19 November 2024

قطر ــ أمیرکا... والإسلامیون ثالثهما

أما على خط آخر، فقد أشار التقریر إلى أنه فی ظل الفوضى المستشریة فی سوریا والعراق حالیاً، فإن «هاتین الدولتین ملیئتان بمجموعة کبیرة من العناصر المتطرفة، التی لا ترید واشنطن التفاوض معها»، مضیفاً أن «قطر هی من ستتولى هذه المهمة».
رمز الخبر: ۶۰۲۷۳
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۵۵ - 02October 2014

قطر ــ أمیرکا... والإسلامیون ثالثهما

لیس من الضرورةأن تضطرّ قطر إلى وقف دعمها للإسلامیین فی المنطقة، فدائماً یمکن الاستفادة من هذه العلاقة فی إطار صفقات تبادل أسرى أو غیرها
من الواضح أن موافقة قطر على الانضمام إلى التحالف الدولی لمحاربة «داعش» بقیادة الولایات المتحدة، لم تشفع لها ولم تجنّبها التساؤلات عن الدور الذی یمکن أن تؤدیه، فی ظل علاقتها الواضحة بالإسلامیین المتطرفین؛ فازدواجیة العلاقة القطریة مع الجماعات الإسلامیة من جهة، ومع الولایات المتحدة من جهة أخرى، مثلت محور تقریر متکامل فی مجلة «فورین بولیسی»، أمس، خلص فی النهایة إلى أنه یمکن توظیف العلاقة الأولى بهدف دعم وتطویر الثانیة.

بالنسبة إلى کاتبة التقریر إلیزابیت دیکنسون، فإن «الإمارة الصغیرة الغنیة بالغاز ضخت ملایین الدولارات لمعارضین سوریین وسلفیین متطرفین، من خلال شبکة تمویل غامضة، فی سبیل بناء سیاسة خارجیة أکبر من حجمها».
ولکن کیف وصلت قطر إلى هذه المرحلة وأصبحت لاعباً أساسیاً على الساحة السیاسیة والعسکریة یُحسب له حساب فی الأروقة الأمیرکیة؟
أشارت دیکنسون إلى أن الدوحة أصبحت محور استقطاب للمتطرفین فی أوائل عام 2000، حین بدأت الحکومة القطریة بتمویل معاهد أبحاث وجامعات تضم العدید من أصحاب الفکر الإسلامی المتطرف. وفی هذا الوقت، کانت قناة «الجزیرة» الفضائیة المموّلة من قطر تدأب على الترویج بطریقة إیجابیة للشخصیات الإخوانیة فی الشرق الأوسط، ومن بینها الداعیة الإسلامی یوسف القرضاوی، الذی کان یعمل مستشاراً لأفراد من الأسرة الحاکمة، والذی ترأس الاتحاد العالمی للعلماء المسلمین فی الدوحة.
دیکنسون أوضحت أنه على مدى سنوات، کان السیاسیون الأمیرکیون على استعداد لتجاهل شبکة العلاقات التی تنتهجها الدوحة أو حتى الاستفادة منها من وقت لآخر، الأمر الذی لم ینطبق على جیرانها. «فخلال العام الماضی، أعلنت الدول الخلیجیة کالسعودیة والإمارات والبحرین رفضها دعم قطر للإسلامیین فی المنطقة، علناً، کما هدّدت بإغلاق حدودها مع قطر أو حتى بإلغاء عضویتها فی مجلس التعاون الخلیجی فی حال عدم رضوخ هذه الدولة»، وفق ما أضافت المجلة.
إضافة إلى ذلک، انتهجت هذه الدول أسالیب أخرى تدفع قطر إلى الرضوخ عبر الحرب الإعلامیة التی خاضتها ضدها، والتی دفعت بالأمیر تمیم بن حمد آل ثانی إلى التشدید على أن «قطر لا تدعم المتطرفین».
من هنا، کانت نقطة التحوّل، فما تمر به قطر حالیاً، من ضغط إعلامی وتجنّب الکثیر من البلدان التعامل معها، إضافة إلى المطالبة بعزلها، غیر مناسبة جمیعها بالنسبة إلیها فی الوقت الحالی، لأنها تستعد لاستضافة کأس العالم لعام 2022، لذا رضخت أخیراً لطلبات الدول الخلیجیة، من خلال طرد مجموعة من قادة «الإخوان المسلمین» من أراضیها.
ولکن ذلک لم یمنع الولایات المتحدة من استثمار العلاقات القطریة مع الإسلامیین على مستوى آخر.
فقد أوضح تقریر «فورین بولیسی» أن «الدولة الخلیجیة الصغیرة» کانت لدیها الحریة لإدارة شبکة علاقاتها، خلال السنوات الثلاث الماضیة، «ذلک أن الولایات المتحدة کانت تنظر إلى الجهة الأخرى»، الأمر الذی فتح المجال أمامها للظهور على نحو أوضح والتدخل، فکانت نقطة الانطلاق فی لیبیا، لتنتقل بعدها إلى مصر وسوریا.
کذلک أکدت المجلة أن تحالف الولایات المتحدة مع قطر، منحها المزید من الحریة والقدرة على التصرف، حیث اکتفت واشنطن خلال الفترة الماضیة بمطالبة الدوحة بالتوقف عن إمداد المجاهدین بالطائرات والأسلحة، ولکنها لم تستجب بل استمرت فی دعمها للمتطرفین.
ورغم کل ذلک، لطالما لجأت الولایات المتحدة إلى قطر فی عدة صفقات مع الإسلامیین. ومثال على ذلک طلب واشنطن من الدوحة التواصل مع حرکة «طالبان» فی أفغانستان فی عامی 2011 و2012، حین کان الهدف المساعدة على تسهیل خروج قوات «حلف شمال الأطلسی» من أفغانستان من خلال حل سیاسی، ولکن مع الوقت جاءت النتائج عکس ما کان الأمیرکیون یتمنون. فقد نقلت المجلة عن أحد المسؤولین الأمیرکیین السابقین قوله إن «القطریین مجموعة من الهواة، الذین ورطوا أنفسهم فی موقف صعب الخروج منه، وأزمة أکبر منهم»، مشیراً إلى أن «هذا ما حدث مع طالبان، حیث لم تستطع الدوحة السیطرة على الموقف، ومن منع المجاهدین الأفغان من ارتکاب المزید من أعمال العنف».
أما على خط آخر، فقد أشار التقریر إلى أنه فی ظل الفوضى المستشریة فی سوریا والعراق حالیاً، فإن «هاتین الدولتین ملیئتان بمجموعة کبیرة من العناصر المتطرفة، التی لا ترید واشنطن التفاوض معها»، مضیفاً أن «قطر هی من ستتولى هذه المهمة».
وفی هذا الإطار، کان اللجوء إلى قطر للتفاوض من أجل إطلاق عناصر قوات حفظ السلام الـ45 الذین اختطفتهم «جبهة النصرة»، الأمر الذی انتهى بنجاح فی 12 أیلول. ووفق التقریر، رغم أن قطر أکدت فی حینها أنه لم تُدفع فدیة إلا أنه من المرجح أن بعض الممولین الموجودین فی الدوحة قد ضغطوا على المجموعة من أجل إتمام الصفقة، أو أن ما أرادته «جبهة النصرة» فی المقابل هو أمر أثمن من ذلک.
ونقلت «فورین بولیسی» عن المدرس المساعد فی جامعة «کینغز کولیدج لندن» اندریا کریغ الذی یعمل مستشاراً للقوات القطریة المسلحة، اعتقاده بأن «ما یمکن أن تعطیه قطر لهذه المجموعات المتطرفة، هو الشرعیة». وهو أشار فی السیاق، إلى أن طلبات المسؤولین فی «جبهة النصرة» مقابل إطلاق عناصر حفظ السلام فی سوریا، تضمنت إلغاء «الجبهة» من لائحة العقوبات فی الأمم المتحدة، إضافة إلى أن «النصرة ترید أن یُنظر إلیها على أنها شریک شرعی فی وجه داعش، الأمر الذی یمکن أن تقدمه إلیها قطر فی المستقبل».

المصدر: جریدة الأخبار

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار