تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

شکرا ل"کریستینا" التی تفوقت انوثتها على"رجولة" الکثیر من زعماء العرب

بینما ینشغل قادة ووزراء خارجیة دول عربیة بتقبیل ایادی السیدة تسبی لیفنی وزیرة "العدل" الاسرائیلیة، ویتنافسون على اظهار "اعتدالهم" وحرصهم على السلام والتطبیع، وربما تقدیم التهانی لها ولجیشها على المجازر فی قطاع غزة، تقف هذه المرأة الشجاعة على منصة مجلس الامن الدولی لتتحدث عن تناقضات السیاسة الامریکیة وتفضح اکاذیبها
رمز الخبر: ۶۰۱۹۸
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۰:۰۲ - 30September 2014

شکرا ل

عبد الباری عطوان
کنت وما زلت، اتمنى لو ان السیدة کریستینا فیرناندیز دی کریشنر، واحفظوا هذا الاسم جیدا، زعیمة للامة العربیة کلها دون استثناء، فبینما ینشغل قادة ووزراء خارجیة دول عربیة بتقبیل ایادی السیدة تسبی لیفنی وزیرة “العدل” الاسرائیلیة، احد ابرز مجرمی الحرب الثانیة والثالثة على قطاع غزة، ویتمسحون بها تبرکا، ویتنافسون على اظهار “اعتدالهم” وحرصهم على السلام والتطبیع، وربما تقدیم التهانی لها ولجیشها على المجازر فی قطاع غزة، تقف هذه المرأة الشجاعة على منصة مجلس الامن الدولی لتتحدث عن تناقضات السیاسة الامریکیة وتفضح اکاذیبها، وتکشف وجهها العدوانی القبیح وانیابها المتعطشة لسفک الدماء، دماء العرب والمسلمین على وجه الخصوص.
السیدة کریستینا هاجمت سیاسة الولایات المتحدة العدوانیة التی تتغطى بغطاء الحرب على الارهاب، وقالت بالفم الملان ودون تلعثم وبلغة قویة: “کنتم تدعمون المعارضة الذین قلتم لنا انهم ثوار والیوم نجتمع فی هذا المجلس لمحاربة هؤلاء الثوار بعد ان تبین انهم ارهابیون، واصدرتم قرارا بمحاربة تنظیم “القاعدة” بعد احداث الحادی عشر من سبتمبر، واستبحتم بلاد وقتلتم مئات الآلاف من ابنائها تحت هذه الذریعة فی العراق وافغانستان وما زالت هاتان الدولتان تعانیان من الارهاب بالدرجة الاولى”.
وذهبت هذه السیدة الى ما هو ابعد من ذلک عندما انتصرت لضحایا الارهاب الاسرائیلی فی قطاع غزة، وهو ما لم یفعله ای زعیم عربی، عندما قالت “غضضتم النظر عن فداحة الکارثة التی ارتکبتها اسرائیل وموت العدید من الضحایا الفلسطینیین ورکزتم کل اهتمامکم بالصواریخ التی سقطت علیها والتی لم تؤثر او تحدث ای خسائر فی اسرائیل”، واضافت “الیوم نجتمع هنا لاصدار قرار دولی حول تجریم “الدولة الاسلامیة” ومحاربتها وهذه الدولة مدعومة من دول انتم تعرفونها اکثر من غیرکم ، وهی (الدول العربیة) حلیفة لدول کبرى اعضاء فی مجلس الامن”.


***


قطعوا عنها الترجمة حتى لا تصل کلماتها الى العالم بأسره، والقنوات الفضائیة التی کانت تبث وقائع الجلسة على الهواء مباشرة، وادعوا ان هذا الانقطاع، الذی لم یحدث مطلقا فی تاریخ مجلس الامن، جاء بسبب خلل فنی، فالاخ الامریکی الاکبر لم یعجبه قطعا هذا الکلام، فلجأ الى اسالیب الارهاب الفنی والتقنی لحجب الحقائق عن من ینتظرون سماعها.
الزعماء العرب الذین اعتلوا منبر الجمعیة العامة للامم المتحدة القوا کلمات باهتة، مملة، تقطر نفاقا لامریکا، وتسهب فی ابراز خطورة ارهاب “الدولة الاسلامیة” والاسلام المتشدد، ولم یعرج الا القلیل جدا منهم، وعلى استحیاء شدید، للارهاب الاسرائیلی.
امریکا لا تستطیع “توبیخ” رئیسة الارجنتین لانها وقفت فی خندق الشهداء والجرحى والیتامى فی قطاع غزة، لانها رئیسة منتخبة، وتتزعم دولة تحرص على سیادتها، وتحترم شعبها، وقبل کل هذا وذاک تنحاز لقیم العدالة وحقوق الانسان والکرامة فی العالم بأسره ولا تخاف امریکا، فالخوف لا مکان له فی ثقافتها وتراثها.
نعم انهم یحشدون الطائرات من اکثر من اربعین دولة، لمواجهة “الارهاب الاسلامی” ولیس الارهاب الاسرائیلی، ویفتخر طیارون یقولون انهم عرب، وینتمی بعضهم الى اسر حاکمة، بأنهم یدمرون آبارا نفطیة عربیة، بینما یجتمع قادتهم، او وزراء خارجیتهم، بالسیدة لیفنی على مائدة العشاء لتوثیق العلاقات وتکریس التطبیع، والاشادة بالسیاسات الاسرائیلیة الحضاریة فی تدمیر قطاع غزة.


***


نکتب بغضب لاننا نشعر بالقهر والخذلان ومرارات الهزیمة، ونحن نرى افعال حکامنا، وکیف تنهب ثرواتنا امام اعیننا، وکیف تزهق ارواح المزید من ابنائنا بقذائف طائراتنا المقاتلة التی لم نر ای منها فی الحروب مع اسرائیل وربما لن نراها جنبا الى جنب مع نظیراتها البریطانیة والامریکیة.
بسبب هذا الهوان والتفریط وانعدام الوطنیة یتدفق الآلاف من الشباب العرب الى سوریة والعراق للانضمام الى صفوف جماعات الاسلام السیاسی المتشدد، وقطعا سیزداد هذا التدفق مع کل طلعة جویة للطائرات العربیة او الامریکیة فی البلدین.
اقول شکرا للسیدة کریستینا.. شکرا على شجاعتها.. وشکرا على انوثتها التی تفوقت على رجولة من یدعون انهم رجال، شکرا انها نطقت بالحق دون ان تخشى امریکا، وطائراتها وصواریخها واساطیلها، وهنیئا للزعماء العرب تمسحهم بالسیدة لیفنی، واستجدائهم لرضاها، واذا کانت الشعوب لن تحاسبهم، وهذه قمة المأساة، فان التاریخ لن یرحمهم.
هذه الشعوب التی انجبت کاسترو وتشافیز ومورالیس وجیفارا لیس غریبا علیها ان تنجب هذه “النمرة” کریستینا ولا عزاء للجبناء.

المصدر: صحیفة رأی الیوم

رایکم
الأکثر قراءة