تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22
من یصنع أذرع داعش الإعلامیة

التنظیم المتشدد یعوّل کثیرا على الإعلام للترویج لأفکاره و'غزواته' فی العراق وسوریا، ویستخدم تقنیات حدیثة تضاهی أفلام هولیوود.

تحول الإعلام إلى سلاح قوی سعت التنظیمات الإرهابیة إلى امتلاکه وتوظیفه فی حروبها الشرسة، وأصبح لا یقل أهمیة لدیها عن المتفجرات والقاذفات الصاروخیة، حیث یستهدف العقول، باعتبارها الهدف الرئیسی لتلک التنظیمات الساعیة، لاستقطاب المزید من الأنصار.
رمز الخبر: ۶۰۷۰۷
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۸:۵۷ - 20October 2014

التنظیم المتشدد یعوّل کثیرا على الإعلام للترویج لأفکاره و'غزواته' فی العراق وسوریا، ویستخدم تقنیات حدیثة تضاهی أفلام هولیوود.

 أیمن عبدالمجید
   
     تحول الإعلام إلى سلاح قوی سعت التنظیمات الإرهابیة إلى امتلاکه وتوظیفه فی حروبها الشرسة، وأصبح لا یقل أهمیة لدیها عن المتفجرات والقاذفات الصاروخیة، حیث یستهدف العقول، باعتبارها الهدف الرئیسی لتلک التنظیمات الساعیة، لاستقطاب المزید من الأنصار.

ویتنوع ما یمکن تسمیته بـ”إعلام التکفیر” أو “الأذرع الإعلامیة للتنظیمات الجهادیة” بحسب ما تصف نفسها، بین مواقع إلکترونیة، تتخطى الـ50 موقعا تخاطب من خلالها جمهورها من الشباب، وتبث عبرها بیاناتها وموادها السمعیة والمرئیة.

مراقبون فی مصر یرون أن إعلام تنظیم “داعش” فاق إعلام بقیة التنظیمات الجهادیة، لاعتماده على سیاسات إعلامیة عالیة التقنیة والحرفیة، قد تنافس أقوى وسائل الإعلام الغربیة وتلاحق أحدث ما وصلت إلیه من تطور، ما دفع قناة “سی أن أن” الأمیرکیة للتساؤل فی تقریر لها، عن فیلم أنتجته مؤسسة یقین للإنتاج الإعلامی التابعة لداعش بعنوان “صلیل الصوارم 4″، عن سر تلک التقنیة الحدیثة التی تضاهی أفلام هولیوود ومصادر تمویلها.

الواضح أن تنظیم داعش، یعوّل کثیرا على الإعلام فی معرکته، ویکثّف من حملاته الإعلامیة الموجهة لأوروبا، وتفوّق على غیره من التنظیمات الجهادیة فی هذا المجال، بتنوع وسائل إعلامه وکفاءة منتجها.   

ففی الوقت الذی لم یتخط فیه إعلام تنظیم القاعدة وجبهة النصرة البیانات المکتوبة، وبث فیدیوهات قصیرة لرسائل القادة مثل بن لادن والظواهری، وفیدیوهات مشوشة تصور عملیات قتل فی أغلب الأحیان، أصدر تنظیم داعش مجلة عالیة الحرفیة من حیث التقنیات الحدیثة والإخراج وتوظیف الصور وجودتها، أطلق علیها اسم “دابق” وصدرت باللغتین العربیة والإنکلیزیة، وتزع نسخها المطبوعة، التی صدرت مؤخرا نسختها الرابعة، فی المناطق التی یسیطر علیها تنظیم داعش، فی سوریا والعراق، فیما أرسلت نسخا منها عبر الإیمیلات، وأعاد نشرها عدد من المواقع الداعم للتنظیم.

ووصف کولن کلارک، الخبیر فی مؤسسة راند الامیرکیة للأبحاث، مجلة “دابق” بأنها “متجر یتوقف فیه الزبون مرة واحدة للعثور على کل ما له علاقة بالتنظیم”. ویشیر اسم المجلة إلى بلدة دابق السوریة قرب حلب، حیث تنبأ الرسول بهزیمة الروم. وتکرس المجلة موادها لمحاربة الغرب وریث الروم، مستخدمةً احدث ما تستخدمه مجلات امیرکیة فاخرة من ورق صقیل وصور ذات ألوان جذابة.

لم یکتف داعش بإصدار مطبوعة، تحاکی فی تقنیاتها الفنیة کبریات المجلات العالمیة، بل أصدر سلسلة من الأفلام أشبه بالوثائقیة، تصور عملیات التنظیم أطلقت علیها سلسلة “صلیل الصوارم”، آخرها الجزء الرابع الذی بلغت مدته ساعة کاملة، یصور عملیات التنظیم بجودة عالیة تعکس حرفیة فی التصویر، واستخدام أحدث أجیال الکامیرات. أیضا أنتج داعش لعبة إلکترونیة قتالیة تحاکی استراتیجیة التنظیم فی عملیات القتال، ومشاهد کرتونیة تحاکی عملیاته التی صدّرها فی فیلمه “صلیل الصوارم 4.

وقد أعلن الذراع الإعلامی لجماعة داعش أن “هناک إصدارات لألعاب إلکترونیة أخرى بهدف رفع معنویات (المجاهدین)، وإلقاء الرعب فی نفوس المعارضین لهم، وأن المحتوى یضم کل التکتیکات العسکریة للجماعة ضد أعدائها” على حد تعبیره. وتبدأ اللعبة بتحذیر الولایات المتحدة من ضرب معاقلها والحرب علیها.
    

لیلی عبدالمجید، عمید کلیة الإعلام بجامعة الأهرام الکندیة، قالت لـ”العرب” فی تعلیق على امتلاک “داعش” لذراع إعلامی بتقنیات حدیثة: “إن داعش وغیره من التنظیمات التکفیریة، لیست بعیدة عن أجهزة مخابرات دولیة وهی فی الغالب صنیعة جهات أجنبیة تستهدف المنطقة العربیة، وتقدّم لها الخبرات ومصادر التمویل. أیضا هناک جانب آخر یتمثل فی قدرة التنظیم على استقطاب خبرات أجنبیة من معتنقی الفکر الجهادی فی أوروبا وبینهم خبرات علمیة، ولا نستبعد أن یکون بینهم خبراء فی مجال التصویر والإعلام وهذا یتطلب أن تنشغل المراکز البحثیة فی دراسة تلک المشکلة، ومحاولة الإجابة عن السؤال الهام، ما الذی یدفع شبابا عاش فی الغرب وتعلم فی أرقى المدارس وبعضه متفوق فی أدق التخصصات العلمیة أن یترک کل هذا وینضم لتنظیمات تکفیریة؟”.

من جانبه، قال فاروق أبو زید، عمید کلیة الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، لـ”العرب”: “إن إعلام التنظیمات الإرهابیة لیس قویا، بل على العکس هو إعلام ضعیف التأثیر، کونه یقدم رسائل ذات مضمون مرفوض من الرأی العام العالمی، غیر أن ما یدعمه هو التمویل القوی، فداعش والقاعدة یخصصان أموالا ضخمة للإنفاق على إعلامهما، فهذه التنظیمات تبالغ فی تقدیم مضمون یمثل جرائم فادحة للفت النظر إلیها”.

وأکد أبو زید أن هناک وسائل إعلام غربیة تقف خلفها أجهزة مخابراتیة تلتقط هذه الرسائل الغبیة التی یقدمها إعلام داعش الغبی، مثل قطع الرؤوس، ویتم تضخیمها، وإلصاق تلک الأعمال الإجرامیة التی تقوم بها فئة منحرفة، بالدین الإسلامی ککل ، لتحقیق هدف آخر هو تشویه الإسلام.

وقال إن المواجهة یجب أن تکون عبر إعلام عربی واع، ینقل الحقائق مجردة دون انحیاز لسلطة أو تضخیم لرسائل المتطرفین، ثم توعیة المواطنین بخطورة الفکر المتطرف والأحداث الإرهابیة على مستقبل الوطن وأثرها المباشر على قوته الیومی، مع تقدیم جرعات دینیة متوازنة لتحصین الشباب ضد الاستقطاب.

المصدر: العرب

رایکم
الأکثر قراءة