نص کلمة سماحة الأمین العام لحزب الله السید حسن نصر الله عبر شاشة المنار الثلاثاء 23-09-2014، کاملاً..
بسم الله الرحمن الرحیم والحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلین سیدنا ونبینا أبی القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطیبین الطاهرین وصحبه الأخیار المنتجبین وعلى جمیع الأنبیاء والمرسلین.
السلام علیکم جمیعاً ورحمة الله وبرکاته.
الحقیقة اللیلة أنا لدی أکثر من موضوع: الأوضاع فی لبنان، الأوضاع فی المنطقة عموماً، الأحداث التی تتسارع، لکن التزاماً بالوقت المتاح قد لا أتمکن من الحدیث عن کل العناوین، وبالتالی عدم تناول بعض العناوین لیس له علاقة بأهمیتها، هناک الکثیر من الموضوعات المهمة، لکن الوقت لن یتسع.
سنرى ضمن الوقت المتاح ما الذی سنستطیع الحدیث عنه.
أولاً: الموضوع الأول هو قضیة العسکریین المخطوفین من قبل الجماعات المسلحة فی جرود عرسال وتداعیات هذه القضیة والموقف منها ومسار هذه القضیة.
عادة بهذا النوع من القضایا نتحدث عن المشابه لها، کان أعزاز، قضیة المخطوفین فی أعزاز، نحن نتجنب الحدیث العلنی واتخاذ مواقف ومناقشة هذا النوع من القضایا، لأنه بالنهایة الطرف الآخر الذی یحتجز ویختطف هؤلاء الأعزاء له طریقته وعقلیته وحساباته، نحن عادة نکون حذرین ومحتاطین قلیلاً، لذلک لاحظتم بقضیة مخطوفی أعزاز نحن لم نکن نتحدث بالعلن، ما نستطیع أن نساعد وما نستطیع أن نفعل، وحزب الله لعب أدواراً مهمة بقیت طی الکتمان، لأن المهم کان أن یُطلق سراح الرهائن والمخطوفین والمحتجزین.
لیس مهماً بالإعلام، نحن بما نتحدث وما الحل الذی نقدمه.
الیوم نفس الأمر، هذه قضیة على درجة بالغة من الأهمیة والحساسیة، مع ذلک نحن تقریباً، قارب الموضوع على الشهرین، کنا دائما نفضّل أن نناقش الأمور فی مجلس الوزراء مع المعنیین، مع المسؤولین، بعیداً عن وسائل الإعلام، لکن أنا الیوم مضطر أن أتحدث.
أولا لخطورة هذه القضیة ـ کما قلت ـ وحساسیتها، إن لجهة نفس العسکریین المختطفین والمحتجزین أو لجهة عوائل العسکریین الذین یتعرضون لضغوط نفسیة وعاطفیة ومعنویة وسیاسیة کبیرة أو لجهة المؤسسة العسکریة والمؤسسات الأمنیة الرسمیة. بالنهایة هؤلاء هم عسکر وجنود فی هذه المؤسسات وبالتالی کرامة ومستقبل ومتانة هذه المؤسسات أیضاً على المحک، وبقیة العسکریین کلهم ینظرون لهذا النموذج ولهذا المثل الذی یواجهونه الآن.
من هذه الجهة ومن جهة أخرى وللأسف الشدید بسبب التشویه والتزویر الذی یمارس الیوم سیاسیاً وإعلامیاً حول هذه القضیة.
فی البدایة یجب أن نتوجه بمشاعر وبأحر آیات العزاء والمواساة إلى عوائل الشهداء العسکریین المظلومین الذین قتلهم الإرهابیون الخاطفون، الشهید علی أحمد السید، الشهید عباس علی مدلج، والشهید محمد معروف حمیة، ونقدّر عالیاً مواقف آباء وعوائل هؤلاء الشهداء، المواقف الوطنیة والأخلاقیة والإنسانیة التی نتمنى على العدید من الجهات السیاسیة والشخصیات والجهات العامة الموجودة فی البلد أن ترقى إلى مستوى آباء وعوائل هؤلاء الشهداء، کما نتوجه بآیات المواساة والعزاء، إلى جمیع عائلات شهداء الجیش اللبنانی الوطنی فی هذه الأحداث الأخیرة فی عرسال، وآخرهم الشهید علی أحمد حمادة والشهید محمد عاصم ضاهر، وکذلک الشهید الذی قتل الیوم مظلوماً فی طرابلس الجندی الشهید محمد خالد حسین. کما نقف بکل صدق إلى جانب العائلات، عائلات العسکریین المخطوفین الذین ما زالوا على قید الحیاة وفی دائرة التهدید.
نعیش ونفهم هذه المشاعر الخاصة، ونحن أعلم الناس بمشاعر وعواطف أهالی الأسرى والمفقودین والشهداء من خلال تجربتنا المقاومة الطویلة، لا نحتاج هذا الموضوع لنفهمه، لا نحتاج لوقت، هذه معاناة نحن جزء منها منذ عشرات السنین ونحیی أیضاً تضحیات الجیش اللبنانی والقوى الأمنیة لاسیما الجیش لصموده وبسالته قیادةً وضباطاً وجنوداً.
بعد هذه التحیة، اسمحوا لی بالدخول إلى الموضوع.
کل اللبنانیین یعرفون أنه منذ ما یقارب شهرین قامت الجماعات الإرهابیة المسلحة المتواجدة فی داخل بلدة عرسال وفی جرود عرسال بالإعتداء على نقاط ومراکز الجیش اللبنانی فی عرسال ومحیطها وکذلک مراکز قوى الأمن الداخلی والأجهزة الامنیة بحجة توقیف حاجز الجیش للمدعو فلان ـ عماد جمعة ـ ممّا أدى لهذا العدوان الواسع الذی ما کان أبن ساعته على الإطلاق، لأنه کل من یعرف بالعمل العسکری یعرفون انه غیر ممکن بساعات قلیلة من حدث طارئ أو مصادف مثل توقیف هذا الشخص أن یحصل هجوم واسع وشامل بهذا الشکل على کل النقاط وکل الحواجز على کل المراکز فی منطقة واسعة مما أدى إلى جرح واستشهاد العدید من الضباط والجنود وأسر وفقد العشرات منهم وتدمیر آلیات ومراکز.
وتصدى الجیش بقوة للجماعات المسلحة وعمل على استعادة مراکزه ونقاطه. نتیجة المواجهة، هنا النقطة التی نصل إلیها، أن هناک عدداً کبیراً من العسکریین، جیش وقوى أمن ومؤسسات أمنیة، بقوا رهائن لدى هذه الجماعات، لماذا، کیف، هذا بحث آخر.
بالنهایة، صار هناک قضیة من هذا النوع أمام اللبنانیین جمیعاً وأصبح لبنان أمام قضیة کاملة اسمها العسکریون المخطوفون فی جرود عرسال من قبل الجماعات الإرهابیة المسلحة. هذه القضیة بحد ذاتها هی قضیة إنسانیة وطنیة وأخلاقیة وهی لا تخص لا منطقة ولا جهة ولا حزباً ولا طائفة ولا مذهباً، وإنما هی قضیة اللبنانیین جمیعاً، وتعنی کل لبنان دولة وشعباً وجیشاً ومؤسسات، تعنی جمیع اللبنانیین ولا تختص أیضاً بعائلاتهم ولا تخص أیضاً بالمؤسسة العسکریة أو الأمنیة.
من البدایة کان الواجب أن تتعامل القوى السیاسیة کلها والناس والإعلام والنخب وخصوصاً القوى السیاسیة سواء الموجودة داخل الحکومة أو الموجودة خارج الحکومة مع هذه القضیة بمستواها، بمستوى القضیة الوطنیة الأخلاقیة الإنسانیة.
کان یجب وما زال یجب أن یکون هدف الجمیع استعادة العسکریین المختطفین إلى أهلهم بأسرع وقت ممکن، هذا من اللحظة الأولى کان یجب أن یکون هدفاً وما زال هدفاً وسیبقى هدفاً إلى أن یُنجز، والعمل بکل الوسائل وتقدیم المساعدة الممکنة لتحقیق هذا الهدف من الکل الذی کان یجب وما زال یجب أن یتعانوا لإنهاء هذه القضیة.
للأسف الشدید، حوّل البعض هذه القضیة الوطنیة إلى مادة للسجال وتوجیه للاتهامات الکاذبة وتصفیة الحسابات السیاسیة وإثارة النعرات الطائفیة والتحریض المذهبی الیومی، بل وقلب الحقائق والتزویر والکذب، بل أکثر من ذلک ذهب البعض إلى رفع مطالب هی أعلى سقفا من مطالب الإرهابیین الخاطفین أنفسهم. هناک ناس فی لبنان لیس فقط تبنوا مطالب الخاطفین بالعکس هم رفعوا السقف أکثر من ما تتطلع أو کانت تتطلع إلیه هذه الجماعات المسلحة، وبدل أن توجه الإدانة واللوم إلى الذین اعتدوا على الجیش والقوى الأمنیة وقتلوا وجرحوا ودمروا وخطفوا وذبحوا وسرقوا وجهت الإدانات باتجاهات أخرى فی الداخل اللبنانی وتصدى البعض لتبریر ما فعله الإرهابیون والدفاع عنهم. على کل حال أنا الیوم سأحاول ان أعید الأمور إلى نصابها ما أمکن، فیما یعنینا فیما یعنینا نحن ولن أفتح ملفات أداء وسلوک هؤلاء، لأن وضع البلد لا یتحمل.
لدینا کلام کثیر قادرون على الحدیث به، ونحتاج أن نحکیه، لکن أنا لا أود أن أعمل ما أنتقدهم علیه. أنا أقول إن هذه القضیة یجب أن تکون خارج السجال، خارج الاتهامات المتبادلة، خارج الصراع، خارج تصفیة الحسابات، أنا لا أود الدخول إلیها.
مع العلم أن ما جرى خلال الأسابیع منذ بدایة هذه القصة للیوم مؤلم ومحزن جداً ویدل على مستوى التعاطی مع قضیة من هذا النوع، قضیة تعنی اللبنانیین جمیعاً. ربما قضیة أعزاز لم تکن تعنی اللبنانیین جمیعاً، ربما بالنسبة للبعض، لکن مفترض أن هذه القضیة تعنی اللبنانیین جمیعاً، لذلک أنا لن أدخل لأنی لا أرید أن أفتح سجالاً، وأیضاً إذا أردت فتح هذه الملفات من یومها للیوم هذا لا یخدم قضیة العسکریین المخطوفین.
أولاً، من البدایة، الکل تعاطینا وما زلنا نتعاطى ویجب أن نتعاطى ـ وهذا هو الصحیح ـ أن هذه القضیة بالدرجة الاولى مسؤولیة الحکومة اللبنانیة، السلطة السیاسیة فی لبنان بالدرجة الأولى، وعلى الجمیع أن یدعم ویتعاون ویساند الحکومة اللبنانیة فی معالجة هذه القضیة.
ثانیاً: فی مبدأ التفاوض من الطبیعی فی قضایا من هذا النوع رهائن وأسرى ومخطوفین أن الجهة المعنیة تقوم بالتفاوض. هذا طبیعی جداً فی کل العالم، هذا موجود ونحن کنا نقوم به، نحن قمنا به وفاوضنا بشکل غیر مباشر فی مناسبات عدیدة لاستعادة أسرى، لاستعادة أجساد شهداء، هذا عملناه وکل یوم نقوم به وعملناه فی سوریا وکل یوم نعمله، والآن لدینا مفقودون ولدینا شهداء منذ مدة، منذ أشهر، وما یقال فی الإعلام أننا کنا نفاوض، هذا صحیح، وأی فرصة تفتح أمامنا للتفاوض، صحیح، هذا هو الطبیعی، هذا هو المنطق، لذلک نحن لم نرفض على الإطلاق، ولا لحظة، مبدأ التفاوض. وأنا أحب هنا وأتمنى أن تکون عائلات العسکریین المحتجزین یسمعوننی، أنه کل واحد یأتی ویقول لکم من النواب أو السیاسیین أو کتبة المقالات أو.. أو.. ان حزب الله ـ باعتبار وضعنا فی الواجهة وتوجه إلینا الرسائل ـ یرفض مبدأ التفاوض، هذا یکذب علیکم لأهداف سیاسیة ولیس لأنه حریص على أولادکم أن یرجعوا، أبداً، نحن لم نرفض مبدأ التفاوض على الإطلاق، ومن حق السلطة السیاسیة (التفاوض). نحن المسؤولون تکلموا معنا وسألونا وتباحثنا معهم أن هذا امر طبیعی وخیار طبیعی أن السلطة السیاسیة تفاوض إرهابیین، منظمات إرهابیة، تیارات تکفیریة لا فرق فی هذا الموضوع. مع اسرائیل، فی موضوع الأسرى، کان یحصل تفاوض غیر مباشر، لأنها قضیة انسانیة لا یتم التوقف عندها بملاحظات سیاسیة من هذا النوع
وبالنهایة السلطة فی لبنان هی من یقرر إذا کانت تفاوضاً مباشراً أو بشکل غیر مباشر، وهی تحدد الوسیط الذی ترید اعتماده لکن مبدأ التفاوض لم یکن فیه نقاش.
ثالثاً: نحن نطالب من أول یوم أن التفاوض یجب أن یکون من موقع قوة.
ألا تقولون إن لبنان یجب أن یفاوض مثل باقی الدول التی یکون لدیها رهائن أو اسرى وتفاوض حتى تستعیدهم، حسناً، لا أحد یستجدی ویتوسل لا أحد یقدّم نفسه للخاطفین أنه لا حول له ولا قوة بالدنیا، لا یوجد شیء هکذا، مثلما یحاول البعض فرضه على الحکومة اللبنانیة وعلى لبنان، بالعالم. من یرید أن یفاوض یفتش ماذا لدیه من أوراق قوة وعناصر قوة یضعها على الطاولة ویتخذ قراراً مسبقاً أنه قد یلجأ إلیها ویُفهم الخاطفین أنه قد یلجأ إلیها، ثم یذهب للتفاوض، وهذا ما طالبنا به. هذه أوراق القوة موجودة، تحدث عنها الرئیس سلام قبل مدة والحکومة اللبنانیة تعرف أوراق القوة الموجودة لدیها. ولیس صحیحاً أن أتحدث عن هذا أمام الإعلام عن هذا الموضوع، ولیس صحیحاً أن یتناول الإعلام هذا الموضوع، أوراق القوة هذه یجب أن یبلغ بها الوسیط ویجب أن یبلغ بها الخاطف حتى تکون مفیدة فی التفاوض وحتى تفتح الأبواب الأخرى التی أعود إلیها لاحقاً.
حسناً، هذا فیه شیء خطأ؟ أنا اسأل عائلات الأسرى والناس والشعب اللبنانی، أن جهة سیاسیة تطلب من الحکومة أن تفاوض من موقع القوة ولیس من موقع التوسل، ولیس من موقع الاستجداء، لا تقدّموا جیش لبنان وحکومة لبنان وشعب لبنان ضعیفاً وهزیلاً أمام مجموعات صغیرة مسلحة کل ما تقدر علیه هو أن تضع السکین على رقبة الجنود وبالتالی تهدد لبنان وجیش لبنان وشعب لبنان وعائلات العسکریین بهذا الشکل الوحشی.
إذا أردنا عودتهم على قید الحیاة یجب أن نفاوض بقوة کدولة، هذا ما نطالب فیه، هل هناک شیء خطأ؟
أنا اقول لکم التفاوض من موقع الضعف ومن موقع الاستجداء سیؤدی إلى کارثة على العسکریین، إذا کان هناک أمل ـ وإن شاء الله یوجد أمل کبیر ـ أن یعود هؤلاء العسکریون إلى عائلاتهم وإلى مؤسساتهم فهو من خلال الموقف القوی والعزیز والکریم والمسؤول .
رابعاً: أی جهة تفاوض أو سلطة تفاوض، أنا اتکلم، نحن حزب الله لدینا تجربة مهمة فی هذا الموضوع، فلا أحد من الطرفین یعلن فی العلن ویلزم نفسه أنه ماذا یقبل وماذا لا یقبل. لا یوجد کهذا شیء فی العالم. نعم، بالعلن یعلّی الأسقف، هذا یطالب بأسقف عالیة، هذا یبدأ من الصفر، لاحقا یصلون إلى مکان مشترک، کل مفاوضات تبادل أسرى ومخطوفین ورهائن فی العالم تُجرى بهذه الطریقة، إلا بهذه القضیة. لماذا؟ لأنها دخلت على المزایدات السیاسیة، وصارت کل جهة سیاسیة أو کل شخصیة أو لا أعرف من یطلع ویقول هذا ما نقبل وهذا ما لا نقبل، یا أخی تقبل أو لا تقبل، قل ذلک لحکومتک، للسلطة أو الجهة المخوّلة بالتفاوض، التی تفاوض، التی تتحمل مسؤولیة معالجة هذه القضیة. ولکن عندما تدخل المزایدات الإعلامیة "بصیر واحد یعلّی السقف وواحد ینزل السقف"، فتضیع الحکومة، تضیع العائلات، یشعر الخاطفون أنهم یلعبون بالبلد، وهم لعبوا بالبلد، ودعونا نکن صریحین: لبنان یعیش إذلالاً حقیقیاً منذ أسابیع بسبب هذا الأداء السیاسی للعدید من القوى السیاسیة. لا أحد یأتی ویقول فی الإعلام أنا أقبل أو لا أقبل. الجهة المعنیة، الحکومة، الجهة المفوضة هی التی یکون عندها الأسقف وهی التی تتصرف وتبلغ الرسائل "وترفع الدوز وتخفض الدوز" حتى اذا صار إعلان یکون ضمن خطة تفاوض ولیس ضمن خطة المزایدات الموجودة فی البلد. إذا کانت هذه المزایدات ستبقى بهذه الطریقة فلا أعتقد أن هناک جهة قادرة على أن تفاوض بجدیة وأن تصل إلى نتیجة فی هذا الأمر.
نحن بالنسبة لنا کل ما قیل وقاله لکم سیاسیون هو غیر صحیح، کذب، نحن لم نقل إن باب التفاوض مقفل ولا قلنا إن باب مناقشة المطالب "مسکّر"، نحن تحدثنا مع المسؤولین فی مجلس الوزراء، مع رئیس الحکومة والمعنیین الذین تواصلنا معهم، أنه کجهة لنا وزراء فی الحکومة، موقفنا هو التالی ـ أنا مضطر أن أعلنه نتیجة ما یحصل ـ موقفنا هو التالی: إن الجهة المفاوضة ـ أذا کان التفاوض مباشراً أو من خلال وسطاء ـ تأتی بمطالب الخاطفین، تُدرس مطالب الخاطفین، لا أحد یستطیع القول أنا لا أرید أن أدرس وأن أسمع وأن أناقش، عندما نقول تفاوض هذا من لوازم التفاوض "بدّک تسمع وتناقش وترى".
هذه المطالب التی تقدم من خلال قنوات التفاوض وبالجدل وبالنقاش و"بالأخذ وبالعطى" هناک شیء یمکن أن یکون مقبولاً ومعقولاً، وهناک شیء قد لا یکون معقولاً وغیر مقبول، بالنهایة تُعرض هذه الأمور على النقاش وهناک آلیات لاتخاذ القرار. لکن لا أحد یأتی ویقول نحن لا نرید النقاش أو أن نسمع و"لا بدّنا ناخذ ولا بدنا نعطی" هذا موقفنا من أول لحظة ومن یقول غیر ذلک مخادع وکذاب ومنافق. "اسمحولی شوی" لأن هناک توحشاً سیاسیاً بهذا الموضوع. على کل والآن أنا أقول إنه نعم طبعاً الحکومة، نتیجة القتل، أعلنت وقف التفاوض لأنها لا ترید أن توقف التفاوض على طول الخط لأنها ترید أن تضمن توقف القتل ومن حق الحکومة اللبنانیة ومن حق رئیس الحکومة أن یقول أنا لا افاوض تحت القتل والذبح. لا أحد یفاوض بهذه الطریقة.
بکل الأحوال، إذا کان هذا الأمر أصبح هناک ضمانات حوله وعادت الحکومة إلى التفاوض من المنطقی جداً أن یکون هناک تفاوض، ومن الطبیعی جداً الاستعانة بأصدقاء وأحیاناً بخصوم، لا مشکلة فی هذا الموضوع، والاستماع إلى المطالب ومناقشة المطالب والتفاوض، لکن الخضوع و"انه معکم 24 ساعة وإلا نذبح" کما فعلوا، لا أعتقد أنه یوجد دولة أو حکومة وهناک شعب وجیش وهناک مؤسسات فی أی مکان فی الدنیا یقبل أن تستمر الأمور بهذه الطریقة، وهذا من أجل سلامة العسکریین، ولیس على حساب سلامتهم، من أجل سلامتهم، هذا لما نهددهم بالذبح یرکعون یستجدون ویتوسلون "یصبح بعد 24 ساعة بیذبح" ویکرر الأمر. هل نرید الوصول إلى هنا؟ هل هذه رغبة العائلات أن نصل إلى هنا مثلاً؟
النقطة الاخیرة فی هذا المسار، مسار معالجة القضیة، فی کل العالم، طالما تقولون نرید التعاطی مثل باقی الدول والحکومات، بکل العالم لا أحد یأتی ویتعاطى مع قضیة من هذا النوع بمسار واحد أو بخیار واحد، یأتی ویضع خیارات على الطاولة، یعمل سیناریوهات، إذا هذا لم ینجح فهذا وهکذا یضع خیارات وسیناریوهات لست معنیا بمناقشتها من خلال الإعلام. ولکن لا یرکن لسیناریو واحد ویقول نحن لسنا قادرین على فعل شیء، لا یوجد هکذا أمر فی الدنیا. ولکن لا یرکن لسیناریو واحد ویقول نحن لسنا قادرین على فعل شیء، لا یوجد هکذا أمر فی الدنیا، "بضل یشتغلوا ویفتشوا" هل لدى لبنان خیارات أخرى، هل یمکن أن تکون سیناریوهات أخرى، نعم بکل وضوح وبساطة نعم، ولکن هذا لا یناقش أیضاً فی وسائل الإعلام، یعنی نحن نتیجة المزایدات فی البلد یجب أن نذهب ونقول للخاطفین، للإرهابیین نحن ماذا نرید أن نعمل وماذا نقبل نعمل، وماذا یجب أن نفعل هذا لا یصح بأی إدارة فی الدنیا، هذا لا یصح...
أمام هذا العنوان، وأعود لاحقاً إلى معالجة ردات الفعل بکلمتین، أنا أدعو الیوم إلى أن نقوم بما کان یجب أن نقوم به منذ اسابیع، نتمنى من أجل العسکریین الأعزاء المخطوفین، من أجل مشاعر وکرامات عائلاتهم، من أجل الجیش والمؤسسات الأمنیة، من أجل البلد، من أجل هذا الشعب أن نضع هذه القضیة خارج المزایدات وخارج تصفیة الحسابات وخارج تسجیل النقاط على بعضنا، ومن السبب، ومن أخطأ، دعوا هذا جانباً. وإذا کنا نرید أن نفتح ملفات من هذا النوع نفتح لکم جرود عرسال، ومنذ متى هذه الجرود محتلة من قبلهم، من قبل ذهابنا إلى القصیر ومن قبل ذهابنا إلى القلمون ومن قبل ذهابنا إلى سوریة، وما هو موقع هذه المنطقة الجغرافیة وما هو دورها ومن هو خلفها ومن هو معها، وبحث یطول. دعوا هذا جانبا، ودعونا نضع المزایدات جانبا، فلنأتِ ونقول: نحن کلبنانیین جمیعاً، هؤلاء الشباب هم إخوتنا وأولادنا وآباؤنا وأحباؤنا وأعزاؤنا، إلى أی عائلة، إلى أی منطقة، إلى أی جهة انتموا، هؤلاء أبناء المؤسسة الوطنیة وأبناء الدولة، لنتضافر جمیعاً ونتعاون ونسلم أنه یوجد جهة معنیة، أی نقاش لدینا نذهب ونناقش معها، أن لا نزاید على بعض وأن لا نحرّض مذهبیاً وطائفیاً، ولا أحد یربح بهذا الموضوع، إذا کان من أحد یظن أنه من خلال ما یقوم به، أنا أتکلم فقط من باب الحرص على العائلات والعسکریین، وإلا إذا کان من أحد یتصور أنه من خلال هذا التشویه والتزویر والخداع والتضلیل والدجل الذی مارسه خلال هذه الاسابیع تجاه حزب الله أنه حقق مکاسب سیاسیة وإعلامیة، لم یحقق شیئاً. ولکن أحببت أن أتکلم، لیس دفاعاً عن حزب الله، أنا أحببت أن أتکلم لکی نقول: دعونا نوقف هذا الجو، لکی نعمل بشکل صحیح، کلنا نعمل بشکل صحیح لخدمة هذا الهدف ولخدمة هذه القصیة، ونتضامن وندعم هذه الحکومة فی مفاوضاتها وفی مناقشتها للمطالب، فیما یمکن أن یُفتح من آفاق، وأیضاً فی وضع سیناریوهات جاهزة لمواجهة أی أحداث أو تطورات غیر محسوبة.
حسنا، یوجد شیء له علاقة بتتمة هذا البحث، له علاقة بردات الفعل، طبعا، نحن سابقاً تکلمنا بهذه الموضوعات، أنا لا أتکلم عن شیء جدید، ولا أوجه نداء جدیداً. بعد حادثة التفجیر فی الرویس التی أدت الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، ولیس قتل جندی أو جندیین، الموضوع لیس (موضوع) عدد، ولکن کلهم أهلنا وکلهم رجالنا ونساؤنا وأطفالنا، یومها نحن خاطبنا کل اللبنانیین، أن لا یُمس أی لاجئ سوری، أی نازح سوری، أن لا تزر وازرة وزر أخرى، أن لا یحمّل أحد مسؤولیة جرائم الإرهابیین والتکفیریین، وبعد التفجیر الثانی والثالث قلنا ذلک والرابع وبعد الهرمل قلنا أیضاً، إذاً هذا لیس بجدید، الیوم أرید أن أؤکد هذا الموضوع أنه لا یجوز المس بأی بریء، بالنازحین السوریین وغیرهم، لا یجوز أن یحمل أحد مسؤولیة جرائم هؤلاء المجرمین، هذا لیس بحاجة إلى تأکید، هذا غیر جائز بکل المعاییر، الإنسانیة والأخلاقیة والدینیة والشرعیة والقانونیة إلخ...
أنا أتمنى فی هذا الموضوع أیضاً أن یعتنی الجمیع به، لأنه کان من جملة أهداف ذبح الجنود وقتل الجنود هو قیام ردات فعل شعبیة ضد النازحین السوریین لتوظیفها سیاسیاً وفی التحریض الطائفی والمذهبی، هذا یجب أن یُقطع الطریق علیه. طبعا هنا بین هلالین، مع أنه بعد أحداث الذبح والقتل التی حصلت، حزب الله وحرکة أمل بالتعاون مع الأجهزة ومع العلماء ومع الفعالیات الاجتماعیة والعشائریة بذلوا جهوداً مضنیة لحمایة النازحین وإبعاد الأخطار عنهم، ومع ذلک هذا الذی کنت أتکلم عنه قبل قلیل کان یحّمل حزب الله المسؤولیة. حزب الله یحمی النازحین ویدافع عنهم ویهدئ الناس، ثم یأتی من یزاید علیک ویوجه لک اتهامات بهذا الموضوع.
الشیء الآخر بردات الفعل، طبعاً هنا إذا کان یوجد أی شبهة أمنیة حول أی شخص، وهذا لا یخص النازحین أو اللاجئین السوریین، تفضلوا سلموا المعلومات إلى الأجهزة الأمنیة، وهی تداهم أی مکان یوجد فیه مخاطر أمنیة وشبهات أمنیة، هنا المؤسسات الأمنیة تتحمل مسؤولیاتها کاملة.
الشیء الآخر بموضوع ردات الفعل، مسألة الخطف المضاد. طبعاً، یوجد خطف أحیاناً یحدث على الخط مثلما حصل منذ مدة ولیس له علاقة لا بالعسکریین المخطوفین ولا هی ردة فعل على خطف العسکریین المخطوفین، شیء له علاقة بالفدیة والسرقة واللصوصیة، هؤلاء مجرمون، هؤلاء قطاع طرق ومفسدون فی الأرض، بکل صراحة هؤلاء من یقوم بهذا الشیء.
حسنا، یوجد خطف آخر غیر جائز، ولا یوجد ما هو جائز وما هو غیر جائز، لکن أحیانا قد ینطلق من ردة فعل کما تفعل بعض العائلات.
أنا إضافة لأنی أرید أن أقول هذا غیر جائز لا شرعا ولا قانونا ولا ولا ولا.. أیضا هو یا أهلنا غیر مُجدٍ، یعنی مع من تتعاطون أنتم؟ فی بعض الاحیان یکون هناک جهة إذا قمت أنت بالأسر أو بالخطف أو ما شاکل، تشکل عامل ضغط علیها، وفی أحیان أخرى یوجد جهة أخرى غیر مهتمة لا على الناس ولا على أهل عرسال ولا على عائلة فلان أو عائلة فلان، ولا على سنّة وشیعة ومسلمین ومسیحیین ودروز، ولیسوا مهتمین بأی احد، وهم أنفسهم یقتلون بعضهم البعض ویذبحون بعضهم البعض، وینهبون بعض ویسبون نساء بعض، یعنی هؤلاء یسألون عما تفعل ؟ یعنی أن تأتی أنت ترید أن تخطف "فلان أو علتان" ترید أن تضغط على الجماعات المسلحة هذه؟ هذا لا یجدی نفعا، ونحن فی هذا الموضوع لدینا تجربة طویلة فی سوریة، وقت موضوع مخطوفی أعزاز، لا أرید أن أفصّل أکثر، هذا الموضوع یظل طی الکتمان، لذلک الخطف المضاد الغیر جائز شرعاً وقانوناً وأیضاً غیر المجدی، لا یوصل إلى أی مکان، بل الأسوء من ذلک، وهذا الأمر ینطبق على التعرض للنازحین السوریین وأیضاً ینطبق على موضوع الخطف المضاد، انه هذا ماذا یفعل؟ هذا یحقق أهداف المسلحین، هذه الجماعات المسلحة کل خطابها من أوله إلى آخره هو خطاب طائفی مذهبی تحریضی تکفیری، هم یریدون حرباً طائفیة فی لبنان، وفتنة مذهبیة فی لبنان، ویریدون أن تقاتل الناس بعضها البعض فی لبنان، وهم یریدون أن ینقلوا المعرکة إلى لبنان، هم ولیس نحن، بین هلالین هناک من یقول إن حزب الله یدفع بالجیش إلى معرکة عرسال، أبداً، هم من اعتدى على الجیش، الجیش کان فی ثکناته وفی نقاطه ومراکزه. لمعلوماتکم الطرقات مفتوحة والجرود مفتوحة والتموین "طالع نازل" والدواء "طالع نازل" وجرحى مقاتلی المسلحین یأتون إلى المستشفیات فی عرسال ویتم نقلهم إلى مستشفیات فی الداخل اللبنانی، والتمویل موجود ونقل السلاح على عرسال موجود والتسهیلات موجودة ولا یوجد من یحکی مع أحد ولا من یحاسب أحداً، أتریدون أن نعید التذکیر بهذه المسائل، فهؤلاء هم یریدون أن ینقلوا المعرکة إلى لبنان، ونحن منذ الیوم الأول، وأعید وأؤکد الیوم لعوائل العسکریین واللبنانیین جمیعاً، نحن ما نصرّح به فی مجلس الوزراء نقوله فی الإعلام، وما نتکلم به مع کل المسؤولین نتکلم عنه فی الإعلام، نحن لیس لدینا لغتان وخطابان ووجهان ولسانان. أنا مع، أقول بأننی مع، أنا أقول بأننی ضد یعنی أننی ضد. نحن منذ الیوم الأول عندما ذهبنا إلى القصیر أنا أعلنت، وهناک من عاتبنی من رؤساء ومسؤولین، "إنه یا أخی" اذهب إلى القصیر من دون أن تعلن، لا، نعلن وکیف لا نعلن؟ ویومها قلت أنا إنه من یرید أن یقاتل تفضلوا هذه سوریة یوجد فیها ساحة قتال فلنتقاتل هناک ولکن لنجنّب لبنان، ولکن کان هناک من أشکل على هذا المنطق، کلا، هذا منطق محسوب ومدروس لأننا نحن لا نرید مشکلاً فی لبنان ولا نرید قتالاً فی لبنان، ولا نرید للحرب أن تنتقل إلى لبنان، من یرید أن ینقلها هم هذه الجماعات المسلحة، والتی تسعى إلى نقل الحرب فی اللیل وفی النهار، ولیس نحن أبداً، ولذلک نحن لم نفتح یوماً ملف عرسال، لا موضوع مسلحین ولا تسهیلات المسلحین ولا موقع عرسال بالنسبة إلى ما یجری فی الجوار، نعم عندما بدأت تأتی السیارات المفخخة من عرسال طلبنا من الجیش والمؤسسات الأمنیة أن تقوم بإجراءات، فقط امنعوا السیارات المفخخة من أن تأتی من فوق، فقط لا غیر، ولم نحرض فی یوم من الأیام، لا نرید معرکة من هذا النوع، نحن نتمنى أن لا تحصل أی معرکة داخل الأراضی اللبنانیة، ونحن نصبر على الکثیر من أجل هذا الالتزام، لذلک هؤلاء الجماعة عندما یحصل خطف مضاد أو یحصل اعتداء على النازحین أو یحصل مشاکل من هذا النوع هذا یحقق أهداف الإرهابیین وأهداف القتلة، لأنهم هم یریدون الفتنة ونقل القتال إلى لبنان، ولیس من مصلحة اللبنانیین أن ینقل هذا القتال إلى لبنان.
بالعموم، المطلوب ضبط المشاعر والعواطف وردات الفعل وعدم المس بالأبریاء والحفاظ على النسیج والاجتماعی والوطنی، وبعد ذلک کل شخص مسؤول وشریک ویتحمل مسؤولیة فیما تعرض له هؤلاء العسکریون یوجد جهات ویوجد دولة ومسؤولون وقضاء، هم معنیون أن یحاسبوا ونحن معنیون أن نکون خلف الدولة وأن نساندها وندعمها على هذا الصعید.
هذا الملف الأول الذی أحببت أنا أن أتحدث به، ولکن بسرعة لکی أستفید من الوقت المتاح، الذی أرید أن أختم به وأقل، لبنان حقیقة أمام تحدٍّ حقیقی، حسناً، دعونا نرى کیف ستتصرف هذه الدولة وهذه الحکومة وهذه القوة السیاسیة، وهذا ما ندعو إلیه الیوم، وفیما بعد إن شاء الله بعد أن ینتهی هذا الملف ویعود العسکریون سالمین غانمین لکل حادث حدیث، أن نتکلم أو لا نتکلم، هذا کله له علاقة بالأجواء والتطورات، لأنه نحن عندما نکون فی موقع المسؤولیة لا نتصرف على قاعدة "فشّة الخلق"، أنا لا أتکلم لکی "نفش خلقنا"، أنا أتکلم لکی نصوّب الأمور ونقول إذا أکملنا نحن هکذا، فهذا خاطئ وخطر على هذه القضیة الإنسانیة الوطنیة الأخلاقیة.
العنوان الثانی له علاقة بتطورات المنطقة، والموقف من التحالف الدولی الذی سمی بالتحالف الدولی لمواجهة "داعش".
بالتأکید نحن معنیون بأن نحدد موقفنا منه، موقفنا کجهة، موقفنا کمقاومة، موقفنا من خلال وزرائنا فی الحکومة اللبنانیة، وأیضاً لإزالة التشویش والتزویر الذی لحق هذا الموقف، فی حال هناک اناس غیر قادرین على أن یفهموا وغیر قادرین أن یعرفوا فهذه مشکلتهم ولیست مشکلتنا، مع ذلک نحن نبیّن ونشرح موقفنا لانه ایضاً هذه لحظة تاریخیة وحساسة ومفصلیة.
أولاً: الجمیع یعرف أن حزب الله ضد داعش، وأنا منذ حوالی شهرین تکلمت مطولاً فی هذا الملف وأطلت علیکم حینها، ونحن ضد هذه الاتجاهات التکفیریة التقتیلیة، ونحن أیضاً نقاتلها ونحن نقدم تضحیات فی هذا القتال، لذلک یجب أن نضع أول شیء جانباً أن یأتی البعض ویعتبر أن موقفنا من التحالف الدولی بأنه دفاع عن داعش وأنه لحمایة داعش أو ما شاکل، لأن ذلک تبسیط أو تضلیل، یعنی إما جهل (تبسیط) وإما تضلیل. کلا، الموضوع لیس هکذا، بالنسبة لنا موضوع داعش ـ وأنا تکلمت عنه مطولاً ـ هذه الجماعات التی تقتل وتذبح لمجرد الاختلاف الفکری أو الاختلاف السیاسی أو الاختلاف التنظیمی وشرحنا هذا الموضوع طویلاً فی مناسبات سابقة، هؤلاء یشکلون تهدیداً لکل شعوب وحکومات وطوائف ـ لیس الأقلیات فحسب ـ بل لکل سکان وشعوب هذه المنطقة. فلذلک نحن موقفنا من هذه الجماعات التکفیریة الإرهابیة موقف حاسم وواضح ونهائی، وموقفنا واضح من قتالها ووجوب التصدی لها، ودفع خطرها عن شعوب المنطقة وعن المنطقة.
لکن فی موضوع التدخل العسکری الأمریکی او تشکیل تحالف دولی بقیادة الولایات المتحدة الامیرکیة، هذا موضوع آخر، هذا موضوع یجب أن یُناقش من عدة زوایا.
