افاد وکالة الدفاع المقدس للأنباء، على الرغم من أنّهم يعتبرونه العدو الثاني، بعد إيران، فإنّ الإسرائيليين، يُقّرون بأنّ حزب الله، بات يُشكّل خطرًا إستراتيجيًا من طرازٍ جديدٍ، وأنّ الأمين العّام للحزب، السيّد حسن نصر الله، هو زعيم عربيّ، يجب الإصغاء إليه.
وبعد مرور عقدٍ من الزمن على حرب لبنان الثانية، صيف 2006، ما زال المُحللون والخبراء وصنّاع القرار في تل أبيب، يُحاولون سبر غور هذه الظاهرة، إذا جاز التعبير، ومُحاولة استخلاص العبر والنتائج من "انتصارهم” في العدوان المذكور، علمًا بأنّ بحثًا علميًا، أُجري في كليّة "تل حاي”، في شمال الدولة العبريّة، أكّد على أنّ 80 بالمائة من الإسرائيليين يثقون بالسيّد نصر الله، أمّا الباقي فيعتمدون على قادتهم.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت” العبريّة، عن ضابط إسرائيليّ رفيع قوله: خلال حرب غزة التي أعقبت حرب لبنان عام 2006، كان كبار الجنرالات في الجيش الإسرائيليّ، يترقبون تعاطي "حزب الله” مع ما يجري في القطاع، وكانوا ينتظرون قراءة نصر الله مما يجري.
ويُضيف: لو فهمنا بالكامل نظرة العدو رقم واحد الممثل بـ”حزب الله” في حرب لبنان، لكانت اتضحّت أمامنا أمورًا كثيرة. لقد نجح نصر الله في التأثير على مشاعر الجمهور الإسرائيلي وإيقاظ هواجسه الأمنيّة وتعزيز رعبه من الترسانة الصاروخية لـ”حزب الله”، على حدّ تعبيره.
من ناحيته رأى إيتان هابر، مدير ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، يتسحاق رابين، في مقالٍ نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت”، رأى أنّه لا توجد حرب تنتصر على كل الحروب، ولو كان يوجد مثل هذه الحرب لكنا أوصينا بشنها على الفور.
وتابع هابر، الذي حاول تلخيص 10 أعوام على حرب لبنان الثانية، تابع قائلاً: إذن ثمة من يقولون إنّ حرب لبنان الثانية كانت "تستحق” الثمن الباهظ أساسًا، الشمال لم يعرف الراحة. كان هذا سيحصل لو أنّ حزب الله جلس على مدى هذه السنين مكتوف الأيدي.
وبحسبه، في هذا الزمن كانت تنشر في وسائل الإعلام الإسرائيليّة أنباءً مثلما نشرت عشية حرب أكتوبر 73، غير أنّه محظور أنْ ننسى بأنّه في السنوات التي انقضت، تزود حزب الله بعشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الدقيقة جدًا وجندّ آلاف الجنود الذين تدربوا واكتسبوا خبرة في سوريّة.
وشدّدّ هابر على أنّ هذا الهدوء سيُنسى بعد أنْ يُطلق إلى أراضينا أوّل صاروخ من لبنان، فما بالكم إذا سقط عدد كبير من الصواريخ. عندها سنتوقف أيضًا عن التحلي بالنشر الوقح والمسيء لزعيم حزب الله نصر الله.
وخلص المُحلل إلى القول إنّ إسرائيل يجب أنْ تخرج إلى الحرب فقط عندما يكون سيف حاد مسلط على رقبتها، وعلى قادتها أنْ يفهموا ويعرفوا بأنّه لا توجد حروب تكتيكية. فقط حروب كبرى، للأسف الشديد.
ومن المُفيد التذكير بما كان قد قاله ايلي يشاي، نائب رئيس الوزراء خلال الحرب، إنّ حزب الله أدار معارك نفسية ناجحة برغم انعدام المقارنة بين قدراته وقدراتنا، وإسرائيل فشلت في أدائها الإعلامي خلال الحرب وأبقت المنصة للعدو، فلم يمر يوم من دون أنْ يثبّط نصر الله معنوياتنا ويتلاعب بأعصاب الإسرائيليين، قائلاً، أيْ نصر الله: إسرائيل تُهزم.
يُشار إلى أنّه اليوم، يُمكن القول الفصل إنّ عزاء القادة السياسيين والعسكريين، الذي يُخفف من ثقل ما حملته نتائج الحرب المخيبة للآمال، القول: لا يوجد دولة في العالم انتصرت على تنظيمٍ يقوم على حرب العصابات.
وبناءً على ما تقدّم، يُجمع محللون في تل أبيب على أنّ السيّد نصر الله هو قائد استثنائيّ، وبالتالي يجدر بنا أنْ نُصغي إليه جيّدا، لأنّ هناك تطابقًا كبيرًا جدًا بين ما يقوله وما يفعله، بحسب مقالاتهم.
ويُذكّر المحلل العسكريّ في صحيفة "يديعوت احرونوت” أليكس فيشمان، بأنّ إسرائيل تميل في العادة إلى الاستخفاف بالقادة العرب، لكن في الشرق الأوسط أيضًا، هناك قادة استثنائيون، ويُضيف: عندما يُهدّد نصر الله، فيجدر بنا الإصغاء إليه جديًّا، فهو الرجل الذي أوفى بكل ما التزم وهدد به.
أمّا محلل الشؤون العربيّة في القناة العاشرة تسفي يحزكئيليي، فيقول: أنا أثق بكلام نصر الله عن قدرة "حزب الله” في ردع إسرائيل. مُشيرًا إلى أنّه "يتحتّم علينا أخذ تهديد نصر الله بفتح جبهة الجولان بجديّةٍ، لأنّه في حال نزل مقاتلو "حزب الله” إلى الحدود، فإنّهم يُعتبرون الأكثر كفاءة للقتال ضد إسرائيل.
وبرأي قائد الذراع البرية في الجيش الإسرائيليّ الجنرال غابي تسور، فإنّ نصر الله نجح في تحويل "حزب الله” إلى منظمة تُعتبر من أقوى المنظمات في العالم، من حيث القدرات العسكرية وتنامي بنيته وقدراته القتالية وتعزيز ترسانته الصاروخية، وأشكال المواجهة التي يطمح للوصول إليها في المعركة المقبلة.
على الرغم ممّا ذُكر أعلاه، يجب التركيز على أمريْن اثنيْن هامّيْن: الأوّل، أنّ إسرائيل تخوض حربًا نفسيّةً شرسةً ضدّ العرب، وتعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ على شيطنة نصر الله وحزب الله، وبالتالي لا يُستبعد البتّة أنّ هذا الكلام يدخل في إطار هذه الحرب.
والأمر الثاني، ربمّا الأكثر أهميةً، أنّ الدولة العبريّة لا يُمكنها أنْ تُواصل العيش طويلاً تحت تهديد حزب الله، التي باتت صواريخه، وباعتراف تل أبيب الرسميّ، تُصيب كلّ مكانٍ داخل الدولة العبريّة.