الصواريخ التي أطلقتها إیران
وأفادت وکالة
الدفاع المقدس للأنباء، أن قوات الحرس الثوری الایرانی أطلقت يوم الأحد، صواريخ على مقر لقيادة المسلحين الإرهابيين في دير الزور شرق سوريا. وفي بيانها قالت قوات الحرس الثوري أن الصواريخ أطلقتها قوات جو فضاء حرس الثورة الإسلامية على مقر قيادة الإرهابيين التكفييرين في دير الزور في سوريا، بهدف إنزال العقاب على منفذي العمليتين الإرهابيتين الأخيرتين في طهران. وبحسب وكالة أنباء فارس فإنّ صواريخ "ذو الفقار" و"قيام" استخدمت في الضربة التي وجهت لداعش بدير الزور.
التحليل والدلالات: صواريخ عابرة برسائل متعددة
يمكن تحليل الخطوة الإيرانية من خلال التالي:
أولاً: لا شك أنّ الصواريخ الإيرانية التي استهدفت تنظيم داعش في شرق سوريا، جاءت رداً على الهجمات التي تبناها التنظيم في طهران. لكنها في الوقت نفسه حملت العديد من الرسائل، وهو الأمر الذي يجب الإنطلاق منه، مع لحاظ الحجم والدور الإيراني الفاعل في المنطقة.
ثانياً: أثبتت الخطوة الإيرانية، أن طهران تتعامل مع الواقع السياسي والعسكري في المنطقة، بحسب التطورات الراهنة ومن خلال عقلانية وحكمة لا تسقط في ردات الفعل غير المحسوبة. بل إن ما تقوم به إيران من خطوات، تدخل في خانة الخطوات المدروسة والمحسوبة.
ثالثاً: لا يمكن حصر أهمية وحجم الخطوة، بمجرد الإستهداف. في حين أثبتت الصواريخ أن غرفة العمليات المشتركة والتي تضم كل من سوريا، العراق، روسيا وإيران، تقوم بممارسة جدية في مجال الحرب على الإرهاب، مع وجود تنسيق عملي وفعَّال.
رابعاً: تخطت الرسائل التي وجهتها طهران، حجم الأزمة السورية. وهو الأمر الذي يبدو أنه وصل الى العدو الأساسي لشعوب المنطقة، أي الكيان الإسرائيلي. فكما أن دعم الإرهاب في سوريا ومحاولة تأمين استمراريته هي من الأمور المهمة للكيان الإسرائيلي، إلا أن بروز القدرة الصاروخية الإيرانية وبالدقة التي أثبتتها، جعلت تل أبيب تقرأ الكثير من الرسائل الضمنية في الخطوة الإيرانية.
خامساً: جاءت التصريحات الإسرائيلية لتُثبت ما كان مجرد تحليل، حيث اعترفت تل أبيب وعلى لسان رئيس وزرائها نتنياهو، والذي حاول إبراز قوة الموقف الإسرائيلي من خلال تحذير إيران بعدم تهديد الكيان الإسرائيلي. الأمر الذي له العديد من الدلالات، ومنها، أن تل أبيب اعتبرت استهداف إيران للتهديد التكفيري استهدافاً لها، كما أن ذلك يدل على حجم الأهمية التي يُمثلها الإرهاب التكفيري بالنسبة للكيان الإسرائيلي.
سادساً: بالإضافة الى ما تقدم، فإن اعتبار الكيان الإسرائيلي للخطوة الإيرانية بأنها حدث استثنائي، هو من الأمور التي يجب الوقوف عندها. خصوصاً ان العقل الإسرائيلي الإستراتيجي، يُدرك المخاطر التي تحدق به. وهو ما يؤكد نجاح إيران في خطوتها، حيث أن الطرف الإيراني اعتبر العمل الإرهابي الذي ضرب طهران، مُخططاً أمريكيا إسرائيلياً، وبالتالي جاء الرد ليكون بحجم هذا العمل الإرهابي. في حين يجب اعتبار تنظيم داعش أو الدول التي تدعمه، أدوات ضمن هذا المخطط.
سابعاً: لا شك أنه من حق تل أبيب أن تقلق، خصوصاً أنها تنظر الى ما أثبتته الصواريخ من قدرة نوعية يمتلكها الطرف الإيراني على الصعيد العسكري، تمثَّلت بالإصابة الدقيقة والمدى الصاروخي والقرار الموجود بالرد على أي إعتداء. مما يعني أن أي هدف يمكن أن يُشكل تهديداً لإيران، فهو تحت مرمى الصواريخ الإيرانية.
إذن، أطلقت إيران من خلال خطوتها صواريخ عابرة برسائل متعددة. فحجم الخطوة الإيرانية يتخطى بآثاره حجم الأزمة السورية. في حين أرادت طهران أن يعرف العالم، أن من يريد تخطي الخطوط الحمراء المعروفة، وتهديد الأمن القومي الإيراني، عليه أن يعرف أن اليد الإيرانية طولى.
تُرسِّخ إيران من جديد، أن حربها التي تستهدف الإرهاب، ليست مسميات أو مبررات لسياسات تعاظمية. بل إن إيران قادرة، على إيصال الرسائل للمنفذ كما المُخطط. وهو الأمر الذي بدأت به طهران بشكل متواضع، ينسجم مع طبيعة التحديات وحجم الرسائل ودور الأطراف، مع لحاظ التغيُّر في موازين القوة على الساحتين العراقية والسورية. الأمر الذي يصنع معادلة جديدة، لا شك انها ستأخذ بعين الإعتبار خطوة إيران، وستدخل في حسابات المراهنين على العبث مع طهران، في أي خطوة عدائية. لنقول أن إيران أعادت رسم الخطوط الحمراء من خلال صواريخ معدودة!
إنتهی/431