أولاً: نحن لدینا موقف مبدئی لیس له علاقة، سواء امیرکا جاءت لتهاجم داعش او جاءت لتهاجم طالبان أو جاءت لتهاجم النظام العراقی السابق، أو جاءت لتهاجم أی مکان آخر، نحن بالمبدأ لسنا مثل غیرنا الذی یقول إنه مع التدخل الأمیرکی ویطالب التدخل الأمیرکی مثلاً إسقاط النظام "الفلانی"، لکن إذا کان التدخل الأمیرکی هو فقط لضرب داعش فهو ضده، أو لضرب جماعته فهو ضده، کلا، نحن ضد التدخل العسکری الأمیرکی وضد التحالف الدولی فی سوریا، سواء کان المستهدف هو النظام مثل ما کان سیحصل قبل عام ونیف، أو المستهدف هو داعش وغیر داعش. الاصل یوجد مبدأ هنا اسمه التدخل العسکری الامیرکی، سواءً تحت غطاء تحالف دولی أو تحت غطاء "نیتو" أو تحت غطاء قوات متعددة الجنسیات.
نحن لدینا موقف مبدئی مبنی على قواعد وأصول ومبانٍ لا یتغیر من ساحة إلى ساحة أخرى، نتیجة التزامنا بهذا الموقف المبدئی فی حوادث سابقة وحالات سابقة تم الإساءة إلینا من قبل البعض لأنه کان لدینا هذا الالتزام المبدئی والموقف المبدئی، لذلک نحن أولاً بسبب هذا الموقف المبدئی نحن لا نوافق ـ وهذا تکلمنا عنه فی مجلس الوزراء من قبل وزرائنا وأصدقاء آخرین ـ أی عندما نأتی لنصوّت فی مجلس الوزراء ـ نحن کحزب نقول نحن لا نقبل بأن یکون لبنان جزءاً من تحالف.
أما إذا ذهب لبنان لیشارک فی المؤتمرات واللقاءات فهذا بحث اخر، هذا شأن یعنی الحکومة، یعنی رئیس الجمهوریة، رئیس مجلس الوزراء، وزیر الخارجیة، لکن الالتزامات تناقش فی مجلس الوزراء.
نحن نقول أولاً لدینا موقف مبدئی. لماذا هذا الموقف المبدئی؟
إذا نحن أخذنا التطورات بعین الاعتبار:
أولاً: لأن أمیرکا بنظرنا أم الإرهاب، والذی یرید أن یناقش فلیتقضل ویناقش، هی (أمیرکا) أصل الإرهاب فی هذا العالم، إذا وجد الإرهاب فی هذا العالم فابحثوا عن الإدارة الأمیرکیة، طبعاً نحن لا نتکلم عن الشعب الأمیرکی.
ثانیاً: لأن امیرکا هی الداعم المطلق لدولة الإرهاب الصهیونیة، أصل الإرهاب فی منطقتنا سببه وجود (دولة إسرائیل) التی تحظى بدعم مطلق أمیرکی، عسکری وأمنی وسیاسی واقتصادی ومالی وقانونی، وحتى "فیتو"، حتى الإدانة ممنوعة فی مجلس الأمن فی حال کان الموضوع یتعلق بإسرائیل.
ثالثاً: أمیرکا صنعت أو شارکت فی صنع هذه التیارات الإرهابیة التکفیریة، وهذه الجماعات الإرهابیة.
رابعاً: أمیرکا لیست فی موقع أخلاقی یؤهلها قیادة تحالف للحرب على الإرهاب، أصلاً لم تکن فی یوم من الأیام فی موقع أخلاقی، یعنی من ضرب قنابل ذریة على أناس فی الیابان، الذی فتح حروب یندى لها الجبین فی فیتنام وغیر فیتنام، والذی له کل هذا التاریخ الأسود، الذی ـ وإلى قبل بضعة أیام ـ کان یقف إلى جانب نتنیاهو فی حرب الخمسین یوماً على قطاع غزة وعلى أهل غزة، یقصف ویدمر ویقتل الآلاف، ویجرح الآلاف، ویهجر عشرات الآلاف من منازلهم، هذه الإدارة الأمیرکیة هی غیر مؤهلة أخلاقیاً لتقدم نفسها على أنها محارب للإرهاب، أو على أنها قائد لتحالف دولی یستهدف الإرهاب.
الموضوع لیس له علاقة بمکافحة الإرهاب.
خامساً: هذا التحالف کما یعلن أوباما فی کل خطاباته، هو لیدافع عن المصالح الأمیرکیة، فما شأننا نحن بالدفاع عن المصالح الأمیرکیة؟ خصوصاً وأن أغلب هذه المصالح وإن لم یکن کل هذه المصالح الامریکیة هی على حساب مصالح المنطقة وشعوب المنطقة وحکومات المنطقة.
نحن لبنان أو غیر لبنان سنکون جزءاً من تحالف تقوده الولایات المتحدة الأمریکیة فی حرب للدفاع عن المصالح الأمریکیة فی المنطقة!؟ هو من یقول هذا، لست أنا من یفتری علیه.
ولم یقل إننا نحن جئنا لندافع عن الأقلیات، أو عن المسلمین، أو عن المسیحیین، أبداً، وهذا کان یحصل تحت عین ومرأى العالم کله، ومنذ سنوات، ولیس فقط فی الأشهر القلیلة الماضیة، لم یحرّک ساکناً.
نعم، عندما أصبحت الأوضاع خطیرة إلى حد أنها باتت تمس المصالح الأمیرکیة، جاءت الإدارة الأمیرکیة لتصنع غطاء وتحالفاً دولیاً، نحن غیر معنیین بأن نقاتل فی تحالف دولی من هذا النوع، أو أن نؤید تحالفاً دولیاً من هذا النوع یخدم مصالح أمیرکا بمعزل عن مصالح الشعوب.
سادساً: من حق اللبنانیین وأیضاً من حق العراقیین ومن حق ال