بهدوء یتقدّم الجیش العربی السوری على أکثر من محور بعد سیطرته على "العدراوات الثلاث"، مسیطراً من جهة على تلة الصوّان وحیّها، ومتقدّماً فی تل کردی التی تتوسّط عدرا العمالیة ودوما، إضافة إلى عملیات "جس نبض" استباقیة فی مزارع عالیة التی کانت تعتبر مکاناً مناسباً لمیلیشیا "لواء الإسلام" فی فترة سابقة، للقیام بعملیات قنص ضد حواجز الجیش والمجدنیین العابرون من أطرافها، إضافة إلى استخدامها کمخزن للسلاح والعتاد من خلال بضع أنفاق کانت قد حفرتها المیلیشیات عقب بسط سیطرتها على المنطقة فی وقت سابق، وعلى جبهة الدّخانیة فالوضع لم یعد بأیدی "المیلیشیات المسیطرة" وصار من أولویاتهم الیوم "خلق" طریق آمن للهرب بعد إغلاق وحدات الجیش لخطوطهم الخلفیة من جهة عین ترما بالرمایات الناریة والصاروخیة، والتی باتت منطقة مکشوفة جیّداً أمام الجیش ومغلقة على من تبقّى بالدخانیة التی باتت على مشارف السقوط الأخیر "بمن فیها" خلال الساعات القلیلة الماضیة.
لاشک أن العملیات العسکریة التی یقوم بها الجیش العربی السوری منذ أسبوع تقریباً وحتّى الیوم، أرخت بثقلها کاملاً على "مدینة دوما" معقل "ثورة ریف دمشق" سابقاً، ومعقل "لواء الإسلام وکتائب شهداء دوما وجیش الأمة وفیلق الرحمن وکتائب شهداء الهدى" الیوم، وباتت الأنظار جمیعها تتوجّه إلى هذه المدینة مع سقوط "میدعة" المتاخمة للمدینة ناریاً أمس، بعد سقوط تل الصوان بأیدی الجیش السوری، وبالتالی انقلب الوضع "الآمن" فی دوما إلى استنفار عام من جانب کل التشکیلات المسلّحة فیها "بأمر من زهران علوش"، الذی یتوجّس منذ سقوط عدرا ومشارفة جوبر على خروجها نهائیاً من تحت "أنقاض میلیشیاته"، یتوجّس من عملیة مباغتة للجیش السوری بـ"مساعدة أهالی دوما"، قد یستیقظ صباحاً على صوت أحد عناصر "الأجهزة الأمنیة" وهو یقول له "قوم ولاک"، بحسب مانقل عنه أحد عناصر لواء الإسلام أمس.
یعرف قائد مایسمّى "جیش الإسلام" المدعو «زهران علّوش» تماماً، أن سقوط عدرا العمالیة والصناعیة والعمالیة من یده لم یؤثّر کما یحاول القول لقادته المیدانیین على شعبیته المتهالکة أصلاً، خاصة وأن شعبیته بین مؤیّدیه بدأت بالانخفاض، بعد قیام عناصره فی وقت سابق بسرقة الأغذیة والأدویة من بیوت أهالی دوما، والسّطو علناً على "قوافل الإغاثة" التی کانت تقدّمها "الدولة السوریة" للأهالی المحاصرین علماً أنها تعرف أی "الدولة السوریة" أنها تقدّم الغذاء والدواء وکل شیء لـ"حاضنة المسلحین"، ولکن مع ذلک لم تصغِ للانتقادات التی وجّهت لها، فقد نجحت فی ذلک، أی أنها استطاعت أن تثبت من خلال القوافل الإغاثیة أن تلک المیلیشیات عبارة عن مجموعة "سارقین" ولیسوا طلّاب "حریة وثورة" کما یدّعون، والنتائج بدأت تظهر من خلال انقلاب البیئة القریبة من «علوش» علیه، إضافة إلى أنه یعرف تماماً أی «علوش» أن حرستا بـ"مسلحیها" تنتظر "المخلّص" من الجیش السوری، وأن المصالحة المقسومة فیها ستتوحّد فی حال سقوط دوما، وأن محاولة "لواء الإسلام" لإفشال مصالحة حرستا "المنتظرة" باتت فی آخرها وأنّه لم یعد "الفزاعة" التی کادت أن تلقی "حرستا" فی نار الحرب والإجهاز على ماتبقّى منها.
یسأل المراقبون لسیر العملیات العسکریة فی الریف الدّمشقی أنفسهم، أی المناطق التی تسبق فی سقوطها "مدینة دوما"، فالخیارات مازالت مفتوحة مع الترکیز على قیام الجیش السوری بإعطاء دوما الأولویة القصوى فی إنهائها إنقاذاً للمدنیین المحاصرین فیها منذ سنوات، إضافة إلى قضیة المخطوفین الذین تم نقلهم من عدرا العمالیة وتجمیعهم فی دوما للضغط على الجیش السوری فی حال تقدّم أکثر باتجاه المدینة، لکن احتمال سقوط "حرستا" کأولویة عملیاتیة بالنسبة للجیش السوری هو الأهم من حیث زیادة الضغط باتجاه دوما، فی محاولة أخیرة للجیش السوری لتسلّم "دوما" دون "مقاومة" من قبل المیلیشیات حفاظاً على المدنیین والمخطوفین، خاصة وأن المیلیشیات المسیطرة سلّمت سلفاً بأن الجیش السوری لن یفاوض على المدنیین والمخطوفین مقابل إخراج المسلحین بـ"طرق آمنة" على غرار "صفقة حمص القدیمة"، ونقل المعارک إلى مناطق أخرى بعیدة منذ زمن عن المواجهات العسکریة، مع الأخذ بعین الاعتبار "دعوات" المیلیشیات لفتح جبهات أخرى فی الریف الدمشقی "الغربی"، بهدف التخفیف عن الریف الشرقی وهذا متوقّع فی أی لحظة .. فهل ینجح الجیش بخنق «علوش» إلى حد تسلیمه دوما دون مقاومة ..؟؟. أم أنّه سـ"یضحّی" بالمدینة وأهلها لینقذ نفسه ..؟، الجواب سنترکه للأیام "القلیلة" القادمة .. "قبل قدوم عید الأضحى المبارک".
المصدر: عربی برس