أحمد الشرقاوی
الفرق بین حزب الله والجیش اللبنانی من جهة، وتیار 14 عمیل و”داعش” وأخواتها من جهة أخرى، هو أن الثنائی الأول أثبت خلال محطات عدیدة أنه روح وطنیة مخلصة فی جسدین، إذا أصاب أحدهما مکروه تداعى له الثانی بالحمایة والدفاع..
وکان على اللبنانیین أن یفهموا أن إهانة المؤسسة العسکریة وتحمیلها من النقد ما لا یحتمل هو تدمیر لهذه المعادلة المقدسة، التی لولاها، لما کان للبنان ومن یتصدرون المشهد السیاسی الیوم بعهر ونفاق.. من وجود.
ونفس الأمر یمکن أن یقال بالنسبة للثنائی الثانی، لکن فی الإتجاه المعاکس، لما نراه من عشق وتوق وشوق وصل حد وصف ‘الإرهابیین’ الذین قتلوا وخطفوا الجنود اللبنانیین فی عرسال بـ”الثوار”، والتمنی بأن تلتقی الداعشیة المسلحة مع الداعشیة السیاسیة فی بیروت لغزو الجنوب إنطلاقا من الضاحیة، للقضاء على حزب الله وطرده من لبنان لیحل السلام والإزدهار فی ظل عصر الیهود.
وبدل الوقوف خلف المؤسسة العسکریة ودعمها سیاسیا، وذلک أضعف الإیمان، إستلوا خناجرهم وبدأوا کعادتهم رقصة الطعن فی ظهر القلعة الوحیدة الباقیة فی ما کان یسمى مجازا بـ”دولة لبنان”.
ووصلت بهم الخسة والوقاحة والوضاعة أن شنوا حملة مسعورة على حزب الله بسبب مواجهته للإرهابیین الصهاینة فی “غزوة بریتال”، والذی لم یکن مهاجما خارج الأراضی اللبنانیة، بل مدافعا عن لبنان وعن جمیع اللبنانیین، بمن فیهم “الفنیقیین” الذی تبین أنهم عرب من أصل یمنی بشهادة إبن خلدون، لکنهم تنکروا لعروبتهم، وطالبوا الجیش الذی أهانوه عندما حرموه من المبادرة المیدانیة، ولم یسلحوه حتى لا یوجه هذا السلاح لصدر الحلفاء الیهود.. طالبوه بربط غرفة عملیات بینه وبین تحالف کافور الإخشیلی وزبانیته لمحاربة الإرهاب.. لیتأکد أن سیاسة النأی بالنفس ترفع کفیتو فقط عندما یتعلق الأمر بحزب الله.
والفرق بین تدخلهم الإجرامی والتخریبی فی سوریة لقتل الشعب السوری خدمة للأمریکی والإسرائیلی، وتدخل حزب الله دفاعا عن لبنان وسوریة والمنطقة وما تبقى من شرفاء فی هذه الأمة، أوجزه البطریرک الراعی بجملة مفیدة تقول: “لولا حزب الله لکانت (داعش) الیوم فی جونیه”، ونحن نضیف لما قاله البطریرک الشجاع: “لولا وجود حزب الله لأصبح الیهود فی غرف نومنا یضاجعون حریمنا ویشربون الأنخاب، کما یفعلون فی قصور أمراء العهر فی الخلیج”، بشهادة المخابرات الروسیة.
والحقیقة أن ما قاله البطریرک الراعی، یعکس بصدق ما یشعر به الجمیع فی لبنان، باختلاف عقیدتهم وطوائفهم ومذاهبهم ومشاربهم الفکریة، باستثناء من رضعوا حلیب الحقد والکراهیة من ثدی الوهابیة السعودیة وارتموا فی أحضان الصهیونیة، وعلى رأسهم المراهق السعودی الذی نصب نفسه بغیر حق ولا تقوى ولا إقتدار، زعیما للسنة فی لبنان والسنة من عمالته وفساده الذی تزول من هوله الجبال براء.. خصوصا بعد ما شاهده الجمیع بأم العین، من إرتکابات یشیب لها الولدان لـ”داعش” فی العراق وسوریة ضد المسیحیین والإیزیدیین، والأکراد والسنة المخالفین، ناهیک عن الشیعة، وأثبت المقاومة جدارتها فی مواجهة الإرهاب العابر للحدود والقارات.
لذلک، فالهزیمة الکبیرة والسریعة والمذلة التی لحقت بـ”الإرهاب الثوری” الصهیونی – الأطلسی فی “غزوة “بریتال” الأحد الماضی، جعلت اللبنانیین یزدادون ثقة بقوة وقدرة حزب الله على حمایة لبنان واللبنانیین من التکفیریین ومن “إسرائیل”، وأن ما کان یسوقه اللبنانیون عن وجود قرار دولی لحمایة لبنان، هو مجرد حشیش مضروب لطمأنة المغفلین.. لأن السؤال البدیهی الذی یطرح نفسه الیوم هو: – کیف یمکن للأمریکی الذی أتى للمنطقة على ظهر “داعش” لتغییر أنظمة، وتفتیت جیوش، وتهجیر شعوب، وإقامات کانتونات طائفیة ومذهبیة تدور فی فلک ترکیا وإسرائیل أن یوفر لبنان فیحرص على أمنه وإستقراره إلا من باب الخدیعة؟..
وإلا، فما صحة الحدیث الذی یدور عن إجتماعات سریة تمت بعیدا عن لبنان لدراسة مشروع فدرالیة الکانتونات الطائفیة والمذهبیة المستقلة على النموذج السویسری، وعرضه على الأمریکی لإنجازه فی إطار الحرب القائمة ضد محور المقاومة فی المنطقة، والتی یبشرنا الخبراء فی الغرب بأنها ستدوم لأکثر من 20 سنة، وفق تقدیرات وزیر الحرب الأمریکی السابق ‘بانیتا’ الثلاثاء.. وهل فی لبنان ما یمکن تقسیمه عملیا وتکون له کل مقومات العیش والنهوض؟.. ألیس هذا إنتحار وتفکیر سیاسی داعشی یرید أن یغرق المرکب بمن فیه؟..
یبدو، أن تیار 14 سمسار وأسیاده فی المنطقة والغرب، لم یفهموا أن تغییرهم لقواعد اللعبة یترتب عنه حتما تغییر حزب الله لسیاسته، وخروجه من موقف الصبر والتحمل والدفاع إلى موقف أخذ المبادرة والهجوم لإحباط أوهام الحالمین، بل وتغییر وجه المنطقة إن واقتضى الحال.
حتى الأغبیاء فی “إسرائیل” لم ینجحوا فی معرفة إن کانت عملیة الشهید ‘حیدر’ فی مزارع شبعا هی محاولة من حزب الله لإثبات معادلة أم تغییر فی السیاسة؟..
ولو کانوا فهموا فحوى تصریح الحزب بعد زیارة السید ‘شمخانی’ للبنان الأسبوع الماضی، وعرضه مساعدات لوجستیة لتسلیح الجیش اللبنانی بما یؤهله للقیام بمسؤولیاته الوطنیة، دون قید تقنی أو شرط سیاسی بالمطلق، حیث أعلن الحزب بالناسبة، أن سیاسته للمرحلة المقبلة ستکون حمایة لبنان من التکفیریین ومن “إسرائیل”..
هذا الکلام البسیط والمعبر لا یحتاج لخبیر فی فک شیفرة الخطاب، لأن حمایة لبنان من التکفیریین و”إسرائیل” یتطلب من حزب الله أن یکون حیث یجب أن یکون، وأن یواجه على أکثر من جبهة، لأن فائض القوة الذی یتمتع به یسمح له أن یلعب بثقة وینتصر.
لبنان لیس قطعة من السماء معزولة عن جغرافیة الصراع الدائر بالمنطقة والعالم، هناک تداخل وترابط عضوی بین ما یحدث فی أوکرانیا وهونغ کونک وترکیا والعراق وسوریة والیمن وما یحدث فی لبنان برغم أنف سیاسة النأی بالنفس التی یراد منها عزل المکونات لأکل الثور الأبیض أولا ثم بقیة القطیع تالیا.
لذلک، فما حدث فی لبنان هو إعلان واضح عن تغییر فی السیاسة لدى حزب الله، لأن طبیعة الحرب تغیرت، وأصبح المستهدف هو “الوجود و المصیر”.. لذلک، کان لزاما أن یبدأ العزف على إیقاع طبول الهجوم بدل الصبر والتحمل.. لأن الله أذن الیوم لمن یقاتلون التکفیریین والإرهابیین الصهاینة بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدیر.
