تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

ناشطون إعلامیّون فی حضرة «داعش»

شکّل الناشطون بمختلف انتماءاتهم مصدراً أساسیاً للأخبار فی مناطق کثیرة فی سوریا، یصعب وصول وسائل الإعلام إلیها. لکنّ الحال تغیر مع سیطرة «داعش» على بعض المناطق، وقمع کل من یحاول تصویر وإرسال ما یحدث من انتهاکات فیها، ما حوّل حیاة هؤلاء إلى جحیم اضطروا معه للهرب، فیما قرر البعض منهم ممارسة «لعبة الموت».
رمز الخبر: ۶۰۳۳۶
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۵:۳۷ - 04October 2014

ناشطون إعلامیّون فی حضرة «داعش»

طارق العبد

شکّل الناشطون بمختلف انتماءاتهم مصدراً أساسیاً للأخبار فی مناطق کثیرة فی سوریا، یصعب وصول وسائل الإعلام إلیها. لکنّ الحال تغیر مع سیطرة «داعش» على بعض المناطق، وقمع کل من یحاول تصویر وإرسال ما یحدث من انتهاکات فیها، ما حوّل حیاة هؤلاء إلى جحیم اضطروا معه للهرب، فیما قرر البعض منهم ممارسة «لعبة الموت».
بین الرقة وریف حلب ودیر الزور شکل الناشطون الإعلامیون مصدراً للأخبار عن المواجهات بین «داعش» وفصائل المعارضة المسلحة، ولاحقاً عن انتشار تنظیم الدولة تدریجیاً فی تلک المناطق. وتمکّن بعضهم من نقل الأخبار، بالرغم من المضایقات التی تعرّضوا لها، ووصلت حدَّ الإعدام فی بعض الحالات مع عشرات التهم الجاهزة بالنسبة لتنظیم یصمم على بث ما یشاء مهما کان مبالغاً به.
ففی الرقة مثلاً، أطلق عدد من الناشطین حملة على «فایسبوک» بعنوان «الرقة تذبح بصمت»، لتتحول لاحقاً إلى موقع ینشر یومیات المدینة المحکومة بقبضة الدولة الإسلامیة، ویصبح القائمون علیه مصدراً مهمّاً لعشرات وسائل الإعلام. وانفرد الموقع ببث تفاصیل المعارک التی یشنّها التنظیم وعملیات الإعدام وقطع الرؤوس والرجم، وصولاً إلى عملیة الإنزال الأمیرکیة التی أخفقت فی تحریر رهائن واشنطن لدى «الدولة»... لکنّ کلّ ذلک لم یکن بالأمر السهـل، فی ظلّ سلطة تلاحق القائمین على الصفحة بشدة.
یعلق «أبو ورد الرقاوی»، وهو الاسم الحرکی لأحد القائمین على الحملة، أنهم ومع خروج الرقة من سلطة الحکومة السوریة، عمدوا إلى کشف شخصیاتهم الحقیقیة على مواقع التواصل الاجتماعی. لکنّ الأمر ما لبث أن تغیر مع بدء تمدد دولة البغدادی فی المدینة، فبدأت المضایقات تتصاعد تدریجیاً قبل أن تعمَّم أسماؤهم وتصدر بحقهم أحکام الإعدام بتهمة العلمانیة. ویضیف: «خبرتنا فی التخفی والعمل بسریة خلال حکم النظام السوری، نستعملها الیوم ضد «داعش». هم حتى الآن لا یعرفون هویتی ولکن حساباتی مراقبة من قبلهم، ومؤخراً اکتشفوا احد أعضاء الحملة، وتم إعدامه علناً ومن یدری ربما أکون أنا التالی».
ویصف الشاب عملیة توثیق ونشر ممارسات «داعش» بـ«اللعب مع الموت»، إذ تتم مراقبة النقطة المرجو تصویرها عدة مرات قبل البدء بذلک، مع اختیار التوقیت المناسب لکی لا تتکرّر العملیّة مرّة ثانیة، ویخسروا الوقت الثمین. ویقول «أبو ورد» إنّهم یعتمدون أیضاً على مصادر خاصة تزودهم بالأخبار من داخل التنظیم نفسه، لتزداد الیوم الاتهامات للصفحة بإعطاء قوات التحالف معلومات عن أماکن تواجدهم، فیما یعمد عناصر التنظیم للتخفی وتفتیش الهواتف المحمولة.
ینشط محمد خلیق من جهته من ریف دیر الزور. یقول لـ«السفیر» إنّ اسمه کان على لوائح المطلوبین من التنظیم الذی أرسل له عدة تهدیدات، خلال تواجده فی بلدة الشحیل (معقل جبهة النصرة)، ونقله لتفاصیل المواجهات بین الفصائل فی المنطقة. ومع سیطرتهم على المکان، عمد الشاب العشرینی إلى إیقاف عمله بشکل کامل، والتخفی لمدة شهر بعدما بدأ التفتیش عنه فی المنطقة. «أرسلوا لی طالبین منّی أن أبایعهم فی حال أردت استکمال عملی، ولکنی رفضت بحجة رغبتی فی إکمال دراستی فقالوا إذا علیک أن تسلم کل معداتک بما فیها الحاسوب الشخصی والکامیرات، کما أعطونی تعهداً بعدم الاعتقال». ولکنّ کل شیء تغیر مع احتجازهم لقائد عسکری تربطه بخلیق علاقة قویة، لیقرر طالب الهندسة المغادرة باتجاه الأراضی الترکیة.
ویقول الشاب إن حالة عشرات الناشطین فی دیر الزور تماثل حالته، فکثیرون غادروا مع احتدام المعارک وجزء قلیل قرّر مبایعة التنظیم والعمل معه، فیما فضّل آخرون اعتزال مهمة نقل الأخبار... ذلک أن حمل کامیرا والتصویر جریمة، قد تتسبّب بالإعدام.

المصدر: جریدة السفیر
رایکم
الأکثر قراءة