وکالة الدفاع المقدس للأنباء، عرفت دول الخليج الفارسي نفسها خلال العقود الأخيرة، بفضل النمو الاقتصادي السريع، كجزر للاستقرار في منطقة غرب آسيا، وطورت عواصمها البراقة بمساعدة ملايين المهاجرين.

لكن في العام الجاري، شنت قوتان إقليميتان لأول مرة هجمات مباشرة على أراضي قطر؛ الأمر الذي هدم الأسس الأمنية لدول الخليج الفارسي. أولاً، استهدفت إيران قاعدة العديد في قطر ردا على الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية، ثم قصف إسرائيل الأسبوع الماضي مناطق سكنية في الدوحة لاغتيال قادة حماس.
تصاعد الآن الارتباك والقلق لدى الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي، والحرب التي بدأت قبل عامين على بعد آلاف الكيلومترات من حدودهم في غزة، تدخل بيوتهم تدريجياً.
حان دور العواصم العربية الأخرى أيضاً
أيدي قطر والدول العربية مغلقة تماماً عن الرد العسكري على إسرائيل. ولهذا السبب تحاول الدوحة تنظيم رد إقليمي ضد إسرائيل. وأخبر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس وزراء قطر، مراسلة سي إن إن "بيكي أندرسون" يوم الأربعاء عن اتخاذ قرار بشأن الرد على إسرائيل في القمة العربية والإسلامية يوم الاثنين.
حتى هذه اللحظة، لوحظ أهم رد على حادثة الدوحة من قبل الإمارات التي لديها أقرب العلاقات مع إسرائيل. دخل محمد بن زايد آل نهيان، حاكم الإمارات، الدوحة مع وفد رفيع المستوى في غضون أقل من 24 ساعة بعد الهجوم الإسرائيلي، ثم ذهب إلى البحرين وعُمان. واستدعت الإمارات يوم الجمعة دبلوماسياً إسرائيلياً وأدانت "الهجوم الجبان" لإسرائيل.
يقول بدر السيف، الأستاذ المساعد في التاريخ في جامعة الكويت: "علينا أن نتخذ موقفاً الآن، وإلا فإن عواصم دول الخليج الفارسي الأخرى ستكون الأهداف التالية".
الخيارات الدبلوماسية
يمكن أن يكون أحد الخيارات هو تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية للإمارات مع إسرائيل أو تقليص مشاركتها في اتفاقية إبراهيم - اتفاقية تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية - والتي تعد أكبر إنجاز في السياسة الخارجية لدونالد ترامب خلال فترة رئاسته الأولى.
حتى قبل الهجوم على الدوحة، أظهرت الإمارات استياءها من إسرائيل. حذرت لانا نسيبة، مسؤولة إماراتية رفيعة المستوى، هذا الأسبوع من أن خطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية تمثل تجاوزاً لـ "الخط الأحمر" لهذه البلاد وخيانة لروح اتفاقية إبراهيم.
يقول حسن الحسن، كبير الباحثين في سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين: "لم تقم دول الخليج الفارسي حتى الآن بدور رئيسي في الملفات المفتوحة ضد إسرائيل في المحاكم الدولية، ويمكن أن يتغير هذا الوضع."
خيار آخر هو أن تتخلى قطر عن دورها كوسيط رئيسي بين الولايات المتحدة ومعارضيها.
درع الجزيرة
كانت دول الخليج الفارسي على مدى العقود الأخيرة لديها خلافات داخلية كبيرة، لكنها لا تزال مرتبطة ببعضها البعض من خلال معاهدة الدفاع المشترك التي وُقعت قبل عقود.
يقول عبدالعزيز ساقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث في السعودية: "يمكن للدول العربية المطلة على الخليج الفارسي أن تلجأ إلى تفعيل وتوسيع "درع الجزيرة"؛ المعاهدة العسكرية المصممة في الثمانينيات لمواجهة أي هجوم على دولها. لم تُنفذ بنود هذه المعاهدة قط، ولكن يمكن تنفيذها الآن من خلال قيادة موحدة في الخليج، ودمج أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي، وتصنيع معدات محلية ومستقلة."
تعتمد جميع الدول السبع المطلة على الخليج الفارسي على العتاد العسكري الأمريكي وتستضيف قواعد عسكرية أمريكية، ولكن فشل الولايات المتحدة الأخير في الدفاع عن أراضيها، قد يقنع الدول العربية بتغيير سياستها.
ومع ذلك، قد تفشل الجهود الرامية إلى تحقيق إجماع إقليمي بسبب المنافسات الداخلية لدول الخليج الفارسي التي لا تزال تخشى المخاطرة بعلاقاتها مع الولايات المتحدة.
الرد الاقتصادي
توفر عائدات تريليونات الدولارات من صادرات النفط والغاز في المنطقة قوة ناعمة كبيرة للتمتع بنفوذ في صنع القرار العالمي الرئيسي. يمكن لدول الخليج الفارسي مثل قطر والسعودية والكويت والإمارات استخدام ثرواتها الأسطورية لفرض قيود تجارية على إسرائيل.
تعهدت السعودية والإمارات وقطر بشكل مشترك باستثمار حوالي ثلاثة تريليونات دولار في الاقتصاد الأمريكي. يمكن أن يكون التحول في مكان استثمار هذا المبلغ الفلكي خياراً فعالاً أيضاً.
انتهی/