قمنا بدراسة ومناقشة أسباب الانتصار فی حرب الـ 50 یوم المتمحور حول المقاومة، مع السفیر الفلسطینی فی إیران السید صلاح الزواوی، الذی یعد أکثر السفراء فی البلاد قدما فی یومنا هذا
ان کشف الوجه البربری والعدوانی للکیان الصهیونی إلى جانب مسار اضمحلال وتدمیر هذا النظام، کانا الحقیقتین التی شدد علیهما قائد الثورة الإسلامیة، فی نداء الإمام القائد آیة الله السید علی الخامنئی إلى حجاج بیت الله الحرام. قال سماحة قائد الثورة" إنّ مقاومة غزّة المحاصرة والوحیدة لمدّة 50 یوماً أمام کل ما أجلبه الکیان الصهیونی من قوّة إلى الساحة، وما حدث فی النهایة من فشل وتراجع لهذا الکیان واستسلامه أمام شروط المقاومة، لهو مشهد واضح لهذا الضعف والهزال والانهیار".
قمنا بدراسة ومناقشة أسباب الانتصار فی حرب الـ 50 یوم المتمحور حول المقاومة، مع السفیر الفلسطینی فی إیران السید صلاح الزواوی، الذی یعد أکثر السفراء فی البلاد قدما فی یومنا هذا.
مع ان حرب الـ 50 یوما فی غزة کانت أطول من حرب الـ 22 یوما و8 أیام، إلا یبدو بانها قد حملت فی طیاتها إنجازات أکثر أهمیة من الحروب السابقة. فما هی الإنجازات فی نظرکم؟
بدایة أرى من واجبی تقدیم أسمى آیات الشکر القلبیة لجمهوریة إیران الإسلامیة وقائدها الکبیر، الذی رفع لواء فلسطین ولواء الإسلام. قبل سماحة القائد، استطاع الإمام الخمینی قدس سره بان یحقق الانتصار برفع هذین العلمین ونحن وقفنا إلى جانب سماحته، بناء على هذه الأسس وان خلیفته سماحة السید علی الخامنئی دام ظله، یسیر على نفس المسار.
اننی أرى بان هذه الشخصیة، هی نعمة إلهیة للجهوریة الإسلامیة الإیرانیة. ان سماحة آیة الله الخامنئی حافظ بیرق الإسلام وإیران. وان أمنیة الإمام الخمینی قدس سره کانت إقامة الصلاة فی مسجد الأقصى. وان شاء الله تتحقق هذه الأمنیة.
أما إذا أردنا التحدث حول ما یجری فی غزة وفی الضفة الغربیة و فی المناطق المحتلة عام 1948 وفیما یجری فی مخیمات تأوی الفلسطینیین، فنقول بان تلک الأحداث من دون شک، تدل على بدایة العد العکسی لتدمیر الکیان الصهیونی. فکما تعرفون ان فلسطین هی ارض مقدسة لکافة مسلمی العالم. انها اول قبلة وثالث الحرمین الشریفین للمسلمین. ان فلسطین هی ارض الأنبیاء ومدفن أربعة آلاف من شهداء صدر الإسلام وصحابة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم، على هذا فان القضیة الفلسطینیة لا تتلخص فی استلاب أراضی وتراب بل انها تنطوی على فقد الهویة الإسلامیة. ان فلسطین هی ارض المقدسات الإسلامیة والمسیحیة التی تحفظ وتصان بفضل الإسلام.
ان ما یجری فی کافة المناطق الفلسطینیة، هو عبارة عن مقاومة لها تاریخ یمتد لقرن من الزمن وعندما اندلعت المظاهرات فی الضفة الغربیة من نهر الأردن ودعما لأهالی قطاع غزة، فان هذه القضیة تدل على حیویة هذا الشعب وتدل على ان دماء آلاف الشهداء لم تذهب هدرا. ففی فلسطین لا یمکن ان نجد أسرة لا یوجد فیها شهید أو أسیر أو جریح. ان هذا هو مصیر شعبنا وکتب علیه بان یکون فی الجبهة الأمامیة لتحریر القدس من ضمن الدول العربیة والإسلامیة وان البشرى الکبرى هی اننا قد بدأنا باجتیاز أولى الخطوات لتحریرها.
فی الحرب الأخیرة التی فرضت على أهالی قطاع غزة، فان شعبنا وأبطال المقاومة من کافة التیارات وبالرغم من المشاکل والصعوبات، قدما أکبر التضحیات وخرجنا مرفوعی الرأس، وقدمنا إلى یومنا هذا ما یقارب 2500 شهیدا وما یزید على 10 آلاف و500 جریحا ینتمون إلى کافة تیارات المقاومة. کما دمر ما یقارب 40 مسجدا تدمیرا کاملا وتضررت عشرات المساجد جزئیا. فضلا عن هذا فهناک الکثیر من المراکز الطبیة والتعلیمیة تعرضت لهجوم الصهاینة وتدمری. کما أدت الحرب إلى تشرید ما یقارب نصف ملیون من أبناء وطننا ودمر 50 ألف بیت.
لکن بالرغم من هذه الظروف، فان شعبنا مستعد لتقدیم التضحیات فی سبیل استمرار المقاومة فی مواجهة الکیان الصهیونی. على هذا فان القضیة الفلسطینیة لا یمکن حلها خلال یوم أو أیام أو فترة قصیرة، لکنی أؤمن إیمانا تاما بان فلسطین ستطهر فی نهایة المطاف من الصهاینة.
بعد بدایة حرب غزة کنت أتوقع بان هذا الحرب سیکون نهایة الکیان الصهیونی وکذلک هجرة الکثیر من الیهود إلى خارج الأراضی المحتلة، حیث موطنهم الرئیسی. کما تعرفون فان ما یقارب ملیون شخص مهاجر جاءوا من روسیة إلى فلسطین وکان 600 ألف منهم مسیحیین، على هذا فان المجتمع الصهیونی فی فلسطین یعد ترکیبا فیزیقیا ولیس کیمیائیا؛ بهذا فان ترکیبهم کان منفصلا وغیر متجانس وجاء بعضهم أملا فی الحصول على المال وجاء البعض الآخر أملا فی الحصول على الحیاة الفضلى إلى فلسطین. وحتى لم یکن بعض منهم مسیحیا ولا یهودیا بل انهم لم یؤمنوا بالله تعالى.
یروی والدی عام 1950 قصة لی کان قد سمعا من القدماء، انه کان یقول بان الیهود یأتون من کافة الأنحاء إلى فلسطین لکن ستجری دماء، یتحول البحر المتوسط إلى دم، وستطهر ارض المیعاد فی نهایة المطاف من الصهاینة.
فکما قلت بعون الله ستحقق أمینة الإمام الخمینی قدس سره على ید قائد الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی یومنا هذا، مع ان لهذا العمل تکالیف باهظة، فیجب ان تتوحد کافة قوات الأمة الإسلامیة والعربیة فی کافة الأمکنة والأزمنة وتدخل الساحة بخلوص کی یتحقق هذا الأمر بأقل الخسائر، فما یجری فی غزة هو الحد الفاصل بین الإیمان والکفر وبین خلوص النیة للإسلام أو الابتعاد عنه.
فی حرب الـ 50 یوم فی غزة، ثار أهالی الضفة الغربیة دعما لأهالی غزة واستشهد خلال هذه المظاهرات 25 شخص منهم. على کل ما رأیکم حول ما جرى فی الضفة الغربیة فی مواجهة العدو الصهیونی؟
فیما یتعلق بالضفة الغربیة لنهر الأردن یجب القول بانه من دون شک، کانت لشعبنا هناک ممارسات تثیر الإشادة ویقبع ما یقارب ألف أسیر من الضفة الغربیة فی سجون الکیان الصهیونی وان 33 منهم أعضاء فی البرلمان الفلسطینی وهناک الکثیر من استشهدوا فی هذا الطریق. ان هذه القضایا لا تعد ثمنا کبیرا لتحریر فلسطین، بل ان ثمن فلسطین أکثر من هذا، ویجب تقدیم آلاف من الشهداء والجرحى فی هذا السبیل کی یتحقق ذلک الیوم الموعود، ان شاء الله.
برأیکم کیف یمکن لتسلیح الضفة الغربیة ان تحدث تغییرا فی أجواء المقاومة الفلسطینیة؟
لم یتغیر خیارنا منذ ان بدأنا النضال مع الکیان الصهیونی إلى یومنا هذا فان الحرکات فی فلسطین ظهرت واحدة تلو الأخرى وولدت الثورات واحدة تلو الأخرى، منها الثورة التی اندلعت عام 1965 إذ کنت أنا أحد قادتها ولم یتغیر خیارنا منذ ذلک الحین حتى یومنا هذا فیما یتعلق النضال المسلح. فلو کان النضال السیاسی والدبلوماسیة جاریة، ولا تتعارض مع النضال المسلح، فیجب ان یسیرا إلى جانب الآخر.
ان النضال المسلح، یرسخ المقاومة والصمود والقوة. ان النضال السیاسی یعد بمثابة الشارح والنضال الإعلام یعد بمثابة الموضح لها. فی الحرب على غزة لم نشهد الانتصار المسلح بل ان النضال الإعلامی والنضال السیاسی کانا إلى جانب الآخر، محل إشادة. ان النشاطات الخفیة والمبرمجة التی ظهرت فی الحرب على غزة، تعتبر محل للإشادة.
ان العدو کان قد تفاجأ من النضال والقوة وقامت باستهداف أهداف غیر عسکریة منها المساجد وبیوت الناس. لماذا؟ ذلک لأنه قد أخفق فی العمل الأمنی ولم یمتلک معلومات. هذا وان حزب الله اللبنانی قد فاجأ قبلنا العدو بواسطة العملیات الفریدة بنوعها والأنفاق الخفیة والأعمال الأخرى.
ان حدیث قائد الثورة الإسلامیة فی إیران، حول تسلیح غزة، یعد حدیثا عظیما ویستحق التقدیر، لکن یجب ان نرى هل یمکن تحقیق هذا الأمر. ان هذا الجواب لیس إجابة السفیر الفلسطینی بمفرده، بل انه إجابة المقاومة والشعب الفلسطینی وکافة أصحابنا من المسلمین وغیر المسلمین. لقائد الثورة الإسلامیة فی إیران مکانة وانه الشخص الذی رفع لواء الثورة الإسلامیة والقضیة الفلسطینیة لیس فی العالم الإسلامی بل فی کافة أنحاء العالم. فانه یتحدث من هذه المکانة ولکن الأهم من هذا هو کیفیة تحقیق هذه الأحادیث.
أقول بإیجاز بان حدیث قائد الثورة الإسلامیة حول تسلیح غزة بحاجة إلى التنفیذ على ارض الواقع. نحن نتمنى بان تثور کافة الأراضی الفلسطینیة بأسرها على الصهاینة وفی مواجهتهم، کی نخرج آخر شبر من الأراضی الفلسطینیة من مخلب الصهاینة. لقد بدا العد العکسی لزوال وتدمیر هذا الکیان. وإنهم یعرفون هذه القضیة.
فان قضیة تسلیح الضفة الغربیة تعتبر قضیة مهمة یتحمل کل فلسطینیة ومنهم أنا شخصیا مسئولیة تحریر کل شبر من الأراضی الفلسطینیة. أنا صلاح الزواوی، لم ینتهی نضالی حتى هذه اللحظة ومازلت مناضلا وسأبقى مناضلا. ان هذا المسار سیستمر حتى تحریر آخر شبر من فلسطین. ان الکیان الصهیونی یعتبر نظاما محتلا وانه غدة سرطانیة یجب إزالتها عاجلا أو آجلا.
المصدر: مرکز وثائق الثورة الإسلام