تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

القاعدة تهدّد باحتلال بیروت!

لم تعد «جبهة النصرة» وحدها فی الواجهة. بعد ظهور «الدولة الإسلامیة» فی القلمون، انضمّ إلیهما أمس تنظیم «کتائب عبد الله عزام»، عبر تسجیل صوتی للمتحدث باسم «سرایا الحسین بن علی» الشیخ سراج الدین زریقات، لتکتمل الصورة.
رمز الخبر: ۶۰۰۲۱
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۹:۳۹ - 24September 2014

القاعدة تهدّد باحتلال بیروت!

رضوان مرتضى

لا أمل یلوح فی الأُفق. العسکریون المخطوفون بحُکم الشهداء بالنسبة إلى الحکومة. الأمر بات واقعاً لدى القیادة السیاسیة التی تعلم یقیناً بأن تحقیق شروط الخاطفین مُحرّم. وعلى وقع قرع طبول الحرب، تمرّ الساعات المقبلة بطیئة على أهالی المخطوفین الذین ینتظرون معجزة یبدو أنها بعیدة المنال.

لم تعد «جبهة النصرة» وحدها فی الواجهة. بعد ظهور «الدولة الإسلامیة» فی القلمون، انضمّ إلیهما أمس تنظیم «کتائب عبد الله عزام»، عبر تسجیل صوتی للمتحدث باسم «سرایا الحسین بن علی» الشیخ سراج الدین زریقات، لتکتمل الصورة. أفرع الجهاد العالمی، بجناحیها الظواهری والبغدادی، اتّحدت فی جرود القلمون، ضد الدولة اللبنانیة وحزب الله والعسکریین المخطوفین.

زریقات خرج بالصوت لمدة 16 دقیقة فی کلمة ألقاها أمام العسکریین المخطوفین، موبّخاً إیاهم على انتسابهم إلى الجیش. واتّهم «حزب الله» بعملیات الاغتیال التی وقعت فی لبنان، محمّلاً العسکریین رسالة إن خرجوا، أبلغوا طوائفکم «إن قاتلتم أهل السنّة لیس بیننا وبینکم إلا السیف». وهدّد قائلاً: «المجاهدون أخذوا العراق خلال أیام، وفی أیام یکونون فی وسط بیروت».

هکذا تتبدّى غرفة العملیات المشترکة التی یقودها أمراء «النصرة» و»الکتائب» و»الدولة الإسلامیة»، لیؤکد هذا الواقع ما کان سائداً عن توزیع الأدوار فی التفجیرات التی استهدفت لبنان، والتی تعاقب التنظیمات الثلاثة على تبنّیها. وبعدما کانت المعلومات تفید بأن زریقات موجود فی جرود الزبدانی، خرج أمس من جرود عرسال متحدثاً فی کلمة انفعالیة. هاجم الجیش وحزب الله «والطوائف التی تحوّلت درعاً للدفاع عنهما»، بحسب تعبیره. وأضاف قائلاً: «الجیش اللبنانی هذا مش جیش. خمس شباب اقتحموا ثکنتکم یا أبطال وأخذوها. إنتو ما عندکن رجال». ثم أردف: «لم نُرِد المعرکة فی عرسال، لکننا دخلنا مکرهین». وسأل قائلاً: «هل تظنّون أنه بسیارة مفخخة فی الضاحیة انتهى الأمر؟ المسألة بدأت الآن».

وعلى خط المفاوضات، لم تکن تنوی «جبهة النصرة» فی القلمون تصفیة أیٍّ من العسکریین المخطوفین لدیها. هذا ما یُجمع علیه المفاوضون الذین التقوا أمیر التنظیم «أبو مالک التلّی» فی المراحل الأولى للمفاوضات. غیر أن مسار المفاوضات الذی جرى بعکس توقعاتها، أدخل تعدیلاً على الخطة. «سیاسة سدّد وقارب» أوجبت ذلک، بحسب تعبیر أحد عناصر «النصرة». ورغم المعلومات التی ترددت عن قیام عناصر «النصرة» بتصفیة العسکری المخطوف محمد حمیة انتقاماً لمقتل عدد من مسلّحیها فی الجرود القلمونیة، تؤکد مصادر «النصرة» لـ»الأخبار» أن «قتل حمیة سببه ما حصل فی عرسال بعد التفجیر (یوم الجمعة الماضی) بحق أهل عرسال والنازحین السوریین». وإذ تتحدث المصادر عن «قناعة الثوار بأن التفجیر من صنع الحزب»، تشیر إلى أن أمیر «النصرة» فی القلمون «أبو مالک اتّخذ قرار إعدام العسکری حمیة للقول إننا لسنا نمزح وإننا جادّون... استجیبوا أو هؤلاء أسراکم الذین یمکنکم تحریرهم إن أردتم، أنتم تقتلونهم بأیدینا».

مونة الشیخ مصطفى الحجیری المشهور بـ»أبو طاقیة» على قیادة «النصرة» کانت تکفی أن تکون ضمانة للحؤول دون قتل أی من العکسریین، لکن «الظروف کانت غالبة». یقول الشیخ مصطفى الحجیری لـ»الأخبار»: «ﻻ أدری إن کنت قادراً على إیقاف تنفیذ الحکم بحق حمیة، لکن للأسف لم یکن بالإمکان بذل الجهود المطلوبة نتیجة الظروف القاهرة». وهذه الظروف، بحسب الحجیری، تتمثّل بـ»محاولة اغتیالی من قبل الجیش أثناء نقلی عائلة العسکری جورج خوری ومساعدتها للقائه فی الجرود». هل تعتقد أن الجیش یرید قتلک؟ تساؤل یجیب عنه الحجیری بالقول: «إطلاق النار علی بالطریقة التی حصلت یدل على نیة أکیدة بالقتل، وما التهدیدات التی أُطلقت فی الأیام والأسابیع الماضیة إﻻ أدلة إضافیة على ذلک». أما من یتحمّل مسؤولیة ما جرى، فیرد الحجیری بأنّه «یُلقى على عاتق الخاطف الحقیقی للبنان، وهو من یملک السلاح». یقول الحجیری إن حادثة تعرضه لإطلاق نار فی المرة الأخیرة حالت دون استمرار انتقاله إلى الجرود لمقابلة أمیر النصرة. أما من أوصل زوجة العسکری المخطوف علی بزال، المُدرج ثانیاً على لائحة القتل، لمقابلة قادة «جبهة النصرة» فی الجرود أمس، فتؤکد المعلومات أنه لیس «أبو طاقیة»، مرجحة أن یکون قد تمّ ذلک عبر عائلة زوجة المخطوف، باعتبارها ابنة عرسال. وقد نقلت زوجة العسکری المخطوف أن قیادة «النصرة» أرجأت إعدام زوجها أسبوعاً «إفساحاً فی المجال أمام الحکومة اللبنانیة للاستجابة لمطالب الخاطفین».

لماذا قتل عناصر «النصرة» حمیة رمیاً بالرصاص ولیس ذبحاً؟ ولماذا لم تُعدم «جبهة النصرة» باقی العسکریین المخطوفین؟ ما هی استراتیجیتها فی المناورة، وما صحة ما تردد عن تخییر العسکری الشهید بین القتل ذبحاً أو بالرصاص یتوقف على موافقته على إیصال رسالة «النصرة» أمام الکامیرا؟

تکثر الشائعات التی ترد من کل حدب وصوب عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعی فی ملف العسکریین المخطوفین. أما الحقیقة فواحدة. تنفی مصادر «النصرة» ما یتردد عن تخییر حمیة بطریقة القتل، کاشفة أن «الجبهة توقفت عن الذبح أخذاً بفتوى الشیخ أبی محمد المقدسی». وتشیر المصادر إلى أن سیاسة التنظیم التی یعتمدها منذ ما یقارب السنة، «تقتضی عدم تصویر عملیات الإعدام التی تُنفّذ، وإن کانت جائزة شرعاً، لما یترتب علیها من مفسدة تفوق المصلحة فی عرضها».

میدانیاً لا حقیقة واضحة. لمصلحة من تمیل الکفة؟ حزب الله أم جبهة النصرة؟ معسکرا القتال یحکیان عن بشائر نصر آتیة. وینشغل کلا الطرفان بتعداد نکسات «العدو». وفیما تُتناقل معلومات عن سقوط عشرات القتلى فی صفوف مسلّحی «النصرة» فی الاشتباکات الدائرة فی جرود فلیطة ونحلة، بینهم قیادات قریبة من «أبو مالک التلّی»، یتحدث عناصر «النصرة» عن «ضربات موجعة ومتتالیة تلقّاها الحزب على جبهات جرد فلیطة ونحلة والجبة وعسال الورد وقارة والجراجیر».

وبصرف النظر عن هویة الطرف الذی سیرجح المیدان کفته، یبقى السؤال المرکزی: هل سیخرج العسکریون المخطوفون أحیاء أم لا؟ سؤال تملک السلطة السیاسة الإجابة عنه بعدما خبرت خاطفی عسکرییها جیداً. هؤلاء الذین یتوزعون بین تنظیمین، یفاخر أحدهما بذبح أبنائها واحداً تلو الآخر بدمٍ بارد غیر آبه لشیء، فیما یفاوض الآخر لتحقیق ما استطاع من مکاسب، علّه یستثمر ذلک فی «بیئة حاضنة»، رغم أنه یعلم حتى الآن أنّ أفق تحقق مطالبه مسدود.

 

مصدر: صحیفة الأخبار اللبنانبة

رایکم
الأکثر قراءة