محمد صادق الحسینی
غریب أمر هذا الذی سمی بـ»التحالف الدولی ضد داعش» فهو بالإضافة إلى أنه یضم عشرات من الدول العظمى والکبرى وأخرى صغرى هی من کان لها الید الطولى فی دعم وإسناد ورعایة داعش بالکادر والسلاح والمال، فإنها تبدو فی المیدان أعجز حتى من «تقلیم أظافر» هذا المولود العجیب الخلقة، ناهیک عن وقف تمدده أو تدمیره أو حتى ضرب بنیته الأساسیة!
هی على ما یبدو مجرد مناوشات استعراضیة هولیودیة یتم توظیفها فی الحرب الإعلامیة والنفسیة والسیاسیة، طبعاً ضد خصوم هذا التحالف الذین کانوا ولا یزالون ضحایا هذه الحرب والمتصدین الحقیقیین لتمدد داعش.
مع ذلک عندما یتطلب الأمر وتقضی المصلحة العلیا لقیادة هذا التحالف تراه وقد شکل أهم غطاء جوی لمجموعة من «البیشمرکة الکردیة» لتحریر بلدة ربیعة العراقیة مع الحدود الترکیة.
فی حین یتخاذل هذا التحالف نفسه عن الدفاع عن مدینة کوبانی أو عین عرب الکردیة المحاصرة منذ أسابیع من قبل مجامیع «داعش» الإرهابیة على رغم تعرضها لمخاطر إبادة جماعیة وموجة نزوح کارثیة نحو الحدود الترکیة، مرجحاً دخول القوات الترکیة والتی ستعتبر غازیة قطعاً من قبل الإدارة السوریة الوطنیة فی دمشق وکذلک الإدارة المحلیة الکردیة، کمخلص و»بطل حرب تحریر» کوبانی، لغایة فی نفس الثنائی داوود أوغلو – أردوغان المغطاة أمیرکیاً.
کل ذلک حتى یظهر الکاوبوی الأمیرکی محارباً نشطاً وفعالاً دفاعاً عن «الإسلام الاعتدالی الوسطی» السنی طبعاً، الذی أشرکه فی التحالف الدولی.
فیما یتعزز دور الترکی کلاعب إقلیمی قوی وبطل نجاة لخصمه الکردی الذی بدأ یطرق أبواب أنقرة واسطنبول.
وبینما یلعب الطرفان الدولی والإقلیمی کلاعبین مقامرین بالطوائف والمذاهب والأعراق وتوظیفها فی حروب استنزافیة فی ما بینها، فان عیونهما لم تنفک مشدودة إلى قصر الشعب السوری وهی تحلم «بسقوط الأسد»!.
فی هذه الأثناء تتوسع دائرة الحرب المفتوحة بین محور المقاومة والممانعة ومعسکر «حلف بغداد» الجدید لتمتد إلى مضیق باب المندب وتخوم الجزیرة العربیة بعد أن أصبح قادة «أنصار الله» الیمنیین سادة الجزیرة العربیة أو یکادون.
الدائرة الدولیة الأوسع فی الاصطفاف المیدانی فوق أرضنا العربیة والإسلامیة لیست أقل توتراً وخطورة، فالمارد الروسی الطامح بقوة للعودة إلى الساحة الدولیة من بوابات الشام بات الآن بقوته النوویة جنوب خط الأطلسی، فیما یحاول الحلف المذکور إعادة تفعیل الدور الترکی – انطلاقاً من عضویة أنقرة فی الأطلسی – الذی کان مناطاً به أیام ما قبل تسعینات القرن الماضی عندما کان المذکور یلعب دور الکابح الجنوبی الغربی للحیز الحیوی للاتحاد السوفیاتی السابق فی ظل حرب باردة تتجمع کراتها فی ملاعبنا!.
بالضربة القاضیة لیس هناک من إمکانیة لطرف للفوز على الطرف الآخر بسبب توازن الردع الإقلیمی والدولی الذی یتکرس یوماً بعد یوم.
بالنقاط نحن لدینا الید العلیا على رغم توافر نقاط أو أوراق ضغط لدى الخصم یمارس من خلالها استفزازاته ضدنا.
لکننا نظل الأکثر وضوحاً والأکثر جرأة على عرض أفکارنا على الرأی العام العالمی وقد نکون الأکثر شجاعة فی کسر حاجز «المحرمات» إذا ما تطلب الأمر ما دامت «الجغرافیا والحدود» کما یقول کیری لا تمنع بلاده من الضرب فی سوریة انطلاقاً من العراق، فإن الجغرافیا والحدود الوهمیة والأرض المغتصبة أصلاً على الجانب الآخر من هذه الجغرافیا لن تمنع قوة حزب الله العظمى یوماً إذا ما تطلبت مقتضیات المشهد الدمشقی الشهیر من الزحف نحو الجلیل والبدء فی عملیة تحریر نوعیة للمدن والبلدات الفلسطینیة ستکون الأولى من نوعها فی تاریخ حرکة التحرر العربی والإسلامی.