تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

صهاینة ولکن تونسیون!

ظل العرب ستین سنة یحاولون إقناع العالم بعدالة قضیتهم المرکزیة. وفی اللحظة التی بدأ فیها العالم بالاقتناع بعدالة هذه القضیة شرعت بعض النخب العربیة بالتصهین بل بالتأسیس الناعم لأطر عمل منتظم یهیئ القاعدة لإنشاء لوبیات صهیونیة داخل بلدانهم.ولا أسعد من إنسان یدافع عنه عدوّه! هکذا شأن الصهاینة الآن!
رمز الخبر: ۶۰۵۰۱
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۷:۱۲ - 09October 2014

صهاینة ولکن تونسیون!

خالد النجار

ظل العرب ستین سنة یحاولون إقناع العالم بعدالة قضیتهم المرکزیة. وفی اللحظة التی بدأ فیها العالم بالاقتناع بعدالة هذه القضیة شرعت بعض النخب العربیة بالتصهین بل بالتأسیس الناعم لأطر عمل منتظم یهیئ القاعدة لإنشاء لوبیات صهیونیة داخل بلدانهم.

ولا أسعد من إنسان یدافع عنه عدوّه! هکذا شأن الصهاینة الآن!
الیوم، مقاطعة الکیان الإسرائیلی ومحاربة الصهیونیة فی أوجها وفی جمیع بلدان العالم من آسیا وأفریقیا إلى أوروبا وأمیرکا بشمالها وجنوبها. وقد یبدو من الغریب أن أکثر الدول الغربیة دعماً للکیان الصهیونی فی سیاساتها الرسمیة هی التی تضم أکثر المثقفین والناشطین السیاسیین شراسة فی مناهضة الصهیونیة. هذه البلدان هی الولایات المتحدة وکندا وفرنسا وانکلترا. لأن المثقف الحقیقی هو من یحافظ على تلک المسافة الضروریة وعلى ذاک الموقف النقدی إزاء الخطاب الرسمی والذی بدونه لا یستحق نعته بالمثقف، وبالتالی فإن هذا المثقف لن یعید فی خطابه مواقف سیاسة بلده الرسمیة، بتعبیر آخر لن یکون بوقاً للسلطة کما هو شأن بعض من نخبنا إذا لم أقل غالبها.
بدأت معاداة الصهیونیة فی الظهور والانتشار فی الغرب منذ أواخر القرن الماضی عندما بدأ جیل الحرب العالمیة الثانیة یغیب عن الساحة والمشهد؛ ذاک الجیل الذی شحن بإحساس عنیف بالذنب وبالمسؤولیة إزاء الیهود، ووقع تکبیله ثقافیاً وسیاسیاً بما یسمى معاداة السامیة التی استولت علیها الصهیونیة وحولتها إلى مؤسسة قویة تحکموا من خلالها فی أوروبا وأمیرکا وابتزوها إلى أقصى حدود الابتزاز السیاسی والاقتصادی والتشریعی والثقافی (بل یکاد کلّ حجر شیّد فی الکیان الصهیونی شیّد بفلوس التعویضات الألمانیة). وزرعوا داخل هذه البلدان لوبیات صهیونیة سرقت الصوت الیهودی، لوبیات تتحکم فی السیاسات الخارجیة والدّاخلیة وفی الاقتصاد وفی الإعلام، وبالتالی تتحکم فی اتجاهات الرأی العام أو القطیع البشری کما یوصف فی أدبیاتهم؛ وتوجیه هذا القطیع الوجهة المطلوبة. وتحویر ذهنیات الجماهیر العریضة بما یتواءم والمصالح الإسرائیلیة بل طاولت هذه اللوبیات التشریعات ووضع القوانین التی تمنحهم امتیازات خاصة داخل هذه البلدان. تلک القوانین والتشریعات جعلت الکیان الاسرائیلی، ویا للمفارقة، محصّناً إزاء أی محاسبة قانونیة داخل هذه البلدان التی تدعی الدیمقراطیة، حتّى ولو کانت هذه الجرائم واضحة للعیان ولا تحتاج إلى أدلّة داعمة... مثل مجازر دیر یاسین وصبرا وشاتیلا ومجازر قانا الأولى وقانا الثانیة وقتل الجنود المصریین الأسرى فی سیناء وإسقاط الطائرة المدنیة اللیبیة وقصف مدرسة الأطفال فی بحر البقر التی کانت البروفة المبکرة لقصف مدارس غزّة الیوم ومستشفیاتها وأبراجها السکنیة وبیوت عبادتها. بل وصل تغول هذه اللوبیات إلى دفع رجالها إلى سدّة الحکم، ولعل فرنسا بعد الولایات المتحدة أحسن مثال من أیام میتران الذی عیّن تقریباً کل رجال اللوبی الصهیونی الفرنسی فی أهم مفاصل الدّولة، وجاء من بعده سارکوزی وهو یهودی صهیونی، والغریب وضمن حملته الانتخابیة وللتعمیة قدم صورة لنفسه طفلاً وهو یتلقى العماد.
وأتمّ سارکوزی المهمّة على أکمل وجه؛ وانتقل من التمکن إلى ضرب الجالیة العربیة فی فرنسا: ضرب نخبتها الاقتصادیة عندما أخضع حوالى مئة شرکة عربیة للمحاسبة الضریبیة العقابیة REDRESSEMENT FISCAL، وضرب المهاجرین العرب سکان الضواحی فی واقعة الکارشیر العنصریة الشهیرة، والقائمة طویلة... ورغم قوّة هذه اللوبیات الصهیونیة التی تشتغل کامل الوقت وعلى کلّ الجبهات والتی تبدو وکأنها دول لا مرئیّة داخل دول مرئیّة؛ فأنت لا تراها ولکن ترى نتائج أعمالها على الأرض. ورغم کلّ هذا نجد نخب هذه البلدان تثور على هذه اللوبیات، على هذا القید الذی ظلّ یتطور ویزداد استحکاماً منذ نهایة الحرب العالمیة الثانیة. ونشهد مقاطعة ومحاربة شرسة للکیان الصهیونی الذی سرق الیهودیة ونصّب نفسه ناطقاً رسمیاً ووحیداً باسم یهود العالم، تماماً کما سرقت السعودیة الدین الإسلامی ونصّبت نفسها ناطقاً رسمیاً وحیداً باسم الإسلام. ومن لا یتبعها فهو کافر یحل دمه ویحل عرضه.
الیوم کتاب ومفکرون کبار یقاطعون وینددون بدولة الکیان الإسرائیلی بأشکال مختلفة: أذکر من بینهم الکاتب الفرنسی حامل جائزة نوبل جون ماری لوکلیزیو، وجون جینی، وجوزییه ساراماغو، والروائی الألمانی غونتر غراس الحائز هو الآخر نوبل للآداب، والذی نَظَمَ قصیدة بعنوان «ما ینبغی قوله»، أعلن فیها أن سیاسة إسرائیل تمثل تهدیداً للسلام العالمی، ووصف إسرائیل بأنها خارج الرقابة ولا تتأثر بأی تذکیر. ونشهد مجالس بلدیة فی أوروبا تقاطع وأکادیمیون بریطانیون یقاطعون مثل البروفسور الیهودی ستیفن روز وزوجته هیلاری، ونقابات صحافیة انکلیزیة تقاطع.
 

اتحاد الجامعات والکلیات البریطانیة، وله 120 ألف عضو، یقاطع هو أیضاً. وفی هذا السیاق وقّع أبرز المهندسین البریطانیین عریضة تتهم زملاءهم فی إسرائیل «بالمساهمة فی المعاناة الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة للفلسطینیین».
أما حملات المقاطعة فی الولایات المتحدة الأمیرکیة فهی فی تکاثر ویقوم بها ناشطون. جامعات کبرى أعلنت مقاطعتها: برنستون وهارفارد وام. آی. تی. وکالیفورنیا وبنسلفانیا وألینوی وکورنل وماریلاند وجورجتاون ومیشیغان وأوهایو وغیرها. رابطة محاضری الجامعات الأمیرکیة تقاطع تل أبیب أکادیمیاً، والکنائس تقاطع، مثل الکنیسة المشیخیة الأمیرکیة، وهی جزء أساس من الطائفة البروتستانتیة، وأساقفة من کنیسة انکلترا، ونقابة المعلمین الإیرلندیة، وعمال رصیف یرفضون من حین لآخر تفریغ حمولات البواخر الإسرائیلیة.
أخیراً کتب الأسقف دزموند توتو، بطل مکافحة الأبارتیاد الفائز بجائزة نوبل للسلام: «لو غیرت الأسماء، فوصف ما یحدث فی قطاع غزة والضفة الغربیة ینطبق تماماً على أحداث جنوب أفریقیا.
ولا أتحدث عن الأحزاب التی تأسست تحت عنوان Parti antisioniste ، الحزب المعادی للصهیونیة، وهو ممثل فی البرلمان الأوروبی. بل وصل الأمر إلى الشارع والکل یذکر نتائج الاستفتاء الذی أجری قبل سنوات فی أوروبا وأظهر موقفاً سلبیاً من إسرائیل، والتی یراها تهدد الاستقرار فی المنطقة. کلّ هذا یعنی أن إسرائیل لم تعد قادرة فی الغرب على خداع کلّ الناس وکامل الوقت، ولکنها بدأت بخدیعة النخب العربیة وعلى الوجه السریع.
■ ■ ■
وفی مقابل هذه الصورة بعد کلّ التحول العالمی هذا، نجد العرب الیوم وقد بدأوا بالتصهین! أجل بالتصهین من بوابات عدّة. سینمائیون تونسیون، ومغنون، وإعلامیون، ومثقفون، وسیاسیون، ورجال أعمال، وجمعیات ثقافیة، بعضهم یکتب مهاجماً حماس، یعنی موضوعیاً مدافعاً عن السیاسة الاسرائیلیة وهو الجالس على البحر على بعد أربعة آلاف کیلومتر من ساحة المعرکة ویرید ومن أمام البحر أن یقدم دروس النضال للفلسطینیین. والکاتب الآخر الذی یعیش فی فرنسا وانضم إلى جوقة شیطنة الإسلام باسم الحداثة هو أیضاً یهاجم حماس، ویعمل فی رادیو «فرانس کولتور»، ذاک البوق اللیکودی بامتیاز. ویکتب حول الإسلام وهو لا یتقن العامیة التونسیة فما بالک بمتون السنن.
منتجة سینمائیة تونسیة تسافر عدید المرات للکیان من شدّة ولعها بالاسرائیلیین تکافئها وزارة الثقافة بأن عینتها مدیرة لمهرجان قرطاج السینمائی، وأخرى مخرجة عاشت فی تونس أربعین سنة وکانت تعتقد جادّة انها تعیش فی باریس.
آخر یکتب جهاراً «لماذا أحب إسرائیل». هکذا وباللسان الفصیح، ویقول على لسان کلّ التونسیین: تونس بلد بربری یهودی مسیحی.
آخر یکتب: العرب المستعمرون لتونس. هکذا وبالحرف الواحد، العرب مستعمرون والیهود أصحاب البلد.
ناشر یحضر معرض باریس الذی یحتفل بالذکرى الستین لتأسیس دولة الأبارتاید. المعرض الذی قاطعه کل الناشرین العرب. مغن یقیم حفلاً فی مستعمرة إیلات، ویردد مع مستمعیه من الصهاینة الذین کانوا یوماً ما تونسیین، «یحیا بیبی نتنیاهو»، أجل ینادی بحیاة نتنیاهو، ونشر شریط هذا المقطع على الشبکات التواصل الاجتماعی.
یساری آخر یذهب للکیان ویستقبله شیمون بیریز بوصفه ناشطاً صهیونیاً یتغطى بنوستالجیا تونس أیام الحقبة الکولونیالیة. وآخر یساری جدّاً وتقدمی جدّاً مدمن مهاجمة حماس طبعاً، ویزور الکیان فیفتح له اللوبی الصهیونی أبواب الجامعات الأمیرکیة وصار یذهب إلى قلعة الامبریالیة محاضراً.
قسم کبیر من الفرنکوفونیین التونسیین المصابین بالمودارنیزم العصابی le modernisme névrotique، من مخلفات بورقیبة النبت الکولونیالی الهجین، یخلطون بین الحداثة والصهینة، تجدهم یکررون الخطاب السیاسی الفرنسی الرسمی: إما عمالة أو جهالة. لدیهم لازمة متکررة لا یحیدون عنها، مهاجمة الإسلام والمسلمین واللغة العربیة، وأضافوا إلیها الیوم حزب النهضة. والمفارقة أن غالبیة هؤلاء متخرجین من مدارس الرهبان أی تمّت برمجتهم مبکراً لمعاداة کل ما هو عربی وإسلامی، وهم یدعون العلمانیة وکأنهم مسیحیون وقع تخییرهم بین حیاة الکنیسة وحیاة العالم أو الحیاة الدنیا بالمصطلح الإسلامی التی لا یعادیها الإسلام بل یحض على الحیاة الدنیا... اعمل لدنیاک کأنک تعیش أبداً.
بعض من أساتذة الجامعة التونسیة یخوضون منذ سنوات حرب دفاع عن التطبیع، یقومون بزیارات إلى فلسطین الواقعة تحت الاستعمار ویحضرون اللقاءات والمؤتمرات التی تعقد هناک ویرتبطون بتعاون، أقول بین قوسین علمی لأنه فی حقیقته تعاون سیاسی تطبیعی مغطّى بورقة شفافة من العلم، فالإسرائیلیون یدرون جیّداً أن لیس لهؤلاء التونسیین بضاعة یقدمونها فهم أساتذة جامعة ذات مستوى متدنّی تحتل فی کلّ تصنیفات شنغهای المراتب الأخیرة من بین جامعات العالم... ولهذا مبرراته فهی جامعة حدیثة العهد تأسست بعد قرن وعقد على ظهور أول جامعة فی بیروت وبعد أکثر من نصف قرن على تأسیس جامعتی القاهرة والجزائر. جامعة لیس لها تقالید أکادیمیة عریقة وعمداؤها یعینون لا لکفاءتهم العلمیة وإنما لکفاءاتهم الأمنیة. أذکر أواخر السبعینیات، وکانت الجامعة فی غلیان، عندما أخذنی العمید محمد الیعلاوی إلى مکتبه صحبة رجل من الملیشیا الحزبیة وفتشنی بنفسه فتح محفظتی ولم یجد شیئاً وعندما غادرت مکتبه اتجهت رأساً إلى باب الجامعة وخرجت ولم أعد. وفیما بعد کوفئ الرجل بأن عیّن وزیراً للثقافة. وعندما سألت من یکون هذا المحمد الیعلاوی قیل لی إنه رجل جندوبی من أصل جزائری.
وأیضاً لم تظهر من هذه الجامعة أسماء مبهرة قدمت شیئاً للعالم.
فلا عجب أن یذهب بعض من أساتذتها للکیان الصهیونی لحظة نفور الآخرین، وأن یدعون الأساتذة الصهاینة لحضور مؤتمراتهم فی تونس مثل المؤتمر الجغرافی العالمی الذی عقد فی 2008 وحضره 12 جغرافی إسرائیلی ممن یشارکون فی تخطیط وتنفیذ مصادرة الأراضی وتهوید فلسطین، ودافع عن مشارکتهم هؤلاء الأساتذة المطبعین، منهم عمید کلیة الآداب، ولسائل أن یسأل:
ماذا تمثل هذه الشرذمة من المطبعین التونسیین أمام کلّ هذا الحشد العالمی من مثقفین وکتاب کبار من حاملی نوبل؟ ماذا تمثل جامعة تونس إذا لم تقاطع أمام مؤسسات جامعیة ومراکز بحث علمی کبرى فی أوروبا وأمیرکا الشمالیة، وأمام کنائس وأحزاب ونقابات وجمعیات حقوقیة وکتاب وشعراء وفنانین وناشطین سیاسیین؟ ماذا تمثل هذه النخبة أمام کلّ هؤلاء؟
والمفارقة والعجب العجاب، أن هؤلاء المطبعین یصنفون أنفسهم فی تونس یساریین وتقدمیین، ویساندون الیوم دولة هی خلاصة الامبریالیة.
یسوقون أنفسهم کقوى تحرر ولا یرون تناقضاً بین فکرهم التحرری المؤمن بحقوق الإنسان ومساندة کیاناً دمویاً استعماریاً یمارس الأبارتاید والتطهیر العرقی، وهو خارج القوانین کما کتب الروائی الألمانی غونتر غراس فی قصیدته.
کیف یوفقون بین ما یسمونه باللایکیة والعلمانیة وهی مصطلحات لیس لها وجود فی واقعنا. مصطلحات مسیحیة تعکس الصراع بین حیاة الکنیسة وحیاة العالم.
لا یهم لنتجاوز ذلک. والآن، هم یساندون دولة یهودیة، دولة دینیة حیث حقوق المواطنة داخلها تمرّ بالعقیدة الدینیة.
یعنی بکلام أوضح للتمتع بحقوق المواطنة یجب أن تکون الأم یهودیة والصهاینة یجاهرون بذلک، ویسمون أنفسهم دولة یهودیة ودولة عبریّة، وأنت تقرأ فی الصحف الفرنسیة الاستعمالین:
ÉTAT HÉBREUX ET ÉTAT JUIF.
وهم یضغطون على العرب والعالم للاعتراف بهم کدولة یهودیة أو ما یطلقون علیه یهودیة الدولة. وبدت هذه الجماعات وفی استمرار نشاطها منذ سنوات وبشکل منتظم وکأنها تشکل ناعم للوبی صهیونی فی تونس.
أو قل هو لوبی خلیة نائمة، خصوصاً بعد أن یکتب أحدهم فی موقع «هریسة»:
أنا إسرائیلی تونسی بما یعنی أن التونسی من الممکن أن یکون إسرائیلیاً
بل وصل الأمر بمحاولة تنظیم تظاهرة ثقافیة بالتوازی مع زیارة الغریبة، وهو کنیس فی جزیرة جربة التونسیة.
وزیارته تقلید یهودی شعبی لا علاقة له بالشریعة الیهودیة. تقلید شبیه بزیارات الأولیاء (والخرجات عندنا مثل خرجة سیدی بوسعید أو سیدی علی الحطاب وهما من العباد الشعبیین القریبین من الخرافة، ولا علاقة لهم بالتصوف الإسلامی الفلسفی کما هو شأن سیدی عبد العزیز القرشی دفین المرسى الذی کان شیخ محی الدین ابن العربی وغیره من المتصوفة السالکین).
والأخت التی غرر بها فصارت وزیرة للسیاحة اعتقدت أن جربة حج یهودی فأسرعت إلى مکة عندما اکتشفت أن حجها الأول کان لبیعة الغریبة فی جربة وهی من کبار مدمنی زیارة الکیان. ویجب طمأنتها أن حجها الأول هو لمکة
والخطأ ناتج من استعمال الصهاینة لکلمة pèlerinage لتضخیم الأمر، وتسهیل إدخال حوالى 4000 صهیونی کل سنة إلى تونس.
وقد صار تقلیداً لکل من أساء للإسلام والمسلمین الإسراع إلى مکة للحصول على صک براءة کما فعل من قبل واضعو الکاریکاتور المسیء للرسول وکثیر من المطبعین العرب.
والسؤال لماذا تحتل تونس المرتبة الأولى من حیث عدد المقاتلین فی «داعش»
والمرتبة الأولى من حیث عدد المثقفین المتصهینین،
والمرتبة الأخیرة فی التعداد العالمی للجامعات؟
ونس هی الأولى التی أدخلت العرب فی هذا الفصل الدموی التراجیدی الذی سیطول
الآن. أتذکر وأنا أغادر الفندق الذی انعقد فیه المؤتمر الثالث لمرکز البحوث والدراسات الاستراتیجیة فی الجیش اللبنانی (شتاء 2013) تلک الجملة التی قالها لی فی حدیث عابر مدیر مرکز الدراسات الاستراتیجیة فی الجیش الفرنسی:
Vous savez monsieur Najar ; la Tunisie était un laboratoire du monde arabe
(هل تدری سید نجار لقد کانت تونس مختبراً لما یقع فی العالم العربی).
ربّما هنا تکمن الإجابة.
وکیف لا تکون تونس مختبراً وهی البلد الذی ظهر فیه بورقیبة أول المطبعین. بورقیبة الذی لا یؤمن بالقومیة العربیة. بورقیبة الذی مارس تحت عناوین الحداثة والتقدم هدماً ممنهجاً لهویة تونس العربیة الإسلامیة.
* کاتب تونسی

المصدر: الاخبار

رایکم
الأکثر قراءة