تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

حروب البرابرة

بساطة، فشلت کل حروب أمیرکا والغرب ودول الخلیج لاستعادة ما خسروه فی العراق. وفشلت کل محاولات التعویض من خلال الفوز بسوریا. وها هم یخشون المزید بعد ما حصل فی الیمن أخیراً
رمز الخبر: ۶۰۰۷۹
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۹:۳۰ - 25September 2014

حروب البرابرة

ابراهیم الأمین
إنه الغزو الظلامی الجدید. غزو رأس الاستعمار فی تاریخنا المعاصر. غزو له کل ما فی تاریخ برابرة الغرب من حقد على شعوب الارض وعلى الثقافات الأخرى. إنه الغزو الهادف الى الإجهاز على کل حیاة فی هذه البلاد. وهو الغزو الذی تبرره حیلة اخترعها الاستعمار نفسه، وسمّاها انتفاضة باسم الدین على حکومات شابها الاستبداد لعقود.

إنه القرار الذی لا دخل للصبیة فی صنعه أو تنفیذه. من منهم یحمل المال یدفع صاغراً ویصفق. ومن منهم لدیه حسابات ومصالح، ما علیه سوى الاختلاء بنفسه إذا قرر الاعتراض. وهؤلاء الذین ترد أسماؤهم فی قائمة التحالف الشریر الجدید، لیسوا سوى الدیکور الذی یحتاج إلیه الوحش الغربی إطاراً صوریاً فی جریمة اغتصاب جدیدة.
لیس مهماً، أبداً، السؤال عمن وافق ومن اعترض ومن سهّل ومن شارک. المهم هو محاولة إدراک ما یراد لهذه الغزوة الجدیدة من نتائج.

الغزوة الجدیدة ترید تدمیر سوریا والعراق
وتشرید المزید من شعبیهما

لا علامة واحدة تمیز من یقوم بالغزو عمن تقرر أن الغزوة تستهدفه. أمیرکا وأوروبا الغربیة والسلطنة العثمانیة وممالک القهر، هی نفسها من قتل الملایین من البشر فی کل أنحاء العالم. قتلوهم بالرصاص والسیوف والجوع وبالقنابل النوویة وبالسموم على أنواعها. وهم لیسوا أفضل من «داعش» على الاطلاق. لیس بینهم، أصلاً، من یقبل بالرأی الاخر، ولیس بینهم، أبداً، من یقبل بترک شعوب العالم تقرر مصیرها بنفسها. ولیس بینهم من یعیش على قدر ما ینتج. کلهم، عبارة عن عصابة قطّاع طرق، یستولون بالقوة والحدید على مقدرات شعوب العالم، ویحکمون بالدم والنار دولهم وشعوبهم. ولیس فی تاریخهم القریب ما یمنحهم أی تفوق أخلاقی أو حضاری أو إنسانی یسمح لهم بادعاء قیادة حرب الحریة لشعوبنا.
عملیاً، جاء افتتاح العملیة الجویة ضد مقار التنظیمات التکفیریة فی سوریا مطابقاً لاستراتیجیة تقوم على احتواء الوضع العام فی سوریا والعراق، بعد سنوات من محاولات قلب الوقائع السیاسیة والعسکریة والاستراتیجیة. وهی محاولات قادتها الولایات المتحدة بمعاونة دول الارهاب الاوروبیة، وبتمویل وتحشید من حلفائهم من عرب الجزیرة وبلاد الشام، وکان لإسرائیل دورها البارز فیها. کذلک تورطت فیها جماعات سیاسیة إسلامیة وعلمانیة کانت تدّعی طوال الوقت أنها تواجه الدکتاتور الذی فرضه الاستعمار على شعوبها. لکن هذه الجماعات صارت من أدوات الغزو البربری الجدید.
ببساطة، فشلت کل حروب أمیرکا والغرب ودول الخلیج لاستعادة ما خسروه فی العراق. وفشلت کل محاولات التعویض من خلال الفوز بسوریا. وها هم یخشون المزید بعد ما حصل فی الیمن أخیراً. وزادت خشیتهم بعدما نجح مقاومون بسطاء فی قطاع غزة فی هزیمة أقوى جیوشهم. لذا لم یعد فی مقدورهم سوى طلب العون مباشرة من الغرب نفسه. وها هی أمیرکا تعود لتورّط نفسها فی بلادنا، متجاهلة دروس العقد الماضی. لکنها مضطرة إلى لعب هذا الدور، لضرب أی تهدید لها أو لحلفائها، وتدمیر کل عناصر قوتنا، ومن ثم سرقة مواردنا. أما أهداف هذه الغزوة فهی:
- یراد تأدیب الصبی المجنون الذی تجاوز حدود ملعبه. یریدون القول لـ»داعش» وأخواتها إن مهمتهم محصورة فی تدمیر سوریا ومقاتلة السوریین والعراقیین. ولأن ثمة من سوّلت له نفسه البحث عن هوامش، فستتم معاقبته، وسیصار الى تعلیم الآخرین أن خیارهم الوحید هو الانضواء فی المعسکر من دون جدال.
- یراد منع محور المقاومة من الدخول فی مرحلة هزیمة المشروع الآخر، ویراد توجیه ضربات إلیه إن أمکن، وهذا ما یحتاج، أولاً، إلى إطلاق حملة الشیطنة من عملاء السفارات الامیرکیة والفرنسیة فی بلادنا، الذین یهتمون الیوم فقط بالقول إن النظام فی سوریا ومعه حزب الله یشبهان داعش شکلاً ومضموناً.
- یراد لشعبَی سوریا والعراق عدم الوقوف مجدداً، وتدمیر کل ما بقی لدیهما من مؤسسات وبنى تحتیة واقتصاد ومظاهر دولة. ویراد تهجیر ملایین جدد من أبناء العراق وسوریا وتشریدهم، فی العالم القریب والبعید، وتحویلهم الى متسولین، یبیعون أبناءهم وبناتهم فی سوق السلطان الجائر.
لذلک، لا مناص، أمام من یرى بعینین واسعتین وبقلب قوی وعقل هادئ، من تحمّل تبعات المواجهة الشاملة ضد الخصمین الظلامیین. لیس أمامنا سوى مواجهة الغزو، ومواجهة التکفیریین من أتباعه.
یبقى قدرنا... مقاومة!

 

المصدر: جریدة الأخبار

رایکم
الأکثر قراءة