19 November 2024
أرشیف کلمات و خطب سماحة القائد/1

کلمة الإمام الخامنئی فی مراسم تنفیذ رئاسة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی دورتها الحادیة عشرة

القضایا السیاسیة أیضاً قضایا مهمة. إننی أؤید الرأی الذی ذکره رئیس الجمهوریة المحترم بخصوص التعامل الحکیم فی مختلف القضایا الدولیة و المسائل السیاسیة و قضایا العلاقات الدولیة و ما إلى ذلک. لا ریب فی أن التعامل یجب أن یکون حکیماً و عقلائیاً. و طبعاً لنا أعداء‌ لا یفهمون کثیراً اللغة العقلائیة، لکن واجبنا أن نقف بقوة و بالنظر لأهداف الجمهوریة‌ الإسلامیة السامیة، و نعلم ما نفعله و نقوم به.
رمز الخبر: ۶۰۱۰۴
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۹:۵۱ - 26September 2014

کلمة الإمام الخامنئی فی مراسم تنفیذ رئاسة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی دورتها الحادیة عشرة

03/08/2013
بسم الله الرحمن الرحیم
الجلسة هذه جدّ فاخرة و مهمة و الیوم مبارک جداً إن شاء الله. أنْ تتداول السلطة التنفیذیة فی نظام الجمهوریة الإسلامیة المقدس برزانة و هدوء و خلوص و صمیمیة بین خدمة هذا النظام فهذا ظاهرة قیمة و مهمة جداً. و هذه الظاهرة ناجمة عن الدیمقراطیة الدینیة التی جعألها إمامنا الخمینی الجلیل بدرایته و وعیه و حکمته أساساً للأمور فی نظام الجمهوریة الإسلامیة. الأمور بید الجماهیر و الناس و الانتخاب انتخابهم و محور و مدار الأعمال و الأمور هو الإسلام العزیز و الدیمقراطیة الإسلامیة. 
لم یکن شعبنا قد ذاق طعم سیادة الشعب إلى ما قبل انتصار الثورة الإسلامیة. منذ إعلان الدستوریة فی إیران إلى سنة انتصار الثورة، مدة خمسة و سبعین عاماً، منها مدة خمسة و خمسین عاماً عهد دکتاتوریة العائلة البهلویة.. دکتاتوریة عنیفة و تابعة للقوى العالمیة، أی لبریطانیا أولاً و من ثم أمریکا. و قد کانت زمام الأمور فی البلاد طوال هذه الأعوام الخمسة و الخمسین و من دون ملاحظة إرادة الجماهیر بید أناس لا یکترثون لا لمصیر هذا الشعب و لا لمصالحه و لا لعظمة و جلال و عزة هذا البلد، بل کانوا لا یفکرون إلّا بمصالحهم الشخصیة و مصالح القوى التی تدعمهم. و العشرون عاماً التی سبقت ذلک العهد عاش فیها البلد حالة من الفوضى و الهرج و المرج. أی منذ بدایة العهد الدستوری حتى انتصار الثورة الإسلامیة، باستثناء فرصة محدودة من عامین تشکلت فیها حکومة وطنیة ضعیفة - و قد زالت بدورها نتیجة مؤامرة بریطانیة و أمریکیة مشترکة - انقضت کل هذه المدة بالاستبداد و الدکتاتوریة. 
و قد ذاق الشعب طعم الدیمقراطیة فی عهد الجمهوریة الإسلامیة. منذ بدایة انتصار الثورة و إلى الیوم، و فی کل الأمور و الشؤون المهمة و المسؤولیات الأساسیة فی البلاد کان الشعب هو الذی یمارسه دوره. إحدى عشرة دورة من انتخابات رئاسة الجمهوریة و تسع دورات من انتخابات مجلس الشورى الإسلامی، و عدة دورات من انتخابات مجلس خبراء القیادة و المجالس البلدیة، أی فی هذه الأعوام الأربعة و الثلاثین کانت هناک انتخابات واحدة فی کل سنة تقریباً. الشعب یشعر أنه هو صاحب القرار و الإشراف و الفعل فی تقریر مصیره و إدارة بلده و التخطیط لشؤونه.. هذه هی الدیمقراطیة الدینیة. 
