تحدث المحلل والخبیر الستراتیجی الأستاذ أنیس النقاش لمراسل وکالة تسنیم الدولیة للأنباء عن آخر التطورات التی تجری على الساحة الإقلیمیة معتبراً أن "حزب الله" لدیه الجهوزیة الکاملة لخوض حرب مع الکیان الصهیونی، لافتاً إلى أن الرد الإیرانی - الروسی سیکون قویاً فی حال تجاوز التحالف الأمریکی الخطوط الحمراء وقام بالاعتداء على القوات السوریة.
وحول الأسباب التی أدت إلى عودة نشاط المجموعات المسلحة على الحدود السوریة - اللبنانیة خصوصاً فی منطقة "القلمون" التی کان الجیش السوری قد طهرها من الإرهاب لفت الأستاذ أنیس النقاش الى أنه :" وبعد هزیمة المجموعات المسلحة فی منطقة "القصیر" والمناطق المحیطة بها، انتهى دورهم بالتأثیر على الوضع السوری الداخلی بشکل قوی، لأن هذه المنطقة کان لها دوران، الدور الأول أن تؤثر على دمشق باعتبارها من ضواحی دمشق والدور الثانی أن تکون فاصلاً ما بین المقاومة وسوریا بهذه المنطقة، وعندما تم ضرب تجمعاتهم ولم یعد لهم تأثیر أساسی على الوضع السوری الداخلی، ارتأى المحرکون لهذه القوى أنه من الأفضل الاستفادة منها بالتأثیر على الوضع اللبنانی، ولذلک شاهدنا الحرکة فی عرسال وبریتال وعملیة خطف الجنود وبالتالی أصبح الهدف الأساسی من وجودهم هو التأثیر على الوضع اللبنانی أکثر منه فی التأثیر على الوضع السوری، هذا هو التحول الأساسی فی الأدوار التی ألقیت على تلک المناطق "
وأضاف النقاش "إن وجود المجموعات المسلحة فی المنطقة سابقاً کان وجوداً تموضعیاً بالمدن والقرى، وکان الهدف من الهجوم علیهم هو إخلاء تلک المناطق منهم، وقد عمد الجیش السوری بالتعاون مع الدفاع الوطنی ، إلى فتح المجال لهم للانسحاب کی یغادروا المواقع الأساسیة، واعتقد البعض أنهم تحولوا إلى حالة لا قیمة لها بسبب وجودهم فی الجرود ولم ینتبه إلى أن مهمتهم من الممکن أن تتحول باتجاه الداخل اللبنانی، وبالتالی نعم یجب الاعتراف أنها کانت مفاجأة فی التحضیر للهجوم على عرسال، والحمد لله أنه کان هناک ضربة استباقیة من قبل الجیش وفشلت الخطة، والمرحلة التالیة وهی الهجوم على نقاط المراقبة باتجاه بریتال"
وحول المناوشات التی جرت مؤخراً على الحدود اللبنانیة مع فلسطین المحتلة واحتمال التصعید وفتح جبهة جدیدة من قبل الجانب الصهیونی وخاصة بعد العملیة التی قام بها "حزب الله" فی مزارع شبعا والتی أدت إلى إصابة ثلاثة جنود صهاینة بجروح، أکد الخبیر النقاش أنه :" لیس من مصلحة العدو الصهیونی أن یفتح معرکة أو جبهة مع المقاومة بل بالعکس کانت تقدیراته بأن الذی یحدث هو شیء جید له لأن المقاومة مشغولة بأماکن أخرى وکان تقدیر رئیس الأرکان الصهیونی قبل خمسة أیام من عملیة شبعا بأن حزب الله مشغول جداً فی الأوضاع السوریة وبالتالی لیس له مجال أن یتعامل معنا ،واعتبر أنه من الممکن أن یتحرش بلبنان ویقوم بعملیات استطلاع وعملیات توغل وزرع أجهزة تنصت وعملیة التفجیر التی حصلت للشهید "حیدر" ولکن المقاومة أخذت قرارها بأنها رغم انشغالها بمحاور أخرى، فإن جهوزیتها عالیة ویجب أن تثبت للعدو بأن جهوزیتها عالیة" وتابع النقاش :" أحیانا یکون هناک توفیق إلهی وتقاطع أحداث جاءت کلها فی مصلحة المقاومة، فالمقاومة أخذت قرارها فی الیوم الأول بعد استشهاد الشهید "حیدر" بأنها یجب أن ترد وهو لیس مسألة کشف جهاز تنصت بل هو تفجیر الجهاز بأحد عناصر المقاومة وبالتالی اتخذ القرار وجاءت المناسبة الأخرى بأن "بینی غانیتس" یتوقع بأن المقاومة لا یمکنها أن تتحرک ولا یمکن أن ترد ولکن جاء الرد وحقق هدفین، الهدف الأول هو الرد على العدو بأننا جاهزون والثانی هو الرد الانتقامی من العملیة التی حصلت بجنوب لبنان "
وبالنسبة لامتلاک المقاومة الإسلامیة فی لبنان "حزب الله" الجهوزیة التامة لخوض معرکة مع العدو الصهیونی إلى جانب معارکه التی یخوضها ضد التکفیریین فی سوریا، أکد النقاش أن :" حزب الله لدیه الإمکانیة لخوض حرب مع الکیان الصهیونی وذلک لأن البیئة الحاضنة لحزب الله واسعة جداً وأنه بعد حرب تموز قد راکم من القدرات العسکریة والبشریة والتجهیزات والمعدات والأسلحة کماً هائلاً بحیث أنه تحول إلى قوة إقلیمیة بامتیاز وبالتالی هو قادر على خوض المعرکة وفی أکثر من جبهة، خاصة هو قادر على توجیه موجات الانفجار بالاتجاه الذی یرید وإذا أراد البعض أن یلهیه بمعارک جانبیة فهو قادر على إدارة هذه المعرکة بأن یسلط الضوء على العدو الصهیونی وأن یعید آثار هذه المعرکة بنتائج سلبیة على العدو الصهیونی وحامیته ( الولایات المتحدة )".
وحول رؤیته لما یجری فی منطقة "عین العرب" على الحدود السوریة – الترکیة، فی ظل التطورات الأخیرة والحدیث عن منطقة عازلة وعدم سماح أردوغان للأکراد الموجودین فی ترکیا بمساندة أهلهم فی "عین العرب" توازیاً مع أنباء تتحدث عن ارتکاب مجزرة مروعة ضد الأکراد إذا ما سیطرت "داعش" على المنطقة، شرح الأستاذ النقاش الأوضاع هناک قائلاً :"إن أردوغان حدد دوره فی التحالف على أنه یجب أن یکون ذا نتائج سیاسیة تأتی بالنفع علیه وبالتالی دخوله فی معترک الصراع فی سوریا بشکل مباشر، فحدد أنه یرید منطقة عازلة لکی یجمع المسلحین الذین یدینون بالولاء له أو یتقاربون معه وینطلق منها لعملیة توسعة لهذا النطاق للهدف الآخر الذی هو إسقاط النظام وبالتالی طلب من حلفائه أن تکون هناک منطقة عازلة وأن یکون هدف إسقاط النظام ضمن معرکة الاصطدام مع "داعش"، من هنا حشد قواته على الحدود وقال أننی لا أسمح بسقوط "کوبانی" وکان ینتظر إشارة خضراء من الحلفاء بأننا وافقنا على شروطک، ولکن الحلفاء لا یستطیعون الموافقة على شروطه لیس حباً بالنظام السوری ولیس لأنهم لا یریدون لترکیا أن یکون لها دوراً أکبر بل لأنهم یعرفون الخطوط الحمراء وبأن هاتین المسألتین - المنطقة العازلة ومحاولة إسقاط النظام- ، ستؤدیان إلى تصادم إقلیمی دولی، حددت روسیا وإیران ملامحهما "
وتابع النقاش :"هم أفهموه أنهم غیر قادرین ولیس لدیهم النیة الیوم بأن یتحرکوا بهذا الاتجاه ولذلک فی الیومین الأخیرین شاهدنا أن مجمل اللقاءات التی حصلت فی ترکیا کانت نتیجتها أن ترکیا لا تستطیع أن تتدخل بل ترکت "کوبانی" لوحدها ولم تسمح للأکراد بالدخول فلو سمحت لهم فهذا یعنی أنها تقوی نفوذهم فی المنطقة وهذا ما لا تریده فلم تتحرک هی ولم تترک الأکرد یتحرکون، والیوم هناک محاولة أخیرة إیرانیة لإیجاد مخرج لهذا الأمر بأن لا تسقط "کوبانی" دون أن یکون هناک تعاظم للدور الکردی فی المنطقة "
وحول الدور الذی یمکن للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أن تلعبه لمنع سقوط "عین العرب" خصوصاً بعد التصریحات الإیرانیة على لسان مساعد وزیر خارجیتها السید حسین أمیر عبد اللهیان وقوله بأن إیران مستعدة لتقدیم المساعدة إذا طلبت الحکومة السوریة ذلک، لفت النقاش إلى أن:" إیران یمکنها التحرک بأکثر من محور، أولا المحور الترکی وإفهام انقرة أن هذا الأمر لیس من مصلحتها ویجب أن توازن ما بین سقوط "کوبانی" والغضب الکردی الکبیر الذی یمکن أن یؤثر على الجانب الترکی فی الداخل وهذا ما نشاهده فی المظاهرات، ثانیاً یمکن أن تقدم ضمانات على أنه لا یمکن أن یکون هناک دولة کردیة أو تعاظم للحکم الذاتی الکردی بما یؤسس لکیان على حدودها بما یریح ترکیا بهذا المجال عندها یمکن أن تفتح الأبواب لمساعدة "کوبانی" بسهولة لأنها ملاصقة للحدود "
وبالنسبة للتصریحات القویة التی صدرت عن الجانب الإیرانی والتی تقول أن الجمهوریة الإسلامیة لن تسمح بالمساس بالسیادة السوریة أو إسقاط نظام الرئیس بشار الأسد وأن ذلک سیتبعه رد قوی وفوری، أوضح النقاش أن:" القدرات الإیرانیة واسعة جداً وهی على أکثر من مستوى وأُذکر هنا تصریح البرزانی عندما قال :" إن إیران کانت أول دولة وقفت وساندتنا ووقفت فی وجه "داعش" وإلا کانت أربیل فی خطر " وبالتالی کانت إیران قادرة على إرسال السلاح والخبراء لاستخدامها ووقف هذا التدخل، إیران ساعدت کثیراً فی عملیات وقف تقدم "داعش" باتجاه جنوب العراق بشکل قوی وهناک عدة مناطق فی سوریة کالقصیر وحلب والغوطة هی نتائج هذه المعارک، هذا لا یعنی أن الجیش الإیرانی وقوات الحرس الثوری قد دخلت بشکل علنی فی هذه المعرکة، فهناک تدخل عن طریق الخبراء " وتابع النقاش " الناس العوام یتصورون الأمور ببساطة وأحیانا تکون هناک مسائل أکثر فاعلیة من التدخل العلنی الذی یسمح للأطراف الأخرى أیضا بالتدخل، ولکن لو حصل تدخل علنی کما هددت إیران عندها سیکون التدخل العلنی هو الرد المناسب"
وفی جوابه على سؤال حول ردود الفعل فی حال تخطی قوات التحالف الأمریکی الخطوط الحمراء کمحاولة ضرب القوات السوریة، قال النقاش:" فی حال تخطی الخطوط الحمر بشکل قوی عندها ستکون سیناریوهات الحرب التی کانت موجودة أیام إعلان الحرب على سوریا من قبل أوباما، فعندما هددت أمریکا بضرب سوریا، تم وضع سیناریوهات للرد على ذلک وهی سیناریوهات حرب إقلیمیة بامتیاز، ولیست إیران لوحدها فروسیا أیضا دخلت فی الموضوع وأعطت إشارات عملیة تجاه الولایات المتحدة على أنها لیست حیادیة فی هذا الموضوع وترکیا تعلم ذلک ولذلک عندما اتخذت إیران وروسیا قراراً فی هذه المرحلة بالذات على أن هناک خطوط حمر لا یجوز تجاوزها التزمت کافة الدول بما فیها أمریکا وقال أمیر عبد اللهیان فی تصریح له أن أمریکا أعطتنا ضمانات، ومن الطبیعی ألا نثق بالولایات المتحدة ولکنها أعطت ضمانات بأنها لن تضرب القوات السوریة، وإذا قامت بضرب القوات السوریة أو البنى التحتیة فعندها سیکون الرد المناسب حسب ما هو مرسوم"
وحول الموقف الروسی مما یجری من أحداث فی المنطقة، أوضح الأستاذ النقاش أن :" الروس مطمئنون للوضع العسکری السوری، مطمئنون للوعود الأمریکیة التی تلتزم بها ونحن نشاهد أن فرنسا وبریطانیا لم یتدخلوا بالوضع السوری لأنه لا یناسبهم، فلیس هناک فضاء مفتوح لهم کی یتصرفوا کما یریدون وبالتالی التزموا بالخطوط الحمر التی وضعت لهم وهذا أکبر دلیل وبالتالی لیس هناک خوف حتى الآن، أما إذا تجاوزت الخطوط الحمر وتم کسر الوعود التی أعطیت، عندها سیکون الرد الروسی قوی ونحن نعلم أن الروس موجودون فی الساحل السوری وبالتالی لیس هناک موقف هادئ لکنه حاضر بقوة."
المصدر: وکالة تسنیم الدولیة للأنباء