وأفادت وكالة الدفاع المقدس، أن الرئيس الأميركي واجه تحديدات كبيرة بعد أن فرض عقوبات جائرة ضد إيران والتي تتمثل بعدم مسايرة حلفائه للحظر وكذلك التكنولوجيا المالية الحديثة مما جعلت امر الالتفاف على العقوبات الأميركية أمرا سهلا أكثر مما كانت عليه العقوبات في السابق ، كما أن الحكومة الإيرانية تستطيع أن تقلل من تأثير العقوبات ومن مفعولها بشكل كبير.
وشملت المرحلة الأولى من العقوبات حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولاسيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية ، وحظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران ، وحظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
فيما تشمل المرحلة الثانية من العقوبات ، فرض عقوبات ضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن ، وفرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط ، وفرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية ، وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن في مايو الماضي، انسحاب بلاده من الاتفاق، الذي يفرض قيودا على البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الدولية عن طهران.
ويعتقد الخبراء الامريكيون في مجال العقوبات وهم تابعون للإدارة الأميركية الحالية والسابقة في حديث لهم خلال وسائل الاعلام المتخصصة بان العقوبات الأميركية الجديدة سوف لا تكون مؤثرة ، وفي بعض الحالات قد حذروا من استخدام ترامب آلية العقوبات بشكل خاطئ وساذج ، اذ يمكن ان تكون فترة ترامب آخر إدارة أميركية تعدم إمكانية التاثير في العقوبات ، بل يمكن أن يعود الضرر إلى الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير. وبناء على ذلك ، من خلال دراسة الأبحاث الخاصة لخبراء العقوبات الأمريكيين ، يمكن الإشارة إلى ثلاث فئات من الأسباب لعدم فعالية العقوبات المذكورة في هذا التقرير.
عدم مسايرة حلفاء واشنطن وشركائها في المضي قدما بتطبيق العقوبات
السبب الأول لعدم فعالية العقوبات ، والذي تم تسليط الضوء عليه من قبل الخبراء الأمريكيين ، هو عدم مسايرة حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في تطبيق العقوبات مثل الشركاء السابقين ، لأن الولايات المتحدة ليس لديها علاقة تجارية واقتصادية مع إيران مباشرة ، ومن اجل ممارسة أقصى قدر من الضغط يتطلب مسايرة الدول التي لديها علاقات تجارية واسعة مع إيران ، بتطبيق العقوبات على الولايات المتحدة.
على هذا الخط يعتقد وزير الخزانة السابق لشؤون مكافحة تمويل الإرهابيين والجرائم المالية دانييل جلاسر ، ان العقوبات ليست سوى أداة ، هم لا يضعون سياسات مقررة ، وعلى العكس ، على الرغم من التصريحات الأمريكية الجادة ، فإن الأهداف الأمريكية غير واضحة. حتى الاستراتيجية التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها من خلال هذه الأهداف غير مؤكدة. وليس من المعلوم ان الضغط الاقتصادي العقابي ضد إيران سيكون له تأثير خطير ومدمر. لكن العقوبات ستكون دائما أكثر فعالية عندما تنفذها العديد من البلدان. ونتيجة لذلك ، يمكن القول إن عزلة أمريكا المتزايدة عن حلفائها القدامى قد يجني لها ضررًا أكبر من ممارسة الضغط الاقتصادي العقابي.
وقال مهندس شبكة العقوبات الأمريكية ضد إيران «ريتشارد نفيو» عن تأثير العقوبات النفطية: «سيكون التحدي الأكثر صعوبة عندما يتم فرض عقوبات على صادرات النفط في نوفمبر ، في ذلك الوقت ، قد يتم استبدال شركات الطاقة الكبيرة التي تغادر إيران بعمليات أصغر يمكنها الحصول على حصانة محتملة في إيران ، وبالتالي الحد من تأثير العقوبات على المدى الطويل.»
ومن جانب آخر فان إليزابيث روزنبرغ وبيتر آي ، الذي كان ناشطاً كمساعد رفيع المستوى في مجال العقوبات بوزارة الخزانة الأميركية بين عامي 2009 و 2013 ، ومساعد المدير المعني بالجزاءات والتهديدات المالية في مكتب الشؤون الاقتصادية التابع لوزارة الداخلية الأمريكية ، بين عامي 2012 و 2014 ، كتب في مقال تحليلي في موقع السياسة الخارجية في 2009 تحت عنوان «قد يكون استخدام ترامب لآلية العقوبات غير قابل للاستمرار - فالرئيس يعرض أداته السياسية الأقوى في خطر تقويض» مشيرا الى القضايا المقلقة التي قد تعرقل فعالية العقوبات الأمريكية.
وفي هذا السياق ، وفقا لتقرير الأشهر الأربعة الأولى من العام 1397 الإيراني الجاري (العام الإيراني يبدأ من 21 مارس) ، فان منظمة التنمية والتجارة (وزارة الصناعة والمناجم والتجارة) لإيران ، قالت ان الصين والعراق والهند وتركيا وباكستان وعمان وروسيا ، التي تحتل المركز الأول في 10 وجهات التصدير ، بانها سوف لا تعمل على تطبيق العقوبات الأميركية المفروضة ضد إيران.
التكنولوجيا المالية الحديثة
إن أكثر قضايا العقوبات الأمريكية على ايران تعقيدا هو النظام المالي الأمريكي؛ بحيث ومن خلال استخدام الدولار والنظام المالي للرسائل SWIFT تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية الحيلولة دون انتقال العوائد المالية لايران من صادرات النفط وأن ترصد الشركات والمؤسسات المالية التي تتعامل مع ايران وتمنعها من خلال معاقبتها وتغريمها.
وفي هذا السياق نجد العديد من الدول في العالم ولأسباب كثيرة ليست لها علاقة بالعقوبات تستخدم نظام SWIFT لسنوات طويلة وفي الأعوام القليلة الماضية تزايدت نسبة الاستفادة من التكنولوجيا المالية الحديثة.
وعلى هذا الاساس يعترف الكثير من الخبراء المحليين أن الطرق الفاعلة للالتفاف على العقوبات الأمريكية على ايران هو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة كسلسلة الكتل أو حرفيا «بلوك تشين».
وأكثر نقطة مقلقة ذكرتها مقالة السيد روزنبرغ والسيد «اي هارل» هي عدم الأخذ بعين الاعتبار للقدرات والامكانيات التي يمتلكها النظام المالي والتكنولوجي المالي المتعلق بفريق ترامب والتي يمكن أن يؤثر على العقوبات ومسارها.
وتذكر الكاتبة روزنبرغ في موضع الآخر موضوع التفاف ايران على العقوبات الأمريكية وتقول هناك احتمال في المستقبل وهو أن لا يكون الدولار عملة قوية كما ينبغي، هذا من جانب ومن جانب آخر فإنه من الممكن أن الأفراد والأشخاص قد لا يستخدمون الدولار لكي لا يتعرضوا للعقوبات الأمريكية، لكني أعتقد أن ننظر إلى بعض هذه الطرق الكلاسيكية في قضية الالتفاف على العقوبات، فإذا كانت هذه الطرق والأدوات ذات فاعلية فإنها ستكون الطرق الأساسية للالتفاف على العقوبات وسيستخدمها الايرانيون.
الهيكلية الداخلية للحكومة الأمريكية
إن أحد القضايا التي يستشهد به المحللون الأمريكيون باعتبارها دليلا على عدم فاعلية سياسات أمريكا في العقوبات الأمريكية على ايران هي موضوع الهيكلية الداخلية للحكومة الامريكية.
ففي المقال المذكور آنفا يقول الكاتبان ان الهيكلية الداخلية للحكومة الأمريكية والتي توصف بغير المنضبطة هي النقطة الثالثة المقلقة في هذا السياق، يقول الكاتبان أن هذه الادارة ستتلف مصادر الطاقات الانسانية.
ويضيف الكاتبان أنه وبسبب الضغوطات في مجال العمل والاقتراحات المهنية بمزايا عالية في القطاعات الخاصة، لكن ونظرا للنظام المهترئ والفاشل والعودة السريعة للعقوبات على ايران وكوبا وروسيا وفإن الأمر سيقود العمال إلى الهروب من هذا الواقع الاقتصادي المتردي.
هل يمكن إبطال مفعول العقوبات الأمريكية
استنادا الى تصريحات فريق العقوبات في الإدارة الأمريكية الحالية والسابقة في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك رصد مسار التطورات منذ خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي يمكن أن نتوصل إلى حقيقة وهي أن العقوبات الأمريكية تواجه ثلاث تحديات. من جانب آخر فإن الولايات المتحدة الأمريكية قد أدركت هذه التحديات التي تواجهها في هذا السياق وإن تشكيل ما يسمى بمجموعة العمل ضد ايران برئاسة برايان هوك تأتي تحقيقا للغاية المقصودة وادراكا للواقع المتأزم الذي يتعرض له ملف العقوبات الايرانية.
وقد ذكر برايان هوك في جلسة التعرف على هذه المجموعة الجديدة مهمتين أساسيتين لهذه المجموعة وهما التنسيق والتنظيم داخل مؤسسات الإدارة الامريكية وكذلك التنسيق الدبلوماسي مع الشركات الأجنبية للالتزام بالعقوبات المفروضة على ايران.
ولهذا ينبغي على ايران أن تحاول إبطال مفعول العقوبات الأمريكية المفروضة عليها وذلك من خلال الحنكة والدوبلوماسية الفاعلة وتوظيف الأدوات المجربة في السابق وأن تستفيد من الأزمات والمشاكل التي توجد في ملف العقوبات.
/انتهى/