من خصوصیات هذه الدیمقراطیة أن العلاقة بین الناس و المسؤولین لا تقتصر على مجرد العلاقة القانونیة، بل بالإضافة إلى ذلک هنالک الوشائج العاطفیة و الإیمانیة الناجمة عن معتقدات الشعب و المنبثقة عن الرؤیة الدینیة للجماهیر، و النابعة من التزام الناس بأسس الثورة و أصولها. هذا هو الشیء الذی لا نعرف له نظیراً فی عالمنا، أنْ تکون العلاقة بین الشعب و المسؤولین مثل هذه العلاقة المتینة العاطفیة و الإیمانیة و الدالة على الالتزام بالمبانی و الأصول، و هذا هو ما یهدی المسؤولین. رئیس الجمهوریة المحترم الذی یتولى الیوم رسمیاً مسؤولیة رئاسة الجمهوریة الثقیلة و الباعثة على الفخر و الاعتزاز، لیتنبّه إلى هذه النقطة و هی أن یعلم أن بلد إیران العزیز بلد إسلامی قائم على الأصول و التعالیم الإسلامیة، لذا فإن الشعب یصمد. 
لاحظوا ما حدث بالأمس فی هذا البلد حیث یوم القدس. من الذی أجبر الناس على الخروج إلى الشوارع فی هذا الجوّ الحار و هم صیام، فی طهران و المدن الأخرى، و فی الجو الحار لمناطق مثل خوزستان، لیرفعوا الشعارات على أساس عقیدة یحملونها، و یستعرضوا صمودهم أمام أنظار العالم، و یعلنوا موقفهم من قضیة فلسطین و الکیان الصهیونی الغاصب؟ ما هی تحلیلات المحللین؟ کیف یحللون هذا الحدث العظیم؟ إنه الحدث الذی یقع کل سنة فی یوم القدس و فی یوم الثانی و العشرین من شهر بهمن ذکرى انتصار الثورة الإسلامیة، یخرج الشعب بشوق و اندفاع و من کل الشرائح.. شیباً و شباناً و نساء و رجالاً و فی أقصى مناطق البلاد و یهتفون بمواقفهم تجاه قضایا البلاد الأساسیة. هذا هو الإیمان و هذه هی العلاقة الإیمانیة. ما من أوامر أو تعمیمات أو تشجیعات مادیة بوسعها دفع الشعب إلى التواجد فی الساحة بهذه الصورة. و کذا الحال بالنسبة للتواجد فی الانتخابات. لاحظتم انتخابات رئاسة الجمهوریة الملحمیة هذه السنة، و کذلک نظائرها فی الدورات السابقة.. الشعب هو الذی یصنع هذه الانتخابات الملحمیة لأنه یشعر بالواجب و الالتزام و التکلیف، فالالتزام و التقیّد الإیمانی هو الذی یدفع الشعب للتواجد و المشارکة السیاسیة و الاجتماعیة. هذه هی میزة الدیمقراطیة الدینیة. و قد کان إمامنا الخمینی الجلیل هو الذی فتح هذا الدرب أمام الشعب، و قد واصل الشعب بکل وفاء لحد الیوم هذا الدرب، و سیواصله بعد الآن أیضاً إن شاء الله. 
واجبات المسؤولین واجبات ثقیلة. تقبّل المسؤولیة فی نظام الجمهوریة الإسلامیة لا یعنی الاستمتاع بالسلطة، إنما یعنی تقبل الجهود لخدمة الجماهیر. هذا هو معنى تقبل الجهود، و هو معنى المسؤولیة فی نظام الجمهوریة الإسلامیة. یحاول المسؤولون و یعملون و یبذلون الجهود و یعرضون قدراتهم فی المیادین المختلفة لیستطیعوا التقلیل من مشکلات الناس و لیصلوا بالبلاد إلى أهدافها. و إمکانیات البلاد بدورها کبیرة جداً، و الجهود المتراکمة التی بذلها السابقون هی أیضاً جزء من إمکانیات هذا البلد، و یجب على المسؤولین المحترمین الاستفادة من هذه الإمکانیات. 
طبعاً أنا أوصی الشعب بالصبر و أوصی کذلک المسؤولین المحترمین بالصبر و الأناة. یجب أن لا نتوقع زوال المشکلات التی تعترض الناس - سواء على الصعد الاقتصادیة أو على الصعد الأخرى - خلال مدة قصیرة. طبعاً یجب الطلب من الله تعالى أن یوفق المسؤولین لإنجاز الأمور و الأعمال بأسرع ما یمکنهم، لکن طبیعة الأعمال الکبرى فی البلاد أنها تستغرق وقتاً. 
