أفادت وکالة
الدفاع المقدس للأنباء؛ الجيش السوري وحلفاؤه أمام تحدٍّ مفصليّ على أبواب حلب، عنوانُه «ترسيمُ حدود اشتباكٍ جديدة» في المعارك التي لا يُتوقّع لها أن تُحسمَ (بشكل قطعيّ) في وقت سريع. مسارحُ العمليّات العسكريّة التي تمدّدت خلال الأيّام الثلاثة الأولى من الهجوم العنيف لتصلَ قلب بعض الأحياء السكنيّة، وضعَت الجيش أمام صعوباتٍ تفرضُها معارك الأحياء عادةً، وتحدّ من فعاليّة الأسلحة الثقيلة، خلافاً لما هي عليه الحال في مسارح العمليّات المحاطة بمناطق مكشوفة.
ويبدو هذا التباين كفيلاً بشرح أسباب استرجاع الجيش سريعاً لما خسره على محور «الفاميلي هاوس» قياساً بالبطء الذي شاب «استعادة التوازن» على محور «منيان – بنيامين» (الذي يعتبر امتداداً لمناطق حلب الجديدة ويتداخل معها)، الأمر الذي ينطبق على ضاحية الأسد المتاخمة لمشروع الـ3000 شقّة في الحمدانيّة (وكلاهُما عبارة عن كُتل سكنيّة). ومنذ صباح أمس، استقدمت قيادة العمليّات العسكريّة تعزيزات إلى المحاور الأشدّ هشاشةً، لا سيّما «منيان – بنيامين» الذي كانت مجموعات «جيش الفتح» قد نجحَت في إحداث خرق كبير عبرَه، قبل أن يُفلحَ الجيش وحلفاؤه مساء أمس في معالجة الخرق وإعادة بسط السيطرة. في الوقت ذاته، دشّن الجيش هجوماً مضادّاً بغيةَ استعادة ضاحية الأسد، في عمليّة توقّعت مصادر عسكريّة سوريّة أن «تُحدثَ تحوّلاً ملموساً نهار غَد (اليوم)». وخلافاً لليومين الأوّلين من الهجوم، لم تُحرز «جبهة فتح الشام/النصرة» يوم أمس أيَ تقدّم، سواء على المحاور المذكورة أو على محو «أكاديميّة الأسد العسكريّة» التي تُمثّل أحد أهمّ الأهداف على قائمة «ملحمة حلب الكبرى». وفي تكرار لسيناريواتٍ سابقة، أسهم الضخّ الإعلاميّ المكثّف (سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال وسائل الإعلام الداعمة للمجموعات المسلّحة) في إشاعة أجواء تُنذر بسقوط الأحياء الغربيّة للمدينة في أيدي المُهاجمين بين لحظة وأخرى. في المقابل، سعى الجيش السوري إلى سدّ الفراغ الذي خلّفه ضعف الأداء الإعلامي السوري عبر تسيير إذاعاتٍ متنقّلة بين الأحياء السكنيّة تدعو السكّان إلى «عدم الانجرار وراء الشائعات». ولعب انقطاع خدمة الانترنت لليوم الثالث على التوالي دوراً في زيادة مخاوف السكان، لا سيّما مع استمرار القذائف والصواريخ في استهداف أحيائهم.
محافظ حلب لـ«الأخبار»: الوضع الميدانيّ في تحسّن مستمرمحافظ حلب أحمد حسين دياب أكّد لـ«الأخبار» أنّ «الوضع الميدانيّ في تحسّن مستمر، لا سيّما بعد استعادة الجيش السوري والقوّات الرديفة لمنيان». دياب أوضح أنّ «القذائف الصاروخيّة التي استهدف الإرهابيّون بها الأحياء السكنيّة أدّت حتى الآن إلى استشهاد اثنين وأربعين مواطناً، وجرح سبعمئة آخرين»، وأضاف «أطلق الإرهابيّون أيضاً قذائف تحوي غازات سامّة، ما أدّى إلى إصابة أكثر من خمسين شخصاً بحالات اختناق». وكانت مجموعات «جيش الفتح» قد أطلقَت قذيفتين صاروخيتيّن (على الأقل) مزوّدتين بغاز سام (يُرجّح أنّه غاز الكلور) في محيط أكاديمية الأسد (وهو محيطٌ سكنيّ)، ما أدّى إلى «إصابة خمسة وثلاثين مدنيّاً بحالات اختناق»، وفقاً لوكالة سانا. ومساء أمس، أصدرت مجموعات «جيش الفتح» بياناً أعلنت فيه «انتهاء المرحلة الأولى من "غزوة أبو عمر سراقب"»، وأعلن أحياء «حلب الجديدة، مشروع 3000 شقّة، الحمدانية، سيف الدولة، العامرية، أحياء حلب القديمة، سوق الهال، المشارقة، الإذاعة، صلاح الدين، مناطق عسكريّة». ومن المرجّح أن تشهد معظم تلك المناطق هجمات إشغال تهدف إلى تشتيت انتباه القوّات المدافعة، فيما يُتوقّع أن تسعى المجموعات إلى إيلاء محور العامريّة اهتماماً خاصاً نظراً إلى أهميّته الاستراتيجيّة في ما يتعلّق بفك الطوق الذي يفرضه الجيش السوري على مسلّحي الأحياء الشرقيّة. بدوره، بادر الجيش السوري منذ مساء أمس إلى شنّ هجمات استباقيّة على عدد من محاور الأحياء الشرقيّة، لا سيّما بستان الباشا، المرجة، والمدينة القديمة.
في الأثناء، واصلَت معظم القوى المنخرطة في «ماراثون الباب» السعي إلى تقريب المسافات التي تفصلُها عن المدينة التي تُعتبر آخر معاقل تنظيم «داعش» في ريف حلب (38 كيلومتراً شرق حلب). وحتى الآن، توحي المؤشرات بأن المعارك المفتوحة على أبواب حلب لم تؤدّ إلى ثني الجيش السوري عن خططه على هذا الصعيد. وشهد يوم السبت تطوّراً مهمّاً يصبّ في هذا السياق، تمثّل في نجاح الجيش في استخلاص مدرسة المشاة (التي تحظى برمزيّة خاصّة) من قبضة تنظيم «داعش»، إضافة إلى «معمل إسمنت المسلميّة» وقرى فافين وتل شعير وكفر قارص وتل سوسين. وفيما راجت أوّل الأمر أنباء عن أن القوّات التي سيطرت على تلك المناطق تابعة لـ«قوّات سوريا الديمقراطيّة»، أكّدت مصادر مرتبطةٌ بالأخيرة لـ«الأخبار» أنّ «هذه الأنباء غير دقيقة». وكشفت مصادر لـ«الأخبار» أنّ «المجموعة التي سيطرت على تلك المناطق هي مجموعةٌ شُكّلت حديثاً من أبناء القرى المحيطة تحت اسم "لواء شهداء كفر صغيرة"»، وجاء في بيان تشكيله أنّ السيطرة تمّت «بمؤازرة من وحدات الجيش السوري». ويكتسب هذا التطوّر أهميّة خاصّة نابعةً من أنّ معظم سكّان قرية «تل صغيرة» من الأكراد السوريين، في وقت تقف فيه العلاقة بين الجيش السوري والقوى الكرديّة أمام رهانات قد تدفعها إلى تكريس تحالفات جديدة. بدورها، واصلت قوات الغزو التركي الاستعداد لمعركة الباب بالاستعانة بالمجموعات المنضوية في «درع الفرات». ودفعت أنقرة بتعزيزات عسكريّة إلى منطقتي قرقميش وأوغوز إلي الحدوديتين تمهيداً لزجّهما في المعارك، فيما تبادلت مجموعات «درع الفرات» وتنظيم «داعش» السيطرة على عدد من المواقع شمال الباب، فبسطت «درع الفرات» سيطرتها على قريتي شدود وسلوى، فيما أفلح «داعش» في استعادة قرية قعركلبين (شمال غرب الباب).