22 October 2025

مشروع "المسلم الجيد، المسلم السيء": نموذج للإقصاء التدريجي للمسلمين من الهند

تواجه المجتمع المسلم في الهند، وسط تيارين إعلاميين متوازيين وسياسات منهجية، إنكارًا للمعاناة، وإهانة منظمة وعنف مُعَادٍ. وهي حالة دقت وفقًا للنظريات الاجتماعية ناقوس الخطر لانهيار أخلاقي في المجتمع الهندي الذي يبدو ديمقراطيًا.
رمز الخبر: ۷۰۳۰۰
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۳۳ - 22October 2025

وکالة الدفاع المقدس للأنباء: كل صباح، تبدأ وسائل الإعلام الهندية يومها بتيارين إخباريين متوازيين. على وجه العملة، تعرض التلفزيونات مناقشات حامية حول باكستان، وفخر الهندوسية، وعرضًا لا نهاية له للهند الجديدة. وعلى الوجه الآخر، تُعرض صورة باهتة لكنها حقيقية عن المعاناة اليومية، والسجن، وتشويه صورة المسلمين.

مشروع

هاتان الصورتان تحملان رسالة مرعبة: إما أن يتم التقليل من معاناة المسلمين أو تحويلها إلى ترفيه للجمهور. يبدو الأمر وكأن المسلمين مجرد قطع شطرنج للهندوس على مسرح الحياة، يجب عليهم دائمًا حمل وصمة المجرمين إلى الأبد دون أن يُسمع لهم صوت.

يمكن رؤية هذا الإنكار المنهجي في جريمة قتل طفل مسلم يبلغ من العمر سبع سنوات في "أظم غره" في سبتمبر من هذا العام. عُثر على جثته في كيس، وتصرف الجيران ببرودة شديدة تجاه الجريمة، وتم اعتقالهم في النهاية. خلال فترة زمنية قصيرة جدًا، غطت وسائل الإعلام المحلية الجريمة ثم تمت إزالتها بسرعة من شبكات التيار الرئيسي للإعلام، وحلت محلها مناقشات حادة ومنحازة مثل اهتمام المسلمين المفرط بالعمليات الجهادية، والتوترات الحدودية، أو مباراة الكريكيت بين الهند وباكستان. وكأن موت هذا الطفل ذي السبع سنوات لم يهز ضمير المجتمع وغضب الجمهور بأدنى درجة.

يتحدث عالم الاجتماع ستانلي كوهين عن حالات يسميها "الإنكار". يعتقد كوهن أن هذه الحالة تحدث عندما لا تُرتكب الجريمة في الخفاء في مجتمع ما، ولم يعد ارتكاب الجريمة أمرًا صادمًا. الوضع في الهند اليوم هو بالضبط ذلك؛ يُقتل المسلمون في وضح النهار لكن غالبية الناس في المجتمع غير مبالين بهذه الأحداث.

مشروع

هذا الشكل من التعبير عن الكراهية لا يقتصر على صمت المجتمع الهندي، بل يتجلى في اتجاهات أخرى أيضًا. عندما رفع المسلمون في كانبور لافتات كتب عليها "أحب [النبى] محمد (ص)"، لم تدعم الشرطة ذلك فحسب، بل قامت بتجميع ملفات ضد 1300 مسلم وبدأت باعتقالات واسعة النطاق. الجزء الغريب في هذا الإجراء كان تجريم مجرد "التعبير عن الحب" للنبى محمد (ص).

بينما، عندما تجمعت مجموعات "هندوتفا" المتطرفة في "ماهاراشترا" أو "ماديا براديش" وهتفت بشعارات إبادة جماعية، دعمت كاميرات التلفزيون أفعالهم بتبريرها، أو غطت هذه التجمعات دون أي تعليق.

هذا الانتقاء الإخباري والبصري متعمد تمامًا. خطة طرد التجار المسلمين بين عشية وضحاها من أسواق إندور هي شكل من أشكال التعذيب الاقتصادي. واجهت الأسر أزمة معيشية، واضطر الأطفال إلى ترك الدراسة، ولم تجد النساء وسيلة لتأمين الطعام اليومي سوى طلب المساعدة من الجيران.

مشروع

وصفت وسائل الإعلام الوطنية الهندية هذا الإجراء كخطوة لاستعادة القانون والنظام، وأشارت بشكل ضئيل جدًا إلى العواقب الإنسانية لهذه الإجراءات. في هذا السياق، احتفلت جماعات "هندوتفا" المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصحر حرمان المسلمين من أبسط الاحتياجات موضوعًا للترفيه لهم. في الواقع، ما كان يجب أن يُعرض كفضيحة وطنية، تم تقديمه على أنه صراع محلي عادي.

رئيس الوزراء يوجي أديتياناث هو رمز لهذا الانهيار الثقافي. إنه، من خلال إساءة استخدام منصبه الرسمي، ينشر معلومات خاطئة ويصف المسلمين بأنهم "متسللون" أو "متعاطفون مع الإرهاب". الجزء المؤلم هو أن مثل هذه الحملات تأتي من قبل عقلاء النظام الحاكم في الهند.

في المقابل، لا تقاوم الأحزاب المعارضة مثل هذه الحملات من التشويه فحسب، بل تحاول أن تظهر نفسها كداعمة للهند أكثر من جماعة "هندوتفا"، ويُنسى قلق المسلمين تمامًا. يبدو وكأن المسلمين تحولوا من موضوع سياسي إلى أداة سياسية للأحزاب السياسية.

مشروع

لم تكن هذه التكلفة البشرية مجرد معاناة جسدية، بل هي ضغط نفسي ووجودي واضح على المسلمين. الحياة كمسلم في الهند اليوم تعني العيش تحت ظل الشك. أنت مراقب في المسجد، تُحاكم في السوق، وتُستجوب في الفصل. كل صلاة جمعة تعني تحمل مخاطرة عالية. حتى صوت الأذان أصبح يُعتبر نداءً محرضًا ضد المجتمع المسلم.

كتب الشاعر الأردي صاحر لودهيانوي ذات مرة: "أين هؤلاء الذين يفخرون بالهند؟" يتكرر هذا السؤال اليوم: إذا كانت الهند تقف اليوم في ذروة تاريخها المجيد، فلماذا تذل المسلمين كل يوم؟

يشرح محمود ممداني، المفكر المسلم الأوغندي، في كتابه الشهير "المسلم الجيد، المسلم السيء"، كيف تقسم الحكومات والمجتمعات المسلمين إلى فئتين: المسلم "المقبول" الذي هو خاضع تمامًا، والمسلم "الخطير" الذي يقاوم أو يطالب بالحفاظ على كرامته

مشروع

في الهند، تجري عملية التصنيف هذه كل يوم. فئة من المسلمين يتقون ويخفون إيمانهم ومعتقداتهم، لكن إذا قال فريق آخر علنًا "أحب [النبى] محمد (ص)"، أو طالب بحقوق متساوية، أو قاوم ضغط الرقابة هذا، يتم تصنيفهم على الفور كمجرمين.

يعتقد ممداني أن هذا التصنيف ليس له جذور عقائدية أو دينية، بل يتعلق كليًا بالسلطة، وأن الطرف القوي فقط هو من يمكنه تحديد من له الحق في تعريف الشرعية، ومن يعيش تحت ظل الشك والاتهام.

في مثل هذه الظروف، يتم مشاركة مقاطع فيديو تعذيب المسلمين مثل الميمات الهزلية على واتساب، ويقدم مذيعو التلفزيون بنبرة سخرية نظريات عن "الزيادة المفرطة في تعداد المسلمين"، ويشعل البلطجية محلات المسلمين بالنار بفرح.

مشروع

لم يعد نشر الكراهية مجرد سياسة، بل أصبح ترفيهًا للهندوس المتطرفين. عندما يتحول الظلم إلى كوميديا، ويصبح إذلال المسلمين موضوعًا يجذب المشاهدات، فإن الجدار بين الديمقراطية والفاشية ينهار.

لقد حذرنا التاريخ من قبل: المجتمعات التي تحول معاناة الأقلية إلى ترفيه لا تبقى بمنأى عن الفساد. على سبيل المثال، أظهر صمت الليبراليين الألمان في مسيرات النازيين، ولامبالاة الأمريكيين تجاه تعذيب السود، وتشجيع المستوطنين الجماعي للقصف الوحشي لغزة، أن الترفيه القائم على بث الكراهية يبتلع المجتمع في النهاية، والهند ليست استثناءً.

الآن نصل إلى هذا السؤال: هل المسلمون الهنود مجرمون؟ لماذا يجب أن نُحاكم كل يوم بينما يعيش القتلة أحرارًا؟ لماذا لا تؤخذ وفاة الأطفال المسلمين الهنود على محمل الجد بينما يحتفل الهنود باعتماد وثيقة "أمرت كال" للتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية؟

لا ينبغي أن ننسى أن استمرار هذا المسار سيؤدي يومًا ما إلى انهيار جمهورية الهند. إذا كنت تشعر اليوم بالرضا عن مضايقة المسلمين الأبرياء، فستفتح عينيك غدًا لتجد نفسك في قبضة أولئك الذين قيدوا العدالة الاجتماعية.

انتهی/

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار