15 September 2025

الحرب العالمية الثالثة ونهاية الدبلوماسية الكلاسيكية

على الرغم من أن المؤرخين المستقبلين قد يختلفون حول التاريخ الدقيق لبداية الحرب العالمية الثالثة، إلا أن الأدلة تشير إلى أن هذه الحرب جارية بالفعل الآن.
رمز الخبر: ۷۰۲۲۵
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۰:۳۸ - 15September 2025

وکالة الدفاع المقدس للأنباء: التطورات السياسية والعسكرية في السنوات الأخيرة تشير بوضوح إلى أن العالم يتجه نحو حرب عالمية شاملة. بل ليس من الخطأ القول إن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت منذ عدة سنوات بصمت وبشكل غير محسوس؛ حرب شاملة وواسعة النطاق بدأت بشن روسيا لعملية عسكرية خاصة ضد أوكرانيا.

الحرب العالمية الثالثة ونهاية الدبلوماسية الكلاسيكية

لكن هذه الحرب العالمية التي يمكن أن تكون نقطة تحول في تاريخ البشرية لم تبدأ فقط بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، بل إن أحد أركانها الأساسية الأخرى هو العدوان الشامل والظالم للکيان الصهيوني على قطاع غزة ومقتل ٦٤ ألف مدني وإنسان بريء وإصابة أكثر من ١٦٣ ألفًا آخرين.

ركن آخر يتردد صدى همسات توسع هذه الحرب العالمية في العالم هو تصاعد التوترات القائمة بين الصين وتايوان وتفاقم هذه الأزمة القديمة والدائمة بين الحين والآخر في بحر الصين الجنوبي. لأن الأزمة بين هذين الجارين القدماء مع الادعاء الدائم للصين بالسيادة الإقليمية على تايوان لديها القدرة على أن تتحول فجأة إلى حرب كبيرة وشاملة على مستوى المنطقة والعالم.

من ناحية أخرى، فإن زيادة الاعتداءات الأخيرة للکيان الصهيوني على دول المنطقة والتي بدأت في السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ وبضوء أخضر من الولايات المتحدة لتل أبيب للاعتداء واستهداف دول المنطقة، يمكن أن تعتبر أيضًا محتملة كخلفية لبداية الحرب العالمية الثالثة. لأنه في العامين الماضيين نشهد أن النظام الصهيوني بدأ بدعم ومساندة من الولايات المتحدة وكذلك بدعم غير مباشر من دول أوروبا الغربية حربًا دموية ومدمرة ضد غزة.

طبعًا لم يقتصر العدوان العسكري للکيان الصهيوني على قطاع غزة، ففي العامين الماضيين نشهد أن آلة الحرب والعدوان الصهيونية بعد غزة، استهدفت لبنان، سوريا، إيران وحتى دولة قطر الصديقة والحليفة للولايات المتحدة بعدوانها وهجماتها. سلسلة من الاعتداءات كشفت مرة أخرى طبيعة هذا النظام غير الشرعي وقتلة الأطفال الاحتلالية والعدوانية أمام أنظار العالم.

الآن فيما بين هذه الأزمات هناك أزمات أخرى أيضًا كل منها بمفرده يمكن أن يشعل نيران حرب شاملة على مستوى العالم. واحدة من هذه الأزمات هي أزمة الطاقة في العالم المعاصر؛ أزمة حيث مع تقدم الصناعة والتكنولوجيا في العالم نشهد زيادة كبيرة ومتسارعة في احتياجات الدول للطاقة والموارد المحدودة المتاحة لها في العالم كانت دائمًا عاملاً مهمًا ومؤثرًا في توسعها.

مع الأخذ في الاعتبار جميع القضايا والمواضيع المذكورة، يجب القول إن هذا الصراع الجديد لا يحدث بالشكل التقليدي مع إعلان رسمي، بل في إطار مزيج من المعارك العسكرية والاقتصادية والمعلوماتية والتكنولوجية. في الواقع في الظروف الحالية، لم تعد السياسة والنظام العالمي يعتمدان على الآليات الدبلوماسية الكلاسيكية، بل يتم إعادة تعريفهما على أساس القوة الصلبة والناعمة.

في عالم اليوم نشهد أن الدول تعتمد على القدرة العسكرية والطاقة والتقنيات المتقدمة لتثبيت مكانتها في النظام العالمي الجديد. هذا الوضع أدى إلى نشوء تحالفات وانقسامات جديدة على المستوى الدولي تشبه توزيع كتل القوى في الحروب العالمية السابقة.

أحد هذه التطورات اللافتة هو الاستثمار الواسع لألمانيا في مجال التسلح. دولة كانت لسنوات بعد الحرب العالمية الثانية تحت قيود عسكرية، وهي الآن تستعيد قوتها الصلبة ببرامج تسليح واسعة النطاق. هذا الإجراء لا يعتبر فقط ردًا على تهديدات روسيا وأزمة أوكرانيا، بل هو علامة على دخول برلين مرحلة جديدة في التأثير الجيوسياسي لأوروبا والعالم.

من ناحية أخرى، تحولت الحرب في أوكرانيا عمليًا إلى ساحة لتصادم القوى العالمية بشكل مباشر وغير مباشر. في هذه المعركة، حوالي ٦٨ دولة في العالم تدعم أوكرانيا بإرسال مساعدات عسكرية ومالية ومعلوماتية وتصطف عمليًا ضد روسيا. هذا القدر من الحضور والمشاركة جعل من حرب أوكرانيا المحور الرئيسي للحرب العالمية الثالثة؛ حيث انخرطت الشرق والغرب، والقوى الكبرى وحلفاؤها في منافسة غير مسبوقة.

وأخيرًا، على الرغم من أن المؤرخين المستقبليين قد يختلفون حول التاريخ الدقيق لبداية الحرب العالمية الثالثة، إلا أن الأدلة تشير إلى أن هذه الحرب جارية بالفعل الآن. حرب لا تُخاض فقط بالمدافع والدبابات، بل أيضًا بالعقوبات، والتقنيات السيبرانية، والطاقة، ووسائل الإعلام. العالم على أعتاب نظام جديد؛ نظام سيكون الفائز فيه هو الدولة التي تمتلك أكبر قدرة على الجمع بين القوة الصلبة والناعمة.

انتهی/

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار