تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

تمرّد «قاعدیّ» فی طرابلس

انتهت کافة مفاعیل الخطة الأمنیة فی طرابلس، بعد 6 أشهر على بدء تطبیقها. المسلحون التابع معظمهم إلى «جبهة النصرة» وتنظیم «داعش» احتلوا شوارع المدینة، قبل أن یتدخل الجیش لمنعهم من احتلال عاصمة الشمال
رمز الخبر: ۶۰۸۲۲
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۶:۲۶ - 25October 2014

تمرّد «قاعدیّ» فی طرابلس

انتهت کافة مفاعیل الخطة الأمنیة فی طرابلس، بعد 6 أشهر على بدء تطبیقها. المسلحون التابع معظمهم إلى «جبهة النصرة» وتنظیم «داعش» احتلوا شوارع المدینة، قبل أن یتدخل الجیش لمنعهم من احتلال عاصمة الشمال
 

انفجر الوضع الأمنی على نحو خطیر فی طرابلس مساء أمس، بعد أقل من 48 ساعة على الضربة الأمنیة الاستباقیة التی وجهها الجیش لخلیة بلدة عاصون ـ الضنیة، وإلقائه القبض على أحمد سلیم المیقاتی الرأس المدبر للخلیة المرتبطة بتنظیم «داعش». هذا الانفجار توسعت حدته لیل أمس، لیتحول إلى ما یشبه التمرد المسلح شمل مساحة واسعة من عاصمة الشمال. وقالت مصادر وزاریة لـ»الأخبار» إن من یقود هذا التمرد هم المسلحون التابعون لـ»جبهة النصرة» و»داعش» وبعض القوى المحلیة السلفیة.

وقالت المصادر لـ»الأخبار» إن الجیش کان یتوقع حدوث اعتداءات علیه، بعد عملیة عاصون أول من أمس. فرأس الخلیة، أحمد سلیم المیقاتی، على تماس مع مختلف القوى المتشددة فی طرابلس، وتربطه صلات جیدة بمعظم المجموعات السلفیة المقاتلة فی المدینة. وسرت بین المقاتلین أمس شائعة تشیر إلى أن المیقاتی فارق الحیاة داخل مرکز توقیفه التابع للجیش. وتعزّزت هذه الشائعات بمعلومات أشارت إلى أن ذوی المیقاتی تلقّوا اتصالاً من مجهول یطلب منهم تسلم جثة ابنهم.


وأکّدت المصادر الوزاریة أن «المسکّنات لم تعد تنفع فی طرابلس. نحتاج إلى عملیة أمنیة واسعة لإنهاء» هذا التمرد. وشدّدت على وجود قرار لدى قیادة الجیش والسلطة السیاسیة لتخلیص المدینة من المظاهر المسلحة، کاشفة عن بدء الإعداد لهذه العملیة.
وفی سیاق متصل، أکّدت المصادر الوزاریة أن التحقیقات بشأن خلیة عاصون أظهرت وجود تواصل بین الموقوف المیقاتی وعضو کتلة المستقبل خالد ضاهر. وأشارت المصادر إلى عدم قیام الدلیل على تورط ضاهر فی إدارة عملیات إرهابیة أو الإعداد لها، لافتة إلى أن دور النائب العکاری «اقتصر على تشجیع عملیات الفرار من الجیش». ورفضت مصادر عسکریة الإفصاح عمّا دار فی التحقیق مع الموقوف المیقاتی، ناصحة بانتظار نتائج التحقیق.
میدانیاً، ساد التوتر شوارع طرابلس بعد اعتقال الجیش مطلوبین فی منطقة المنکوبین، أحدهما من آل صالحة والآخر من آل ضناوی، بعد تبادل لإطلاق النار معهما. وفی ساعات الظهر، انتشر عددٌ من المسلحین المقنعین فی الأسواق الداخلیة للمدینة، حمل بعضهم أسلحة صاروخیة ورشاشات متوسطة. وقرابة الثامنة والنصف مساءً، استهدف المسلحون دوریة للجیش قرب خان العسکر، فی داخل منطقة الأسواق القدیمة، خلال قیام الجیش بعملیة دهم فی المنطقة بحثاً عن مطلوبین. وما لبث الاعتداء أن تطور إلى اشتباکات عنیفة امتدت خلال أقل من نصف ساعة لتشمل معظم منطقة الأسواق، من السویقة إلى أسواق البازرکان والنحاسین والکندرجیة والسوق العریض وخان الخیاطین والسرایا العتیقة وسوق الصاغة والتربیعة، وهذه الأخیرة هی مسقط رأس المیقاتی وفیها یقع منزله الذی دهمه الجیش بعد إلقاء القبض علیه.


تطور الاشتباکات على هذا النحو دفع الجیش إلى إغلاق جمیع الطرقات والشوارع المؤدیة إلى المنطقة، وتحدیداً عند محلة التل، وعند نزلة القلعة باتجاه منطقة أبی سمراء، وعند نزلة المشروع باتجاه منطقة القبة، وعند دوار نهر أبو علی باتجاه بولفار نهر أبو علی المؤدی إلى قلب منطقة الأسواق القدیمة.
ومع أن الجیش قام بهذا التدبیر من أجل تطویق المسلحین الموجودین داخل منطقة الأسواق، ومحاصرتهم ومنع تمدّدهم خارجها أو فرارهم منها، فقد کانت المفاجأة أن الاشتباکات لم تبق أسیرة هذه المنطقة فقط، إذ امتدت إلى خارجها، وسمعت أصوات الرصاص ورصاص القنص فی مختلف أنحاء المدینة، کما سمعت أصوات انفجارات قذائف وقنابل، وخلت شوارع المدینة إلا من عربات الجیش اللبنانی وسیارات الإسعاف التی کانت تعمل على نقل الجرحى إلى المستشفیات، الذین لم یعرف عددهم بعد، إلا أن معلومات تحدثت عن سقوط ثلاثة جرحى فی صفوف الجیش اللبنانی، وعن مقتل مسؤول أحد المجموعات المسلحة وجرح آخرین.
وطرأ تطور أمنی لافت وخطیر على الاشتباکات، لم یسبق أن حصل من قبل، تمثل فی دخول مسلحین إلى کنیسة السریان الکائنة فی شارع الکنائس فی الزاهریة، التی لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن منطقة الأسواق القدیمة، والتحصن فیها، وأن الجیش ضرب طوقاً أمنیاً حولها.
وإذا کان ظاهراً أن اشتباکات أمس نشبت بفعل عملیة دهم للجیش، فإنها فی المضمون جاءت ردّاً على عملیة الجیش فی عاصون، حیث خرجت الخلایا النائمة إلى العلن فی طرابلس فی توقیت واحد ومنظم على ما یبدو، مترافقة مع بث شائعات سبقتها عن وفاة میقاتی، مرة جراء إصابته بطلق ناری أثناء توقیفه أو تحت التعذیب، لاستثارة العواطف والعصبیات.
لکن مصادر سیاسیة أوضحت لـ«الأخبار» أن «اشتباکات أمس لیست مجرد ردّ فعل فقط على توقیف المیقاتی والقضاء على خلیته فی الضنیة، بل تهدف فی الأساس إلى الاصطدام بالجیش، بعد حملة منظمة من التحریض علیه، وإجباره على الخروج من المدینة، أو من بعض أنحائها، تمهیداً لوضع مسلحین وتنظیمات الید علیها، وتحویلها إلى قاعدة لهم»، مرجّحة أن «تشهد الساعات والأیام المقبلة سخونة أمنیة لافتة».
وفی السیاق، تعرّضت آلیة تابعة للقوة الأمنیة المشترکة صباح أمس لإطلاق نار على أوتوستراد العبودیة ــ منجز عند مفرق قشلق. وفیما سرت معلومات عن أن إطلاق النار مصدره الجهة السوریة، أشارت معلومات أخرى إلى أن «إطلاق النار على الدوریة مصدره الجهة اللبنانیة للحدود».
على صعید آخر، أکد بیان صادر عن مدیریة التوجیه فی الجیش أنه بنتیجة فحوصات الحمض النووی الـDNA على إحدى جثث المسلحین الذین قتلهم الجیش فی عاصون الضنیة فجر أول من أمس، «تبین أنها عائدة للمجند الفار عبد القادر الأکومی».

المصدر: جریدة الأخبار

رایکم
الأکثر قراءة