تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

تکلفة الحروب تثقل میزانیة الدولة العبریة واقتصادها

ومن بین کل الصراعات فإن الصراع على تقسیم المیزانیة العامة للدولة وخصوصا تحدید حصة الجیش ومیزانیة الدفاع یعتبر حاسما. وخلافا لکل الصراعات فإن حسم أمر المیزانیة یعتبر حاسما أیضا لوجود الحکومة من عدمه إذ ان عدم إقرار المیزانیة کفیل بحد ذاته بإسقاط الحکومة.
رمز الخبر: ۶۰۰۹۶
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۵۰ - 26September 2014

تکلفة الحروب تثقل میزانیة الدولة العبریة واقتصادها

حلمی موسى 

شهدت الحلبة السیاسیة الإسرائیلیة فی الأسابیع الأخیرة، بعد وقف الحرب على غزة، العدید من الهزات والعواصف خصوصا داخل الائتلاف الحکومی. وعدا عن الصراع الذی بات تقلیدیا بین رئیس الحکومة بنیامین نتنیاهو وکل من وزیر خارجیته أفیغدور لیبرمان ووزیر اقتصاده نفتالی بینت، وهو صراع لا یخلو من التطلع للزعامة، نشبت صراعات أخرى داخل اللیکود وبین نتنیاهو ووزیر مالیته یائیر لبید.
وکان الصراع الأشد صراخا ذاک الذی دار بین الیمین العلمانی فی اللیکود ممثلا بوزیر الدفاع موشی یعلون والیمین الدینی الصاعد ممثلا بوزیر الاقتصاد نفتالی بینت حول مجریات «حرب الأنفاق» خلال حرب الخمسین یوما على غزة. واعتبر معلقون أن الصراع بین هذین الاتجاهین کان ولا یزال صراعا فی «قمرة قیادة الیمین داخل الحکومة» وأنه مثیر لو اضطر أحد الى أن یکتب عن واقع الحکومة فی إسرائیل بعد ثلاثة أسابیع من انتهاء الحرب. ولذلک أشار المراسل السیاسی للقناة الثانیة فی التلفزیون الإسرائیلی، أودی سیغال إلى أنه «منذ انتهاء الحرب بدا توتر بین مراکز القوى داخل حکومة إسرائیل. مواجهات داخلیة ومعارک شخصیة فظة بین کبار الوزراء، تثیر علامات استفهام حول قدرة رئیس الحکومة على قیادة خطوات».
ومن بین کل الصراعات فإن الصراع على تقسیم المیزانیة العامة للدولة وخصوصا تحدید حصة الجیش ومیزانیة الدفاع یعتبر حاسما. وخلافا لکل الصراعات فإن حسم أمر المیزانیة یعتبر حاسما أیضا لوجود الحکومة من عدمه إذ ان عدم إقرار المیزانیة کفیل بحد ذاته بإسقاط الحکومة. ولأن إسقاط الحکومة یعنی الذهاب إلى انتخابات مبکرة فإن إقرار المیزانیة یعنی حیاة أو موتا لحزب سیاسی سیضطر للعودة للجمهور لنیل الثقة من جدید. ولیس صدفة أن أغلب الأحزاب الإسرائیلیة بما فیها اللیکود وإسرائیل بیتنا والبیت الیهودی وهناک مستقبل لا ترى أن الظروف الحالیة هی الأفضل لها من ناحیة انتخابیة. ولذلک فإنها فی تصارعها حول قضایا هامة أو أقل أهمیة لا تتهور وتندفع نحو تفکیک الائتلاف الحکومی والذهاب إلى الانتخابات.
وفی معرکة المیزانیة اتهم رجال نتنیاهو رجال لبید بالسعی لجر إسرائیل نحو انتخابات مبکرة ولکن کان هناک من رأوا فی الصراع بین نتنیاهو وبینت محاولة من الأول لصرف الأنظار عن المعرکة بین نتنیاهو ولیبرمان الذی اتهم رئیس الحکومة بالتردد والخنوع.
