لسک عملة خاصة به، الإشارات التی تأتی من التنظیم تفضی إلى أن ثمة من یقدم دعماً کبیراً للتنظیم من الناحیة المادیة و اللوجستیة بما یفضی لتغییر واقع سیاسی و جغرافی فی منطقة الشرق الأوسط، و على الطرف الآخر من الأفعال الداعشیة، ثم من یقرر ساعة الصفر لإعلان الدولة التی قد یذهب بها الداعمون حد التقدم بطلب للانضمام إلى الامم المتحدة.

بدایة رسائل التنظیم کانت عبر الأفلام "الهولیودیة" التی بثها لعملیات ذبح مفترضة لرعایا من الولایات المتحدة الامریکیة و بریطانیا، حیث أظهر التنظیم نفسه على أنه "دولة مؤسساتیة" من خلال اللباس الموحد لـ "المذبوحین"، و الذی یشبه بلونه و تصمیمه نفس الرداء الذی تستخدمه السجون الأمریکیة.

ومن قبل ذلک أنشاء التنظیم جهازه الأمنی الخاص الذی أسمها "الشرطة الإسلامیة" و یوازیه جهاز أمنی إصلاحی ینفذ محاکمات سریعة و ینفذ أحکامها فی الطریق و أطلق علیه اسم "الحسبة" وهو یماثل فی تصرفاته و ممارساته نظام "هیئة الأمر بالمعروف" السعودیة، غیر أن الحسبة فی المناطق التی ینتشر فیها داعش من سوریا و العراق تقوم بتنفیذ اختبارات لمن یشتبه بسلامة "دینهم" و من یرسب فی الامتحان یواجه عقوبة قد تصل الموت باعتباره کافر.

و من مؤسسات "داعش"، ما أعلن عنه "دیوان بیت المال"، الذی أصدر بیاناً یوح فیه وجود النیة لدى التنظیم بإصدار عملة من معادن الذهب و الفضة و النحاس، فی خطوة لا تفید التنظیم فی شیء سوى بالترویج لنفسه على إنه "دولة منظمة" و تمتلک مؤسسات، وهی خطوة لا یمکن أن تصدر عن أشخاص لا یمتلک سوى أسلحتهم و رغبتهم الشدیدة بالقتل، ما یکشف أکثر وجود عقول مخططة تدیر التنظیم فی الخفاء، و أنظمة حکم قائمة فی العالم تنسق مع التنظیم لإنشاء هذه الدولة و أکثر من یستفید من وجود دولة "داعش" هو من یقف ورائها، و اصابع الاتهام هنا لا تشیر إلى أحد بقدرما تشیر إلى "إسرائیل"، التی ستتسفید من تحویل المنطقة إلى مجموعة الدول المبنیة على أساس طائفی لتصبح جزء طبیعی من المنطقة بکونها هی الأخرى دولة تقوم على أساس "الدین".

العملة التی ینوی تنظیم داعش إصدارها من معادن الذهب و الفضة و النحاس، ستحتاج إلى کمیات کبیرة من هذه المعادن، مما یعنی إن التنظیم سیحتاج قطعاً لمن یؤمن هذه المعادن عبر تجارة شرعیة أو غیر شرعیة، و ستکون ترکیا فی هذا النقطة أول المرشحین، و سیکون لزاماً على التنظیم أن ینفق کمیة کبیرة من المال لتنفیذ هذا المشروع، و سیکون لدیه بالتأکید عقوبات شدیدة لمن لا یستخدم هذه العملة، و بالتالی سیفرض ترویجها قسراً على المواطنین السوریین والعراقیین، ما سیعنی أنها ترید أن تصبح دولة بحکم "الأمر الواقع"، و بدعم أمریکی إسرائیلی، فلا یمکن الاقتناع بما تسمیه واشنطن "الحرب على داعش".

کما إن العملة التی حملتها الرسومات المفترضة لشکل ما سیقوم داعش بإنتاجه من عملة، تحمل دلالات ذات إیحاء دینی بحتن بحیث یعتمد التنظیم على إلصاق نشاطاته بـ "الدیانة الإسلامیة"، إذ وضع على أحد وجهی تصمیم العملة عبارتین، الأولى "الدولة الإسلامیة" و الثانیة "خلافة على منهاج النبوة" فی محاولة لکسب المسلمین فی العالم بما یذکرهم بتاریخ کانت فیه الأمة العربیة مؤثرة فی العالم لا متأثرة کما حالها الآن.

 فیما وضع التنظیم على الآخر تنوعت الرموز المستخدمة، وهی سبع سنابل على فئة الدینار الواحد من الذهب، وخریطة العالم على فئة الخمسة دنانیر الذهبیة، ورمح ودرع على فئة الدرهم الواحد الفضی، ومنارة دمشق البیضاء على فئة الخمسة دراهم الفضیة، والمسجد الأقصى على فئة العشرة دراهم الفضیة، وهلال على فئة العشرة فلوس النحاسیة، فیما وضعت ثلاث نخلات على فئة العشرین فلسا، وکلها رموز ذات خلفیة دینیة فـ السنابل تعنی "برکة السماء"، و خریطة العالم تدلل على منهج توسعی لدى داعش یفید فی إعطاء تصور لما ینوی التنظیم القیام به لاحقاً من خلال تمدد دولته إلى باقی أنحاء العالم لتحقیق شعار داعش الأساسی "باقیة و تتمدد".

و فیما یذهب شعار "الرمح و الدرع" نحو انتهاج القوة لنشر أفکار داعش، فإن المنارة الدمشقیة توحی بأن مدینة دمشق فی اعتبارات قیادات التنظیم عاصمة لدولتهم المفترضة، وهذا یدلل بشکل واضح على إن سیمائیة الرمز لم تستخدم من قبل مجموعة من القتلة، بل ثمة من عمل على أن تکون جملة الرموز على العملة الداعشیة تمثل رغبة واحدة تجتمع علیها داعش مع إسرائیل و أمریکا و الاتحاد الأوروبی الدول الخلیجی و ترکیا، وهو إسقاط الدولة السوریة، لکن لماذا وضع داعش المسجد الأقصى على أحد تصامیم علمته..؟.

الجواب یأتی من اللعب على وتر العامل النفسی لدى عموم المسلمین فی العالم، فالمسجد الأقصى الذی یعتبر "ثالث الحرمین" یخضع منذ نشوء الکیان المحتل الإسرائیلی لسلطة الاحتلال، وهو یتعرض بشکل یومی لانتهاکات الدولة الصهیونیة و علیه فإن أی طرف یحارب إسرائیل و یناصبها العداء یکسب باللاشعور تأیید المسلمین فی العالم باعتبار الأقصى و فلسطین قضیة مرکزیة للعرب و المسلمین، وهذا الإشتغال على الحالة النفسیة و توجیه کره المسلمین لـ إسرائیل وفق ما یحقق أهداف إسرائیل نفسها نوع من أنواع الدعایة التی استخدمت أول الأزمة السوریة من خلال توجیه الاتهامات إلى دمشق بأنها تتستر خلف شعارات الممانعة و لم تطلق أی رصاصة تجاه الکیان المحتل، و بالتالی خلق وقتها نوع من التصدیق لدى بعض من الشارع السوری لما بثته إسرائیل لإفقاد دمشق مصداقیة العداء لـ إسرائیل، وعلى ذلک یمکن القول بأن وضع الأقصى بحد ذاته على أحد النقوش لا یمکن أن یکون سوى من باب تحویل داعش إلى تنظیم یدافع عن فلسطین فی عیون المسلمین، فیما إن حقیقة التنظیم تدلل وفق الوثائق التی سربها عمیل جهاز الأمن القومی الأمریکیة السابق "إدوارد سنودن" و التی أکدت إن مخابرات الکیان الإسرائیلی أسهمت فی تشکیل تنظیم داعش.

تحویل داعش إلى دولة بخطوات تدریجیة من خلال فرضه بالأمر الواقع على خریطة شرق المتوسط لن یخرج من دائرة الأهداف الأمریکیة التی تسعى جاهدة منذ ما یزید عن عقد من الزمن إلى تحویل المنطقة إلى دویلات "دینیة و عرقیة" تضمن طبیعیة وجود إسرائیل فیها، ما یؤدی إلى دخول الکیانات المفترضة فی صراعات إیدولوجیة تلهی العرب عن الصراع مع إسرائیل.

المصدر: عربی برس
 

 

رایکم
الأکثر قراءة