تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22
المقابلة | العجمی الوریمی

لم نغذِّ الاستقطاب ولم نقسّم التونسیین

یبدو أن «حرکة النهضة» استعادت المبادرة سریعاً بعد خسارتها فی الانتخابات البرلمانیة الأخیرة فی تونس. هذا ما ظهر خلال حوار أجرته «الأخبار» مع القیادی فی الحرکة، العجمی الوریمی، وهو عضو فی مکتبها السیاسی وفی مجلس الشورى
رمز الخبر: ۶۱۰۵۲
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۱۳ - 01November 2014

لم نغذِّ الاستقطاب ولم نقسّم التونسیین

یبدو أن «حرکة النهضة» استعادت المبادرة سریعاً بعد خسارتها فی الانتخابات البرلمانیة الأخیرة فی تونس. هذا ما ظهر خلال حوار أجرته «الأخبار» مع القیادی فی الحرکة، العجمی الوریمی، وهو عضو فی مکتبها السیاسی وفی مجلس الشورى

■ لسنا فی سیناریو منتصر ومنهزم
■ لم نغذِّ الاستقطاب ولم نقسّم التونسیین
■ نرید توازناً فی السلطة ونرفض الهیمنة
أمینة الزیانی

■ کیف تقرأون نتائج الانتخابات؟ هل تعتبرون تفوّق «نداء تونس» على «حرکة النهضة» انهزاماً للإسلام السیاسی فی تونس؟
أولاً نحن لم ننهزم، وغیر معنیین بخطاب الهزیمة أبداً. الانتخابات لم تفرز حزباً أغلبیاً وحزباً أقلیاً، بل أفرزت حزباً فی المرتبة الأولى (85 مقعداً) ونحن فی المرتبة الثانیة (69 مقعداً) بفارق بضعة مقاعد، والحرکة لا تزال قویة وممتدة على کامل البلاد. لسنا فی سیناریو منتصر ومنهزم أو أغلبی وأقلی والفارق بیننا لیس بالفجوة.

نحن لا ننظر إلى أن نتائج الانتخابات أفرزت «انهزام الاسلامیین» وفوز «العلمانیین». الصحافة الغربیة وخاصة الصحافة الفرنسیة ترید أن تجعل المسألة تبدو کأنها «انتصار اللائکیین (العلمانیین) على الاسلامیین»، ولا یستقیم القول، خاصة أن هناک أحزاباً علمانیة عریقة وأخرى لائکیة ویساریة (الجمهوری، التحالف، المسار) لم یحصلوا على مقاعد فی البرلمان المقبل أو حصلوا على بضع مقاعد فقط. الناخب عند توجهه إلى صندوق الاقتراع لم یکترث بهذا الجانب الأیدیولوجی ولم یعره اعتباراً، إلا قلة قلیلة رکزت على هذا الجانب. ما وجد فی ذهن التونسی عند الاقتراع وما شغله عند الإدلاء بصوته هو استقرار البلاد وأمنها، التخفیض فی الاسعار، معالجة مشاکل التشغیل والبطالة...
 

■ هل یعنی ذلک أن التونسیین صوّتوا بکثافة لحزب «نداء تونس» لأنهم یعتبرونه الأقدر على ضمان استقرار البلاد وأمنها ومعالجة المسائل الاقتصادیة؟
لا لم یعتبروه الأقدر. خلال حملتنا الانتخابیة التقیت الکثیر من التونسیین وتناقشنا فی تمشی (نهج) الحرکة خلال الفترة الماضیة. بعضهم یرى أن هناک عدة أطراف عملت على إعاقة وعرقلة حرکة النهضة أثناء تولیها الحکم ولم تترک الحکومة تعمل فی مناخ عادی. فما الضامن ألا یتکرر السیناریو هذه المرة؟ أیضاً هؤلاء أرادوا أن یتفادوا وضعیة طرف فی الحکومة والبقیة تعارضه وتهدم کل ما یبنیه، وهو ما سینعکس سلبا على حیاة المواطن، لذلک امتنعوا عن التصویت لنا. وهناک من یبحث عن قوة أخرى تعادل حرکة النهضة وتشارکها الحکم، وبالتالی اصطفوا وراء نداء تونس وظنوه حزباً ضعیفاً وارتأوا تقویته بالتصویت له، لکنهم فوجئوا بالنتیجة التی حققها، ما أحدث صدمة حتى لدى من صوّت له، من الذین لم یکن فی ذهنهم إعادة هیمنة حزب فقط أو إعادة المنظومة القدیمة والذین صاروا یتخوفون من الهیمنة أو من تهدید الحریات العامة والدیموقراطیة بعد النتائج التی حققها.

■ هل تجنی «حرکة النهضة» الیوم ثمار الاستقطاب الثنائی الذی غذّته طیلة السنوات الثلاث الماضیة بادّعائها أنها المدافع عن الهویة العربیة الإسلامیة، ما جعل التونسیین یبحثون عن قوة لمواجهتها؟
لیس من الصائب القول إن حرکة النهضة غذّت الاستقطاب الثنائی أو بحثت عن تقسیم التونسیین. خلال السنوات الثلاث الماضیة کان خطابنا خطاب وفاق ووحدة ولم یکن خطاب تقسیم، عدا عن أن مسألة الهویة العربیة الاسلامیة لم تعد موضوع تجاذب بل أصبحت موضوع توافق وتم التنصیص علیها فی الدستور، وبالتالی أصبحت مسألة الهویة من المکتسب الوطنی ولم تعد بالنسبة الینا مسألة نقف عندها، الاستقطاب الثنائی قوّته الأطراف الاخرى التی أرادت تقسیم التونسیین على أساس النمط المجتمعی والتفرقة بین «حداثیین» و«ما قبل حداثیین».

■ لکن تصریحاتکم خلال الفترة الماضیة حملت بدورها «خطاب تقسیم» انطلق أیاماً بعد «انتخابات 23 أکتوبر 2011»؟
هذا لم یکن الخطاب الرسمی لحرکة النهضة، بل کانت محض سجالات بین أنصار الأحزاب السیاسیة، وربما فی الواقع الموضوعی غذت الاستقطاب، لکن علینا أن نتذکر أن هناک أحزاباً تکتلت ضد حرکة النهضة وکوّنت جبهة ضد النهضة، هم الذین صنعوا قطباً ضد النهضة وغذّوا الاستقطاب الثنائی، فی حین دعت حرکة النهضة الجمیع الى المشارکة فی الحیاة السیاسیة وکوّنت ترویکا جمعت أحزاباً علمانیة، ما یعنی أننا لم نرد تقسیم التونسیین بین علمانیین وإسلامیین أو یمین ویسار.

■ إذا تمکن نداء تونس من الحصول على الرئاسة فسیکون له کل من الأغلبیة النیابیة وبالتالی یشکل الحکومة (وفق أحکام الدستور) ورئاسة الجمهوریة، ما یعنی أنه یهیمن على الرئاسات الثلاث. هل لدیکم مخاوف من هذا السیناریو؟
هذه مجرد فرضیة واردة نظریاً. النداء لدیه مرشح رئاسة ولیس رئیس، وهو سیناریو وارد. فی الدیموقراطیات الکلاسیکیة هذا وضع مریح للحزب صاحب الأغلبیة ویضع المعارضة بدورها فی وضع مماثل حیث ستوجه کل انتقاداتها ورقابتها إلى طرف متجانس، لکن هذا الطرف علیه أن یؤمن بالتداول السلمی للسلطة وبدور المعارضة.
لکن نحن (فی تونس) لسنا فی وضع مماثل، فلا نزال فی مرحلة انتقالیة والحیاة السیاسیة تتطلب تضافر الجهود من أجل البناء، لذلک کنا قد دعونا قبل الانتخابات إلى حکومة وحدة وطنیة وهناک عدة أطراف الیوم تجدد الدعوة لحکومة وحدة، ونحن الیوم نحتاج إلى حکومة قویة تحظى بدعم واسع.

■ یتداول الآن اسم یاسین إبراهیم، رئیس حزب «آفاق تونس» (حصل على 8 مقاعد نیابیة)، کمرشح لرئاسة الحکومة. فهل ترونه قادراً على الاضطلاع بهذا الدور؟
حق تعیین رئیس الحکومة یعود إلى الحزب الأول فی ترتیب الاحزاب الحائزة اغلبیة الأصوات وهو نداء تونس فی هذه الحال، لذلک نحن لا نتدخل فی اختیارات هذا الحزب وفی الأسماء التی یرشحها. یوم یُطرح علینا جدیاً أی اسم سوف نناقش قدرته على قیادة البلاد وإدارة شؤونها والتحکم فی فریقه الوزاری، ونبدی رأینا بکل وضوح، ولیس لدینا موقف مبدئی ضد أی مرشح.

■ ما رأیکم فی الدعوات المتصاعدة الیوم التی تطالب رئیس الجمهوریة، المنصف المرزوقی، حلیفکم فی الترویکا سابقاً، بمغادرة قصر قرطاج واعتباره فاقداً لأی شرعیة؟
تسلیم السلطة بین الرئیس الحالی والرئیس المنتخب المقبل یحددها الدستور وهو الذی یحدد مسألة تسلیم السلطة. وبعیداً عن الجانب القانونی والدستوری، دعوة نداء تونس المرزوقی إلى الاستقالة هی مجرد تعبیر عن موقف سیاسی من منافس سیاسی آخر موجود فی موقع الرئاسة. نحن لسنا معنیین بهذا الموقف.
بالنسبة إلینا لا مجال للفراغ فی مؤسسات الدولة. الرئیس لا یغادر منصبه إلا لتسلیمه لرئیس منتخب، والمجلس التأسیسی لا تنتهی صلاحیاته إلا بعد أن یعقد البرلمان أول جلسة عامة له، والحکومة الحالیة لن تغادر موقعها إلا بعد تولّی الحکومة المقبلة لمهماتها وفق ما ینص علیه الدستور. یبدو أن حزب نداء تونس لا یرغب فی أن یقوم الرئیس محمد المنصف المرزوقی بتکلیف رئیس الحکومة الجدید بتشکیل طاقمة الوزاری، وهذا أمر لا یعنینا بنفس القدر الذی یهم حرکة نداء تونس، وبالتالی لم نتداول فیه بعد.

■ «نداء تونس» یضع شرطاً لمشارکته فی الحکم وهو مساندة الباجی قائد السبسی فی الانتخابات الرئاسیة، فهل ستدعمونه؟
لا یعنینا أن نکون فی الحکم، موقعنا مریح سواء شارکنا فی الحکم أو کنا خارجه فی المعارضة، کما أن الحرکة تحصلت على عدد مقاعد لابأس به (قرابة سبعین مقعداً)، أما بالنسبة إلى مرشحی الرئاسة فنحن سنناقش ذلک داخل هیاکلنا، ولم نقرر بعد أی الخیارات سوف ندعم.

■ ما هو موقف «حرکة النهضة» من مبادرة رئیس المجلس الوطنی التأسیسی، مصطفى بن جعفر، وهو الامین العام لحزب التکتل، التی دعت الاحزاب الدیموقراطیة الوسطیة والاجتماعیة الى اختیار مرشح وحید للرئاسیة ودعمه فی الاستحقاق الرئاسی؟
لم یعرض علینا بن جعفر بعد هذه المبادرة ولم ننقاشها داخل الحرکة، لکن حینما تعرض علینا بصفة جدیة سننظر فی محتواها (کما ننظر فی غیرها) ولیس لدینا حکم إیجابی أو سلبی بشأنها حتى نطّلع على محتواها. وکما أفاد زعیم الحرکة، سنلتقی مصطفى بن جعفر کما سنلتقی العدید من الشخصیات الأخرى. موقفنا ینطلق من أننا مع إیجاد توازن فی السلطة وتفادی الاستقطاب الثنائی ورفض هیمنة طرف واحد على السلطة.

المصدر: جریدة الاخبار

رایکم
الأکثر قراءة