بقلم: جمال کامل
یحتار المرء وهو یتابع السیاسیة التدمیریة لاستقرار وامن المنطقة وشعوبها ، التی تعتمدها دولة صغیرة مثل قطر ومنذ سنوات ، دون ان تلوح فی الافق ای بوادر یمکن ان تشیر الى وجود تغییر فی التوجه العام لسیاسة هذه الامارة الخلیجیة الصغیرة.
الحیرة تاتی من عدم التکافؤ بین صغر هذه الامارة وعدد سکانها ، وبین ما تقوم به من دور تخریبی اشاع الدمار والفوضى فی دول بعیدة جدا عنها مثل لیبیا والعراق وسوریا واماکن اخرى ، وکذلک من عدم وجود ایة مصلحة لشعب قطر فی کل ما یجری من دمار وفوضى فی المنطقة.
للاسف الشدید ان العائدات الضخمة التی تحصل علیها قطر من بیع الغاز ، بدلا من ان تصب فی صالح المواطن القطری ، وان تکون اساسا لبناء نهضة تنمویة حدیثة تکون اساسا لمستقبل قطر لما بعد الغاز ، نرى هذه الاموال الضخمة تنفق على التنظیمات التکفیریة فی العراق وسوریا ولیبیا ودول اخرى.
لطالما اشتکتت الحکومتان العراقیة والسوریة من الدور المدمر الذی تلعبه الاموال القطریة فی العراق وسوریا ، وکذلک الدور التخریبی والطائفی المسموم للاعلام القطری وفی مقدمته قناة "الجزیرة" الفتنویة ، التی تدعی الدفاع عن الحریة والدیمقراطیة والحکم الرشید فی العالم العربی بینما هی تمول من قبل نظام یعتبر من اکثر الانظمة فی العالم تخلفا ورجعیة وقبلیة.
عبثیة السیاسة القطریة ، وما یترتب علیها من کوارث على المنطقة وشعوبها ، جعلت الکثیر من المراقبین السیاسیین ، یحذرون من هذا الدور هو دور وظیفی لهذه الامارة الصغیرة ، فهذا الدور یصب من الالف الى الیاء فی صالح المخطط الصهیو امریکی ، الرامی الى تفتیت المنطقة وتشتیت شعوبها واهدار ثرواتها.
الملفت ان من یحرک هذه الامارة ضاقوا ذرعا بتطرفها فی دورها الوظیفی ، الذی تجاوز حتى الخطوط الحمراء ، للثنائی الصهیوامریکی ، والذی بات یهدد بخروج الاوضاع عن سیطرة امریکا والغرب والکیان الصهیونی ، لذلک اخذنا نشهد فی الفترة الاخیرة الکثیر من التقاریر الصحفیة الغربیة التی تؤکد بالاسماء والارقام تورط قطر فی دعم التنظیمات التکفیریة فی العراق وسوریا ، وهو ما یکشف عن ان قطر تمادت اکثر مما هو مرسوم لها ، او انها اخطأت فی تنفیذ الاوامر ، او انها فضحت بتصرفها اسیادها، لذلک حاولوا من خلال هذه التقاریر ان یحملوا مسؤولیة کل الکوارث التی حلت بالمنطقة على قطر وبعض الدول الخلیجیة الاخرى ، ویتملصوا هم منها.
اخر هذه الاخبار هو ادراج الحکومة البریطانیة قبل ایام ، المستشار السابق للحکومة القطریة الذی یرتبط بعلاقات وثیقة مع الأسرة الحاکمة عبد الرحمن بن عمیر النعیمی، على قائمة العقوبات، لتمویله الجماعات الارهابیة.
وذکرت صحیفة "الصندای تلیغراف" ان بریطانیا أصدرت قرارا بحظر النعیمی، أحد أکبر ممولی الإرهاب فی العالم، من ممارسة الأعمال التجاریة داخل البلاد، وذلک بعد 10 أشهر من فرض الولایات المتحدة عقوبات علیه.
وأوضحت الصحیفة أن النعیمی متهم بإرسال أکثر من ملیون جنیه استرلینی شهریا للقاعدة فی العراق، وتم إضافة اسمه ضمن قائمة المشتبه بصلاتهم بالإرهاب والفئات المستهدفة بالعقوبات المالیة فی بریطانیا.
وتقتضی الخطوة التی اتخذتها وزارة الخزانة البریطانیة بتجمید أی أصول أو أموال للنعیمی داخل المملکة المتحدة ومنع أی مصارف لها مکاتب بریطانیة من التعامل معه.
ویأتی هذا فی أعقاب حملة أطلقتها صحیفة الصندای تلیغراف تحت عنوان "أوقفوا تمویل الإرهاب"، التی سلطت الضوء علی تغاضی حکومات الخلیج الفارسی، بما فی ذلک قطر، عن ممولی الإرهاب من أبنائها أو المقیمین داخلها.
قبل ذلک بایام ، وتحدیدا فی یوم الاحد 12 أکتوبر / تشرین الاول تناولت صحیفة "صندای تلغراف" تقریراً حول قضیة أحد ممولی تنظیم "القاعدة"، ممن جرى توظیفه من قبل الحکومة القطریة على الرغم من إعلان الولایات المتحدة بصورة رسمیة أنه إرهابی.
واکدت الصحیفة إن سالم حسن خلیفة راشد الکوراری نقل مئات الآلاف من الدولارات إلى القاعدة عبر شبکة لتمویل الإرهاب أثناء عمله فی وزارة الداخلیة القطریة.
وکشفت الصحیفة إن الاتهام یوجه لقطر إما بتمویل الإرهاب بصورة مباشرة أو بغض الطرف عن ممولی الإرهاب المقیمین على أرضها.
وأضافت أن مصادر أمیرکیة تشیر إلى أن قطر تفوقت على السعودیة کمصدر رئیس للتبرعات الخاصة لتنظیم داعش.
ووفق الوثائق الرسمیة لوزارة الخزانة الامیرکیة، فإن الکوراری، 37 عاما، قدم "عونا لوجیستیا ومادیا للقاعدة"، حسبما تقول الصحیفة، وبأن الولایات المتحدة تزعم أنه لعب دورا حیویا فی إدارة شبکة نقل أموال القاعدة من الشرق الأوسط إلى جنوب آسیا.
وفی یوم السبت 4 تشرین الثانی / أکتوبر الحالی نشرت صحیفة دیلی تلغراف البریطانیة تقریرا یتهم مواطنین قطریین بتمویل جماعات إرهابیة على صلة بتنظیم القاعدة فی العراق وسوریا، وخاصة جبهة النصرة، وفی إطار تنافس قطری سعودی محموم على دعم الجماعات الإرهابیة.
واتهم التقریر الذی کتبه روبرت مندی، خالد محمد ترکی السبیعی بأنه من یمول الیوم بعض التنظیمات المتطرفة فی سوریا والعراق. وأشار التقریر إلى وثائق نشرتها وزارة الخزانة الأمریکیة عن تورط السبیعی بالتخطیط لتفجیر طائرات مسافرین باستخدام قنابل توضع فی عبوات معجون الأسنان.
وأشار الکاتب إلى أن “منتقدین بارزین باتوا یدعون إلى تدقیق أوسع بصلات قطر مع الإرهاب العالمی، والتلویح بالعقوبات فی حال فشلها فی التعامل مع هذه المشکلة”.
وینقل التقریر عن مالکولم ریفکیند رئیس لجنة الأمن والاستخبارات فی البرلمان البریطانی تحذیره لقطر بأنها “یجب أن تختار أصدقاءها أو تتحمل العواقب”، واکد کاتب التقریر بأن تقریرا صادرا عن أحد مراکز الأبحاث الأمریکیة سینشر الشهر المقبل، سیحدد هویة نحو 20 شخصیة قطریة ممولة للإرهاب، ومن بینهم السبیعی وهو موظف یعمل فی البنک المرکزی القطری.
هذا کان بعض ما کشفته الصحافة الغربیة خلال ایام معدودة فقط ، عن حجم التورط القطری فی دعم الارهاب فی المنطقة والعالم ، وهو تورط لن یکون فی ای حال من الاحوال فی صالح قطر والشعب القطری ، فالتجربة التاریخیة اثبتت بما لا یقبل الشک ، ان الدول التی ساهمت فی صناعة الارهاب وتصدیره الى الاخرین ارتد علیها وبالا حتى لو بعد حین ، ولم ینفع هذه الدول کبر مساحتها ، ولا کثافة سکانها ، ولا اموالها ، ولا بُعدِها عن المناطق المنکوبة بالارهاب ، فمن المؤکد ان ارتداد هذه السیاسة العبثیة ستکون اکثر کارثیة على امارة صغیرة مثل قطر.
المصدر: شفقنا