تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

المجموعات «الجهادیة»: خسرنا المعرکة

لم تتّعظ المجموعات «الجهادیة» من تجاربها فی الشمال اللبنانی. تکرّر الأخطاء نفسها وتخلُص إلى النتیجة نفسها. ما الذی یدفع مجموعة مسلّحة تحمل عبء قضیة معینة، سواء أکانت محقة أم لا، إلى خوض معرکة تعلم مسبقاً أنّها خاسرة؟
رمز الخبر: ۶۰۹۶۱
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۲۴ - 29October 2014

المجموعات «الجهادیة»: خسرنا المعرکة

لم تتّعظ المجموعات «الجهادیة» من تجاربها فی الشمال اللبنانی. تکرّر الأخطاء نفسها وتخلُص إلى النتیجة نفسها. ما الذی یدفع مجموعة مسلّحة تحمل عبء قضیة معینة، سواء أکانت محقة أم لا، إلى خوض معرکة تعلم مسبقاً أنّها خاسرة؟
 

رضوان مرتضى
 

لا یختلف اثنان على النتیجة المعلنة لجولة الاشتباکات فی طرابلس. تمکّن الجیش من هزیمة المسلّحین. والنتیجة لا لُبس فیها، فی الشکل على الأقل، نجح فی دفعهم إلى التواری والاختباء وأزال مظاهرهم المسلّحة. تمکن الجیش من نشر حواجزه ونفّذ عملیات دهم فی مناطق کانت محرّمة علیه، ولو کلّف ذلک حیاة 12 ضابطاً وجندیاً، فیما لم تُسجّل خسائر فادحة فی صفوف المسلّحین.

أکثر ما یُثیر الغرابة لدى استطلاع آراء «الجهادیین» حول المواجهة الأخیرة اعترافهم الصریح بأن نتیجة المعرکة کانت متوقّعة، رغم تنویههم بـ«تنکیل المجاهدین بالجیش وتکبیده خسائر فادحة، لکونه ضعیفاً ومکشوفاً، فضلاً عن أنّه غیر مؤهل لخوض مواجهات الشارع».
النقاش فی ما جرى لا یقتصر على الشمال وحده، بل یمرّ بالبقاع والجنوب مروراً بالمخیمات حیث تتمرکز مجموعات ذات هوى متشدد. تتّفق القیادات «الجهادیة» على أن الخسارة کانت متوقّعة، وهی شکّلت «صفعة قویة للشباب المسلم فی الشمال». وانطلاقاً من المواجهة الأخیرة، تُجری بعض المجموعات جلسات تقویم فی جلسات عامة وعبر وسائل التواصل الاجتماعی. وهی إذ تُجمع على الاعتراف بالخطأ فی التوقیت، ترى أنّ حدثاً خارجاً عن السیطرة استدرج المجموعات لتتصرّف بصبیانیة وانفعال، لکنّها تؤکد أن «المضی إلى الأمام کان منسّقاً ومخططاً له، لأنه لم تعد هناک إمکانیة للتراجع». وتمثّل هذا الحدث فی توقیف الجیش أفراد خلیة عاصون، وعلى رأسهم المطلوب أحمد سلیم المیقاتی. ویقول أحد عناصر «جبهة النصرة» الموجودین فی لبنان لـ«الأخبار» إن «مجموعة الشیخ أبو الهدى المیقاتی فتحت المعرکة فی الأسواق بالتنسیق مع أنصار الدولة فی الشمال بعد عملیة توقیفه». ویضیف أن «باقی المجموعات انجرّت إلى المواجهة مجبرة، خوفاً من اتهامها بالتخاذل عن النصرة».
لکن ماذا عن «البیئة الحاضنة»؟ الإجابة عن السؤال شبه موحّدة لدى عدد من القیادات «الجهادیة» فی لبنان والقلمون: «الجماعات الجهادیة فی لبنان لم تکن یوماً مدعومة من بیئة حاضنة».

 

وانطلاقاً من هذه «المسلّمة»، توقِن هذه القیادات «أن «بقاء المعطیات المیدانیة على حالها یجعل من الاستحالة بمکان إمکانیة قلب الواقع اللبنانی لمصلحة المجاهدین». یستعید هؤلاء «الغربة» التی یعیشونها فی مجتمعاتهم أصلاً، لذلک هم مقتنعون بأنّ «مجموعاتنا ضعیفة وغیر قادرة على فتح معرکة مواجهة شاملة فی ظل غیاب قاعدة خلفیة على الحدود للمدد». حتى معرکة الشمال، بالنسبة إلیهم، «لو طالت فهی بالنهایة خاسرة». أما أحداث الشمال الأخیرة، فتکشف المصادر عن «محاولات جرت للملمتها، لکن الشباب انجرفوا خلف انفعالاتهم». وتشیر المصادر إلى أن «ضعف الجیش حمّس الشباب لإطالة أمد المواجهة»، لافتة إلى أن مؤیدی «النصرة» التحقوا بالمعرکة لنصرة جماعة «الدولة». وإذ تؤکد المصادر أن معظم الاشتباکات لم تکن مخططة مسبقاً، تشیر إلى أنّ «کل المشارکین فی الاشتباکات لم یلتزموا الأدوارالموکلة إلیهم». وإذ تؤکد المصادر قناعتها باستحالة القدرة على المواجهة المفتوحة فی الظروف الراهنة، ترى أن «المطلوب حالیاً، وحتى جلاء الصورة، الاقتصار على العمل الأمنی المرکّز ضمن الصورة الکاملة». وتتحدث المصادر عن «تصرفات غیر منضبطة قام بها شادی المولوی، ولا سیما کشفه أن الشیخ أبو مالک التلی، أمر بعدم إطلاق سراح العسکری المخطوف». أما عن إعلان إمام مسجد هارون الشیخ خالد حُبلص «ثورة سنیّة»، فتشیر المصادر إلى أن«الشیخ حُبلص أُلزِم بها، وإلا کان سیُتّهم بالتخاذل».
إذاً ما هی الغایة من خوض معرکة خاسرة؟ وإذا لم تتعظ هذه المجموعات من التجارب السابقة، بدءاً بمجموعة الضنیة، مروراً بجماعة فتح الإسلام، وصولاً إلى الشیخ أحمد الأسیر، فبأی منطق تُفکّر وکیف تقیس الأمور؟ ألا یدفع سوء تقدیر القدرات العسکریة والبشریة المتکرر إلى الشکّ فی «حکمة» هذه القیادات والانفضاض من حولها، بحسب تعبیرات «الجهادیین»؟ الإجابة عن السؤال غیر مقنعة. یقول أحد الموالین لـ«لنصرة»: «نعلم أن الجمیع ضدنا، لکننا لا نأبه لهم. اجتمع العالم لقتالنا ولم نخش فی الله لومة لائم، وغرباء فتح الإسلام مثالٌ قریب». کیف یُترجم هذا الکلام على أرض الواقع؟ ألا یُجهض ذلک إمکانیة بناء قوة قادرة على التغییر؟ یردّ بأن «واجبنا یحتم علینا إحیاء فریضة الجهاد لرفع الذلة عن أُمّتنا وإعلاء رایة الإسلام، أما النتیجة فنحتسبها عند الله الذی وعدنا بالتمکین لتطهیر الأرض».

المصدر: جریدة الاخبار

 

رایکم
الأکثر قراءة