تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

"أنصار بیت المقدس" تبایع "داعش"

"من مات ولیست فی عنقه بیعة، مات على الجاهلیة، فطاعة لأمر الله عز وجل، وطاعة لرسوله صلى الله علیه وسلم، نعلن مبایعة الخلیفة إبراهیم بن عواد بن إبراهیم القرشی الحسنی على السمع والطاعة فی العسر والیسر والمنشط والمکره وأثره علینا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن نرى کفراً بواحاً عندنا فیه من الله برهان. وندعو المسلمین فی کل مکان لمبایعة الخلیفة ونصرته".
رمز الخبر: ۶۱۳۶۲
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۲۰:۴۴ - 11November 2014

مصطفی بسیونی

"من مات ولیست فی عنقه بیعة، مات على الجاهلیة، فطاعة لأمر الله عز وجل، وطاعة لرسوله صلى الله علیه وسلم، نعلن مبایعة الخلیفة إبراهیم بن عواد بن إبراهیم القرشی الحسنی على السمع والطاعة فی العسر والیسر والمنشط والمکره وأثره علینا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن نرى کفراً بواحاً عندنا فیه من الله برهان. وندعو المسلمین فی کل مکان لمبایعة الخلیفة ونصرته".
بهذه الکلمات انضمت جماعة "أنصار بیت المقدس" المصریة إلى تنظیم "داعش"، وذلک فی تسجیل صوتی بُثَّ على موقع إلکترونی تابع للجماعة المتشددة، التی وجهت النداء للمصریین بسل السیوف، منتقدة فی الوقت ذاته جماعة "الإخوان المسلمین" التی اتجهت إلى "السلمیة المخزیة والدیموقراطیة المکفریة وقد رأیتم کیف أودت بأصحابها".
وظهرت جماعة "أنصار بیت المقدس" على ساحة العمل الجهادی فی مصر عقب "ثورة 25 ینایر" العام 2011. وترکزت عملیاتها بدایة على المصالح الإسرائیلیة، وبخاصة تفجیر خط تصدیر الغاز المصری إلى إسرائیل، کما عبرت عملیاتها الحدود المصریة - الفلسطینیة.
وعقب "ثورة 30 یونیو" العام 2013، صعدت "أنصار بیت المقدس" عملیاتها ضد قوات الجیش والشرطة فی سیناء، ما تم تفسیره على أنه تنسیق مع "الإخوان" ودعم لهم.
وبرغم تأیید جماعة "أنصار بیت المقدس" ذات الفکر "القاعدی" لـ"داعش"، إلا أنها لم تعلن البیعة للبغدادی من قبل، بل إنها نفت إعلانات بالانضمام إلى "الدولة الإسلامیة" حتى الأسبوع الماضی.
الإعلان لم یکن مفاجئا على کل حال، ولکن معنى البیعة وتبعاتها تثیر الکثیر من التساؤلات، ذلک أن "داعش" یختلف فی بنیته وطریقة عمله عن "أنصار بیت المقدس".
ومعروف أن "داعش" یعتمد على ما یشبه الجیش النظامی، الذی یمتلک أسلحة ثقیلة، ویتحرک بحریّة فی مساحات واسعة یسیطر علیها ویحکم فیها، بسبب فراغ السلطة فی هذه الأماکن، ما یسمح له بتحریک قواته عبر مسافات کبیرة، وإدارة عملیاته کأی جیش نظامی.کما أن "داعش" یتمتع ببیئة حاضنة وفَّرتها الأوضاع الطائفیة فی العراق وسوریا.
أما جماعة "أنصار بیت المقدس" فتعتمد على العملیات الخاطفة الأشبه بتکتیک حرب العصابات، والتشکیلات المحدودة والأسلحة الخفیفة.
لذا، فمن غیر المرجح أن تتحول الجماعة بعد إعلانها هذا إلى امتداد لـ"داعش" فی مصر أو حتى فی سیناء، إذ لا یمکن توفیر مساحات واسعة تمکن السیطرة علیها والعمل منها فی مصر، خصوصاً أن الدولة المصریة تبسط نفوذها بالفعل فی کل مکان.
ومع ذلک، لا یمکن تجاهل بعض النتائج لإعلان "أنصار بیت المقدس" البیعة لـ"داعش".
أقرب تلک النتائج تتمثل فی أن تصبح هذه الجماعة المتشددة قبلة المهاجرین للجهاد الذین یتوجهون من أنحاء العالم للانضمام لـ"داعش"، فإذا کان الوصول إلى "داعش" فی العراق وسوریا شاقا، یمکن التوجه لـ"داعش" فی مصر، وهو أمر یمکن أن یتم بطرق أکثر سهولة.
کما یطرح الإعلان على مصر بشکل مباشر إعادة النظر فی العلاقة مع "التحالف" ضد الإرهاب، فقد رحبت مصر بـ"التحالف"، وأبدت استعدادها للتعاون معه، ولکن فی حدود الدعم اللوجستی والمعلوماتی، ومن دون المشارکة بشکل مباشر.
أما الآن، وبعد وجود "داعش" فی مصر، فإن الجماعة التی تواجهها مصر فی الداخل هی الجماعة ذاتها التی یواجهها "التحالف" فی العراق وسوریا، بما یعنی احتمال تطویر التعاون أکثر.
اللافت للانتباه، أن إعلان "أنصار بیت المقدس" مبایعة "داعش" جاء فی توقیت خاص لکلا التنظیمین، فـ"أنصار بیت المقدس" تعانی بالفعل من حملة قویة تشنها القوات المصریة على معاقلها فی سیناء، وتهدد بعزلها تماماً والقضاء علیها. الأمر ذاته، وإنما بدرجة مختلفة، یحدث مع "داعش"، حیث نجحت قوات "التحالف" بالفعل فی إجبار التنظیم المتشدد على التراجع فی سوریا والعراق. وأصبح مصیر أبو بکر البغدادی نفسه محل تساؤل، ما یدفع إلى التساؤل عما إذا کان إعلان جماعة "أنصار بیت المقدس" مبایعتها لـ"داعش" نصرة لهذا التنظیم أم طلباً لدعمه.
ولا یرى أستاذ العلوم الاستراتیجیة فی "أکادمیة ناصر العسکریة" اللواء نبیل فؤاد أهمیة کبیرة لهذا الإعلان، إذ یقول لـ"السفیر" إن "الإعلان دعائی بالدرجة الأولى، أکثر منه عملی. ولا أراه مؤثرا على الأرض"، موضحاً أن "البعد الجغرافی بین داعش وسیناء شاسع، ولا یمکن لهذا التنظیم لعب أی دور للتأثیر فی مجرى الأحداث فی سیناء".
ویضیف: "فی العراق یستطیع داعش السیطرة على مساحة من الأرض ولدیه أسلحة ثقیلة. أما فی سیناء فالأمر یختلف، إذ لا یمکن نقل أفراد بأعداد کبیرة".
ویرى فؤاد أن "النتیجة المحتملة لهذا الإعلان قد تکون تسرب أفراد من الجهادیین إلى داخل مصر عبر الموانئ والحدود الغربیة. ولکن یجب الأخذ فی الاعتبار أن مشروع داعش أصلا محکوم علیه بالفشل وإن کان ذلک سیستغرق وقتا".
وعن علاقة مصر بـ"التحالف الدولی ضد الإرهاب" یقول فؤاد: "لا توجد ضرورة لتغییر الموقف المصری. مصر ملتزمة بالفعل بالتعاون مع التحالف ولکن لیس عبر إرسال قوات. وحتى بعد الإعلان، یجب أن ترکز مصر قدراتها فی الداخل".
قد یکون الإعلان دعائیاً بالفعل، ولکن حتى الإعلانات الدعائیة تجذب أفرادا من دول مختلفة لدعمها.
وفی هذا الإطار، یقول الخبیر الأمنی اللواء رفعت عبد الحمید لـ"السفیر": "یمکن القول بعد هذا الإعلان إنهم عادوا إلى أصلهم. فجمیعهم یأکلون من الطبق ذاته مع اختلاف المسمیات".
ویضیف: "هذا الإعلان یفرض تحدیات على الأمن المصری، فمن ناحیة نرى أن الجماعات الإرهابیة تؤکد استمرار حربها ضد الدولة، وهو ما یؤکد صحة وجهة نظر الأمن المصری وآلیاته فی المواجهة... کذلک فإن الإعلان یعکس ضعفاً وطلباً لمساندة تنظیم داعش، الذی یعتبر الاحتیاطی الاستراتیجی للإرهاب فی المنطقة"، مشیراً إلى أن ذلک یؤکد أن "قوى الإرهاب منهکة والمقابر فی انتظار عناصرها فی مصر". ویضیف عبد الحمید: "الإعلان یضع مسؤولیة کبیرة على عاتق التحالف الدولی لمواجهة الإرهاب، بحیث بات لزاماً علیه دعم مصر فی حربها على الإرهاب، وسد قنوات تمویله التی تدعمها قوى إقلیمیة لا تخفى على أحد".
لا شک أن الدولة المصریة سترى فی إعلان "أنصار بیت المقدس" انضمامها إلى داعش تأکیدا لمواقفها وتوجهاتها فی مواجهة الإرهاب؛ بل سیرى البعض أن ثمة ضرورة للمزید من النشاط الأمنی فی وجه الإرهاب. فی المقابل، سیرى آخرون أن ما تقوم به الدولة المصریة، سیدفع إلى مزید من التطرف. 

المصدر: جریدة السفیر

رایکم
الأکثر قراءة