20 November 2024

هل أدى «بروتوکول هنیبعل» الإسرائیلی إلى جریمة حرب فی غزة؟

قوبلت الحرب على غزة فی شهری یولیو وأغسطس بإدانة دولیة لأسباب عدة لکن أحد فصولها کان الأعنف على الإطلاق : قصف جوی ومدفعی إسرائیلی فی الأول من أغسطس آب أسفر عن مقتل 150 شخصا فی غضون ساعات.
رمز الخبر: ۶۰۵۹۹
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۱۶ - 15October 2014

هل أدى «بروتوکول هنیبعل» الإسرائیلی إلى جریمة حرب فی غزة؟

قوبلت الحرب على غزة فی شهری یولیو وأغسطس بإدانة دولیة لأسباب عدة لکن أحد فصولها کان الأعنف على الإطلاق : قصف جوی ومدفعی إسرائیلی فی الأول من أغسطس آب أسفر عن مقتل 150 شخصا فی غضون ساعات.

وبعد مرور ستة أسابیع على بدء الحرب وبینما کان تقییم حجم الدمار لا یزال جاریا کان هناک قلق عمیق بشأن ما حدث فی ذلک الیوم خاصة ما اذا کانت القوة المفرطة قد استخدمت. ویقول بعض خبراء القانون إن جریمة حرب ربما ارتکبت.

وتکشفت الأمور بینما کانت هدنة لمدة ثلاثة أیام من المفترض أن تبدأ. خرج مسلحون من حرکة المقاومة الإسلامیة (حماس) من نفق داخل غزة ونصبوا کمینا لثلاثة جنود إسرائیلیین وقتلوا اثنین منهم وأسروا الثالث.

ولإنقاذ الجندی -حیا أو میتا- وضمان ألا تستغله حماس کرهینة أعملت إسرائیل ما یعرف باسم “بروتوکول هنیبعل” وهو أمر للوحدات العسکریة بفعل کل ما یمکنها فعله لاستعادة جندی زمیل مخطوف.

وما تلا ذلک کان هجوما شرسا على منطقة بالطرف الشرقی لمدینة رفح أکبر مدن جنوب قطاع غزة ویعیش فیها نحو 200 ألف شخص. وقصفت المدفعیة والدبابات الإسرائیلیة أربعة أحیاء لعدة ساعات -بوتیرة وصلت فی أوقات إلى قذیفة کل دقیقة- فیما شنت المقاتلات غارات جویة.

وإلى جانب سقوط 150 قتیلا قال مسعفون فی غزة إن نحو 200 شخص أصیبوا معظمهم مدنیون. وکان هذا أکثر الأیام دمویة فی الحرب التی استمرت سبعة أسابیع وقتل فیها أکثر من 2100 فلسطینی معظمهم مدنیون کما قتل من الجانب الإسرائیلی 67 جندیا وستة مدنیین.

وفی الأسابیع التالیة أثار ناشطون فی مجال الحقوق المدنیة وخبراء قانونیون دولیون بل وبعض ضباط الجیش الإسرائیلی مخاوف بشأن الهجوم. وکان أحد التحفظات یتساءل عما إذا کان خطف جندی إسرائیلی واحد یسوغ استخدام القوة المفرطة بلا هوادة ضد منطقة مکتظة بالسکان.

ومن المقرر أن تبدأ لجنة شکلتها مفوضیة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قریبا التحقیق فی انتهاکات محتملة من الطرفین أثناء الحرب وسیکون الهجوم على رفح واحدا من الأحداث العدیدة التی أشار المحققون إلى أنهم سینظرون فیها.

وفتح المحامی العام للجیش الإسرائیلی -أعلى سلطة قضائیة فی الجیش- تحقیقا فی الأحداث وقال إنه قد یفتح تحقیقا جنائیا. وقرع أساتذة دولیون فی القانون ناقوس الخطر بسبب التبریر.

وقال أیان سکوبی وهو أستاذ فی القانون الدولی العام بجامعة مانشستر “إذا کان هدفا عسکریا مشروعا فعلینا التساؤل عما اذا کان الدمار والقتل الذی لحق بالمدنیین متناسبا.

“والإجابة فی هذه الحالة هی ’لا’ صریحة.. لیس متناسبا.. وإذا لم یکن هدفا عسکریا مشروعا فإنها بوضوح جریمة حرب لأنها استخدام غیر مبرر لقوة خلفت آثارا على السکان المدنیین.”

وقال الجیش الإسرائیلی إن فرق تقصی الحقائق التابعة للمحامی العام ما زالت تزاول عملها لمعرفة ماذا حدث على وجه الدقة وإنه لذلک لن یعلق على التفاصیل.

لکن بیانا للجیش قال “لا یوجد توجیه أو إجراء فی الجیش الإسرائیلی یسمح بانتهاک القانون الدولی بما فی ذلک قانون الصراع المسلح.”

* أول أغسطس آب

اتفق وسطاء فی القاهرة مع ممثلین عن إسرائیل وحماس على أن یبدأ وقف إطلاق النار فی الساعة 0800 صباحا بالتوقیت المحلی.

ولم یتضح على الفور التوقیت الذی شنت فیه حماس هجومها. قالت الحرکة الإسلامیة فی بادئ الأمر إن الهجوم کان قبل وقف إطلاق النار لکن إسرائیل زعمت أنه وقع بعده وعلى أیة حال فقد تسلل مسلحون من خارج النفق لنصب کمین للجنود.

وزحف جنود إسرائیلیون آخرون من نفس وحدة الاستطلاع الخاصة إلى المکان حیث عثروا على جثتین وأدرکوا أن الجندی الثالث اللفتاننت هدار جولدین تم سحبه إلى داخل النفق.

وحصل الجنود وهم من لواء جیفاتی على إذن خاص بدخول النفق الذی یحتمل أن یکون ملغوما للبحث عن جولدین تحت الأرض.

وانتشل الجنود بعض متعلقات جولدین مما سمح لخبراء الطب الشرعی بالتوصل إلى أنه قتل فی الکمین. وقالت حماس إن لدیها رفات جولدین وجندی آخر قتل فی الحرب.

وقال الکولونیل عوفر وینتر قائد لواء جیفاتی إنه أبلغ بالکمین فی حوالی الساعة التاسعة وبعد نحو نصف ساعة علم بأن جندیا لا یعرف مصیره.

وقال وینتر لصحیفة یدیعوت أحرونوت الإسرائیلیة یوم 15 أغسطس آب “نطقت عبر الاذاعة الکلمة التی لا یرید أحد التفوه بها: هنیبعل التی تعنی الخطف.”

وتابع “بدأت فی التخطیط لهجوم على رفح. أصدرت تعلیمات لکل القوات بالتقدم والسیطرة على المنطقة حتى لا یمکن للخاطفین الحرکة.”

وأشارت روایات صحفیین محلیین وسکان ومسعفین إلى أن قصفا مدفعیا عنیفا ونیران دبابات وغارات جویة أعقبت ذلک. وقال صحفی من رویترز إن وتیرة القصف بلغت فی مرة من المرات قذیفة کل دقیقة فأطلقت ستة مدافع قذائف تفجیریة وأخرى دخانیة.

وعاد عبد الحکیم لافی (57 عاما) إلى منزله بالمنطقة صباح ذلک الیوم على أمل بدء وقف اطلاق النار. وبمجرد أن عاد هو وولداه إلى المنزل بدأ القصف.

وقال لافی لرویترز “رکضنا إلى خارج المنزل على طریق ترابی وبینما أنا أجری کانت القذائف تنهال.. أحدى القذائف ضربت امرأتین أمامی. رأیتهما وقد تم قصفهما وماتتا أمام عینی.” وقتل أحد ولدی لافی بینما کان یجری وراء والده.

وقال هانی حماد وهو صحفی فلسطینی یبلغ من العمر 28 عاما فی رفح “المنطقة جمیعها غرب المکان الذی زعم (الاسرائیلیون) أن الجندی أختطف فیها تم قصفها من السماء ومن الأرض.”

وفی تصریحاته للصحیفة الإسرائیلیة دافع وینتر عن قرار استخدام کل هذه القوة وقال “نشأ کل شیء من تفهم بأننا نستطیع استعادة هدار جولدین حیا.

“ولهذا استخدمنا کل هذه القوة. إن أی خاطف یجب أن یعلم أنه سیدفع ثمنا.. لیس انتقاما لکنهم عبثوا مع اللواء الخاطئ.”

* تداعیات

وفی الأیام التالیة ترکز الاهتمام الدولی على التوصل إلى وقف دائم لاطلاق النار لکن سرعان ما أثیرت تساؤلات بشأن قصف رفح.

ودعا اتحاد الحقوق المدنیة فی إسرائیل إلى فتح تحقیق فی أسباب تطبیق بروتوکول هنیبعل فی منطقة حضریة مکتظة بالسکان وقال إنه “انتهاک أساسی لمبدأ التمییز فی القانون الدولی.”

وفی مقابلة مع رویترز فرق البریجادیر جنرال روی ریفتین قائد المدفعیة بالجیش الإسرائیلی بین ما حدث فی رفح وواقعتین اخریین استخدمت فیهما المدفعیة الثقیلة.

وقال “عندما تکون قوة معرضة للخطر أو تحت تهدید شدید نطلق نیران الانقاذ.” وأضاف أن السکان فی الحالتین الاخریین أُبلغوا بضرورة ترک المنطقة قبل أن تدخل القوات وقبل اطلاق نیران المدفعیة.

وقال “إن بروتوکول هنیبعل الذی أعلن من أجل هدار جولدین کان مختلفا تماما.. یجب بحثه على مستویات مختلفة بالکامل.”

ولم تتضح مرتبة المسؤول الذی أخد قرار تطبیق البروتوکول فی تسلسل القیادة. لکن وبغض النظر عمن أعطى الضوء الأخضر یظل هناک سؤال محوری: هل کان متناسبا؟ وقال مارکو ساسولی وهو أستاذ فی جامعة جنیف ومطلع على القانون الدولی إن الإجابة بالنفی فیما یبدو.

وأضاف “لا یمکنهم قصف منطقة بأکملها ببساطة إذا کانوا لا یعرفون مکان الشخص أو فقط للتأکد من أنه لا یمکن اجلاء الجندی.. من المصلحة عدم فقد أی جندی لکنها لیست مصلحة کبیرة للغایة لتبریر قتل مئات المدنیین.”

وأکد خبراء آخرون على أهمیة انتشال الجندی لکنهم قالوا إن هذا لا یعنی تفویضا مطلقا.

وقال مایکل شمیت وهو أستاذ فی القانون الدولی بمرکز ستوکتون التابع لکلیة الحرب فی البحریة الأمریکیة “الأمر یتجاوز الحسابات البسیطة.” وعلق شمیت على المبادئ المعنیة ولیس ما حدث فی رفح على وجه التحدید.

وتابع “تولی کل الجیوش أهمیة بالغة بحمایة جنودها ولهذا سبب جید جدا. انت ترید رفع المعنویات بین الجنود. وترید أن یعلم الجنود أنک ستأتی لمساعدتهم إذا وقعوا فی مأزق وهکذا. “لکن إذا خطف شخص لا یعنی هذا أن تتصرف دون ضابط ولا رابط.”

* المحکمة الجنائیة الدولیة

ویشمل المنطق الإسرائیلی للرد بهذا العنف على مثل هذه الحالات أن إسرائیل دفعت ثمنا باهظا فی الماضی لخطف جنودها. ففی 2006 خطف الجندی الإسرائیلی جلعاد شالیط قرب غزة وقضى خمس سنوات فی الأسر لدى حماس. وأطلق سراحه مقابل الإفراج عن أکثر من ألف أسیر فلسطینی.

ووضع بروتوکول هنیبعل عام 1986 بعد خطف ثلاثة جنود إسرائیلیین من لواء جیفاتی فی لبنان. وشاهد زملاء المخطوفین السیارة تبتعد وبها رفاقهم دون أن یفتحوا النار. ویهدف البروتوکول إلى ضمان ألا یتکرر هذا.

ویقول منتقدون إن البروتوکول أسیء فهمه على أنه یوحی بأن الجندی القتیل أفضل من الجندی المخطوف.

ویحجم الجیش عن اعلان تعریف محدد للبروتوکول ویکتفی بالتأکید على ضرورة منع وقوع جندی فی الأسر. ودفع الجدال قادة فی الجیش أحیانا إلى التأکید على أن استهداف الجندی المخطوف غیر مسموح على الرغم من أنه یمکن المجازفة بحیاته.

وخاضت إسرائیل حروبا کثیرة منذ تأسیسها عام 1948 واتهمت مرارا بارتکاب جرائم حرب ووجهت اتهامات مماثلة لأعدائها ومن بینهم حماس.

ویکمن الاختلاف الآن فی أن الفلسطینیین على وشک الانضمام للمحکمة الجنائیة الدولیة وهی خطوة ستسمح لهم بمقاضاة إسرائیل لکنها قد تفتح الباب أیضا أمام توجیه اتهامات جنائیة لحماس.

وقال رئیس اللجنة التابعة لمفوضیة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة للتحقیق فی حرب غزة إن المحکمة الجنائیة الدولیة یمکن أن تستخدم أی أدلة تجمعها اللجنة فی رفع دعوى قضائیة تتهم إسرائیل بارتکاب جرائم حرب.

ومن المقرر صدور التقریر النهائی للجنة بحلول مارس اذار من العام المقبل. وسیکون للشهور القلیلة المقبلة وما إذا کانت إسرائیل قد قررت التعاون مع التحقیق دور مهم لتحدید هل ستوجه اتهامات بارتکاب جرائم حرب فی نهایة المطاف؟

وکالة الدفاع المقدس للأنباء غیر مسئول عن النص و ماورد فیه و هو لا یعبّر الّا عن وجهة نظر کاتبه.

المصدر: موقع شبکة احتلال

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار