هو عشق من نوع آخر توثقت أواصره بین مجاهد قسامی مقدام ولعبة الموت التی أتقن صنعها..لکنها، ولفرط حبها له، أبت إلا أن تأخذه إلى هناک، حیث یرقد الأبطال العظام..فی مقعد صدق عند ملیک مقتدر.
على موعد مع الشهادة
لأنه حب الشهادة لأنه الیمان العمیق بالنصر المبین فقد انتظر شهیدنا القسامی مهند محمود یحیى اللحام ( 18 عاما ) ما یزید عن ثلاثة أیام حتى یحین الوقت المناسب لتنفیذ هجومه المسلح ضد جیش الاحتلال ومستوطنیه فی مغتصبة ( جنی طال )الصهیونیة غرب محافظة خان یونس حتى ألهمه الله صباح یوم الخمیس 6 / 1 / 2005 موعدا لعملیته فأنطلق متمنیا الشهادة فی سبیل الله قبل أن یحمل سلاحه ویتوجه نحو هدفه.ووفقا لمصادر فی کتائب القسام التی أکدت أن مهند أحد عناصرها کان یراقب عن کثب موقع العملیة منذ عدة أیام وأنه فی کل مرة یضطر للتأجیل نظرا لعدم ملاءمة الظروف المیدانیة، إلا أن قرر التنفیذ فجر ذاک الیوم.
ویأتی ما کان ینتظره
وبینما السماء تمطر غیثا والأجواء شدیدة البرودة والعتمة سیدة الموقف، یتسلل الشهید من البوابة الرئیسیة للموقع العسکری الحامی للمستوطنة بعد أن زحف مئات الأمتار ویأخذ موقعه قرب إحدى البوابات الحدیدیة بانتظار فریسته، ولثلاث ساعات یظل تحت المطر حتى صارت الساعة السادسة صباحا وهو موعد وصول جنود الاحتلال لإدخال العمال الفلسطینیین للمغتصبة، وعندها تبدأ المعرکة ویأتی ما کان ینتظره.
اشتباکا قویا
السکان القریبون من الموقع العسکری أکدوا أن اشتباکا قویا وقع فی المکان استمر نصف ساعة وأنهم سمعوا دوی انفجارات متکررة فی المکان الذی عادة ما یقف فیه أربعة جنود على مدخل البوابة.وأکد شهود عیان أنهم سمعوا أصوات سیارات الإسعاف الصهیونیة تصل إلى المکان، فیما حلقت طائرات مروحیة فی سماء المنطقة وتوغلت الدبابات فی منطقة السطر الغربی المواجهة للمستوطنة بحثا عن مقاومین أخرین تعتقد بوجودهم فی المکان.
وخلف المسجد الکبیر انشغل الأهل والأقارب وقبلهم أبناء حماس فی تجهیز خیمة کبیرة للتهنئة بعرس الشهید أمام منزل عائلته، حیث تجمع العشرات فی انتظار جثمان الشهید الذی لا زالت قوات الاحتلال تحتجزه رافضا تسلیمه للهلال الأحمر الفلسطینی.
العین تدمع لفراقک
وجولة صغیرة بین الوجوه نعرف شخصیة الشهید, فالجمیع سعید بنیله الشهادة وعیونهم تدمع على فراقه فی آن واحد، فهو من صلى بهم جماعة وکان أول الحاضرین فی دروس العلم الشرعی بالمسجد الکبیر، وابتسامته الصامتة لا زالت فی مخیلتهم.أما الهدوء والطمأنینة فکانت صفته الأساسیة. فمهما تبدلت الظروف من حوله فلا یرفع صوته أو یظهر الحزن وإنما یکرر مقولة التصقت بلسانه الذی اعتاد على ذکر الله، قدر الله وما شاء فعل.. بهذا الوصف حاول الشاب بلال سلیم (21 عاما ) أن یصف صدیقه الشهید وهو فی استغراب أن یکون مهند الصامت دائما قد تجند فی صفوف القسام ونفذ عملیة استشهادیة، لکنه یغیر لهجته ویضیف: کان یخفی وراء ذلک الصمت شخصیة قویة استطاع من خلالها أن یتخذ قراره بالاستشهاد فی سبیل الله، أما نحن أصحاب الکلام فکما یبدو أن الصمت سیظل مصیرنا أمام هذا الاستشهادی.
هکذا هم الشهداء
واستطرد یقول: ما أجمل أن یکون مهند مع الشهداء فی علیین فهو فی حیاته کان یحمل صفاتهم، ویعیش حیاتهم وکأنه سیموت غدا دون أن نشعر نحن بذلک، فهکذا هم الشهداء عظماء فی حیاتهم وأبطال عند استشهادهم.وشهیدنا القسامی یدرس بالقسم العلمی فی الثانویة العامة بمدرسة خالد الحسن فی خان یونس، وملتزم مع الکتلة الإسلامیة منذ صغره ولا تفوته مناسبة للحرکة الإسلامیة إلا ویکون أول المشارکین فیها، کما عرف عنه التزامه بأداء صلواته فی المسجد الکبیر وسط المدینة حیث کان یقرأ القرآن ویحفظه مع أقرانه، ناهیک عن مشارکته الفاعلة فی أنشطة الانتفاضة من مسیرات واحتجاجات ومشارکة ذوی الشهداء والجرحى والشهداء.
والشهادة هدفه
وبجانب عبارة کتبت بخط کبیر تزف خلالها کتائب القسام أحد أبنائها الاستشهادیین قرب منزل عائلة الشهید یقف والده صامتا تماما دون کلام فقط یمد یده للسلام على من جاء یزف بشرى الاستشهاد، وحینما سألناه عن مهند بدا فی حالة استغراب شدید وقبل أن یتحدث تشابک أصابع یده فی حیرة قائلا: والله إنی أشعر بصغر حجمی أمام ابنی الذی أثبت أنه أقدر منا جمعیا على القیام بما لم نستطع نحن القیام به، لکنی أستغرب أن هذه القوة تصدر من ذلک الفتى الهادیء الطبع المبتسم دائما.
ویستدرک: لکن الإیمان بالله عز وجل أقوی من کل شیء والباحث عن هدف لا بد أن یحققه، والشهادة إذن کانت هدف مهند دون أن یشعر أحد فنال مراده والحمد لله على فضله ومنه.
المصدر: الموقع الرسمی لکتائب الشهید عزالدین القسام