المواجهة بدأت، وعلى إمتداد محور المقاومة، کل من موقعه، وحسب قدراته وإمکانیاته، خدمة لذات الهدف الذی یقول.. أن من یصنع الخرائط الیوم فی المنطقة هو محور المقاومة وحلفائه الدولیین، لا أمریکا والأطلسی وإسرائیل.. فإما طاولة حوار تتصدرها موسکو وطهران، أو لنکمل الحوار فی المیادین حیث یفرض الواقع وجهة نظره للتاریخ، ولیست أمریکا هی من تصنع الواقع وتغیر العالم على هواها وتکتب التاریخ وفق رؤیتها الخاصة جدا..
لأن العالم کما قال المفکر وعالم اللسانیات اللامع، الأمریکی ‘نعوم تشومسکی’ فی مقالة تضمنها کتابه الأخیر (صناعة المستقبل) ونقلت قناة ‘المنار’ مقتطفات منه، وذلک ردا على مقولة شهیرة لمارکس قال فیها: “لا تقتصر المهمة على فهم العالم بل على تغییره”، فکان رد ‘تشومشکی’ مثیرا ومستفزا للمحافظین الجدد والنیولیبرالیین الذین قادوا إمبراطوریة روما الجدیدة نحو التراجع وبدایة العد العکسی للأفول.. فقال لهم ‘تشومشکی': “لکن.. لا بد من التیقن أن تغییر العالم یحتاج حتما إلى فهمه”.. فوضع أصبعه على الجرح.
وهنا تکمن معضلة أمریکا الحقیقیة، وسر فشلها فی کل الحروب التی خاضتها فی المنطقة والعالم، منذ نهایة الحرب العالمیة الثانیة التی أصابتها بالغرور وجنون العظمة وفتحت شهیتها على إبتلاع الإمبراطوریات القدیمة وبسط نفوذها على کل دول العالم.
وإذا کان حزب الله قد أوفى فی “موقعة بریتال” بالشق الأول من التعهد الذی أعلن عنه خلال زیارة السید ‘شمخانی’ للبنان، والمتعلق بمواجهة التکفیریین، وأثبت أنه یقف لهم بالمرصاد، وأن لبنان حصن حصین عصی على الإختراق، فها هو الیوم یوفی بالشق الثانی المتمثل بحمایة لبنان ومؤسساته وشعبه من أی عدوان “إسرائیلی” محتمل، وذلک بتفجیر عبوة فی دوریة صهیونیة أدت إلى إصابة عسکریین بجروح، وهی العملیة التی تحمل إسم الشهید ‘علی حیدر’ الذی قدم روحه الطاهرة حمایة للبنان وهو یفکک جهاز تجسس إسرائیلی تم تفجیره عن بعد.
کما وأن العملیة اعتبرت أیضا، ردا على إستهداف الجیش الصهیونی الجبان لموقع للجیش اللبنانی على الشریط الحدودی مع فلسطین المحتلة، أدى إلى جرح أحد الجنود اللبنانیین بشکل طفیف.. وبهذا المعنى، جاءت العملیة دعما معنویا کبیرا للجندی اللبنانی الذی سربوا الیأس إلى نفسه عندما أذلوه أیما إذلال فی عرسال.
ولعل الجدید فی الأمر هذه المرة، أنها المرة الأولى منذ 2006، التی یتبنى فیها حزب الله عملیة من هذا النوع داخل منطقة شبعة المحتلة، وکان کلما قام بعملیة لتثبیت معادلات عسکریة أو تغییر أخرى، إلا وترک للصهاینة مهمة تحدید الجهة التی تقف وراءها، سواء من جهة لبنان أو الجولان.
وکان واضحا أن تفجیر المقاومة للعبوة فی منطقة ‘رویسة العلم’ بمرتفع شبعا، على بعد أمتار من موقع للمراقبة المتقدمة والمتطورة التی یستعملها الجیش الصهیونی لمراقبة البر والجو، برغم وجود رادارات وأجهزة رصد حراریة تکشف النملة السوداء فی اللیلة الظلماء، وتبنیها بتصریح رسمی، هو لبعث مجموعة من الرسائل لمن یهمهم الأمر…
الأولى، وتعنی الداخل اللبنانی، وتؤکد على أن دور لبنان کما حدده الحزب، هو حمایة لبنان واللبنانیین من التکفیریین و”إسرائیل”.. قولا وفعلا، وحیث أن الأمر کذلک، فالحزب سیکون حیث یجب أن یکون، وسیأخذ المبادرة بیده، ولن ینتظر حتى تحرق القریة لتقوم أمریکا بعد ذلک بإنشائها من جدید.
الثانیة، وتهم 14 سمسار وأسیادهم فی المنطقة والغرب، ومفادها، أن معادلة “الشعب والجیش والمقاومة” لا زالت قائمة وفاعلة على الأرض، وحمت لبنان ولا تزال، وأن ما یصیب الجیش یصیب الحزب والعکس صحیح أیضا، وأن لا مال السعودیة ولا سلاح الغرب بقادرین على تغییر هذه العقیدة الوطنیة الراسخة التی تجمع کل المنتسبین للمؤسسة العسکریة اللبنانیة والمقاومة الشریفة، للدفاع المقدس عن الوطن، برغم غیاب الدولة.
الثالثة، وتهم “إسرائیل”، وهی کما وردت فی بیان حزب الله، ومفادها، أن حزب الله لیس ضعیفا، ولا عاجزا.. وأن إنشغاله فی سوریة، وإشغاله بغزوات الشتاء التی برمجها التکفیریون بمساعدة “إسرائیل” لزعزعة الإستقرار فی لبنان، لن تثنی الحزب عن فتح جبهة جدیدة مع الجیش الصهیونی الإرهابی الجبان، والحزب الیوم یوجد فی أوج جهوزیته، بل ویتحرق شوقا لخوض حرب “یوم الله” مع الکیان المحتل لفلسطین المقدسة، بالرغم من أنه لا یرید الحرب، فی حین أن “إسرائیل” التی تریدها لا قدرة لها على خوضها، وبذلک سقطت معادلة الردع وانقلب میزان القوة لصالح المقاومة.
والتفجیر جاء أیضا لیؤکد للصهاینة، أن لعبة المنطقة العازلة فی الجولان ولبنان لن تمر، وأن حزب الله سیقف لها بالمرصاد، وسیقلب الطاولة على الإسرائیلی، لأن الحرب لیست طائفیة أو مذهبیة کما تروج أمریکا وتتمنى إسرائیل ویعمل على إشعالها أدواتهم فی المنطقة، بل حرب مقدسة ضد الإحتلال الصهیونی المجرم، أب الإرهاب وأمه فی المنطقة.
کما وأن التفجیر جاء أیضا بمثابة رد على الجنرال ‘بنی غینس’ الذی قال، أنه فی أیة حرب ستنشب بین “إسرائیل” وحزب الله، “سنعید لبنان 80 سنة إلى الوراء”، فجاء التفجیر لیقول، أن حزب الله ینتظرکم عند أول خطأ ترتکبونه، لیقتلع جذور إحتلالکم لـ 60 سنة وراء، وینهی وهمکم بالعیش بأمن وسلام وإزدهار فی المنطقة، وأنتم السرطان ورأس البلاء والفتن وکل المحن التی عاشتها وتعیشها الأمة الیوم.. لأنه إذا کانت أمریکا وأزلامها یقولون أنهم یحاربون إرهاب “داعش”، فحزب الله والجیش اللبنانی یحاربون إرهاب “داعش” وأخواتها على الأرض، وإرهاب “إسرائیل” فی البر والبحر والجو.. ولکل إرهابه هو محاربه.
وبالتالی، کان على العمیل الحریری أن یقلق على لبنان لا على إسرائیل، وکان علیه أن یسلح الجیش لا أن یعده فلا یعطیه وحتى إذا أعطاه فهو لن یکفیه.. بدل اتهام حزب الله باستعمال الحدود لبعث رسائل، واعتبار ذلک قفزة فی الظلام، لأن من یقفز فی الظلام هو من یتاجر بالدین فی سوق السیاسة فیدعم الإرهاب فی سوریة، ویبرره فی لبنان، ویدافع عنه فی عرسال، ویخدع الدولة.. وفی الباطن ینفذ تعلیمات أسیاده فی مملکة الزیت والظلام وعواصم القرار فی الغرب.
لکن.. لماذا هذه العملیة الآن والإعلان عنها؟.. علما أنه سبق وأن وقعت مناوشات بین الصهاینة والجیش اللبنانی من قبل، ولم یتدخل حزب الله بسبب حساسیة الظروف آنذاک والحملة الشرسة التی کانت مقامة ضده وضد سلاحه من قبل فریق 14 سمسار، وکانوا یتهمونه بمحاولة جر لبنان إلى الخراب.
لا أرید أن أوغل فی التحلیل من دون معطیات، لکننی أعتقد أن الظروف تغیرت الیوم، ودخل محور الممانعة والمقاومة فی أتون حرب وجود مصیر کما سبق وعرفها سماحة السید، وأن ما حدث هذه المرة له علاقة بالموضوع السوری أیضا لترابط المسار والمصیر، کیف؟..
مع بدء تحضیر “إسرائیل” لحزام ‘طیبة’ الآمن الجدید على إمتداد الحدود مع لبنان وسوریة، کأمر واقع بمساعدة الخونة والإرهابیین من “الجیش الحر” والنصرة وأخواتها، إلى حادثة إسقاط الطائرة السوریة، ذکر مصدر مقرب من حزب الله، أن المقاومة لن تسمح للکیان الصهیونی بتحقیق هذا المشروع على الأرض، وأنها ستواجه التکفیریین هناک حتى لو أدى الأمر إلى الصدام مع الجیش الصهیونی الجبان.
هذا الأمر، جعل “إسرائیل” ترمی مجموعة بالونات إختبار من خلال التصریحات والعملیات المیدانیة الموضعیة ضد الجیش السوری، إلى أن تمکنت جیوش الإرهابیین بمساعدة مباشرة من الأردن الذی سمح لحوالی 5 ألف تکفیری بالإنتقال من أراضیه تجاه الجولان المحتل، فاحتلوا الشریط الحدودی بالکامل تقریبا، باستثناء مواقع قلیلة ومنها جبل الشیخ الذی لم یسقط بعد.
التفجیر الذی قامت به المقاومة الإسلامیة فی شبعا، غیر المعادلات، لیس مع إسرائیل فحسب، والتی أرعبتها الرسالة، وفی إنتظار معرفة إن کانت العملیة هی لتثبیت معادلة الردع أم تغییر فی السیاسة، فضلت الهروب إلى الأمام من خلال القول، أنها ستحتفظ بالرد فی الزمان والمکان المناسبین، فی إستعارة نادرة لمقولة طالما رددها النظام السوری إثر کل إعتداء “إسرائیلی”، وکان الرد یأتی مؤلما، ومکلفا وبطرق ذکیة وغیر مباشرة من خلال المقاومة فی لبنان وفلسطین..
وحیث أن “إسرائیل” عودت مواطنیها على الرد من باب العنجهیة وإظهار القوة والقدرة لبعث الطمأنینة فی قلوب الصهاینة المرعوبین من حزب الله وقدراته.. فإن الأمور مرشحة لکل الإحتمالات فی المدى المنظور.
لکن وهذا غایة فی الأهمیة، فإن ما بدى أنه تغییر فی سیاسة حزب الله، قد یکون الحل الجذری للصراع الدائر الیوم فی المنطقة، وذلک من خلال تحویل البوصلة، من سوریة إلى “إسرائیل”.. ما سیحرج ترکیا ویدخل أمریکا وحلف العربان فی مأزق لن یکون فی مقدورهم الخروج منه إلا بشروط محور المقاومة..
لأن الهدف هو إسقاط ورقة الفتنة الطائفیة التی یحضرون لها لتحرق المسلمین لسنوات طویلة قادمة، ولا سبیل لتصحیح المسار إلا بتحویل بوصلة الصراع تجاه “إسرائیل”.. هذا هو الحل، لأن إسرائیل هی الداء وهی الدواء.. فداونی بالتی کانت هی الداء.. بعدها سیکون هناک متسع من الوقت للحدیث فی السیاسة، وفی المیثاق الوطنی الجدید الذی یضم کل الشرفاء فی لبنان، باستثناء السماسرة والعملاء..
ولکـم فـی “غـزوة صنعـاء” العبـرة یـا أولـی الألبـاب فی لبنان، لأن الخطر الأمنی والعسکری الإسرائیلی مقدور علیه بوجود حزب الله والجیش واللبنانی، لکن الخطر السیاسی الداعشی السعودی هو ما یجب أن یتخلص منه الشعب باستعادة إرادته، ووضع قراره السیادی بعد ذلک فی أیادی أمینة، بدل الإنتحار وانتظار النجدة من 14 سمسار.
المصدر: باناروما الشرق الأوسط
إن ما ورد فی النص لا یعبّر بالضرورة عن رآی وکالة الدفاع المقدس للأنباء و هو یعبّر عن وجهة نظر کتبه.