19 November 2024

مفارقات معرکة القلمون: وقائع من ارض المعرکة..

نکتب فی موقف الجمعة هذا عن مفارقات معرکة القلمون بعد زیارة میدانیة الى بعض المناطق هناک فضلا عن إطلالات على بعض النقاط والمزارع التی تعتبر معابر طبیعیة یتم عبرها التنقل لیلا والتواصل بین السهل والجبل، وتعتبر هذه النقط معابر التقاء المهربین الذین ینشطون بقوة هذه الایام فی المنطقة ،
رمز الخبر: ۶۰۵۹۴
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۲:۳۶ - 15October 2014

 مفارقات معرکة القلمون: وقائع من ارض المعرکة..

نضال حمادة

نکتب فی موقف الجمعة  هذا عن مفارقات معرکة القلمون بعد زیارة میدانیة الى بعض المناطق هناک فضلا عن  إطلالات على بعض النقاط والمزارع  التی تعتبر معابر طبیعیة یتم عبرها التنقل لیلا والتواصل بین السهل والجبل، وتعتبر هذه النقط معابر التقاء المهربین الذین ینشطون بقوة هذه الایام فی المنطقة ، بعضهم یقول تحضیرا لموسم المازوت وبعضهم الاخر اکثر صراحة یعترف ان المازوت حجة وان المهرب یبیع ویشتری کل شیء وأول هذه الاشیاء المبادئ حسب ما قال حرفیا احد العاملین فی قطاع النقل فی مهنة التهریب عبر هذه السلسلة.


ونحن فی تقریرنا هذا لن نحدد ماهیة النقاط والمعابر ولا مکانها، کما اننا سوف نوضح للقارئ بعض المفارقات التی یفرضها على واقع المعرکة فصل الشتاء القارص فی هذه المنطقة الجبلیة، وسوف نوضح ما هی  استراتیجیات المسلحین التی یتحدث عنها سکان سفوح تلک الجبال الذین یتواصلون مع مجامیع المسلحین عبر الهواتف والسکایب او عبر قنوات المهربین وبعض الذین یتسللون بشکل فردی  لیلا من الجبال والیها سیرا على الاقدام.

لا تبدو منطقة جبال القلمون  من أطراف سهل القاع  المدخل الجغرافی للقصیر وجوارها حتى حمص، وسلسلة الجبال منها وصولا الى جرود بریتال، على الحال الذی کانت علیه قبل أسبوع، فالمنطقة عادت بین لیلة وضحاها الى ساحة حرب طاحنة من الجهة الشرقیة الجنوبیة المتاخمة لجرود بریتال ویونین، وداخل الجرد المشترک بین هذه البلدات وبلدة عرسال.

وفیما تبدو المنطقة الشمالیة الشرقیة من جهة جرود راس بعلبک وصولا الى جرد القاع وسهلها المؤدی الى جوسیة والقصیر هادئة نسبیا ، فإن الجو الحقیقی ینذر بما هو أخطر مستقبلا خصوصا بعد  الضربة التی تلقاها المسلحون  فی الجرود الواصلة بین عسال الورد وبریتال، رغم انهم حققوا اختراقات فی بدایة هجومهم المباغت على نقاط معزولة غیر ان ردة الفعل کانت قویة لدرجة الهزیمة المؤلمة فی خسارة تلة أم الخرج خلال ثلاث ساعات دون ان یتمکن من کان علیها من  الحفاظ على هذه النقطة الاستراتیجیة التی تشرف على کامل تلال وسهل عسال الورد.

یروی بعض المهربین الذی یتنقلون عبر ودیان المنطقة وجبالها ان فکرة القتال للعودة الى القصیر أصبحت من الماضی فی استراتیجیة المسلحین المنتشرین فی جبال القلمون، على اقله فی فصل الشتاء وحتى نهایة فصل الربیع، ویضیف الرجل الذی یقول انه یعرف المنطقة زاویة زاویة ومغارة مغارة، أن المسلحین لیسوا جسما واحد، ولیسوا رأیا واحدا، کما ان بعض کبار السن من الذین کانوا وجهاء فی القصیر وریفها، لیسوا مع المواجهة العسکریة من الاساس، ویتحدثون همسا عن ضرورة فتح باب للتواصل مع الدولة السوریة لحل هذه المشکلة من اساسها.

رجل آخر من جماعة المهربین یطابق قول صاحبه ، ویضیف ان استراتیجیة ( فراس البیطارـ وابو مالک )  کما سماها هی البقاء فی جبال القلمون خلال فصل الشتاء وعدم النزول الى السهل حتى لا یکونوا مصیدة سهلة للجیش السوری وحلفائه، فالجبال تؤمن الغطاء الجعرافی بتضاریسها بینما السهل المکشوف من جهة القاع وجوسیة سوف یقضی على المسلحین فی حال حاولوا الاقتراب منه او التفکیر فی العودة الیه، ویقول الرجل ان المفارقة هنا التی فرضتها طبیعة القلمون تکمن فی تخلی مسلحی القلمون مؤقتا عن فکرة العودة الى القصیر بفعل انکشافهم وعدم وجودهم فی مناطق الحضر من قرى وبلدات المنطقة التی خسروها فی الحرب، وهذه بدایة النهایة لهم یقول الرجل، فالفکرة بأساسها بدأت تزول من  نفوسهم ومع الوقت سوف تضعف الذاکرة مع قساوة الحرب وتبدل منطق الاستراتیجیات بفعل السعی للبقاء على قید الحیاة وهذا یشکل الهاجس الاول والأخیر للمسلحین.

 ولکن هل یعنی هذا انهم لن یحاولوا شن هجمات على القرى والبلدات؟
سوف یهاجمون لیس للبقاء داخلها ولکن لمحاولة اخذ رهائن وارتکاب مجازر لارهاب الناس، یقول احدهم، هم یعرفون انهم لن یستطیعوا البقاء فی ایة بلدة یدخلونها لکنهم سوف یحاولون جهدهم ان یدخلوا الى منطقة سکنیة بفعل المفاجأة ویأخذوا رهائن، وسیاسة اخذ الرهائن هی هدفهم الکبیر فی هذا الوقت، کما انهم سوف یقومون بعملیات اعدام وقتل سریعة قبل خروجهم بهدف ارهاب الناس وإرباک الطرف الاخر ، ومحالة جذب المقاتلین الى صفوفهم بفعل الظهور الاعلامی، هم یریدون ان یکونوا ابطال المعارضة فی  الحرب السوریة، بعد الهزائم التی منیت بها المعارضة  وبعد صعود نجم داعش وسیطرتها على مناطق واسعة فی سوریا.

موسم المازوت اقترب یقول مهرب مزدوج الجنسیة، والاستعدادات بین المهربین على طرفی الحدود تجری للبدء به، هناک صعوبة کبرى هذا العام لکن ضرورات البقاء تفرض غض النظر فالناس اوضاعها سیئة اقتصادیا وهی ان لم تعمل فی التهریب سوف تلجأ الى العنف، کثرت حوادث السرقة  بقوة السلاح خلال الفترة الماضیة، فی السهل الممتد من القاع حتى سهل راس بعلبک والفاکهة، مخابرات الجیش اللبنانی تشن عملیات مداهمة لیلیة فی مخیمات اللاجئین المکتظة والمنتشرة بشکل عشوائی کما یقول القیمون على المخیمات من مندوبی جمعیات تمولها (الامم) حسب تسمیة احد المهربین، مضیفا نحن الذین نجوب هذه المنطقة طولا وعرضا ونعرف خبایاها نقول بکل ثقة ان لا شیء عشوائی وان اختیار اماکن نصب المخیمات تم على تخوم المعابر والمنافذ الطبیعیة بین السهل والجبل، وان هذه المخیمات فی بعض نقاطها أصبحت منطقة تواصل مع الجبال، هذا التواصل الذی فقده المسلحون قبل عام ونصف عاد الیهم عبر مخیمات (الامم) یختم الرجل کلامه.

المصدر: جریدة المنار

رایکم
الأکثر قراءة
احدث الاخبار