توصیتنا لرئیس الجمهوریة المحترم و لهیئة الحکومة التی ستنال بتوفیق من الله - إن شاء الله - الثقة فی المستقبل القریب من مجلس الشورى الإسلامی هی إنجاز الأعمال بصبر و من دون تسرّع.. اقطعوا الخطوات برسوخ و طمأنینة. ثمة مجال للعمل فی کل المیادین، و ثمة أیضاً أهداف سامیة، و البشائر و العلامات الإیجابیة فی بلادنا لیست بقلیلة. طبعاً تتعامل جبهة الأعداء بطریقة عدائیة. و قد أشار رئیس الجمهوریة المحترم إلى حالات الحظر و الضغوط التی یمارسها أعداء الشعب الإیرانی - و على رأسهم أمریکا طبعاً - ضد البلاد. و أرید أن أقول: صحیح أن ضغوط الأعداء خلقت مشکلات للشعب، لکنها وفرت فی الوقت نفسه تجارب قیمة للمسؤولین و الشعب. الدرس الکبیر الذی تعلمناه من هذه الضغوط الاقتصادیة هو أن نعمل کل ما نستطیع لتمتین البنیة الداخلیة لاقتدار البلاد، و نفعل کا ما یمکننا لنکون مقتدرین فی داخلنا، و لا نعقد الآمال على الخارج. الذین یعقدون الآمال على خارج إمکانیات الشعب الإیرانی، حین یواجهون مثل هذه المشکلات سوف ینزع سلاحهم. إمکانیات الشعب الإیرانی کبیرة جداً. یجب أن نعکف على تمتین البنیة الداخلیة للاقتدار الوطنی، و قد ذکرت فی ذلک الیوم لمسؤولی البلاد إن القضایا الأهم و التی تصنف ضمن الدرجة الأولى فی البلاد هی القضایا الاقتصادیة و العلمیة، و یجب متابعتها بکل جدّ. 
القضایا السیاسیة أیضاً قضایا مهمة. إننی أؤید الرأی الذی ذکره رئیس الجمهوریة المحترم بخصوص التعامل الحکیم فی مختلف القضایا الدولیة و المسائل السیاسیة و قضایا العلاقات الدولیة و ما إلى ذلک. لا ریب فی أن التعامل یجب أن یکون حکیماً و عقلائیاً. و طبعاً لنا أعداء لا یفهمون کثیراً اللغة العقلائیة، لکن واجبنا أن نقف بقوة و بالنظر لأهداف الجمهوریة الإسلامیة السامیة، و نعلم ما نفعله و نقوم به، و نعرف أهدافنا و نضعها نصب أعیننا و نتابعها بجدّ. 
نعم، کما قیل فإن «الأمة الوسط» هی خصوصیة المجتمع الإسلامی.. «و کذلک جعلناکم أمة وسطاً لتکونوا شهداء على الناس و یکون الرسول علیکم شهیداً» (1). الطریق الوسط هو طریق الإسلام، فلننظر و نرى ما الذی یقوله لنا الإسلام و ما الذی یریده منا. سبیل النجاح هو نسعى لرضا الله و لأداء التکالیف الإلهیة. و قد شخّص الله تعالى لنا السبل و الطرق، و إذا سلکنا هذه السبل و سرنا فیها فسنحرز التوفیق. و لا ننسى أنه منذ الیوم الأول الذی انتصرت فیه هذه الثورة کان هناک أعداء أعلنوا عن عدائهم بصراحة و قالوا إنهم یریدون القضاء على هذه الثورة و إسقاط نظام الجمهوریة الإسلامیة. منذ ذلک الیوم و إلى الیوم حیث مضت أربع و ثلاثون سنة، تقدّم الشعب فیها الإیرانی أکثر على الرغم من إرادة الأعداء. لم یعجزوا فقط عن ضعضعة النظام الإسلامی بل لم یستطیعوا حتى الحیلولة دون نمو هذا النظام. لقد تقدمنا الیوم فی مجالات لم نکن حتى لنتصورها فی بدایات الثورة. هذا شیء یعود للألطاف و المعونات الإلهیة و التواجد القویّ للشعب و جهود المسؤولین الذین عملوا طوال هذه المدة بشکل دؤوب. سبیل موفقیة هذا البلد و هذا الشعب هو طریق الإسلام، و الالتزام بمبانی الإسلام و بالقیم الإسلامیة و بما ترکه لنا إمامنا الخمینی الجلیل من تراث و من نصائح و توجیهات و خطوط ساطعة موجودة بین أیدینا. 
إننی أوصی کل المسؤولین المحترمین بأن یزیدوا من تعاونهم إن شاء الله فی مجال رفع مشکلات البلاد، لتتعاون السلطات التنفیذیة و التشریعیة و القضائیة أقصى حدود التعاون. الوضع العام للعالم الإسلامی و فی المنطقة و فی کل العالم یواجه مشکلات، بمعنى أن هناک وضعاً غیر مستقر یسود کل أطراف العالم فی المجالات الاقتصادیة و السیاسیة و الأمنیة. و فی منطقتنا ترون أن المشکلات کبیرة إلى ما شاء الله. من جهة هناک المشاکل التی تعانیها بعض البلدان الإسلامیة، و من جهة أخرى هناک التواجد الظالم للکیان الصهیونی حیث یعمل هذا الکیان منذ خمسة و ستین عاماً على ظلم الناس و الإجرام ضد أصحاب فلسطین الأصلیین. هذه المشاکل لا تتعلق بخمسة و ستین عاماً سبقت، بل هی مستمرة إلى الیوم، فهم یهدمون بیوت الناس، و ینتزعون الأطفال من أحضان آبائهم، و الأحداث من بیوتهم، و یلقونهم فی السجون، و یحبسون الأشخاص من دون محاکمة أو لمدد أکثر من التی حکموا بها، و یضغطون یومیاً على الناس.. و هؤلاء الناس هم أصحاب الأرض الأصلیین. ألیست هذه جرائم؟ ألیس هذا ظلماً؟ هذه من الخصوصیات التی تشاهد فی المنطقة، و تشاهد أیضاً للأسف مساعدات و دعم بعض القوى العالمیة لهذا العنصر الظالم فی المنطقة. هذه هی الأوضاع التی تسود المنطقة. 
الجمهوریة الإسلامیة بمواقفها الواضحة و بإمکانیاتها الکبیرة و بمستقبلها الذی یحمل الکثیر من البشائر، یجب علیها القیام بأعمال کبیرة بخصوص المشکلات الداخلیة بالدرجة الأولى. لقد بذلوا الکثیر من الجهود. و أرى من اللازم أن أشکر حکومة حضرة السید أحمدی نجاد التی قدمت الکثیر من الخدمات و أنجزت أعمالاً مهمة. و ثمة أعمال کثیرة یجب على المسؤولین من الآن فصاعداً أن ینجزوها إن شاء الله. تیار تطور البلاد و تقدم الشعب الإیرانی و نظام الجمهوریة الإسلامیة تیار لا یتوقف. و سوف تتقدم الأمور و المشاریع إلى الأمام إن شاء الله و بتوفیق منه تعالى. 
حضرة السید روحانی - کما أشاروا - من العناصر الخدومة القدیمة للنظام الإسلامی فی مختلف القطاعات. إنه فرد خرج ناجحاً من الاختبارات فی نظام الجمهوریة الإسلامیة، سواء فی فترة الدفاع المقدس، أو فی مجلس الشورى الإسلامی، أو فی المجلس الأعلى للأمن القومی، ألقیت على عاتقه الکثیر من الأعباء و الأعمال، و قدّم خدمات جلیلة، و الیوم أیضاً بوصفه رئیساً للجمهوریة یفخر بأن أصوات الشعب نصبته فی هذا الموقع. نتمنى أن یعینه الله سبحانه و تعالى و یأخذ بیده و یهدیه. 
و على الکل أن یحاولوا مدّ ید العون. إننی أطلب من کل التیارات السیاسیة على اختلافها، بل و أصرّ علیها، و أطلب کذلک من کل الشخصیات المتنفذة التی لکلمتها نفوذ و لها مجال تأثیر فی الشعب، أطلب منهم أن یساعدوا المسؤولین و الحکومة و رئیس الجمهوریة لیستطیعوا إن شاء الله إنجاز الواجبات الجسیمة التی یحملونها على عاتقهم بشکل جید و یلبّوا التوقعات التی یحملها الناس على أحسن وجه إن شاء الله. 
أسأل الله تعالى التوفیق لکل الحضور المحترمین و لکل شعب إیران و لکل الإخوة المسلمین فی کل أرجاء العالم، و أتمنى أن تشمل البرکات الإلهیة فی أیام شهر رمضان المبارک هذا کل الناس إن شاء الله، و تکون الروح الطاهرة لإمامنا الخمینی الجلیل و أرواح الشهداء الطیبة راضیة عنا.
و السّلام علیکم و رحمة الله و برکاته.

الهوامش: 
1 - سورة البقرة، الآیة 143 . 

 

المصدر: http://arabic.khamenei.ir

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار