کما فی معظم دول العالم، تُدرَج تصریحات المسؤولین الإسرائیلیین فی خانة الدعایة السیاسیة والنفسیة. لکن هذه التصریحات تکتسب أهمیة إضافیة عندما یُحال المسؤولون على التقاعد، أو فی أیام خدمتهم الأخیرة، کما هی حال قائد المنطقة الشمالیة فی جیش الاحتلال الذی توعّد لبنان أمس
یحیى دبوق
ثلاثة تقدیرات وضع، عبّرت عنها المؤسسة العسکریة الإسرائیلیة أمس، حیال المعادلة الحالیة والمواجهة المقبلة، مع حزب الله: یوجد میزان ردع متبادل؛ الحرب ستکون مؤلمة ولا تقاس بما قبلها؛ ویجب الإسراع فی إنهاء الحرب، إن اندلعت، لتخفیف التهدید عن الإسرائیلیین.
عبّر عن هذه «الحقائق» قائد المنطقة الشمالیة فی الجیش الإسرائیلی، یائیر غولان، فی حدیث للإذاعة العسکریة أمس بمناسبة انتهاء ولایته، أکد فیه أن المعادلة التی تحکم المواجهة بین إسرائیل وحزب الله هی «توازن ردع متبادل، إلا أنه ردع غیر کامل، ولدى الجانبین درجة من التحمل والصبر وضبط للنفس، ومن بعده لا یمکن أیّاً منهما السکوت، فیبادران إلى عمل کهذا أو ذاک. أما الکلام عن أبیض وأسود، وردع وعدم ردع، فلیس کلاماً صحیحاً».
حزب الله، بحسب غولان، یسعى إلى الحفاظ على حدود هادئة، «لکن فی الوقت نفسه یعتقد (الحزب) أن من واجبه تنفیذ عملیات ضد إسرائیل من حین إلى آخر، وهذا تحدٍّ بالغ الأهمیة ویحمل فی طیاته احتمالات تصعید کبیرة جداً، لأن هذه العملیات خطرة، ولأجل ذلک نعمل على الحفاظ على مستوى عال من الجاهزیة، إضافة إلى أنشطة أمن جار استثنائیة».
لکن هل یلجأ حزب الله إلى اشعال الجبهة مع إسرائیل بصورة کاملة؟ أجاب غولان بأن المسألة مرتبطة بظروف حزب الله ودرجة الضغط المفعل فی وجهه، وعلى هذا الأساس قد یغیر (حزب الله) من استراتیجیته ویشنّ هجوماً کبیراً على إسرائیل یکون له تداعیات کبیرة جداً.
ورداً على سؤال عن إمکان القیاس بین عملیة «الجرف الصامد» ضد قطاع غزة والحرب المقبلة ضد حزب الله، أکد غولان أن «تهدید الشمال، فی مواجهة حزب الله، هو أکبر بکثیر من التهدید الجنوبی (مقابل القطاع)، الأمر الذی یتطلب من الجیش خطوات حاسمة أکثر وبحجم أکبر، قیاساً بما حصل فی الجنوب».
وعلى هذه الخلفیة، لفت غولان إلى أن المؤسسة العسکریة «ستجهد فی المواجهة الشاملة مع حزب الله على تقصیر مدة القتال، إذ من غیر المعقول أن لا یستعد الجیش لحسم سریع، مشدداً على أن قیادة الجبهة الشمالیة جاهزة وعلى استعداد تام لضرب حزب الله بصورة سریعة وحاسمة وبأکبر قوة ممکنة، ومن شأن ذلک أن یقصّر مدة الحرب ویوقف سریعاً الخطر المباشر على المدنیین الإسرائیلیین».
وأشار غولان إلى أن المواجهة الأخیرة فی قطاع غزة، یمکن أن تفید فی الحرب المقبلة مع حزب الله، فـ»أنا آخذ کل ما حصل معنا فی عملیة الجرف الصامد، وأعمل على ترجمته إلى اللغة الشمالیة، وأحاول أن أتبین أنا والضباط فی القیادة، ما یجب فعله مع هذا العدو (حزب الله) الفرید من نوعه».
مع ذلک، أکد غولان أن «تهدید حزب الله للجبهة الداخلیة، سیکون أکبر مما حدث فی الجنوب، بل لن یکون بالإمکان توفیر مظلة حمایة بواسطة القبة الحدیدیة کما جرى مع قطاع غزة، إذ إن نوعیة الصواریخ والقذائف الصاروخیة الموجودة لدى حزب الله تختلف کثیراً عن تلک الموجودة فی القطاع. من هنا، سیکون التحدی کبیراً جداً، ولن یکون شبیهاً لما شهدناه فی عملیة «الجرف الصامد»، والإصابات ستکون أکثر بکثیر».
تهدید الأمین العام لحزب الله، السید حسن نصر الله، بـ»احتلال الجلیل»، کان حاضراً فی صلب المقابلة مع غولان، الذی طمأن الإسرائیلیین وأقلقهم فی نفس الوقت. فهو أکد أن عملیة إخلاء المستوطنات بعد اندلاع الحرب مع حزب الله، لن تکون کاملة وشاملة، وقال إن إفراغ المستوطنات من المستوطنین لن یکون على صعید کل مستوطنات الشمال، بل سیقتصر الأمر على جزء منها.
وعن تنظیم «داعش» وإمکان قیاس تهدیده بتهدید حزب الله، أضاف غولان أن التغییرات فی ساحات المواجهة المحیطة بإسرائیل متعددة ومتشعبة، «لکن الخطر الأهم والأکثر تهدیداً للدولة العبریة، یأتی من جهة (…) إیران وحزب الله، وهذا التهدید هو أخطر بکثیر من تهدید تنظیم الدولة الإسلامیة» (داعش).
المصدر: جریدة الإخبار