23 June 2025

"داعش" یستعیر عنف الألعاب الرقمیّة

تناولت الصحافة الغربیّة بکثافة، خلال الأیّام الماضیة، فیدیو لنسخة "داعشیة" من لعبة GTA الشهیرة. تحمل اللعبة المبتکرة اسم "صلیل الصوارم"، ولم یتضح بعد ما إذا کان فیدیو الترویج لها مجرّد محاکاة "جهادیّة" للعبة الأصلیّة، أم إعلانا لأسطوانة یفکّر التنظیم بإصدارها بالفعل.
رمز الخبر: ۶۰۴۶۱
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۰۵ - 08October 2014

مأمون الحاج

تناولت الصحافة الغربیّة بکثافة، خلال الأیّام الماضیة، فیدیو لنسخة "داعشیة" من لعبة GTA الشهیرة. تحمل اللعبة المبتکرة اسم "صلیل الصوارم"، ولم یتضح بعد ما إذا کان فیدیو الترویج لها مجرّد محاکاة "جهادیّة" للعبة الأصلیّة، أم إعلانا لأسطوانة یفکّر التنظیم بإصدارها بالفعل.
تعدّ لعبة "غراند ثفت أوتو"، إحدى أکثر ألعاب حرب العصابات تداولاً وعنفاً، وقد حقّقت لصانعیها أرباحاً بملایین الدولارات. بطلها، بلقانی هارب من "جحیم الحروب الأهلیة فی روسیا ومحیطها نحو بلاد الحریة ــــ أمیرکا"، وفقاً للقصة المرویّة فی النسخة الأصلیّة. مهمّة اللاعب تجمیع النقاط والنقود من خلال سرقة السیارات، وقتل المارّة ورجال الشرطة، مع ما یتخلّله ذلک من مشاهد عنف ودماء، فی شوارع نیویورک ولوس أنجلس.
یتضمن فیدیو الترویج لـ"GTA الداعشیة" (3:40 د.)، معالجة للملصق الأساسی للعبة، انطلاقاً من نسختها الخامسة، یظهر فیه مقاتل من "الدولة الإسلامیّة" ملثّماً، حاملاً بندقیته، إلى جانب شعار التنظیم. یبدأ الشریط بتنویه کتب بلغة عربیّة رکیکة: "ألعابکم التی تصدّرونها، نحن نمارس نفس هذه الأفعال المتواجدة فی ساحة القتال". یلی ذلک، مشاهد رکیکة ومقتضبة من اللعبة الأصلیّة، مع إدخال تعدیلات طفیفة على الـ"غرافکس"، لتحاکی ما یشبه طبیعة بلاد الشام. یظهر شعار "الدولة الإسلامیة" فی معظم المشاهد، ویتخللها هتافات "الله أکبر" فی الخلفیّة الصوتیّة، کما یتغیر لباس شخصیة اللعبة الأساسیة لیتناسب مع "المهمة الجدیدة". ویوضح الفیدیو، على وقع نشید بعنوان "صلیل الصوارم"، مهمّات اللاعب، وهی "القضاء على الجیش الصفوی"، وتنفیذ عملیّات "قنص ضدّ الجیش الأمیرکی"، وتفجیر عبوات.
فی تقریر حول اللعبة، رکّزت صحیفة "ذا دایلی تلغراف" البریطانیّة، على کون الشریط الترویجی لها، تحریضاً على قتال أمیرکا والغرب. واعتبرت أنّه دعوة لتجنید المزید من الفتیان الصغار فی القتال مع التنظیم الإرهابی.
انتشر الفیدیو الترویجی للعبة على مواقع التواصل، بعد أیّام من إصدار "داعش" إعلاناً على "یوتیوب" لفیلم قصیر موجّه لأوباما بعنوان "لهیب الحرب"، وبالتزامن مع تشکیل واشنطن تحالفاً دولیاً، بهدف القضاء على التنظیم. وکأنّ إنتاجات هذا الأخیر الإعلامیّة المستجدّة، تصبّ فی خانة تدعیم ذلک التحالف، من خلال تعمیم الرعب من "داعش"، والتأثیر على الشریحة الأوسع والأکثر نشاطاً فی مجال ألعاب الفیدیو، أی شریحة الفتیان بین 13 و18 عاماً، واستلابها. علماً أنّ طریقة تنفیذ إعلان لعبة "صلیل الصوارم"، تبین بوضوح لمن یتتبع تطوّر ألعاب الفیدیو، أنّ اللعبة بنسختها الداعشیة لن ترى النور، وأنّ الهدف من الترویج لها، یقتصر على الضجة الإعلامیَّة التی من الممکن أن تثیرها مؤقتاً.
فی سیاق متّصل، بدأت شرکات مصنّعة لألعاب فیدیو شهیرة، الترویج لتعدیلات فی نسخها الجدیدة، تتضمن إشارات إلى "داعش"، منها لعبة "رد دراغون". وهنالک أیضاً لعبة "عصر الأساطیر" التی تتضمّن فی نسختها الجدیدة صراعاً بین "إیزیس"، و"زیوس"، واضعةً رئیس آلهة الأولمب وأحد أبرز رموز الحضارة الغربیّة، فی مواجهة "داعش" الذی سرق اسم الإلهة المصریّة الفرعونیّة. وبذلک، یعید صانعو اللعبة تأکید راهنیّة «صراع الحضارات»، وتحدیداً بین «الغرب الحرّ المتقدم»، و«الشرق المتخلّف المتوحّش».
یعود بنا فیدیو "GTA الداعشیة" إلى بدایات الاشتغال الأمیرکی على ألعاب الفیدیو، باعتبارها أداة حرب ثقافیة من الطراز الأول، وقد کانت انطلاقتها الأهم مع لعبة "کونترا" التی ظهرت العام 1987. وکلمة "کونترا" هی الاختصار الانکلیزی لمجموعة القوات الخاصة لمکافحة الشیوعیة. الجدید فی إصدار "داعش" الأخیر، هو «الحرب المعاکسة»، أی الحرب على أمیرکا لا باسمها، ولکنه یصب فی السیاق ذاته، أی فی المصلحة الأمیرکیة. فالمطلوب أمیرکیاً هو الحرب، ولذلک فإن خلق الأعداء، وتقویة صورتهم وتعزیزها باستمرار، أداة أساسیة لاستمرار تلک الحرب.

المصدر:جریدة السفیر

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار