تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

أفرع «القاعدة» تتخبط.. والظواهری فی عزلة

ومقابل هذا التخبط، الذی تعانی منه أفرع «القاعدة»، یبدو أن «الدولة الإسلامیة»، وبالرغم من تعرضه لغارات التحالف الدولی، یعیش أکثر أیامه ازدهاراً، فإلى جانب استمراره فی التقدم المیدانی والاستیلاء على أراضٍ جدیدة خصوصاً فی العراق، فهو یکتسب یومیاً مزیداً من الأتباع والمناصرین.
رمز الخبر: ۶۰۶۵۶
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۴۰ - 18October 2014

أفرع «القاعدة» تتخبط.. والظواهری فی عزلة

عبد الله سلیمان علی

یعیش زعیم تنظیم «القاعدة» أیمن الظواهری شبه عزلة بعد أن فقد القدرة على التأثیر فی الأحداث، وتراخت قبضته حتى على بیته الداخلی. وظهر ذلک جلیاً من خلال تخبط مواقف أفرع «القاعدة» تجاه التحالف الدولی ـ العربی، الذی تقوده الولایات المتحدة، ضد تنظیم «الدولة الإسلامیة فی العراق والشام» ـ «داعش»، فی الوقت الذی یحصد فیه الأخیر المزید من البیعات النوعیة ومواقف التأیید له من داخل تیارات السلفیة «الجهادیة» المنتشرة فی العالم.

وبالرغم من ترکیز واشنطن، فی بدایة العملیات فوق الأراضی السوریة، على استهداف ما أسمته «تنظیم خراسان» وربطه مباشرة بالقیادة العامة لـ«القاعدة» فی أفغانستان، وتهویلها من الخطر الذی یشکله، إلا أن ذلک لم یدفع الظواهری إلى اتخاذ أی موقف معلن من التحالف الدولی، بل لاذ بصمت مطبق.

وبینما تستعر الأحداث فی منطقة الشرق الأوسط، سارع إلى الانشغال بتأسیس فرع جدید له فی شبه القارة الهندیة، وکأنه استشعر بالعجز عن القیام بأی عمل مؤثر، بعد أن کبّل نفسه مؤخراً بجملة من المواقف والتوجهات التی شکلت انقلاباً واضحاً على نهج «القاعدة» فی زمن أسامة بن لادن.

والأهم من غیاب الموقف المعلن، هو وجود مؤشرات تدل على عدم وجود موقف مرکزی، معلن أو غیر معلن، لـ«القاعدة» من التحالف الدولی أو بعض القضایا الأخرى. وهو ما یعکسه التخبط الذی اتسمت به مواقف بعض أفرع «القاعدة» فی المنطقة، بالإضافة إلى تزاید حالات الانشقاق عن «القاعدة» فی عدد من البلدان، مثل الفیلیبین والجزائر وتونس ولیبیا. وعلى الأقل فإن هذا التخبط یشیر، فی حال وجود موقف مرکزی، إلى عدم رضا الأفرع عن هذا الموقف، واتخاذ خطوات منفردة قد تتطور إلى الخروج عن سرب «خراسان» بقیادة الظواهری.

وکان صدر فی 11 تشرین الأول الحالی، أی مع بدایة تشکیل التحالف الدولی، بیان مشترک عن کل من فرعی «القاعدة فی المغرب العربی» و«الجزیرة العربیة»، أقل ما یقال فیه أنه بیان ملتبس لم یتضح منه الموقف الحقیقی لـ«القاعدة»، هذا إذا لم یکن قد زاده غموضاً. حیث وصف البیان حرب التحالف بأنها «حرب صلیبیة على کافة المسلمین» بذریعة محاربة «داعش»، معبراً عن دعمه ووقوفه مع المسلمین. وبدا البیان وکأنه یقیس کلماته بالمیزان حتى لا یفهم منه أن الموقف الرسمی من «داعش» تغیر. وجاءت الفقرة الأخیرة منه، والتی تضمنت عزاءً بقیادات «أحرار الشام»، إشارة واضحة فی هذا السیاق.

وصدر أمس عن فرع «القاعدة فی الجزیرة العربیة» منفرداً، بیان واضح وجلی، مسمیاً الأمور بمسمیاتها، على عکس البیان المشترک، حیث أقرّ أن حرب التحالف تستهدف «المجاهدین فی الدولة الإسلامیة» بشکل خاص، الذین اسماهم البیان بـ«إخواننا»، وهی إشارة تودد فضلاً عن کونها تحمل دلالات شرعیة تنسف کل الأدبیات التی تعتمد علیها الفصائل فی سوریا، وعلى رأسها «جبهة النصرة»، لتبریر القتال ضد «داعش».

ولم یکتف البیان بذلک بل أعلن بصراحة تامة رفضه وصف «داعش» بالخوارج، وأنه یعتبر قتاله حراماً: «کما نؤکد على حرمة المشارکة فی قتال إخواننا تحت دعوى أنهم خوارج، ولیسوا کذلک»، علماً أن الظواهری نفسه سبق أن قارن بین «داعش» وبین الخوارج فی رثائه لأبی خالد السوری الذی اتُّهم «داعش» بقتله. کما تجدر الإشارة إلى أن زعیم «جبهة النصرة»، وهی فرع «القاعدة» فی الشام، أبو محمد الجولانی لا یرى حرمة قتال «داعش»، بل أباح للفصائل الاستمرار فی قتاله شرط عدم انضمامها إلى التحالف الدولی.

وطالب البیان جمیع المجاهدین «أن ینسوا خلافاتهم، وأن یوقفوا الاقتتال فی ما بینهم»، مؤکداً وقوفه إلى جانب «الدولة الإسلامیة» ونصرتها ضد «الحملة الصلیبیة العالمیة»، محذراً من بدء الحدیث عن تدخل بری «لیطفئوا نور الله» ویمنعوا تطبیق الشریعة.

ولا شک أن هذا البیان یختلف اختلافاً جذریاً عن البیان المشترک، ویعتبر خطوة نوعیة من «قاعدة الجزیرة العربیة»، لاسیما أن زعیم الأخیرة ناصر الوحیشی یعتبر من اشد المقربین إلى أیمن الظواهری، فهل هی بدایة تمایز بین أفرع «القاعدة»؟ أم أن کل فرع اضطرته تطورات الأحداث إلى صیاغة مواقف خاصة یحمی بها بنیته الداخلیة من التشقق بفعل ضغط هذه التطورات، بغض النظر بعد ذلک عن تباین مواقفه مع موقف قیادته الغائبة أو المعزولة؟.

ومقابل هذا التخبط، الذی تعانی منه أفرع «القاعدة»، یبدو أن «الدولة الإسلامیة»، وبالرغم من تعرضه لغارات التحالف الدولی، یعیش أکثر أیامه ازدهاراً، فإلى جانب استمراره فی التقدم المیدانی والاستیلاء على أراضٍ جدیدة خصوصاً فی العراق، فهو یکتسب یومیاً مزیداً من الأتباع والمناصرین.

وحصل التنظیم المتشدد خلال الأیام الماضیة على بیعات نوعیة، قد یکون أهمها البیعة التی أعلن عنها المتحدث الرسمی باسم «حرکة طالبان باکستان» شاهد الله شاهد (أبو عمر الخراسانی) مع خمسة «أمراء» من الحرکة، وذلک فی تسجیل صوتی بثته مؤسسة «ترجمان الموحدین» الإعلامیة. ورغم تأکید شاهد على أن هذه البیعة لا تعنی بیعة عامة من الحرکة، إلا أنه من المتوقع أن یلحق به و«بالأمراء» الخمسة أعداد لا یستهان بها من أتباعهم.

کما تلقى «داعش» دعماً کبیراً من التیار السلفی الأردنی، تجلى بوصول عدد من مشایخه مؤخراً إلى محافظة الرقة، معقله الرئیسی، وتقدیمهم البیعة لزعیمه البغدادی، وعلى رأس هؤلاء المشایخ عمر مهدی زیدان، الذی یعتبر من أصدقاء أبو مصعب الزرقاوی المؤسس الحقیقی لتنظیم «داعش».

وفی هذا السیاق، تلقت «جبهة النصرة» صفعة قویة، تمثلت بإعلان الشیخ الأردنی سعد الحنیطی انشقاقه عنها والانضمام إلى «الدولة الإسلامیة»، علماً أن الحنیطی دخل إلى الأراضی السوریة منذ آذار الماضی، واستلم منصباً قضائیاً رفیعاً فی «جبهة النصرة»، لیعلن، عبر حسابه على «تویتر» أمس الأول، بیعته للبغدادی وانضمامه إلى دولة «الخلافة». وکانت تقاریر إعلامیة تحدثت فی وقت سابق عن إعلان القیادی فی التیار السلفی الأردنی أبو محمد الطحاوی عن تأییده وبیعته للبغدادی من داخل سجنه.

المصدر: جریدة السفیر

رایکم
الأکثر قراءة