19 November 2024

مسلّحو حلب یصارعون حصاراً محکماً وشیکاً

بین أحیاء حلب الشرقیة ونظیرتها الغربیة اختلافاتٌ هائلة. تفصل بینهما «معابرُ» مغلقة وحواجز، وخطوط اشتباک! انخفض عدد سکان الأحیاء الشرقیة، ویوقن الجمیع (سکاناً ومسلحین) بأن إطباق الحصار لم یعد سوى مسألة وقت
رمز الخبر: ۶۱۰۳۵
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۲۳ - 01November 2014

 مسلّحو حلب یصارعون حصاراً محکماً وشیکاً

بین أحیاء حلب الشرقیة ونظیرتها الغربیة اختلافاتٌ هائلة. تفصل بینهما «معابرُ» مغلقة وحواجز، وخطوط اشتباک! انخفض عدد سکان الأحیاء الشرقیة، ویوقن الجمیع (سکاناً ومسلحین) بأن إطباق الحصار لم یعد سوى مسألة وقت
صهیب عنجرینی

الرحلة بین شطرَی مدینة حلب طویلةٌ ومُضنیة. منذ أُغلق معبر بستان القصر الشهیر بات لزاماً على الراغب فی الانتقال من الأحیاء الغربیة إلى نظیرتها الشرقیة (الواقعة تحت سیطرة المسلحین)، أو العکس، أن یقطع مسافة تتجاوز مسافة السفر بین محافظتین. یستقل المسافر سیارة من مدخل حلب (دوّار الموت)، تنطلق به عبر الراموسة إلى السفیرة فی الریف الجنوبی الشرقی، ثم إلى خناصر، فأثریا، قاطعاً مسافةً تقارب مائتی کیلومتر.

ثم تبدأ الرحلة داخل مناطق نفوذ «داعش» فی الریف الشرقی المحاذی لریف الرّقة. وتعاود الدخول إلى حلب من بوابتها الشرقیة. تستغرق الرحلة فی المجمل زمناً یتراوح بین ثمانی وعشر ساعات. فی الأحیاء الشرقیة یبدو کلّ شیء مختلفاً. مشاهد الخراب هی القاسم المشترک بین معظمها. الزحمة اللافتة للنظر فی الأحیاء الغربیة یقابلها هنا شبهُ خواء فی بعض المناطق. أحیاء کثیرةٌ باتت شبه خالیةٍ من السکان، مثل مساکن هنانو، والحیدریّة، خلافاً للأحیاء البعیدة نسبیّاً عن «خطوط التماس»، مثل باب النیرب، الفردوس، المعادی، جسر الحج، الکلاسة، وبستان القصر.

فی انتظار الحصار

«المجاهرةُ بکونک صحافیاً تبدو هنا مقامرةً خاسرة، سیکونُ من الأفضل الاعتماد على بطاقتک الشخصیة التی تؤکد أنک واحد من أبناء أحد هذه الأحیاء»، یقول محمّد، أحد الناشطین المدنیین القلائل المتبقین داخل هذه الأحیاء. یتراوح عدد السکان الباقین فی هذه الأحیاء ما بین 400 و450 ألفاً وفقاً لأدقّ الإحصائیات المتوافرة. وتنتمی الغالبیة العظمى من هؤلاء إلى الطبقة الفقیرة. توقن معظم المجموعات المسلحة الباقیة هنا بأن حصار الجیش السوری لها هو أمر حتمی، الأمر الذی یتوقعه السکان أیضاً. یُقدّر عدد المسلحین بحوالى ثلاثة آلاف، یتناقصون باستمرار نتیجة انسحابهم خارج طوق الحصار المتوقع. ویتوزع انتماء معظم هؤلاء على «حرکة أحرار الشام الإسلامیة»، و«ألویة استقم کما أُمرت»، و«حرکة نور الدین زنکی»، و«لواء التوحید»، و«جیش المجاهدین»، و«جبهة النصرة». نسبة أبناء مدینة حلب بین تلک المجموعات ضئیلةٌ جدّاً. ثمّة مسلحون کُثرٌ من أبناء الریف، وآخرون من إدلب وریفها، إضافةً إلى خلیطٍ متنوع یضمّ عدداً قلیلاً من «المهاجرین»، علاوةً على بعض المجموعات المحلیة الصغیرة، مسلحوها هم شبّان من سکان الأحیاء الشرقیة، ویُقدّر عددهم بحوالى 500. یشکل هؤلاء مجموعات صغیرةً عدد أفرادها بین 15 و20، ویقوم معظمها بفرض أتاواتٍ على من تبقى من السکان، ونهب البیوت الفارغة. کذلک یؤکّد محمد أن بعض المجموعات دأبت على «الحفر فی أحیاء المدینة القدیمة، والنزول داخل الآبار القدیمة المهجورة، بحثاً عن کنوز قدیمة وآثار».

الکهرباء الحکومیة جیّدة!

من المفارقات اللافتة أن ساعات التغذیة بالتیار الکهربائی عبر الشبکة السوریة الرسمیة تزید عن نظیرتها فی الأحیاء الغربیة، وذلک بسبب انخفاض الضغط السکانی، وقلة الاستهلاک. تتراوح فترة التغذیة الیومیة بـ«الکهرباء الحکومیة» بین 6 و8 ساعات یومیاً. کذلک، تبدو حال میاه الشرب أفضل من الأحیاء الغربیة، حیث تتحکم «جبهة النصرة» فی ضخ المیاه إلى الشطرین، وتخصّ الأحیاء الشرقیة بکمیات مضاعفة. ویجری ضخ المیاه عبر محطة سلیمان الحلبی، لتغذی ثلاثة خزانات رئیسیة هی باب النیرب، وکرم الجبل، والحیدریة. المحروقات متوافرة، ولکن أسعارها ارتفعت أخیراً، فی ظل انخفاض الوارد «الداعشی». فبات لیتر البنزین المکرر یباع بـ320 لیرة سوریة، ولیتر المازوت بأکثر من 200 لیرة، ما یؤدی إلى ارتفاع فی أسعار معظم السلع.

واقع صحی وتعلیمی سیّئ

مشکلات القطاع الصحی کبیرة، إذ لم یبقَ من المشافی العاملة سوى ثلاثة، مشفى زرزرو فی حی السکری، ومشفى عمر بن عبد العزیز فی حی الصالحین، ومشفى صغیر مجاور لمشفى دار الشفاء (الخارج عن الخدمة) فی حیّ الشعّار. تُسجل «منظمات الإغاثة» وجودها على الأرض عبر مجموعات صغیرة، بعضها مقیم، وبعضها یتنقل فی شکل وفود وقوافل قادمة بین حینٍ وآخر من ترکیا، وتوزع معونات إغاثیة على السکان، ویتقاسمها معهم المسلحون. أما فی قطاع التربیة والتعلیم، فثمة بعض المدارس التی تعمل تحت إشراف «المجلس المحلی»، وبتمویل من «الائتلاف» السوری المعارض، إضافة إلى بعض المدارس التی تدرس «العلوم الشرعیة» وهی تابعة للکتائب «الإسلامیة».
وبالمجمل، فإن نسبة الأطفال الذین یتلقون تعلیمهم لا تتجاوز 20 فی المئة من عدد الأطفال الموجودین داخل الأحیاء الشرقیة.
یدیر الأمور الخدمیة «المجلس المحلی الحر»، ومقره فی حی الشعّار. وتتبع له مکاتب «النظافة»، و«ترحیل القمامة»، و«المکتب الصحی للتلقیح»، و«مکتب الدفاع المدنی» لانتشال الضحایا من الأبنیة المنهارة، من جرّاء استهدافها بالقذائف والبرامیل. أما «جبهة النصرة» فتفرض سیطرتها على الماء والکهرباء عبر ما یسمى «الإدارة العامة للخدمات».

المصدر: جریدة الأخبار

 

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار