تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

مملکة الوقاحة

طوال حقبة الحرب العربیة الباردة، وحتّى أوائل سبعینیات القرن العشرین، لم ینظر الأمیرکیون الى النظام السعودی على أنّه یملک عناصر الاستمرار والبقاء، وتجنّبوا الاعتماد علیه کحلیفٍ أساسیّ، معتبرین أنّ سقوط الملکیّة تحت تأثیر الطوفان السیاسی الذی کان یجتاح الأنظمة الرجعیة آنذاک ما هو الا مسألة وقت.
رمز الخبر: ۶۰۶۹۲
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۵۷ - 20October 2014

مملکة الوقاحة

طوال حقبة الحرب العربیة الباردة، وحتّى أوائل سبعینیات القرن العشرین، لم ینظر الأمیرکیون الى النظام السعودی على أنّه یملک عناصر الاستمرار والبقاء، وتجنّبوا الاعتماد علیه کحلیفٍ أساسیّ، معتبرین أنّ سقوط الملکیّة تحت تأثیر الطوفان السیاسی الذی کان یجتاح الأنظمة الرجعیة آنذاک ما هو الا مسألة وقت.

عامر محسن/ جریدة الأخبار

تزخر الأوراق الدیبلوماسیة من تلک الفترة بتوصیفات للنظام السعودی من نوع «متخلّف» و«خارج التاریخ»، وتشکیک فی قدرة أسرة تجمع السلطویة الرجعیة بسوء الادارة والفساد على التأقلم مع العالم الحدیث المتغیّر.

فی الحقیقة، لم تکن شکوک الامیرکیین بلا أساس، فنحن نتکلّم على نظامٍ یحمل فی بذوره أسباب انهیاره. تاریخیاً، ان کان فی نظام الملکیة الوراثیة من حکمة، فهی فی انّه یسمح بتجدید دماء القیادة کلّ جیل مع الحفاظ على مرکزیة السلطة واستمراریة المؤسسات.

أمّا نظام وراثة العرش فی السعودیة، فهو یتحدى کلّ منطق. انتقال الحکم بین الأشقاء یعنی أنّ العرش لا یصل الى «الجیل الجدید» قبل أن یموت أصغر الأعمام، ولهذا السبب لن تتمکن المعادلة القائمة الیوم، وفی المستقبل المنظور، من انتاج ملکٍ یقدر على دخول الحمام من غیر مساعدة. وبدلاً من أن تکون الوراثة محسومة ضمن فخذ محدّد فی العائلة، والجمیع یصطفّ حوله، یتحوّل الاخوة الى متنافسین، یقتسمون مؤسسات الدولة وینتظرون دورهم على رأسها.

ولکن من قال إنّ التاریخ یخضع للمنطق؟ نظریة آل سعود هی انّه، فی منطقةٍ کالشرق الأوسط یندثر فیها ناصر وحرکة التحرر العربی، ویزدهر أمثال الحسن الثانی والملک حسین، الحکمة تقضی بأن ترخی للرجعیة عنانها، وتسلّم أمرک لأمیرکا، وتتوکّل. هذا النجاح غیر المتوقّع أوصلنا الى مرحلة الوقاحة التی نعیشها الیوم، حیث یصیر الکائن الذی انتجه اقتصاد النفط هو المهیمن والمثال. وما الترویج لـ «نموذج دبی» بین العرب الا تعبیراً موارباً عن هذه النزعة ــــ اذ أن لا أحد یرید أن یعیش فی السعودیة.

الحکم باعدام نمر النمر، الذی لم یرفع سلاحاً ولا حرّض على عنف ولا اتصل بجهات خارجیة، هو رسالة لنا جمیعاً، ولیس للداخل السعودی فحسب، بأن النظام لا یرید التفاوض ولا یرید التعایش. هو یبلّغنا، بوقاحة، أنّ شروطه هی التی ستسری، وأن ثروة العرب ستظل ملکاً للعائلة، وأنّ عشرات ملایین الفقراء فی المشرق العربی سیعیشون فی حربٍ ووبال حتى یضمن هو بقاءه. آل سعود یقولون لنا بوضوح وجلاء إنّ لا مجال للمساومة، إمّا نحن أو هم. 

وکالة الدفاع المقدس للأنباء غیر مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا یعبّر إلا عن وجهة نظر کاتبه

المصدر: صحیفة الأخبار

رایکم
الأکثر قراءة