أفادت وكالة الدفاع المقدس للأنباء بأن أكد الدكتور يوسف الحساينة عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن المناورة المشتركة للمقاومة الفلسطينية التي يتم تنفيذها لأول مرة في قطاع غزة وسميت بـ"الركن الشديد" تحمل البشريات إلى شعبنا وأمتنا وتنظر إليها بعين الأمل والرجاء في توحيد الطاقات الفلسطينية لمواجهة المخاطر والتهديدات، وتحمل رسائل عدة.
وشدد د. الحساينة في حوار مع وكالة فلسطين اليوم، على أن قضية الأسرى لا زالت تحتل المكانة الأساسية في جدول أعمال المقاومة الفلسطينية، ومسألة تحريرهم من سجون العدو الصهيوني تعتبر أولوية.
ونوه القيادي الحساينة إلى أن اتفاقيات "أوسلو" والانقسام الفلسطيني الداخلي، لصالح الكيان الصهيوني، والظروف السياسية الناتجة عنها، وفّرت البيئة السياسية المناسبة للعدو الصهيوني في توسيع المستوطنات.
وفيما يلي نص الحوار:
رسائل المناورة
س: المقاومة الفلسطينية تجري مناورة مشتركة لأول مرة، ما هي الرسائل والتهديدات؟
ج: المناورة المشتركة التي تنوي المقاومة الفلسطينية تنفيذها لأول مرة في قطاع غزة تحمل البشريات إلى شعبنا وأمتنا وتنظر إليها بعين الأمل والرجاء في توحيد الطاقات الفلسطينية لمواجهة المخاطر والتهديدات.
ومن رسائل هذه المناورة للداخل الفلسطيني:
- أن قوى المقاومة على قلب رجل واحد.
- المقاومة تتجهز وتعد نفسها لمواجهة أي عدوان.
- تطوير القدرات والاستعدادات لدى المقاومين.
- المقاومة ونهجها خيار شعب يوحد شعبنا والمفاوضات والسلام مع المحتل تغرق شعبنا.
أما رسائلها للعدو الصهيوني:
- للعدو الصهيوني الذي يتجهز ويتحضر لعدوان جديد على شعبنا أن المقاومة موحدة.
- تواصل تجهيزاتها وترتيباتها لمواجهة أي عدوان.
- أن شعبنا ملتف حول المقاومة ولن تنجح "إسرائيل" بضرب بنيتها وحاضنتها الشعبية.
- أي عدوان على شعبنا، فإن المقاومة جاهزة للرد وضرب العمق الصهيوني.
أما رسائلها للخارج:
- فإن تقول إن إدراج المقاومة على قوائم الإرهاب سواء من قبل الولايات المتحدة أو بعض الأنظمة العربية لن يثني الشعب الفلسطيني عن مقاومة المحتل.
- المقاومة خيار الشعب الفلسطيني تدافع عنه وتمارس حقها في المقاومة ولا يمكن أن تكون "إرهاباً".
- الحصار وملاحقة المقاومة من قبل بعض الدول لن يثني المقاومة عن مواصلة دورها وجهادها.
- المقاومة جزء من مشروع مقاوم مناهض ومعادي للكيان الصهيوني والسياسات الأمريكية في المنطقة تراكم قوته وحضوره رغم المؤامرات والحصار.
محطات فلسطينية عام 2020
س: مرت فلسطين بمحطات عدة خلال عام 2020 فبأي حال ستستقبل فلسطين العام الجديد؟
ج: لقد شهد عام 2020 محطات مهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني والمنطقة، إذ ما زالت فلسطين هذه الجغرافيا الإسلامية والعربية والتي تضم في قلبها ومركزها قبلة المسلمين الأولى المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة مهد المسيح عليه السلام، تعيش آلام الاحتلال، وآلام الخيانة والخذلان العربي الرسمي، فمن جهة ما زال العدو الصهيوني ومن خلفه القوى الغربية الاستعمارية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تتآمر على فلسطين وعلى المنطقة وتعبث بأمنها وجغرافيتها، في محاولة مستمرة منها؛ لإعادة تركيبها (المنطقة) لصالح الكيان "الإسرائيلي" وأمنه.
ونحن نؤكد أن هذا الدعم اللامحدود للكيان الصهيوني، سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، وأمنياً، يشكل تهديداً مباشراً لفلسطين والمنطقة، كما أنه يرمي إلى إنهاء قضية فلسطين وتصفيتها، وإبقاء الكيان الصهيوني كقوة مركزية ومحورية في المنطقة.
كما شهد هذا العام، مواصلة الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها حلفائها من قوى غربية وإقليمية عربية، مساعيهم لتنفيذ ما يسمى "صفقة القرن"، ومنح الكيان الصهيوني مزيداً من الوقت والغطاء؛ للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية في الأغوار والضفة الغربية والقدس.
وإلى جانب ذلك، لا زالت الولايات المتحدة تصعّد من حربها العسكرية والأمنية والاقتصادية ضد قوى المقاومة والممانعة من دول وحركات وأحزاب، وفي هذا السياق، نفذت واشنطن جريمة اغتيال الحاج الكبير قاسم سليماني قائد فيلق القدس، ومعه الحاج أبو مهدي المهندس، نائب قائد الحشد الشعبي في العراق، وهي من تفرض الحصار الظالم على الجمهورية الإسلامية وقوى المقاومة، وهي من شرّعت قانون "قيصر" لحصار المقاومة في لبنان، والجمهورية العربية السورية؛ للنيل من إرادتها وإخضاعها، ومن ثمّ إضعافها والقضاء عليها؛ لصالح أمن الكيان الصهيوني، ومخطط تقسيم المنطقة والسيطرة عليها، كما يواصل الكيان الصهيوني غيّه وغطرسته وعدوانه على شعبنا الفلسطيني لفرض وقائع جديدة تعزز مخطط السيطرة على الضفة الغربية والقدس، والمنطقة العربية بفضل هذا الدعم وهذا الغطاء الأمريكي الغربي، والخذلان والتآمر من بعض القوى الإقليمية.
الإرهاب الصهيوني تصاعد
وإلى ذلك، مازال الكيان الصهيوني يمارس إرهابه العسكري والاقتصادي والأمني والسياسي على شعبنا الفلسطيني، فمن الناحية العسكرية، يواصل الاستعداد والتدرب للمعركة المقبلة مع المقاومة في فلسطين ولبنان، تقوم على أساس استراتيجية رئيس أركان الكيان التي تعتمد على إلحاق الأذى البليغ بحواضن المقاومة من المدنيين والبنى التحتية.
وأما الإرهاب الاقتصادي الذي يمارسه العدو الصهيوني فيتمثل في استمرار الحصار على غزة، وخنقها، لاستنزافها وزيادة أعباء المقاومة، فيما يتعلق بالوضع المعيشي للمواطنين، كما يواصل ابتزاز السلطة الفلسطينية، من خلال أموال المقاصة؛ وهو ما تمثّل في عودة الأخيرة (السلطة) لاستئناف التنسيق الأمني العلني معها.
أما سياسياً، فقد تنصلت "إسرائيل" من التزاماتها المتعلقة بالأراضي المحتلة، سواء تلك المنصوص عليها في "أوسلو" أو في الاتفاقيات الدولية، في تجاهل واضح لحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته.
أما على الصعيد الأمني، فلا زال الكيان يعقد تحالفات أمنية مع دول التطبيع ضد قوى المقاومة، بينما لا زال الموقف الفلسطيني الرسمي يتآكل في مواجهة التعنت الصهيوني، حتى باتت السلطة الفلسطينية ضعيفة وإرادتها مسلوبة أمام ابتزاز العدو، فلا هي قادرة على الانفكاك من اتفاقيات "أوسلو" في بعدها الاقتصادي والأمني، ولا من جهة القرار السياسي أيضاً الذي أمسى رهينة للواقع المر الذي فرضته "أوسلو" على شعبنا.
ومن المعيب أن تبقى قيادة السلطة تراهن على سراب "السلام" مع العدو الصهيوني، من خلال حديثها المستمر عن إمكانية فتح مسارات جديدة للمفاوضات مع العدو، ما يعني أننا أمام حالة من التردد والعجز الفلسطيني الرسمي الذي يلحق الضرر البالغ بقضيتنا وشعبنا.
قرار السلطة الخاطئ
وفي الوقت الذي فتح فيه لقاء الأمناء العامون مؤخراً، نافذة للأمل أمام شعبنا للخروج من هذا الواقع المأزوم، التخلص من ميراث "أوسلو" اللعين، إلا أن قرارات قيادة السلطة الخاطئة ورهاناتها الخاسرة، أضاعت هذه الفرصة في توحيد الموقف الفلسطيني ومواجهة المخاطر المتربصة بالقضية الفلسطينية.
ورغم هذا الواقع المُحبط، وكل هذه التعقيدات والمؤامرات والعجز والتراجع الرسمي العربي والفلسطيني سنبقى نراهن على الله أولاً ومن ثم على شعبنا الحي ومقاومتنا العنيدة ومعها شعوب المنطقة الحرة وانصارها في العالم، لمواجهة المؤامرة والتطبيع والخيانة والعدوان.
ونحن على مشارف انتهاء عام ٢٠٢٠ نتطلع بعين الرجاء ان يحفظ الله شعبنا وأمتنا والبشرية جمعاء من كل مكروه سيما وباء كورونا وعلى وجه الخصوص شعبنا فى قطاع غزة التى تعانى من جائحة كورونا وجائحة الحصار الظالم وجميع أبناء شعبنا وأهلنا فى الضفة الغربية والقدس و فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ والشتات وفى العام الجديد ما زال الأمل يسكننا في استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام ورفع معاناه اهل غزة وانصافها من جور الإجراءات والتجاهل.
الأسرى مسؤولية
س: موضوع الأسرى احتل مساحة واسعة في الإعلام مؤخراً، هل بالفعل نحن مقبلون على صفقة جديدة للتبادل؟
ج: قضية الأسرى بكل ما تحمله من أبعاد دينية وأخلاقية ونضالية، لا زالت تحتل المكانة الأساسية في جدول أعمال المقاومة الفلسطينية وعلى وجه الخصوص كتائب القسام وسرايا القدس وباقي الأذرع العسكرية للمقاومة.
لهذا، فإن مسألة تحريرهم من سجون العدو الصهيوني تعتبر أولوية وفي تقديرنا أن المقاومة الفلسطينية التي نجحت في إنجاز صفقة "وفاء أحرار" ثانية، وهي متمسكة بالثوابت الفلسطينية التي تحكم سلوك ومواقف قيادة المقاومة، وهي تفاوض المحتل؛ لإتمام صفقة تبادل تضمن تحرير عدد كبير من الأسرى، سيما الأخوة الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية.
هذا المسألة بحاجة إلى مزيد من الصبر، وبعض الوقت، ونحن هنا نعوّل على المقاومة التي راكمت خبرة وتجربة كبيرة في مفاوضة المحتل الغاصب تؤهلها لانتزاع إنجاز جديد لصالح أسرانا وشعبنا.
وإننا ننظر بأمل كبير لليوم الذي يتحرر فيه أسرانا من قبضة السجن ونراه إن شاء الله قريباً.
وحش في الضفة
س: الاستيطان وحش يستعر في الضفة، هل نتنياهو يحاول كسب وقت؟
ج: تقوم سياسة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو على مبدأ كسب المزيد من الوقت؛ لفرض وقائع جديدة على الأرض مستغلاً في تنفيذ ما يخطط له الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، من انقسامات وحروب وتطبيع وانشغال العالم بالوضع الاقتصادي وموجهة جائحة كورونا، مما سبب انعكاساً سلبياً على القضية الفلسطينية من جهة حضورها وتفاعل العالم معها، وهي ظروف استثنائية فرضتها اتفاقيات "أوسلو" والانقسام الفلسطيني الداخلي، لصالح الكيان الصهيوني.
ونحن نرى أن هذه الاتفاقيات والظروف السياسية الناتجة عنها، وفّرت البيئة السياسية المناسبة للعدو الصهيوني في توسيع المستوطنات، بل ومضاعفتها عشرات المرات في الضفة الغربية والقدس المحتلة، عبر مصادرة الأراضي وتهويدها، حتى أصبحت المستوطنات كياناً أشبه بدولة داخل الأراضي المحتلة عام 1967، وهذا بالطبع شجّع العدو الصهيوني على السعي للاستيلاء على الأغوار، وإعلان السيادة على مناطق المستوطنات في محاولة حثيثة لانتزاع شرعية للمستوطنات التي توسعت باطراد في عهد "أوسلو"، الذي لا زال بعض عرابيه متمسكين به.
وهنا نؤكد أنه لا يمكن مواجهة الاستيطان والتهويد والمصادرة والضم، دون مقاومة حقيقية وفعلية بكافة أشكالها وأنواعها بما فيها المقاومة الشعبية التي كان التوافق عليها أحد مخرجات مؤتمر بيروت للأمناء العامين، ولكن للأسف تخلت السلطة عن التوافق الفلسطيني الداخلي لصالح إعادة التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني مقابل إعادة أموال المقاصة والرهان على نهج المفاوضات من جديد.
وفي هذا السياق، نرى أن السلطة دائماً ما تفوت الفرصة التي توفرها حالة التوافق الوطني، وما لم تغادر السلطة هذا النهج وحالة التساكن مع الاحتلال لا يمكن لها أن تحقق أي تقدم يذكر، وعلينا كفلسطينيين أن نوحد جهودنا ونحشد طاقاتنا، وهي كثيرة لمواجهة هذه الهجمة وهذا السعار الاستيطاني والتهويدي.
الانتخابات الإسرائيلية
س: كيف تقرأون توجه الاحتلال لانتخابات رابعة؟
ج: واقع حكومة الكيان، انعكاس لحالة الانقسام الداخلي الذي يشهده الكيان بين قيادات الأحزاب الصهيونية التي نرى أنه لا خلاف في برامج أي منها، فجميعها متوحدة حول موقف واحد وهو تصفية القضية الفلسطينية، ومن الخطأ الرهان على أي قوة أو حزب سياسي صهيوني لأن جوهر سياستهم واحد فيما يتعلق بالصراع، ونحن لا نفرق بين الليكود وأزرق أبيض وكل من يراهن على وجود اختلاف بينهما يمكن أن يحقق تسوية مع الفلسطينيين فهو واهم ومشتبه ويفتقد البوصلة.
التنسيق مع الاحتلال
س: العودة للتنسيق الأمني أخل بالعلاقات الوطنية، هل توقفت المصالحة؟
ج: التنسيق الأمني وليد غير شرعي لعلاقة غير شرعية بين شعب محتل وعدو غاصب، وشكّل على مدار الوقت تهديداً وخطراً محدقاً بالوحدة الوطنية. وهو انقلاب على القيم النضالية للشعب الفلسطيني كونه جاء من صلب اتفاق "أوسلو"، الذي هو في جوهره "اتفاق أمني" سمح للكيان الصهيوني فرض رؤيته وأجندته الأمنية على شعبنا، ولعل من السخرية، تبسيط الوهم وتسويق التنسيق الأمني على أنه ضرورة تحقيق مصلحة وطنية، والسؤال أي مصلحة ممكن أن تتحقق من تعاون أمني بين شعب محتل واحتلال يتحكم في كل مصيره؟
ورغم أن قيادات وازنة في السلطة أقرت بكارثية التنسيق الأمني، من خلال صدور العديد من القرارات من المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية على وقفه، إلا أن تلك القرارات بقيت حبيسة الأدراج، ولم ترى النور على أرض الواقع، حيث ظلّت السلطة تراوح مكانها ولم تحقق أي مكسب سياسي أو حتى معيشي لشعبنا؛ لأن العدو يمتلك أدوات القوة والتأثير بعد أن فرّطت السلطة بمقومات القوة التي يمتلكها شعبنا وعلى رأسها المقاومة بكافة أشكالها، وهنا نؤكد مجدداً أنه لا يمكن أن ننتزع أي حق من حقوقنا كفلسطينيين إلا بمقاومة فاعلة وجادة تقطع مع العدو والتنسيق معه.
إدارة أمريكية جديدة
س: الجميع تحدث بإسهاب عن العلاقة مع الإدارة الامريكية الجديدة، فكيف ترى مستقبلها؟
ج: الرهان على إحداث تغيير جوهري في السياسة الأمريكية لصالح القضية الفلسطينية سراب ووهم، الإدارات الأمريكية المتعاقبة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية لديها استراتيجية واحدة ألا وهي ضمان تفوق الكيان الصهيوني عسكرياً وأمنياً واقتصادياً باعتباره رأس رمح لسياساته في المنطقة.
لهذا فإن التغيير في سلوك الإدارة الأمريكية على مستوى الخطاب لا يعني تغيراً جوهرياً وإنما تغيّر سطحي في الخطاب. فالإدارات الأمريكية لا ترى في المنطقة إلا منطقة نفوذ وصراعات تخدم أهدافها البعيدة والمتمثلة في تأمين تدفق الطاقة للغرب والسيطرة عليها، وضمان أمن الكيان الصهيوني، لهذا فإننا لا نعوّل على تغيير موقف الإدارة الأمريكية من الصراع مع العدو الصهيوني وإنما في طريقة تمرير السياسات وستبقى الإدارة الأمريكية القادمة داعمة للكيان وضمان تفوقه على دول المنطقة، بل وسيزيد من دفع الكيانات والدول الهامشية للتطبيع مع الكيان الصهيوني وستسعى جاهدة لتمزيق المنطقة وتقسيمها وإشعال الحروب الداخلية لتسهيل السيطرة عليها وإبقاء الكيان الصهيوني كياناً مركزياً رئيسياً متفوقاً في وسط منطقة منقسمة تدور في فلكه.
التطبيع المخزي
س: استمرار التطبيع العربي مع الاحتلال هل سيُفقد القضية الفلسطينية وهجها؟
ج: ما نشهده من تسارع خطى التطبيع المخزي والمهين بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني مؤلم ومحزن، ويعتبر انقلابا مأساويا في المواقف العربية الرسمية تجاه قضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين الأولى، إلا أنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن ثوابت الأمة والجماهير التي تعتبر فلسطين قضيتها المركزية والأقصى قبلتها الأولى وعنوان كرامتها المهدورة من الحكام الخونة.
وبالرغم من موجة التطبيع الرسمية الحالية، فإن الشعوب العربية والإسلامية ستبقى وفية لفلسطين، ملتحمة بها تحتضنها ولا تفرط بها ولا تتنازل عنها رغم الغيوم السوداء التي تلف المنطقة، وستبقى فلسطين في قلب الجماهير وفي وعيها وعقلها، وهي (الشعوب) تدرك أن حكامها وأنظمتها خانت فلسطين وتخلت عنها مقابل أوهام السلام والرفاه الاقتصادي وبقاء الأنظمة، وحتما سيأتي اليوم الذي تنفض فيه هذه الجماهير غبار الذل والعار الذي جلبته لها هذه الأنظمة.
إن التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يُضفِ عليه الشرعية، وسيبقى كياناً طارئاً غريباً محتلاً، ولن يجلب لهذه الأنظمة الاستقرار حتى وإن انخرط معه في تحالفات أمنية وعسكرية لمواجهة قوى المقاومة، فهذا الكيان الذي يعاني من مأزق وجودي لا يمكن أن يمنح شرعية ولا استقرار لكيانات طارئة هامشية مستبدة.
انتهی/