وکالة الدفاع المقدس للأنباء: في السنوات الأخيرة، شهد المجتمع الدولي أزمة إنسانية عميقة تتعلق بأقلية الروهينغيا. إن هذه المجموعة المسلمة التي لا تُعترف بها كمواطنة في ميانمار، واجهت عنفًا واسع النطاق في عام ٢٠١٧. نفذ الجيش في ميانمار عمليات تطهير عرقي شملت الاغتصاب الجماعي، وإحراق القرى، والمجازر. وقد وصفت الأمم المتحدة هذه الإجراءات بأنها "نموذج كلاسيكي للتطهير العرقي".
ونتيجة لذلك، فر مئات الآلاف من الروهينغيا إلى الدول المجاورة، بما في ذلك بنغلاديش، وباكستان، وماليزيا، والمملكة العربية السعودية، والهند. وتستضيف الهند، كواحدة من وجهات اللاجئين، حوالي ٢٠ ألفًا من هؤلاء الأشخاص، وقد تم اعتماد الكثيرين منهم كلاجئين من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ومع ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الهندية تجاه هؤلاء اللاجئين تُظهر انتهاكًا صارخًا للمبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
اعتمدت وزارة الشؤون الداخلية في الحكومة الهندية سياسات بموجبها يُعتبر الروهينغيا "مهاجرين غير قانونيين". وقد أكد وزير الداخلية الهندي في خطابات متعددة على ترحيل هذه المجموعة، وفي مايو من هذا العام، أمر بمراجعة مصداقية وثائق الأشخاص المشتبه في دخولهم غير القانوني من بنغلاديش وميانمار في غضون ٣٠ يومًا.
يتم تنفيذ هذه السياسات دون مراعاة وضع اللجوء الخاص بالروهينغيا. إن الهند لم تنضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين، وبالتالي فهي غير ملزمة بعدم إعادة اللاجئين إلى أماكن الخطر. ومع ذلك، واستنادًا إلى المبادئ الإنسانية، فإن إعادة المهاجرين إلى منطقة الخطر هو عمل غير أخلاقي ويستحق الإدانة.
هذا الإجراء يخالف قوانين الهند التي تحظر احتجاز النساء بعد غروب الشمس أو دون مثولهن أمام المحكمة في غضون ٢٤ ساعة. ووصفت شرطة دلهي والوحدة الخاصة لجمع المهاجرين غير القانونيين هذه العملية بأنها "قانونية"، لكنها لم تفصح عن التفاصيل بسبب مسائل الأمن القومي. وكشفت التحقيقات أن المجموعة نُقلت بطائرة تتبع منظمة أبحاث الدفاع الهندية إلى جزر أندامان. كانت مدة الرحلة حوالي ثلاث ساعات ونصف، وتظهر بيانات تتبع مسار الرحلة أن الطائرة تحركت نحو الجنوب الشرقي وانقطع إشارتها بالقرب من جزر أندامان.
بعد الهبوط في "بورت بلير" عاصمة جزر أندامان، نُقل اللاجئون إلى سفينة كبيرة بيضاء. واستنادًا إلى تحقيقات أجراها مراسل CNN وفقًا لبيانات نظام التعريف الآلي (AIS) بين ظهر يوم ٧ مايو وصباح يوم ٩ مايو، غادرت ٢٤ سفينة مدنية، بما في ذلك ١٢ سفينة ركاب، ميناء بورت بلير، لكن لم تتجه أي منها نحو ميانمار.
كانوا يخفضون رؤوسهم وأعينهم معصوبة، ويهددهم الضباط الهنود بالسلاح. وقال لهم الضباط: "حياتكم لا تساوي شيئًا. ليس لديكم بلد. حتى لو قتلناكم، لن يقول لنا أحد شيئًا". بعد بضع ساعات، نُقلوا إلى قوارب أصغر وأُطلق سراحهم في ظلام الليل في المحيط الهندي.
هذا العمل، الذي يتضمن التخلي عن أفراد عزل في البحر، هو انتهاك فاضح لحقوق الإنسان. ووصف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في ميانمار هذا الإجراء بأنه "همجي" و"إهانة للكرامة الإنسانية"، واعتبره مخالفًا للقانون الدولي. وواجه هؤلاء اللاجئون، بعد وصولهم إلى الساحل الجنوبي لميانمار، مصيرًا مجهولًا ومحفوفًا بالمخاطر.
توجد ميانمار الآن في حالة حرب أهلية اندلعت بعد انقلاب الجيش في عام ٢٠٢١. الجنرال نفسه الذي قاد عمليات التطهير العرقي في عام ٢٠١٧، هو الآن يمسك بزمام السلطة ويعتبر هوية الروهينغيا "خيالية وغير واقعية". إن الروهينغيا في ميانمار محرومون من حقوق المواطنة ويعيشون في ظل نظام فصل عنصري (أبارتهايد). لا يمكنهم السفر دون تصريح، وكثيرًا ما يتعرضون للتمييز والعنف.
قضى اللاجئون الذين تخلت عنهم الحكومة الهندية في البحر يومين ونصف دون طعام. تم إنقاذ هذه المجموعة وإيواءهم من قبل سكان محليين، ونقلوا إلى قاعدة لمجموعة مسلحة مناهضة للجيش في ميانمار، لكن لسوء الحظ، فإنهم ليسوا في وضع آمن. في منطقة تشهد صراعات بين المتمردين والجيش والميليشيات، يُعتبر الروهينغيا المجموعة العرقية "الأكثر كراهية". عائلاتهم في الهند وبنغلاديش قلقة، وقد قدموا حتى دفع تكاليف إطلاق سراحهم، لكنهم لم يتلقوا أي رد حتى الآن.