تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

وقائع وأحداث مجزرة مکة

لقد کان النظام السعودی المجرم، لا یخفی انزعاجه باستمرار، وفی کل عام، قبل موسم الحج وأثناءه، من هذه المظاهر الجدیدة الواعیة، التی طبعت مسلکیة الحجیج، وأخرجت عبادة الحج، بعد أن بقیت محنّطة قروناً متطاولة، إلى واقع حیاة الأمة نابضة حیة متحرکة.
رمز الخبر: ۶۰۹۳۷
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۶:۲۴ - 28October 2014

وقائع وأحداث مجزرة مکة

المکان: حرم الله الآمن. البلد الحرام مکة.

الزمان: الساعة السادسة وأربعین دقیقة من بعد ظهر یوم الجمعة 5 ذی الحجة الحرام عام 1407هـ.

المخططون: دوائر البیت الأسود فی واشنطن، وأجهزة الشین بیت فی القدس المحتلة، بالاشتراک مع دوائر استخبارات الاستکبار العالمی الکافر.

المنفذون: جبابرة قصور العهر والخیانة والفجور فی السعودیة.

المباشرون: عصابات القتلة الأراذل من الوهابیین فی الشرطة السعودیة.

آلة القتل: البنادق الرشاشة، قنابل الغازات الخانقة. خراطیم المیاه الساخنة، السکاکین، قضبان الحدید، العصی المجهزة بالمسامیر وقطع الحدید الصغیرة، کتل الاسمنت، والزجاجات الفارغة.

المقصودون بالذبح: ذریة إبراهیم خلیل الله من حجّاج بیت الله الحرام!!؟

توطئة وتمهید:

لقد کان النظام السعودی المجرم، لا یخفی انزعاجه باستمرار، وفی کل عام، قبل موسم الحج وأثناءه، من هذه المظاهر الجدیدة الواعیة، التی طبعت مسلکیة الحجیج، وأخرجت عبادة الحج، بعد أن بقیت محنّطة قروناً متطاولة، إلى واقع حیاة الأمة نابضة حیة متحرکة.

ولا غرابة فی أن ینزعجوا ویتململوا، شأنهم فی ذلک، شأن أی إنسان حاقد مریض مهزوز، قد یدفعه حقده ومرضه واهتزاز الرؤیة عنده، إلى أن یهب کالمسعور لیحطم ذلک الوتر، الذی عزف لحناً یتنافى مع ما ألفته أذناه من لحن، یستجیش فیه دائماً رائحة الطین وغرائز الحیوان، ولیطفئ ذلک النور، الذی أضاء ما حوله، فکشف له عن مستنقعات آسنةٍ یعیش فیها حشرةً تغتذی العفن، ولا تألف إلا الظلام!!!

ولقد کان هذا النظام الفاسد المهترئ، یتذرع بمختلف الذرائع، للتصدی لمثل هذه المظاهر المبارکة، وفی مواجهة ذرائعه تلک، ما کان یزعمه من أن ذلک ـ وخاصة مسیرات الوحدة والبراءة من المشرکین وأذنابهم ـ یهدد أمن حجاج بیت الله!؟

علماً، بأن هذه المسیرات ـ کما کان جلیاً واضحاً لکل ذی لبٍّ أو ألقى السمع وهو شهید ـ کانت تتسم بدرجة عالیة جداً من الانضباط والتنظیم، بشکل یجعلها فی مصاف المظاهر الحضاریة الراقیة، نتیجة مناقبیة رسالیة یتمتع بها الحجاج أنفسهم، وسهر المشرفین علیها والمخططین لها، وهم من العلماء الربانیین، یساعدهم فی ذلک خبراء فی هندسة وإخراج هذه المسیرات وهم من الحجاج أنفسهم.

کل ذلک، جعل السلطات السعودیة تتراجع عن مزاعمها وحُجَجِها الواهیة تلک.

بل صار من الواضح جداً، ـ نتیجة ما کان یحصل فی کل سنة ـ إن هذه المسیرات، لا یهدد أمنها إلا شیء واحد، هو تدخّل السلطات السعودیة، من خلال زبانیتها، وذراعها العادیة ـ البولیس السعودی ـ فی شؤون هذه المسیرات، ومحاولتها بحجة حفظ الأمن کمّ الأفواه، مع ما یرافق ذلک من هتک لحرمات ضیوف الرحمن واعتداء علیهم بالشتم والضرب.

وأکبر دلیل على ما ذکرناه، هو مسیرة الوحدة، التی جرت عصر یوم 25 ذی القعدة من عام 1407هجریة، حیث کانت ـ على ضخامتها من جرّاء مشارکة مئات الألوف من الحجاج ومن جمیع الجنسیات والألوان فیها ـ فی منتهى الروعة والإنضباط والتنظیم.

وما السر فی ذلک، إلا عدم تواجد أی شرطی سعودی فی الطریق التی سلکتها المسیرة نحو نقطة الإنتهاء المقررة لها، حیث تفرّقت بسلام وانتظام کما بدأت...

مع مسیرة البراءة فی مکة:

أعلن فی أوائل ذی الحجة من عام 1407 هجریة، ـ کما هی العادة کل عام ـ عن خروج مسیرة البراءة من المشرکین، فی مکة المکرمة.

ووُجِّهت الدعوة للإشتراک فیها ممن یرغب من حجاج بیت الله الحرام.

کما وُجِّهت الدعوة ـ کما جرت العادة ـ إلى المسؤولین السعودیین، وإلى أمیر مکة المکرمة بالذات.

وزیر الأوقاف ومندوب الإمام:

وفی الرابع من ذی الحجة، طلب وزیر الحج والأوقاف السعودی، الإلتقاء بفضیلة الشیخ مهدی کرّوبی مندوب الإمام ورئیس بعثة الحج الإیرانیة، وجرى اللقاء فی موعده، حیث أعرب الوزیر السعودی، عن رغبة الملک فی الکف عن خروج المسیرات، لأن الملک ـ على حد قول الوزیر ـ یواجه ضغوطاً من قبل أخوته، والمسؤولین تدعوه إلى المنع عن خروج مثل هذه المسیرات.

ولم یکن هذا الکلام الذی استمع إلیه مندوب الإمام بجدید، فلطالما نقل الوزیر السعودی سابقاً، معارضة حکومته، ورفضها لهذه المظاهر الإیمانیة الواعیة، کما سبق وأشرنا إلیه، متذرعة بحجج واهیة.

وقد أجاب مندوب الإمام عن هذه الحجج وفنّدها واحدة واحدة، فلم یحر المسؤول السعودی أمام المنطق السلیم الواضح والصادق جواباً، فغادر مقر مندوب الإمام، متمنیاً أن یستمر التعاون بین المسؤولین فی بعثة الحج الإیرانیة، وبین المسؤولین السعودیین، لتلافی وقوع ما لا تحمد عقباه.

واتُّفِقَ على أن یأتی وکیل وزارة الحج والأوقاف السعودی فی الیوم التالی، لیضع بالمشارکة مع المسؤولین المختصین فی بعثة الحج الإیرانیة اللمسات الأخیرة التی تحدد بدایة المسیرة واتجاه خط سیرها ونقطة انتهائها.

وفعلاً، حضر وکیل وزارة الحج السعودیة الى مقر البعثة الإیرانیة فی الموعد المقرر، یوم الخامس من ذی الحجة، وهو السید حسام خاشقجی، واجتمع بالمسؤولین، وتم الاتفاق بینه وبین المسؤولین، على أن تکون نقطة انتهاء المسیرة ـ کالعام الماضی ـ على مقربة من شارع عبد الله بن الزبیر، حیث تنفض المسیرة، وتنقطع الهتافات، وتجمع اللافتات، ویتجه المشارکون فیها من حجاج بیت الله بشکل اعتیادی، نحو المسجد الحرام، للإلتحاق بصفوف المصلّین.

تجمّعٌ فَتَوجیهٌ فانِطلاق:

وبعد تأدیة صلاة العصر من یوم الجمعة الواقع فیه الخامس من ذی الحجة، بدأت الجموع المؤمنة المشارکة، تتقاطر من کل ناحیة من أنحاء البلد الحرام على مکان انطلاق المسیرة فی منطقة العبابدة، أمام مقر مندوب الإمام.

وبعد أن تجاوز عدد المتقاطرین مئات الألوف، بحیث غصّت بهم المنطقة المذکورة والشوارع المحیطة على اتساعها، بل والمناطق المجاورة، أعلن عن بدء برنامج المسیرة بتلاوة مبارکة لآیات من القرآن الکریم، وکان ذلک فی تمام الساعة الرابعة والنصف.

