السید حسن نصرالله: لا یواجه العدوان بمنطق الأکثریة والأقلیة
فی کتابه الجدید «حزب الله والدولة فی لبنان»، یطرح النائب د.حسن فضل الله إشکالیة العلاقة التاریخیة بین «حزب الله» والدولة منذ النشأة الأولى للحزب فی مطلع الثمانینیات حتى الآن.
«السفیر» تنشر أجزاء من کتاب «حزب الله والدولة» للنائب فضل الله (3)
السید نصرالله یحدد الفصل الأوَّل من الکتاب معانیَ الوطن والدولة فی الفهم الإسلامی، ویعالج موضوع العلاقة البینیَّة فی مجتمع متنوِّع انطلاقًا من إیمان حزب الله بمبدأ ولایة الفقیه. ویستقرئ الفصل الثانی التاریخ الحدیث للدولة فی لبنان، ومدى انتظام نشأتها وعلاقتها بالجماعات التاریخیَّة المشکِّلة للشعب اللبنانی. ویعالج الفصل الثالث إشکالیَّة تلک العلاقة وصولًا إلى نشأة حزب الله ورؤیته لدولة ما قبل «اتفاق الطائف» وما بعده.
ویعالج الفصلان الرابع والخامس أداء الدولة نفسها فی محطَّات تاریخیَّة کثیرة، ویتناول الفصل السادس حرب تموز 2006، ویقارب الفصل السابع والأخیر المرحلة الَّتی تلت تلک الحرب. وجاءت الخلاصات النهائیَّة لتقدِّم ما توصَّل إلیه هذا الکتاب من نتائج.
تنشر «السفیر» بالتنسیق مع «شرکة المطبوعات للتوزیع والنشر» أجزاء من هذا الکتاب. وتضیء الحلقة الثالثة على معطیات الأیام الأولى لحرب تموز.
تُعتبر حرب تموز من العام 2006 مفصلًا تاریخیًّا فی لبنان والمنطقة لأنَّها أوجدت تحوُّلًا استراتیجیًّا لمصلحة المقاومة فی الصراع مع العدو. وهی من المحطَّات المؤثّرة فی تطوُّر علاقة حزب اللَّه بشرکائه من الحلفاء والمناوئین، وبشراکته داخل الدَّولة (...)..
جاءت الحرب فی سیاق محاولة الولایات المتَّحدة الأمیرکیَّة فرض معادلة جدیدة فی المنطقة، بإعادة صوغ موازین القوى فیها، و«کانت لدى إسرائیل الفرصة فی تنفیذ ضربة قویَّة لحزب اللَّه وداعمیه فی إیران وسوریة، ولکنَّها أساءت التعامل مع هذه الفرصة»، کما عبَّر الرئیس الأمیرکی جورج بوش فی مذکّراته (...).
سلک الجانب الإسرائیلی فی البدایة المسار المتوقَّع: محاولة استنقاذ الأسیرین، والقیام بعملیات محدَّدة للضغط على مجموعة أهداف، استنفدها طیلة یوم 12 تموز حتَّى ساعات المساء، وردَّت المقاومة على أهداف منتقاة، ولم یکن فی نیّتها تصعید الموقف ما دام السقف الموضوع للعملیَّة هو تبادل الأسرى.
کانت المجموعة الإسرائیلیَّة الحاکمة جدیدة (رئیس الوزراء إیهود أولمرت ووزیر حربه عمیر بیرتس)، وتحضیراتها لم تُستکمل لتنفیذ حرب واسعة، فهی کانت تُعد العدَّة للأشهر القادمة، وفق سیناریو رسمت استراتیجیاته الدوائر الأمیرکیَّة والإسرائیلیَّة، لإحداث تغییر جوهری فی معادلة المنطقة، وفق الآتی:
÷ ضرب حرکات المقاومة فی فلسطین عسکریًّا وسیاسیًّا.
÷ شن حرب مباغتة على حزب اللَّه فی لبنان.
÷ شن حرب على سوریة للقضاء على نظام الرئیس السوری بشار الأسد، بحجَّة تزوید المقاومة بالسّلاح وبخاصَّة الصواریخ، ودعم «الإرهاب».
تمَّ تأجیل الحرب على الجبهة الفلسطینیَّة بعد تشکیل حرکة حماس لحکومة جدیدة. ولکن إدارة بوش وجدت الفرصة مؤاتیة بعد وقوع عملیَّة أسر الجندیین على الحدود اللبنانیَّة، ما دامت العملیات العسکریَّة صارت أمرًا واقعًا، وطلبت من الحکومة الإسرائیلیَّة استغلال الحادث على الحدود، وتنفیذ خطَّة الخریف.
استعجلت الولایات المتَّحدة شنَّ الحرب تمهیدًا للخطوة التالیة، أی استهداف سوریة وإیران، على ضوء صورة الانتصار الَّذی سیحقّقه بوش من البوابة اللبنانیَّة (...).
القصة الکاملة لرسالة الإمام الخامنئی إلى السید نصرالله فی حرب تموز
حمل اللواء قاسم سلیمانی رسالة شفهیَّة عاجلة من الإمام السید علی الخامنئی، إلى السید حسن نصراللَّه، خلال الأیام الأولى للحرب، وفیها:
«أسأل اللَّه تعالى أن یحفظکم ویوفّقکم ویأخذ بأیدیکم وینصرکم إن شاء اللَّه.
توکَّلوا على اللَّه تعالى، وإن شاء اللَّه سیذیقکم طعم النصر فی الدُّنیا، ورضا ذاته المقدَّسة، وأنا أدعو لکم بالنصر دائمًا.
سلامی للأخوة فردا فردا. ستکون هذه الحرب قاسیة، لکن اتَّکلوا على اللَّه، وعلیکم الصمود. لدینا یقین تام بانتصار المقاومة، بل أکثر من ذلک، هذه المقاومة ستنتصر وتتحوَّل إلى قوَّة إقلیمیَّة، وما توفَّر من معطیات (خلال الحرب) أنَّ العدو کان یعدُّ لها لتتم فی أوائل الخریف، وکان الإسرائیلیون بالاتفاق مع الأمیرکیین سیبادرون من دون سبب أو ذریعة بالاعتماد على عنصر المفاجأة لشن هذه الحرب.
إسرائیل کان لدیها خطَّة وقرار لضرب المقاومة فی لبنان، وکانت تُعد لذلک، وکانت ترید أن تفاجئکم بالحرب، وکان مخطَّطًا أن یقوم سلاح الجو الإسرائیلی بضرب الأهداف کلَّها خلال ساعات، وبعدها ینفذ العدو عملیَّة بریَّة ویحتل قسمًا من الجنوب، ویضربکم فی مختلف المدن، ثمَّ یکمل عمله للقضاء على حزب اللَّه. وما کان لهذه الحرب أن تقف عند هذه الحدود، إنَّما هدفها تغییر المنطقة، ولکن الَّذی حصل من خلال عملیَّة أسر الجندیین أنَّ حزب اللَّه، من حیث یعلم أو لا یعلم، أفقد الخطَّة الإسرائیلیَّة عامل المفاجأة، وأجهض مشروع الحرب المُعد لأوائل الخریف، فلقد فرضتم علیهم (إسرائیل وأمیرکا) التوقیت، وما کانوا یریدون القیام به فی وقت هم یختارونه، یقومون به الآن، وهذا ما أفقد العدو عنصر المفاجأة، وهذا کان من ألطاف اللَّه عزَّ وجل الخفیَّة بکم.
السید نصرالله والإمام الخامئنیالحرب لم تکن بسبب الجندیین، إنَّما کانت جزءًا من مشروع محضَّر، ولمَّا أخذتم الجندیین عجَّل الأمیرکیون والإسرائیلیون فی الحرب قبل أن یُکملا استعدادهما عدَّةً وعتادًا، ووجدوا أنَّهم متورّطون، وفقدوا عنصر المفاجأة، وبذلک دفع اللَّه عنکم وعن لبنان وعن المنطقة ما کان أکبر بکثیر.
لقد صمد حزب اللَّه حتَّى الآن عشرة أیام فی الوقت الَّذی هُزِمت فیه الدُّول العربیَّة خلال ثلاثة أیام. هذا نصر جید، لکن یجب أن تواصلوا العمل، ما تریده إسرائیل من القضاء على المقاومة لن یتحقَّق إن شاء اللَّه. العدو قلق، ومشکلته کبیرة، ولیست أقل من مشکلتکم، بل هی أکبر. لقد أصبحتم أسطورة فی العالم، وعلیکم أن تقفوا وتُثبتوا للعالم أنَّ حسابات أمیرکا وإسرائیل کانت خاطئة.
حربکم هذه حرب مصیریَّة، وهی تشبه معرکة الخندق، وکانت حینها حربًا قاسیة وصعبة، وبلغت فیها القلوب الحناجر، وقال المنافقون: فلنعد إلى بیوتنا، أین هو النصر الإلهی الَّذی یعدنا به محمد ؟ ولکن اللَّه تعالى نصر المؤمنین بعد أن ثبتوا وصبروا.
نحن معکم وسندعمکم فی کلّ شیء ولا تقلقوا، المهم أن تصبروا وتثبتوا فی وجه هذا العدو مع التأکید على الاهتمام الکبیر بالنَّاس، لأنَّهم یریدون عزل النَّاس عنکم. إذا وفَّق اللَّه للنصر ستصبحون قوة لا تقف فی وجهها قوة» (...).
سباق النیران
کانت وقائع الیوم الأوَّل للحرب کفیلة بکشف المسار الَّذی سیسلکه الفریق الممسک بقرار السُّلطة. بدأ ذلک المسار بعد ساعات على تنفیذ عملیَّة الأسر، فحین أُبلغ رئیس الحکومة فؤاد السنیورة بتفاصیلها، ردَّ بتحمیل المقاومة المسؤولیَّة الکاملة عن النتائج، وأنَّ لبنان سیدمَّر کما هی الحال فی غزَّة، واستکمل موقفه داخل مجلس الوزراء فی یوم العملیَّة بالتنکُّر لقضیَّة الأسرى. إذ «لا یکفی إقناع أنفسنا، ولکن إقناع العالم من حولنا، فلدینا أسرى منذ 30 سنة، فهل اضطررنا الیوم إلى حلّ القضیَّة. وموضوع المعتقلین مرَّ علیه 30 سنة، وقد أخذنا القضیَّة اللبنانیَّة وأدخلناها فی القضیَّة الفلسطینیَّة، وبقضیَّة المحتجزین فی غزة والضفّة».
ترافق هذا التنکُّر مع ممارسة التهویل على المقاومة، بحیث لم تُترک مفردة من مفرداته إلَّا واستُخْدِمت. فقد کان الخطاب المباشر الموجَّه إلى المقاومة یعتمد على تثبیط العزائم، وجرى صوغه بلغة متشابهة: «إسرائیل ستمسح لبنان وتدمّره، وستفعل بکم کما فعلت بغزَّة، وهناک سیناریو کامل لهجمة إسرائیلیّة لتدمیر کلّ شیء، وما علیکم إلَّا تسلیم الأسیرین للحکومة لتلافی ما هو أعظم»، کما قال السنیورة للمعاون السیاسی للأمین العام لحزب الله حسین الخلیل فی الیوم الأول للعدوان، وکذلک سمعها الأخیر من النائب سعد الحریری وذلک من خلال الاتصالات الهاتفیة معه.
لم یختلف التعاطی داخل الحکومة عمَّا ساد خارجها، فقد انتفت الفواصل بین ما هو سیاسی تُعبّر عنه القوى الحزبیَّة، وما هو رسمی تعبّر عنه الحکومة، وجرت فی مداولات مجلس الوزراء محاولة حثیثة لعزل وجهة نظر المقاومة، وحصارها، وفرض الشروط علیها. «فإسرائیل تبحث عن انتصار، وهذا الانتصار لن یکون إلَّا عن طریق الانتقام، ولیس لدیهم أی خیار إلَّا القیام بعملیات انتقامیَّة. غزَّة مُسحت» (مداخلة السنیورة فی مجلس الوزراء فی 12 تموز). وحین جوبه هذا المنطق، بأنَّ هناک عدوانًا والمقاومة تتصدَّى له، کان الرد بأنَّ الظروف تغیَّرت عن العامین 1993 و1996 فی إشارة إلى انتصارات المقاومة على العدوانَین الإسرائیلیَّین آنذاک. «لأنَّ الدنیا من حولنا تغیَّرت.. تخطینا الخط الأزرق.. البلد منهک، وأدخلنا البلد فی أتون، وفی مخاطر غیر محسوبة»، والکلام للسنیورة فی الجلسة نفسها.
«نقطة على السطر»
لم یتم الاکتفاء بتحمیل المقاومة وزر بدء الحرب، وما یُمکن أن ینجم عنها، ولا التنصُّل من المسؤولیَّة، بل جرت محاولة لصوْغ بیان الحکومة فی الیوم الأوَّل للعدوان بلغة تساوی بین الفعل وردّ الفعل، وتلا رئیس الحکومة داخل الجلسة نصَّه، وفیه: «لم تکن الحکومة على علم بما جرى ویجری، ولم توافق على ما جرى ویجری على الحدود الدولیة، وتستنکر بشدَّة ردَّات الفعل الإسرائیلیَّة، وتبدی الحکومة استعدادها للتفاوض عبر الأمم المتَّحدة».
لقد جرى طرح عناوین ثلاثة:
÷ عدم موافقة الحکومة على العملیَّة.
÷ استنکار ردّ الفعل الإسرائیلی.
÷ استلام ملف التفاوض عبر الأمم المتَّحدة عبر طرف ثالث.
کانت هذه العناوین الثلاثة تحمل فی طیَّاتها تحمیل المقاومة المسؤولیَّة، ووضع العدوان فی سیاق ردّ الفعل (...).
کانت الذریعة الَّتی سِیقت لتبریر هذا الاستهداف المباشر للمقاومة بأنَّ العالم یتَّصل برئیس الحکومة، «ویطلب استنکار هذا الاعتداء، یریدون «to condemn»، فالجماعة یریدون من لبنان أن یدین ویستنکر، وأن یُعید الأسرى، ونقطة على السطر (مداخلة السنیورة فی جلسة مجلس الوزراء فی 12 تموز).
«النقطة على السطر» هی شروط الحل الآتیة على صهوة فرض حصریَّة السّلاح بید الدَّولة، ونزعه من المقاومة، ومسمَّاه الرسمی بسط سلطة الدَّولة على الحدود. بدت العبارات برَّاقة، لکنَّها تستبطن مندرجات القرار 1559 الَّذی أدرجته إسرائیل فی سیاق الأهداف المتوخَّاة من حربها.
کتاب «حزب الله والدولة» أُشهِر فی وجه المقاومة سلاحُ التصویت (على قاعدة وجود الأکثریَّة المقرّرة)، لاتّخاذ قرار الحصریَّة، والمباشرة بتنفیذه على خط الحدود فی الجنوب. صیغت عبارات القرار فی الیوم الثَّانی للعدوان بطریقة تؤدّی حکمًا إلى وقوع صدام داخلی، لما تضمَّنه مِن فرضِ نزع سلاح المقاومة وهی لا تزال فی میدان المواجهة، ومِن وضعِ الجیش اللبنانی وجهًا لوجه فی مواجهة المقاومة، وهو الَّذی کان یتعرَّض للقصف الإسرائیلی. ردَّت المقاومة بأنَّ «هذا الموضوع یتوقف علیه مدى تلاحم الحکومة، وسیوصل إلى خلاف کبیر فی البلد، وهو لیس خاضعًا لمنطق الأکثریة والأقلیة» (مداخلة الوزیر محمد فنیش فی جلسة مجلس الوزراء فی 13 تموز 2006).
إمیل لحود شریک المقاومة
شارک رئیس الجمهوریَّة إمیل لحود المقاومة فی وجهة نظرها، وقدَّم رؤیته المبنیَّة على تجربته فی قیادة الجیش، لأنَّ فرض الحصریَّة بذریعة التشدُّد فی بسط سلطة الدَّولة یفتح المجال أمام مشکلة کبیرة فی البلد، بخاصَّة فی ظلّ استحالة وضع الجیش بطریقة مکشوفة فی مواجهة العدو من دون القوَّة الرادعة للمقاومة، وتمسَّک لحود بضرورة التفاهم الداخلی «لأنَّ أی خلاف سیکون أقوى من المدافع الإسرائیلیَّة. أمَّا المقاومة، وعلى الرغم ممَّا فعله العدو، فلم یتغلَّب علیها وعلینا، فهل یمکن أن نقوم نحن بتسلیمهم هذا السّلاح ونعلق سویًّا»، ووافق رئیس الجمهوریة على طرح المقاومة بالتأجیل، لأنَّه هو غیر راضٍ أیضًا، وإلَّا فسیرفع الجلسة لمنع التصویت.
لم یکن هذا التوجُّه (نزع السّلاح) مفصولًا عن السیاق العام للطروحات الَّتی انهالت على لبنان، فصارت الحکومة میدانًا لتلقی شروط الحل الممکنة إسرائیلیًّا وأمیرکیًّا، وبعضها وفق توصیف رئیسها فؤاد السنیورة «ما یُسمَّى نصائح تُوَجَّه إلینا من سفراء الدُّول الکبرى، وکذلک من سفراء الدُّول العربیَّة لما هو المفروض القیام به» (جلسة الحکومة فی 13 تموز)، ونقلَ مناخات عن ترهیب أمیرکی إسرائیلی یتطلَّب الإسراع فی التجاوب مع تلک النصائح «فالجو عند الإسرائیلیین یساعدهم الأمیرکیون والأوروبیون بأنَّ لإسرائیل الحق بالدفاع عن النفس، وتحت هذه الحجج نتعرَّض للقصف یومیًّا قیامًا وقعودًا» (جلسة 16 تموز). ومن بین الطروحات المعروضة فی هذا الجو استسلام المقاومة بدعوى أنَّها من مستلزمات الحل المقبول إسرائیلیًّا وفق ما أفضت إلیه الاتصالات الدولیَّة برئیس الحکومة، لأنَّ «شروط إسرائیل هی تسلیم الجندیَّین، وانسحاب حزب اللَّه إلى ما فوق اللیطانی» (مداخلة السنیورة فی جلسة 18 تموز).
حاول حزب اللَّه شدَّ العزیمة السیاسیَّة للحکومة بالتأکید على صلابة الموقف المیدانی. لأنَّ «المرحلة تحتاج إلى إدارة مرحلة صراع سیاسی، والوضع المیدانی لا یسمح لإسرائیل بوضع الشروط. هی لدیها القدرة على القصف ولدینا القدرة أیضًا، عندنا خسائر وعندها خسائر، والحل بوقف إطلاق نار، ومن ثمَّ التبادل، ومن دون ذلک لا یحلم أحد بإطلاق الأسیرین» (مداخلة فنیش فی جلسة مجلس الوزراء فی 18 تموز).
لم تتوفَّر هذه الإرادة السیاسیَّة، وحلَّت محلَّها لُغةُ تحطیم الإرادة الوطنیَّة، ومن مفرداتها فی مناقشات الحکومة أنَّ: «هناک الدمار والانهیار الاقتصادی.. وحرق الموسم السیاحی.. وتزاید أعداد القتلى والجرحى غیر المحتمل..وما یجری انتحار جماعی.. وهناک الفوضى العارمة.. وتوریط البلد.. وإلى أین تقودنا المقاومة.. ووضعنا الکارثی.. وأرضنا المحروقة...إلخ» (من مداخلات وزراء فریق 14 آذار فی جلسة الحکومة فی 13 تموز).
لم یُکتفَ بهذا القدر من الضغط النفسی، بل تعدَّاه إلى رفض حتَّى التعزیة بشهداء المقاومة، أو مجرد ذکر اسمها فی بیانات الحکومة حین تناول الشهداء وتضحیات اللبنانیین. وجرى طرح ملف النازحین إلى بعض المناطق، «وما قد یثیره من فوضى، والمدى الزمنی لبقائهم، وضرورة نشر الجیش فی بیروت لطمأنة النَّاس، والاحتجاج على قبول هبة هی عبارة عن مستشفى میدانی فی بیروت لأنَّ ذلک قد یثیر القلق من وجوده، وکأنَّ العاصمة ستضرب، وإثارة موضوع نقل السّلاح للمقاومة»، وغیرها من المواضیع التی أثیرت بوجه ممثلی المقاومة فی الحکومة فی جلسة 22 تموز 2006.
المصدر: صحیفة السفیر