تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

الانتحار عنوان معرکة المسلّحین من القلمون الى دوما

فی العلوم العسکریة، عندما تصبح الوحدات العسکریة على مشارف المعقل الأساسی للعدو تسقط الحسابات بخصوص أطراف المعقل ویصیر زخم الجهد هو الدفاع عنه وحمایته.
رمز الخبر: ۶۰۱۸۳
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۳۷ - 29September 2014

 الانتحار عنوان معرکة المسلّحین من القلمون الى دوما

 عمر معربونی  (خریج الأکادیمیة العسکریة السوفیاتیة)

فی العلوم العسکریة، عندما تصبح الوحدات العسکریة على مشارف المعقل الأساسی للعدو تسقط الحسابات بخصوص أطراف المعقل ویصیر زخم الجهد هو الدفاع عنه وحمایته.
هکذا سیکون حال دوما فی القادم من الأیّام وهذا ما سیشکّل الهمّ الرئیسی لزهران علوش و"جیشه".
هذا ما حصل مع الجماعات المسلّحة فی القلمون عندما سقطت یبرود بید الجیش العربی السوری وتهاوت بعدها کل القرى والبلدات الصغیرة فی کامل منطقة القلمون.
وهذا ما سیحصل عندما تسقط دوما بید الجیش العربی السوری، بفارق أنّ مسلّحی دوما لن یجدوا جروداً یأوون الیها کما هو حال مسلحی القلمون التائهین بین الصخور وجحیم الصقیع القادم.

التهاوی الکبیر للجماعات المسلّحة فی عدرا العمالیة وعدرا الجدیدة وعدرا البلد، وهی مناطق شکّلت خط الدفاع الأول عن دوما من الجهة الشرقیة وبوابتها الى البادیة والأردن کطریق إمداد للتزود بالسلاح والعتاد، کان بمثابة الصدمة الکبیرة التی ستتبعها انهیارات کبیرة فی صفوف الجماعات المسلّحة التی انتقلت منذ هذه اللحظة الى حالة الإنکفاء الدفاعی الضیق ضمن تراجع غیر منظم.
دوما ابتعدت کثیراً فی الجغرافیا رغم مساحاتها الواسعة عن الضمیر، بوابة عبورها الى بادیة معقدة التضاریس کانت تشکّل شرقاً وغرباً عمقاً هامّاً لدوما ومعها کل الغوطة الشرقیة.

شکل العملیات العسکریة القادمة سیکون مختلفاً وحال الجماعات المسلّحة سیکون کحال الراکض فی الظلمة من محورٍ الى محور ومن قطاعٍ الى قطاع، فالجیش السوری بعد إحکام الطوق على دوما وامتدادها سیعمد بالتأکید الى تحقیق أعلى مستوى من المناورة بالقوات والنار لوضع الجماعات المسلّحة فی حالة إرباک وإنهاک، من النشابیة والبلالیة جنوب دوما الى جوبر مروراً بزملکا وعین ترما غربها، لتبدأ مرحلة قضم جدیدة تتخللها عملیات الإستنزاف المعتادة التی توازیها عملیات وحدات المهام الخاصة والعملیات الإستخباراتیة وصولاً الى الإندفاعة الکبیرة کما فی کل مرّة، إشارةً الى أنّ الجیش یعتمد فی کل مرّة یقوم فیها بالهجوم على اسالیب قتال جدیدة منطلقة من خصوصیة میدان کل جبهة.
وفی القلمون الجبهة التی لطالما کان الهدف منها تطویق دمشق عبر سلسلة جبالها وبلداتها وعزلها عن المنطقة الوسطى والساحل، فالأمور الآن مختلفة تماماً عمّا کانت علیه منذ أشهر وبموازاة سلسلة المعارک التی خاضتها الجماعات المسلحة على مدى سنة فائتة بهدف إحتلال دمشق، حیث أطلق الجیش السوری معرکة درع العاصمة التی وصل الى خواتیمها.

ویوم عادت یبرود الى سلطة الجیش السوری، کتبتُ یومها أنّ صدى معرکة یبرود سیتردّد فی کبرى العواصم العالمیة والإقلیمیة وسیدرک قادة هذه الدول عبر ضباطهم الکبار ومراکز الدراسات أنّ دمشق لن تسقط وأن الجیش السوری حقّق النصر الإستراتیجی وما عاد فی قدرة هذه الجماعات تحقیق مضمون الخطط المتتالیة التی وُضعت، وأنّ معارک ما بعد یبرود بالنسبة للجماعات المسلّحة ستکون معارک بقاء لا أکثر.
دوما التی تتحضّر لمعرکتها الأخیرة ستقاتل وحدها دون قوات زاحفة الى دمشق لا من جرود القلمون ولا من الجنوب.

ففی القلمون هذه الأیام وتحدیداً فی جرودها العلیا المحاذیة للبنان ینحصر همّ الجماعات المسلّحة بتدبیر مأوى لهم یقیهم صقیع الجرود وجحیم العزلة.
ومن هنا تأتی الهجمات التی تشنّها الجماعات بإتجاه عسال الورد والجبّة وغیرها والتی تکون نتیجتها الدائمة الوقوع فی کمائن وأفخاخ قاتلة تکلفهم خسائر کبیرة فی المقاتلین والمعدات، وحتى تلک المجموعات الصغیرة التی تقوم بمهام الإستطلاع لم تسلم من نیران الجیش السوری وحزب الله، حیث یقع هؤلاء بکماشات طائرات الإستطلاع والطیران الحربی وسلاح المدرعات والمدفعیة وحتى الرشاشات المتوسطة والثقیلة.
إنّ ما تقوم به الجماعات المسلّحة فی جرود القلمون هو التدبیر الوحید الذی یمکنها القیام به فی حال لم تستسلم للجیش السوری وهو أشبه بإنتحار جماعی لا طائلة منه، وما تروّجه هذه الجماعات من عودة وشیکة لها الى یبرود ومحیطها یندرج ضمن باب التضخیم الإعلامی الذی یتناقض مع وقائع المیدان، خصوصاً أنّ ابواب عرسال وجرودها المباشرة أقفِلت بوجه هذه الجماعات التی صارت محاصرة بنیران الجیش اللبنانی من جهة والصقیع القادم من جهة أخرى، الاّ اذا قرّرت هذه الجماعات خوض معرکة مع الجیش اللبنانی للوصول الى داخل عرسال والاحتماء فیها، ما سیعقّد الأمور أکثر.

وفی الجانبین اللبنانی والسوری حرصت جبهة النصرة من خلال تصریحات ابو مالک التلّة التی قال فیها إنّ آلاف المقاتلین جاهزون لخوض المعرکة لیس فی الجرود وحسب بل فی کل لبنان، وکذلک تهدیده بالعودة الى یبرود، إضافةً الى مقاطع الفیدیو المتعلّقة بالجنود المخطوفین والتی تمّ تصویرها ومونتاجها بتقنیات عالیة الجودة لإرسال رسالة واضحة عن القدرات التنظیمیة للتنظیم وتماسک وحداته وترابطها والمستوى الحالی من الحرفیة لها، وهو أمر یندرج فی سیاق الحرب النفسیة التی تخوضها هذه الجماعات.
فی سوریة تتحضر دوما بالتأکید لخوض معرکتها الأخیرة فی ظل تغییر کبیر بمیزان القوى لمصلحة الجیش السوری سیؤدی بالتأکید الى نهایة باتت معروفة منذ اللحظة، على عکس الجبهة اللبنانیة التی یقاتل فیها الجیش اللبنانی فی ظل حالة من الضغوط السیاسیة تارةً والنفسیة تارةَ أخرى، ومن العدید من الجهات بما فیها الضغط اللاإرادی لأهالی الجنود المخطوفین والمسار الذی تسلکه بعض الهیئات الدینة التی تحاول تصویر عملیات الجیش أنها ضد طائفة محدّدة من اللبنانیین فی محاولة لتضلیل الرأی العام وتأخیر عملیة الحسم ضد الجماعات المسلّحة.

ختاماً: قد نشهد تطورات دراماتیکیة ومنها إمکانیة دخول طائرات التحالف الدولی ضد داعش على خط جبهة القلمون لبعد مواقع الجماعات المسلّحة عن مواقع الجیش السوری، وهو أمر بعید الإحتمال حالیاً لأنّ هذا التحالف سیبدو وکأنّه یقدّم الدعم المباشر للجیش السوری وهو أمر لن یحصل فی المنظور القریب.

المصدر: http://slabnews.com

رایکم
الأکثر قراءة