تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

أوهام السلطان الترکی ویقین السیّد...!

«عندما سألت زعیماً دینیاً عن موقفه من قتل نحو 250 ألف شخص فی سوریة، ولماذا لم تتمّ مواجهة هذا؟ أجابنی: «إن الرئیس بشار الأسد هو الوحید الذی وقف فی وجه الظلم الإسرائیلی…».
رمز الخبر: ۶۰۶۷۳
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۴:۱۵ - 19October 2014

أوهام السلطان الترکی ویقین السیّد...!

محمد صادق الحسینی

«عندما سألت زعیماً دینیاً عن موقفه من قتل نحو 250 ألف شخص فی سوریة، ولماذا لم تتمّ مواجهة هذا؟ أجابنی: «إن الرئیس بشار الأسد هو الوحید الذی وقف فی وجه الظلم الإسرائیلی…».


هذا الکلام للرئیس الترکی أردوغان ورد فی خطاب له فی افتتاح العام الدراسی فی جامعة مرمرة، وفیه إشارة تلمیحیة واضحة لمحادثاته مع قائد الثورة الإسلامیة الإمام السید علی خامنئی فی طهران.

یضیف أردوغان: «الآن أقول له إن هؤلاء الـ250 ألف، ألم یقفوا هم بوجه الحملات الإسرائیلیة»؟

سؤالنا الأولی الآن للرئیس أردوغان هو لماذا بلع لسانه یومها وهو فی حضرة السید ولم یطرح مثل هذا السؤال هناک… فیما یرید الیوم أن یظهر شجاعته فی الحوار مع الکبار أمام جمهوره الانتخابی وهو الذی ذرف دموع التماسیح فی ذلک الاجتماع بعد أن أسهب الإمام فی شرح المظالم التی تعرض لها الشعب السوری وشعوب المنطقة من جراء سیاسات أنقرة الخاطئة ووعد بالتغییر والتعاون مع طهران فی تصحیح مسار سیاسته الخارجیة تجاه البلد الجار الذی عامله یوماً بکل حسن نیة؟!.

أما الأسئلة التی تخطر على بال وأذهان عامة الرأی العام الداخلی الترکی والعام فی المنطقة، بعد أن تکشفت حقائق تدمغ کل مدع فهی:

أولاً: إذا کان هؤلاء الذین قتلوا فی إحصائیة أردوغان هم من أبناء الشعب السوری الغیارى من الأبریاء وفیهم قطعاً مثل هؤلاء فنحن من یجب أن نسأله:

من فتح حدوده ووظف استخباراته وإعلامه ومعسکراته وغرف ظلامه وتجهیزاته الإلکترونیة وعلاقاته العامة ورجال أعماله وسهل لاستخبارات أکثر من ثمانین دولة لیجتازوا حدود بلاده لیعیثوا فساداً فی الأرض السوریة وینهبوا ویسرقوا ویدمروا ویحطموا کل البنى التحتیة ابتداء من حلب شمالاً وصولاً إلى کثیر من المدن السوریة فی الحدود الجنوبیة التی کان یعتاش منها هؤلاء الـ 250 ألفاً من المدنیین الأبریاء الذین واجهوا الحملات «الإسرائیلیة» ومعهم سائر أفراد وطبقات الشعب السوری…!؟

ثانیاً: أما إذا کان یقصد أن من تم قتلهم هم من أتباع من یسمیهم «المعارضة المسلحة» وبالمناسبة باتت الآن من قسم «المعتدلة» أی ما یطلق علیهم بـ»الجیش الحر» الذی نشأ وترعرع فی أحضان أردوغان وحزبه واستخباراته فتلک مصیبة کبرى فاضحة لک یا سید أردوغان.

ألم تسمع بما صرح به یعالون عن «رعیتک» أخیراً عندما نزع عنهم آخر ورقة توت بقوله: إننا نرعاهم ونساندهم وندعمهم لیشکلوا لنا سیاجاً عازلاً أو جداراً حامیاً لنا من هجمات الجانب السوری فی الجولان.

یعنی أنهم درع «الإسرائیلیین» أمام خطر مقاومة الأسد واحتمال شنه حرباً على تل أبیب.

ثالثاً: إذا کان هذا هو حال «المعتدلین» من «المقتولین» یا سید أردوغان فماذا ستقول عن حال المتطرفین من «الوحوش الکاسرة» باعتراف أقرب الناس إلیک الیوم أی رفاقک وزملاؤک فی حلف الأطلسی والتحالف الدولی الجدید، أی «داعش» وما أدراک ما «داعش» و»جبهة نصرتهم» من آکلی الاکباد وشاقی البطون وقاطعی الرؤوس ومروجی الاستعباد وتجارة الرقیق فی عصر «أنوار نهایة التاریخ» الأمیرکی الواعدة بتحریر البلدان والدفاع عن حقوق الإنسان؟

رابعاً: نسألک بکل صراحة یا سید أردوغان ماذا قصدت فی القسم الآخر من خطابک عندما أتیت على ذکر واقعة أخرى زعمت فیها – والله اعلم – أن زعیماً لبنانیاً کبیراً معارضاً یومها وهو الیوم لا یزال فی سدة الحکم قال لک أثناء قیام بلادک بالوساطة بین 8 و14 آذار: «لماذا لا تقوم بالزحف على المنطقة وتحتلها وتریحنا مرة واحدة کما فعل أجدادک العثمانیون…؟»

وهذا الکلام هو نص ما ذکرته أنت فی خطابک أمام الطلبة… ألیس کذلک…!؟

ألا یکشف هذا الجزء من خطابک حقیقة ما تتمناه وجوهر طموحک وطموح فیلسوف حزبک داوود أوغلو الذی شرح ذلک کله فی کتابه الشهیر «العمق الاستراتیجی»…!؟

یعنی عثمانیة جدیدة تجمع بین إسلام «سکر خفیف» غیر معاد للغرب بل ویحمل درع الآیباک – منظمة اللوبی الصهیونی فی أمیرکا – الذی ورطک به داوود أوغلو أو ارتضیته لا فرق والذی سماه الإمام الخمینی الراحل مبکراً «إسلام أمیرکی» و»نظام مدنی» یظهر بمظهر دیمقراطی ولکن من نوع ترکی أتاتورکی عنصری یحتقر کل شعوب العالم الإسلامی الذین من حوالیه ولا یرى من مظاهر الغرب إلا عقد إخوة سری وعلنی مع نظام وکیان عنصری غریب مزروع فی المنطقة لهذا الغرض اسمه «اسرائیل».

وهذا ما لا تستطیع إنکاره طبعاً مهما جاهدت وفعلت ومثلت من أدوار مسرحیة لأن الاتفاقات الثنائیة والمتعددة السریة منها والعلنیة وعضویتک فی حلف الأطلسی تفضح حقیقة نظام حزبک حزب «العدالة والتنمیة».

حتى دولة الرفاه الاقتصادی التی إن أردت أن تتغنى بها فهی لن تستغرق إلا ساعات بعد قرار غربی یقضی بسحب مئات الملیارات من الرسامیل التی تدفقت علیک للقیام بهذا الدور المزدوج. وقد جربوک وزکزکوک، عندما أردت أن تلعب دور البطل الوحید فرضخت، وعدت الى مواقعک.

هل عرفت الآن لماذا کان جواب السید لک مختصراً ومکثفاً وواثقاً حق الیقین من حقیقة حلیفه الذین أظهرت فی خطابک عن تضایقک من کونه یدافع عنه بالسلاح والمال؟

نصیحة قد تکون متأخرة وتأتی فی الوقت الضائع… لا أدری… فقد تسبقنی وقائع سوریة أو عراقیة أو لبنانیة أقوى قد لا تترک لک فرصة لسماعها ناهیک عن تطبیقها.

فک عقدة النفاق والثنائیة التی تعیشها واخرج من عباءتک الطائفیة والحقد الدفین الذی تحمله تجاه الشعوب الأخرى المحیطة ببلدک والشعب الطیب الذی تنتمی إلیه وتذکر جیداً أن أقوى إمبراطوریة أحادیة تم هزیمتها أمام عینیک وأصیبت بالشیخوخة المبکرة نتیجة اضطرارها لتجرع کؤوس السم مرة على بوابات الشام التی تحلم بإسقاط أسدها ومرة على أسوار غزة التی حلمت بتوظیف ورقتها وأخرى على تخوم بغداد التی حاولت خداعها، والیوم تشربان أنت وهی الکأس الرابعة على ربى صنعاء والحدیدة وفوق رمال شواطئ البحر الأحمر واختناقکما المترقب فی مضیق باب المندب بعد هرمز.

لا أدری إن کانت کوبانی – عین العرب – غراد السوریة بعد أمیر علی غراد العراقیة.

أو «القلمون غراد» المترقبة ستمنح لک الفرصة لسماع النصیحة فضلاً عن تطبیقها أم أن الوقت قد فاتک وقطعک قبل أن تقطعه…!؟ 

المصدر: جریدة البناء

 

رایکم
الأکثر قراءة