تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

قبائل سیناء کانت تقتات من تهریب ما یحتاج إلیه القطاع... ومقاومته

سیناء | قد لا یکون مذهلا معرفة أن عدد حالات الاعتقالات فی سیناء بحق أبناء قبائل شرق العریش ومدینتی الشیخ زوید ورفح وصل إلى خمسة آلاف منذ «أحداث 30 یونیو 2013»، کما جرى إیداع جزء کبیر فی المعتقلات الشدیدة الحراسة، وخاصة وادی النطرون والغربنیات.
رمز الخبر: ۶۱۰۰۷
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۱۱ - 30October 2014

قبائل سیناء کانت تقتات من تهریب ما یحتاج إلیه القطاع... ومقاومته

محمد سالم

سیناء | قد لا یکون مذهلا معرفة أن عدد حالات الاعتقالات فی سیناء بحق أبناء قبائل شرق العریش ومدینتی الشیخ زوید ورفح وصل إلى خمسة آلاف منذ «أحداث 30 یونیو 2013»، کما جرى إیداع جزء کبیر فی المعتقلات الشدیدة الحراسة، وخاصة وادی النطرون والغربنیات. غالبیة المعتقلین کانوا من فئة الشباب، والتهمة «دعم المقاومة الفلسطینیة بالسلاح وتهریب مواد تستخدم فی تصنیع الصواریخ» عبر الأنفاق إلى غزة، إضافة إلى تهریب المحروقات وسلع أخرى.

ولا ینکر عدد من مشایخ القبائل أنهم ساهموا فی إیصال السلاح ومواد أخرى إلى المقاومة فی غزة منذ عام 2007، ولا سیما أن سوق السلاح الإسرائیلیة السوداء انقطعت عن المقاومة بعد الانسحاب من القطاع عام 2005. وفی البدایة کان یجری «تهریب الأسلحة الرشاشة والألغام ومادة TNT» التی تستخدم فی عملیات التصنیع.
 

ووفق تقدیر من تحدث منهم لـ«الأخبار»، فإن شعلة الأحداث فی سیناء انطلقت من عنصرین، الأول تهمیش الحکومة لشبه الجزیرة ومدنها إلى جانب تقیید اتفاقیة «کامب دیفید» صلاحیات الحکومات هناک، والعنصر الثانی هو منع «مساعدة» المقاومة الفلسطینیة. فی سبیل ذلک، تعرض أبناء القبائل لملاحقة الأجهزة الأمنیة التی داهمت مساکنهم وحرقت مزارعهم ودمرت خزانات المیاه، فیما جرت عملیات قتل عمد لعدد آخر، وهو ما عزز انتماء «الناجین» إلى الجماعات الجهادیة المسلحة. أیضا هم لا یخفون أنه کلما زاد الضغط الأمنی علیهم، کانت أنابیب الغاز الواصل بین مصر وإسرائیل والأردن هدفا محببا، والأمر ینطبق على «إیلات» المحتلة التی صارت مرمى لصواریخهم (الغراد).
ویذکر الشیخ إبراهیم المنیعی، وهو أحد رموز قبیلة السوارکة فی رفح، أن سیاسة تشدید الخناق من الجانب المصری على غزة مرتبطة بصورة أساسیة بـ«ملاحقة المقاومة أکثر من الحدیث عن محاربة الإرهاب». ورأى، فی حدیث لـ«الأخبار»، أن الدولة فی مصر تعیش تخبطا سیاسیا، «ولا تستطیع تحدید أولویاتها الحقیقیة التی تنفع البلاد واقتصادها المتدهور»، مقدراً أن القاهرة «تستخدم حصار غزة کورقة لتسوق للعالم أنها قادرة على ضبط الأمن فی المنطقة، وهو ما یرضی إسرائیل أولا ثم الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبی».

وصدر خلال عام 2013 قرابة 3500 حکم غیابی على أشخاص من قبائل وعائلات سیناء بدعوى العمل فی تجارة الأنفاق وتهریب أسلحة إلى غزة، ما دفع المئات إلى الهرب فی الجبال الوعرة وخاصة «جبل الحلال» خشیة اعتقالهم، فی وقت تستمر قوات الجیش والشرطة فیه بحملات المداهمة الیومیة بحثا عنهم. کذلک لم یسلم الأطفال من الملاحقة الأمنیة، ومؤخرا ألقی القبض على ثلاثة أطفال جرى إیداعهم فی مؤسسة الأحداث، کما أصدرت محکمة جنایات شمال سیناء حکما على طفل یدعى محمد أبو سن (14 عاماً) بالسجن المشدد 25 سنة بتهمة «المشارکة فی تهریب السلاح واستخدامه دراجة ناریة فی استطلاع الطرق لمرور السیارات التی تحمل شحنات السلاح خلال توجهها إلى مناطق (عیون) الأنفاق».

وکان تهریب السلاح یتخذ عدة مسارات، آتیاً من لیبیا وجنوب السودان عن طریق الحدود الجنوبیة لمصر، إذ یجری تجمیعه فی منطقة حلون لیعاد نقله عبر قناة السویس إلى مناطق للتخزین شرقی القناة (وسط سیناء)، ثم على أبناء القبائل نقله إلى مناطق قریبة من الأنفاق، ومن هناک یجد طریقه إلى غزة.
ومن المعلوم أن عائلات قبائل شرق العریش ترتبط بعلاقات قرابة ومصاهرة بأسر تقیم فی غزة، وکانت تلک العائلات قد قسمت إلى شطرین أحدهما یقیم فی رفح المصریة والثانی فی رفح الفلسطینیة (جنوب غزة)، ومع أن بعض أبناء هذه العائلات اعترفوا بأنهم کانوا یساهمون فی نقل السلاح ضمن «واجب وطنی أولا»، فإنهم لا یخفون تلقیهم أموالا مقابل عملهم ومخاطرتهم، وأیضاً هناک منهم من دخل إلى غزة (یحمل جنسیة مصریة) وشارک فی عملیات استشهادیة مطلع الانتفاضة الثانیة.
تعقیباً على ما تفعله الحکومة المصریة فی الوقت الراهن، یقول الناشط السیاسی، مسعد أبو فجر، من أبناء قبیلة الأرمیلات شرقی العریش، إن القیادة السیاسیة «توحی بتعرضها لضغوط حتى لا تقدم تنازلات إلى الفلسطینیین، کفتح معبر رفح، لکنها فعلیا لم تستطع إیجاد طریقة تضمن منع تدفق الأسلحة». وذکر أبو فجر أن إغلاق معبر رفح أسلوب عقابی ولا علاقة له بتهریب السلاح، کما یرى أن أی تصرف مصری سلبی اتجاه «حماس» سیکون مرحبا به من واشنطن وتل أبیب.
ویلفت الناشط إلى أنه رغم التوتر بین نظام عبد الفتاح السیسی و«حماس»، فإن حکومة الأول سعت إلى تخفیف الغضب الشعبی المتزاید فقررت فتح معبر رفح جزئیا خلال المدة الماضیة، کما أرسلت معونات طبیة وغذائیة إلى القطاع خلال الحرب الأخیرة وبعدها. واستدرک بالقول: « هی سیاسة مزدوجة تشبه حقبة الرئیس المخلوع حسنی مبارک، إذ تضطلع مصر بدور دیبلوماسی صغیر خلال الأزمات، لکن على المدى البعید یمکن لواشنطن الاعتماد على السیسی کشریک لعزل المقاومة فی غزة».
رغم کل ذلک، تکشف مصادر قبلیة فی رفح أنه بالتزامن مع التضییق الأمنی الشدید على الحدود وبدء خطة المنطقة العازلة بعد تدمیر معظم الأنفاق، عملت المقاومة بالتعاون مع قبائل مصریة على حفر أنفاق نوعیة لا یتجاوز عددها ثلاثة، لکنها ممتدة خارج نطاق رفح وتصل إلى مشارف الشیخ زوید، وجرى خلال المدة الماضیة تهریب ما تبقى من شحنات سلاح کانت مخزنة فی مستودعات صحراویة دخل جزء منها إلى القطاع خلال الحرب الأخیرة، فیما لم تکشف عن مصیر هذه الأنفاق خلال الأسبوع الماضی لما قالت إنه دواعٍ أمنیة.

المصدر: جریدة الاخبار

رایکم
الأکثر قراءة