وهکذا، ورغم التهدیدات المتبادلة والصراع اللفظی العنیف حول میزانیة الدفاع بدا حتى یوم أمس أن کلا من رئیـس الحکومـة ووزیر المالـیة توافقـا على رزمة لإقرار المیزانیة العامة بمـا فی ذلک حـصة وزارة الدفاع. وتقضی الرزمة بخطوطهـا العامـة بزیـادة میزانیـة الدفـاع بمـقدار 6 ملیـارات شیکل وإقرار مبـدأ صفـر ضریبـة مضافـة على الشـقق السکنـیة الجـدیـدة وعـدم رفع الضرائب والقبول بمخاطرة زیادة نسبة العجز فی المیزانیة العـامة من 2.5 فی المئة إلى 3.4 فـی المئـة. وتقـضی الرزمـة الجدیـدة بزیـادة نجـاعة جبایة الضرائب وشن حملة لمواجهة ما یعرف باقتصاد الظل أو رأس المال الأسود.
ویرى خبراء فی الشأن الداخلی الإسرائیلی أن الرزمة التی توصل إلیها نتنیاهو ولبید تضمن لکل منهما مصالحه السیاسیة وهیبته العامة لکنها لا تضمن للاقتصاد الإسرائیلی أیة مصالح. ویقول هؤلاء ان المسألة لا تنتهی بالاتفاق الذی هو مجرد إطار عمومی لا یلزم الحکومة لاحقا والتی ستضطر، کما فعلت سابقا، لإقرار اقتطاعات فی المیزانیة من کل الوزارات لصالح وزارة الدفاع. فالجیش طلب زیادة 11 ملیار شیکل لتغطیة نفقات الحرب على غزة من ناحیة ولإعادة ملء مخازن السلاح والذخیرة من ناحیة أخرى. ومن المفترض أن الجیش الذی کثیرا ما یهدد بوقف التدریبات أو طلعات سلاح الجو لإجبار الحکومة على تقدیم الأموال التی یطلبها سوف یلجأ مجددا إلى هذا الأسلوب فی العام 2015 لنیل المزید من المیزانیات. معروف أن میزانیة الجیش تقترب عملیا من 20 ملیار دولار تثقل بشکل کبیر على الخزینة العامة.
وقالت زعیمة میرتس، زهافا غالئون ان «الاتفاق هو الأسوأ: زیادة میزانیة الدفاع الدسمة والمبذرة أصلا وإقرار قانون صفر ضریبة قیمة مضافة الضار». وأشارت إلى أن المیزانیة الجدیدة تأتی على حساب القطاعات الضعیفة فی المجتمع مثل العرب والحریدیم لأن زیادة میزانیة الدفاع تأتی على حساب میزانیات التعلیم والصحة والرفاه الاجتماعی.
وکانت محافظة بنک إسرائیل الدکتور کرنیت بلوغ ورئیس المجلس القومی للاقتصاد فی دیوان رئاسة الحکومة قد أعلنا أن زیادة عجز المیزانیة لأکثر من 3 فی المئة سوف یزعزع الاستقرار الاقتصادی لإسرائیل. لکن بنیامین نتنیاهو أعلن أن وصول العجز إلى نسبة 3.2 فی المئة لا یعرض للخطر استقرار الاقتصاد الإسرائیلی ووافق کما هو واضح على رفع نسبة العجز إلى 3.4 فی المئة.
وفی کل الأحوال یبدو أن إسرائیل المشغولة بإعادة بناء الجیش بعد حرب مکلفة هی الرابعة خلال ثمانی سنوات تجد فیها أصواتا تصرخ من بعید بأن استمرار السیاسة الحالیة کفیل بقیادة إسرائیل نحو الإفلاس. فالحروب لیست رخیصة، کما قال یعلون لکن الاستمرار فی الحروب سیکلف إسرائیل أثمانا تزداد کلفة کما یقول آخرون.

 

المصدر: جریدة السفیر

رایکم
الأکثر قراءة