بعدها، تلیت فقرات من ترجمة نداء الإمام الخمینی الموجه إلى حجاج بیت الله.

ثم ألقى مندوب الإمام فی الحج، فضیلة الشیخ مهدی کروبی کلمة تحدّث فیها عن أمهات مشاکل العالم الإسلامی وقضایاه، وبین حاجة المسلمین إلى الوحدة، والتی تعتبر مشارکتهم فی مسیرة البراءة من المشرکین هذه مظهراً عملیاً حیاً من مظاهرها.

بعد ذلک، وفی تمام الساعة السادسة وعشر دقائق، بدأ تحرک المسیرة فی خط سیرها المقرر من قَبْل، متجهة إلى شارع المسجد الحرام.

الخارطة البشریة للمسیرة:

کانت تتحرک المسیرة بتناسق رائع بین أجزائها الثلاثة التی وُزِّعت علیها: المقدمة، والقلب والجناحین.

ففی المقدمة، کانت تتحرک ثلاثة صفوف متشابکة الأکف من المسؤولین عن تنظیم المسیرة، والمشرفین على تحرکها وسلامة انضباطها.

ووراء هؤلاء الأخوة، کان یسیر عشرات الألوف من الرجال من حجاج بیت الله، مشکّلین قلب المسیرة.

وفی الجناح الأیمن، عشرات الألوف من النساء المؤمنات الحاجّات إلى بیت الله، یتقدّمهن طابور من العجلات یستقلها معوّقوا الحرب الظالمة التی فرضها الکفر على الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة.

وأما الجناح الأیسر، فکان یتشکّل من عشرات الألوف من الرجال أیضاً من حجاج بیت الله الحرام.

شعارات المسیرة:

لقد کانت کل الشعارات المرفوعة فی مسیرة البراءة ـ کما کان علیه الحال فی مسیرة الوحدة من قبْلُ فی المدینة ـ من المشارکین فیها، ترتبط بالأهداف والمنطلقات الأساسیة للقیام بمثل هذه المظاهر المبارکة فی موسم الحج.

تلک الأهداف والمنطلقات، التی تتمحور حول ضرورة تجذیر صحوة الأمة الإسلامیة، وجعلها حالة من الحالات الشعوریة التی تکون معها واعیة لموقعها، ومدرکة لدورها المرسوم لها على الأرض من لَدُنْ رب الأرض والسماء.

موقعها کأمة وسط شاهدة على الأمم.

ودورها فی حمل الإسلام مخلصاً للبشریة مما تتخبط فیه من ظلام، ومحطماً لما ترسف فیه من قیود الذل والتبعیة للإستکبار العالمی الکافر.

ولذا جاءت شعارات مسیرتی الوحدة والبراءة، منسجمةً مع کل هذه العناوین، وکان من أبرز هذه الشعارات:

ـ الله أکبر.

ـ لا إله إلا الله.

ـ اللهم صلِّ على محمد وآل محمد.

ـ یا أیها المسلمون: اتحدوا، اتحدوا.

ـ وحدة وحدة إسلامیة.

ـ الموت لأمریکا، الموت لروسیا، الموت لإسرائیل.

ـ تبّت ید المشرکین من بلاد المسلمین.

ـ یا أیها المؤمنون اتحدوا، واقطعوا أیدی الاستعمار الأمریکیة والصهیونیة.

ـ إسرائیل عدوة المسلمین.

ـ لقد آن وقت النهوض یا مسلمین.

هذا، إضافة إلى حمل الحجیج لمجسّم لبیت المقدس، مع ما یرمز إلیه من استغاثة صامتة فحواها: یا للمسلمین!!؟.

مناقبیة وتسامٍ:

ومع أن النظام الکافر الحاکم فی العراق، یمثل الذراع الممتدة من قبل جبهة الکفر العالمی، لضرب الثورة الإسلامیة، وقد شن حرباً ظالمة على الجمهوریة الإسلامیة منذ الأیام الأولى لانتصارها وقیامها، واحتل الأرض، وعاث فیها فساداً، فقتل الآمنین والأبریاء، وأهلک الحرث والنسل.

مع أن هذا النظام المجرم، لم یتورع عن ارتکاب جرائمه تلک بأمر من الشیاطین أسیاده، للقضاء على هذه الدولة الإلهیة المبارکة فی المهد.

مع کل ذلک، فإن شعارات المسیرة لم تتضمن شیئاً من ذکر نظام صدام، ولا ذکر جرائم هذا القاتل السفّاح.

التعتیم الإعلامی، ولکن:

والملفت للنظر حقاً، أن هذه المسیرات، على روعتها وعظمتها،بما تستبطنه من معانٍ لها مدلولاتها الکبیرة فی حیاة الأمة الإسلامیة، باعتبارها نقطة تحوّل فی مسیرتها التکاملیة هذا العصر، ومظهراً من مظاهر القوة المادیة والمعنویة الناجعة فی ردع العدوان عنها ـ لو عمل على احتضانها وتصعیدها ـ ولجم المتربصین بها، نظراً لتعدد الجنسیات المشارکة فیها، والمتعاطفة معها من شعوب الأرض مشارقها ومغاربها.

مع ذلک، فإنها کانت تحاط بستار کثیف من التعتیم الإعلامی المتعمد والمقصود من قبل السلطات السعودیة، والبعثات الإعلامیة العربیة والإسلامیة والعالمیة على حد سواء، بحیث لا یسمع بها داخل الستار الحدیدی السعودی ـ فضلاً عمن کان خارج جدار هذا الستار، ولا یعرف عنها شیئاً، أحد من المسلمین وغیرهم، اللهم إلا الذین شاهدوها عن کَثَب، أو شارکوا فعلاً فیها...؟!

ولن نحتاج إلى کثیر تأمل وتفکیر، حتى ندرک السبب فی کل ذلک:

إنه الإستکبار العالمی، وجلف الشیطان.

ذلک إنه بات من الواضح، أن هذه المظاهر الخیّرة، التی سَنّتْ سُنّتها المبارکة الحسنة الثورة الإسلامیة الإیرانیة، فتلقّفها المسلمون بشغف وحماس على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم ومذاهبهم، بعد أن لسموا فیها الصدق والمصداقیة، والإخلاص والحقّانیة.

ـ إن هذه المظاهر ـ کانت أکبر تحدٍّ لطواغیت الأرض ورموز ذلک الإستکبار الکافر، الذین تعودوا على أن یجدوا أمامهم مسلمین مهزومین روحیاً، انبطاحیین مستسلمین.

ولذا أرعبهم ما رأوا، فأغمضوا عیونهم، وصکوا أسماعهم، ودفنوا رؤوسهم فی الرمال فعل الجبناء، عیناً کما تفعل الظلیم عندما ترى خطراً داهماً محدقاً بها، ظناً منها أنها بمثل هذا العمل تنجو منه.

فرأوا أن إسدال ستار کثیف من التعتیم الإعلامی على مثل هذه المسیرات سوف یساهم فی حصر خطرها، أو إعفاء أثرها، فلا تعود لها صفة استیعاب ولا طابع شمول بالنسبة للأمة، ثم تتلاشى وتذهب بها الأیام.

ولکن خاب ظن هؤلاء المستکبرین وأذنابهم، فی جمیع ما أمّلوه من وراء هذا التعتیم.

أما على صعید الأثر والنتیجة، فقد أدت هذه المظاهر المبارکة، دوراً عظیماً فی بث روح الوعی، وتصعیدها فی الأمة، وأکبر دلیل على ذلک، هو استقطابنا أعداداً هائلة تغطی بشرائحها البشریة کل قطاعات الأمة وأجناسها وشعوبها، ـ عدا شریحة الطواغیت وأذنابهم ـ، ولذا کان المراقبون یلمسون لمس الید کیف أن هذه المسیرات کانت تتضخم وتتمدد عاماً بعد عام، لتشمل أعداداً کبیرة جدیدة.

وأما على صعید الإعلام والأخبار، فیکفی هذه المسیرات إعلاماً وبیاناً، أن یعود کل حاج بعد انتهاء موسم الحج إلى بلده، لینقل صورة عنها ولیروی مشاهداته وانطباعاته حولها، وبهذا سوف تغطی أخبارها العالم بقارّاته الخمس، وتدخل البیوت من أبوابها الواسعة، دون أن یحول بین الناس وبین الاستماع إلهیا تشویشات إذاعیة، أو ستارات حدیدیة، أو حواجز مادیة....؟!!

 

مکرٌ وغَدْر:

المکر، هو الخدیعة والإحتیال:

والمکر، نظیر الغدر، إلا أن الغدر مأخوذ فیه ترک الوفاء بعهد قائم فعلاً، والمکر قد یکون ابتداءً من دون سبق عهد علیه.

وقد اجتمع کل من الغدر والمکر فی الوهابیین الأراذل من آل سعود، فی القدیم، کما فی الحدیث.

أما فی القدیم، فیکفی أن نذکر ما فعلوه عام ألف ومائتین وواحد وأربعین هجریة (1241) مع قافلة الحجاج الیمنیین القاصدین بیت الله الحرام وهم عزّل من أی سلاح، حیث أعطاهم الوهابیون الأمان، وسایروهم فی شطر من الطریق، ثم انعطفوا علیهم فقتلوهم عن بکرة أبیهم، وکان عددهم یناهز الألف!!

وأما فی الحدیث، فمجزرة مکة عام ألف وأربعمائة وسبعة للهجرة (1407)، أکبر شاهد على ما نقول:

أما المکر، بمعنى الخدیعة والاحتیال، فیبدو جلیاً من تصرّف عصابة آل سعود بالنسبة لمسیرة الوحدة فی المدینة، عندما سحبت من الشوارع جمیع قواتها من الشرطة، بحیث لم یتواجد أی شرطی فی طریق تحرک المسیرة، منذ ابتدائها وحتى انتهائها.

ثم انکشف فیما بعد، أنها حیلة لاستغفال الحجاج المشارکین فی مسیرة البراءة بمکة واستدراج المسؤولین عن تنظیمها، فیتوهمون أن لا وجود لرجال الشرطة فی طریقها، کما کان علیه الحال فی المدینة، فیسلکون طریقاً معروفاً تسهل محاصرته ثم ضرب المسیرة فیه.

وکذا یبدو المکر جلیاً، فیما فعلته عصابة آل سعود، عندما أرسلت وکیل وزارة الحج والأوقاف السید حسام خاشقجی فی الموعد المقرر ـ کما ذکر سابقاً ـ یوم الخمیس، الخامس من ذی الحجة، واتفق بکل وضوح مع المسؤولین فی بعثة الحج الإیرانیة على کل التفاصیل المتعلقة بالمسیرة، بما فی ذلک نقطة ابتدائها وانتهائها وخط سیرها، بل على کیفیة الانتهاء، بما فی ذلک توجیه المشارکین فیها للالتحاق بصفوف المصلین فی المسجد الحرام.

وأما الخیانة والغدر، فهو عملیة القتل الجَماعی المتعمد لضیوف الرحمن، التی قام بها المجرمون من جلادی عصابة القتلة من آل سعود الوهابیین.

قصة المجزرة وحیثیات تنفیذها:

ها هی مسیرة البراءة، بأمواجها البشریة الطاهرة، قد وصلت الى نقطة انتهائها المقررة لها من قَبْل بالاتفاق مع السلطات السعودیة الغادرة، وکانت الساعة تشیر إلى تمام السادسة وأربعین دقیقة، وعندها انقطعت مکبرات الصوت عن تردید الشعارات، وبدأ المشارکون بإشراف المسؤولین عن تنظیم المسیرة بجمع اللافتات.

وفجأة، وبلا مقدمات، وبلا أدنى مبرر، تقدمت صفوف من البولیس السعودی، الذی کان یقف عند نقطة انتهاء المسیرة، وابتدأوا بشتم الحجاج المشارکین المتواجدین فی مقدمة المسیرة، وضربهم بالأیدی ودفعهم بقوة.

وهنا، علا التصفیق والصفیر وصیحات التشجیع من عشرات رجال الأمن السعودی بلباسهم المدنی، حیث کانوا مسلحین بالهراوات والعصی المزودة رؤوسها بالمسامیر وقطع الحدید الحادة، والذین کانوا ینتظمون فی صفوف متراصة خلف قوات الشرطة باللباس العسکری.

وعندها، ابتدأت أولى خطوات تنفیذ الجریمة المؤامرة!؟

فقد شن البولیس وقوات الأمن معاً، هجوماً شرساً على الجناح الأیسر للمسیرة، وراحوا ینهالون بعصیهم وهراواتهم ضرباً بلا هوادة على حجاج بیت الله الحرام، العزَّل من أی سلاح مادّی، یرافق ذلک شتم مقذع، وسب بذیء لهم، وکانت النتیجة لهذا الهجوم، أن استشهد بعض الحجّاج وسقط مضرّجاً بدمه، وجرح عدد آخر منهم.

والذی زاد فی حجم الجریمة ولؤمها، فزاد بالتالی من عدد الضحایا البریئة بین الحجاج العزّل، قیام أفراد قوى الأمن السعودی، من مبنى متعدد الطبقات معد کموقف للسیارات، ویقع على الجناح الأیسر للمسیرة أیضاً، بإلقاء کتل الاسمنت، والحجارة، والسطول الملیئة بالرمل، وقنانی إطفاء الحریق، والمکیفات المعطلة، على رؤوس الحجاج من الطوابق العلیا لهذا المبنى، وقد کان لهذا العمل الشنیع، والمبیَّت من قبل دلالة کبیرة على أن الجریمة کانت من حیث التخطیط والتنفیذ، قد أعِدّت لها العدّة مما تحتاجه من أدوات القتل وأسبابه، فی الأماکن المختارة، بشکل تؤدی معه إلى إزهاق أکبر عدد من الأرواح!!؟

الهجوم على الجناح الأیمن:

على إثر هذا الهجوم الوحشی على الجناح الأیسر للمسیرة، تراجع الحجاج إلى الخلف، وإلى الجناح الأیمن، فأدى ذلک إلى اشتداد الضغط والازدحام، مما أدى إلى سقوط عدد آخر من الشهداء، وخاصة بین النساء والمعوّقین والشیوخ الضعفاء، وجرح عدد کبیر من المشارکین.

فی وسط هذا الاختناق والضغط، قامت أرتال من قتلة النظام السعودی الحاقد من قوى الأمن بشن هجوم صاعق على الجانب الأیمن من المسیرة، حیث کان مخصصاً للنساء والمعوقین، مستعملین فی هذا الهجوم العصی والهراوات المزودة بقطع حدیدیة ومسامیر، وقد أسفر هذا الهجوم الجبان عن سقوط عدد آخر من الشهداء من النساء والمعوقین، مستعملین فی هذا الهجوم العصی والهراوات المزودة بقطع حدیدیة ومسامیر، وقد أسفر هذا الهجوم الجبان عن سقوط عدد آخر من الشهداء من النساء والمعوقین، وجُرح عدد کبیر منهم.

ولعل الخیبة هذه، وفشل أسلوب التعتیم الإعلامی، قد أثارا حفیظة الاستکبار الکافر وأذنابه من زمر القتلة وشذّاذ الآفاق، ألبّهم أکثر فأکثر على هذه الصحوة الإسلامیة المبارکة، فأخذتهم العزّة بالإثم.

ثم فکّروا وقدّروا، ثم خططوا ودبّروا.

ثم غدروا فکفروا، فعقروا...

فکانت المجزرة؟!!

الهجوم من الجناحین:

وفی نفس اللحظة، شنَّت قوات آل سعود، هجوماً صاعقاً هذه المرة، من الجناحین الأیمن والأیسر للمسیرة، ولکن باستعمال البنادق الرشاشة، التی أخذت تحصد الحجیج حصداً وخاصة زخات الرصاص التی کانت تنهمر على الحجیج من تحت جسر الحجون ومن الأبنیة المحیطة بالساحة، وأخذت عشرات الأجساد تتهاوى صرعى على الأرض، ومئات الأشخاص سقطوا جرحى. وقد تزامن إطلاق الرصاص مع إلقاء قنابل الغازات الخانقة على جموع الحجّاج، مما أدى الى اختناق عدد کبیر منهم.

وقد أدت تلک الحالة من المحاصرة والاختناق، الى محاولة عدد من الحجاج الانفلات من الطوق المحکم حول المسیرة، الى الفرار نحو التلال المحیطة من الجانبین، ونحو جسر الحجون، ونحو الخلف، فکانت النتیجة أن فوجئ هؤلاء وفی جمیع الأماکن التی حاولوا الفرار إلیها من جلادیهم، بجلادین احتیاطیین حُشِدوا مسبقاً استکمالاً لخطة القتل الجماعی بانتظارهم، مع کل ما یحتاجون إلیه من وسائل الفتک والتنکیل، ناهیک عن ألسنةٍ حِدادٍ لها مراس فی السبّ والشتم والبذاء وفحش القول.

المصدر: موقع دارالولایة للثقافة و الإعلام

رایکم
الأکثر قراءة