تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

الاستیطان الصهیونی من یوقفه؟

تستمر سلطات الاحتلال الصهیونی بتصعید حملات التهوید فی القدس المحتلة والضفة الغربیة، من خلال بناء کتل استیطانیة بشکل دائم یؤدی إلى تهجیر الفلسطینیین وأخذ أراضیهم الزراعیة ومنازلهم بالقوة.
رمز الخبر: ۶۰۹۹۱
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۲:۲۹ - 30October 2014

الاستیطان الصهیونی من یوقفه؟


علی إبراهیم مطر

تستمر سلطات الاحتلال الصهیونی بتصعید حملات التهوید فی القدس المحتلة والضفة الغربیة، من خلال بناء کتل استیطانیة بشکل دائم یؤدی إلى تهجیر الفلسطینیین وأخذ أراضیهم الزراعیة ومنازلهم بالقوة. هذا الاستیطان بآثاره المدمرة یؤدی یوماً بعد آخر إلى تدمیر الوحدة الجغرافیة للأراضی الفلسطینیة وتقسیمها بالوحدات الاستیطانیة لتصبح کجدار فصل عنصری غیر معلن.

سلطات الاحتلال لم تنفک عن توسیع النشاط الاستیطانی منذ عام 1967، حیث أخذت الحکومات الصهیونیة المتعاقبة فی سن تشریعات وقوانین تسهل لها بناء هذه المستوطنات، ضاربةً عرض الحائط بما ینص علیه القانون الدولی وقرارات الأمم المتحدة. ویأتی الاستیطان من قبل الحکومات الصهیونیة منتهکاً ومقوضاً لحقوق الإنسان الفلسطینی وحریاته الأساسیة وسلامته الشخصیة بالإضافة إلى انتهاک حقوقه الاقتصادیة والتصرف والانتفاع بمقدرات وثروات فلسطین

أولاً: المستوطنات الصهیونیة تخالف قرارات الأمم المتحدة

أصدر رئیس حکومة العدو بنیامین نتنیاهو تعلیمات للجهات الصهیونیة للإعداد لانشاء أکثر من 1000 وحدة استیطانیة جدیدة شرق القدس المحتلة. هذه الوحدات الجدیدة تشمل إقامة مشروع استیطانی فی قلب الحرم الابراهیمی فی الخلیل، وهذا ما یبین نوایا الاحتلال بزیادة وتیرة التهوید لفلسطین وتدمیر التراث التاریخی الفلسطینی، حیث سیتم مصادرة الأراضی التی ستبنى علیها هذه المستوطنات عنوةً.

هذه السیاسیة الصهیونیة المتمثلة بزیادة الوحدات الاستیطانیة، تخالف ما أصدرته الجمعیة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن من قرارات تمنع بناء المستوطنات. فالأمم المتحدة أکدت فی العدید من قراراتها أن السیاسة الإسرائیلیة الخاصة ببناء المستوطنات فی الأراضی العربیة المحتلة غیر شرعیة ولا تستند إلى أی أساس قانونی.

الأمم المتحدة حظرت فی سلسلة قرارات لها على "إسرائیل" بناء أیة مستوطنات على الأراضی الفلسطینیة التی تحتلها مراعاة لقواعد القانون الدولی. وقد أصدر مجلس الأمن فی قضیة المستوطنات عدة قرارات من أهمها القرار رقم (442) سنة 1967 الصادر عن مجلس الأمن والذی ینص على "وجوب إخلاء إسرائیل عن کافة الأراضی العربیة التی احتلتها عام 1967، ومنها الأراضی الفلسطینیة والتی تشمل الضفة الغربیة وقطاع غزة والقدس الشرقیة، ثم أصدر مجلس الأمن القرارین رقم (446) و(452) سنة 1979 واللذین یؤکدان على وجوب احترام اتفاقیة جنیف فیما یتعلق بحمایة المدنیین فی زمن الحرب والتی تنطبق شروطها على الأراضی العربیة والتی تحتلها "إسرائیل" منذ عام 1967.

وصدر عن مجلس الأمن قرار رقم 904 (1994) بتاریخ 18 آذار 1994 حیث یُعید التأکید على قراراته ذات الصلة، التی أکّدت على انطباق معاهدة جنیف الرابعة بتاریخ 12 آب 1949 على الأراضی التی احتلتها "إسرائیل" فی حزیران 1967، بما فیها القدس، والمسؤولیات الإسرائیلیة المتعلقة بذلک. کما صدرت عدة قرارات عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة، منها القرار الذی صدر بتاریخ 20/12/1972، الذی طالبت فیه "إسرائیل" بالکف عن عدد من الإجراءات والممارسات، منها إنشاء مستوطنات إسرائیلیة فی الأراضی العربیة المحتلة، ونقل بعض السکان المدنیین من إسرائیل إلى الأقالیم العربیة المحتلة.

بالإضافة إلى ذلک، هناک قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة بتاریخ 7/12/1973، الذی أعربت فیه الجمعیة العامة عن القلق البالغ لخرق "إسرائیل" لأحکام اتفاقیة جنیف الرابعة لعام 1949، وجمیع الإجراءات التی اتخذتها "إسرائیل" لتغییر معالم الأراضی المحتلة، أو ترکیبها السکانی، واعتبرتها انتهاکا للقانون الدولی.

وهناک العدید من القرارات التی صدرت فی هذا الصدد، وقد عادت الجمعیة العامة وأکدت فی قرارات عدیدة لاحقة إدانتها سیاسة الاستیطان الإسرائیلی فی الأراضی العربیة المحتلة، وأکدت فی بعض قراراتها الصادرة خلال عقد الثمانینیات والتسعینیات من القرن الماضی ان الممارسات الإسرائیلیة فی الأراضی المحتلة تشکل جرائم حرب وإهانة للإنسانیة، وکان من أهمها القرار رقم 52/66 لسنة 1997م، الذی أکد على قرارات سابقة، وأدان الأعمال التی یرتکبها المستوطنون الإسرائیلیون المسلحون غیر الشرعیین فی الأرض المحتلة.

ثانیاً: انتهاک القانون الإنسانی الدولی

تعتبر الحکومة الصهیونیة وفقاً لما أکده العدید من القرارات الدولیة سلطة احتلال للأراضی الفلسطینیة، ووفقاً لما ینص علیه قانون الاحتلال الحربی فإنه لا یجوز لحکومة الاحتلال أن تقوم بأی تغییر فی الإقلیم الذی تحتله، وتنص المادة 56 من لوائح مؤتمر لاهای الرابع لسنة 1907 على أن الدولة المحتلة سوف ینظر لها فقط کمدیر ومنتفع من المبانی العامة والعقارات والغابات والأراضی الزراعیة المملوکة للدولة المعتدیة والتی تقع فی الدولة المحتلة وعلیها أن تحمی رأسمال هذه الممتلکات وأن تدیرها طبقاً لقواعد الانتفاع".

وبما أن "إسرائیل" فی وضع احتلال حربی للأراضی الفلسطینیة، تنطبق معاهدة جنیف الرابعة والبنود الأخرى للقانون الإنسانی الدولی على هذه الأراضی. وهذا یشمل أیضاً القدس الشرقیة التی ما زالت أرضاً محتلة على الرغم من المحاولات الإسرائیلیة لضمّ المدینة لتکون جزءاً من "إسرائیل".

وتنتهک السیاسات والممارسات الاستیطانیة الإسرائیلیة المادة 49، الفقرة 6 من معاهدة جنیف الرابعة التی تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سکّانها المدنیین إلى الأراضی التی تحتلها. والمادة 53 من معاهدة جنیف الرابعة التی تحظر تدمیر الممتلکات الخاصّة، کذلک تنتهک المادة 46 من أنظمة لاهای التی تحظر مصادرة الممتلکات الخاصّة، والمادة 55 من أنظمة لاهای التی تُجبر القوة المحتلة على إدارة الأراضی المحتلة وفقاً لقواعد حق الانتفاع، بالإضافة إلى حمایة السکان الأصلیین فی الأراضی المحتلة، لا أن یتم حرمانهم من حقوقهم فی أراضیهم ومنازلهم ومعیشتهم. کما ینتهک حرمان الفلسطینیین من حقوقهم میثاق الأمم المتحدة والعهدین الدولیین للحقوق الاجتماعیة والاقتصادیة والحقوق المدنیة والسیاسیة، کما هی مناقضة للإعلان العالمی لحقوق الانسان.

بالإضافة إلى هذه الاتفاقیات تطرق بروتوکول جنیف الأول المکمل لاتفاقیات جنیف الأربع إلى حقوق والتزامات قوات الاحتلال تجاه الملکیات العامة والخاصة والمناطق والموارد الطبیعیة علی الصعید الإقلیم المحتل حیث جاء نص المادة 54 منه "یحظر مهاجم أو تدمیر أو نقل أو تعطیل الأعیان والمواد التی لا غنى لبقاء السکان المدنیین مهما کانت البواعث..".
 

ورکزت مبادئ القانون الدولی الإنسانی على عدم جواز الاستیلاء على الأراضی بالقوة؛ الامتناع عن القیام بأعمال یمکن أن تزید الوضع سوءاً ومبدأ أن الدول یجب أن لا تتخذ أی إجراء یحرم الشعوب من حقّها فی تقریر المصیر، فحق الفلسطینیین فی تقریر مصیرهم حق قانونی وأحد حقوق الإنسان الأساسیة.

ویمکننا التأکید أن هذا الاستیطان هو عبارة عن أعمال تدمیر وتخریب ویعتبر من المخالفات الجسیمة، سنداً لما تنص علیه المادة 147 من جنیف الرابعة، والتی تحاکم علیها المحکمة الجنائیة الدولیة المسؤولین عنها بجریمة حرب.

من المؤسف أن المجتمع الدولی الذی یدین هذه السیاسات الاستیطانیة، ویعتبرها مخالفة للقانون الدولی وتأتی فی سیاق الانتهاکات التی تحدثنا عنها سالفاً، إلا أنه لا یتحرک فعلیاً لإیقافها، فهو یکتفی بالادانات دون الضغط على حکومة الاحتلال لوقف هذه السیاسات التهویدیة، فالإدانة والشجب وحدهما غیر کافیین، للجم الغطرسة والتعنت الإسرائیلی.

المصدر: موقع العهد الإخباری

رایکم
الأکثر قراءة