فیما کان الجیش السوری یکمل سیطرته الکاملة على حقل شاعر فی ریف حمص الشرقی، استشهد عدد من المدنیین الأطفال والنساء، خلال غارات «التحالف» على مقار «النصرة» و«أحرار الشام» فی ریف إدلب. فی وقتٍ استعاد فیه الجیش سیطرته على بلدة حسنو فی القنیطرة
أحمد حسان
نجحت وحدات الجیش السوری فی استعادة کامل المساحة الجغرافیة لحقل شاعر والتلال المحیطة به فی الریف الشرقی لمحافظة حمص، بعد سلسلة من المعارک العنیفة التی خاضها ضد مقاتلی «الدولة الإسلامیة» فی محیط الحقل. فبعد سیطرته أول من أمس على قریتی مهر وجحار، تقدم الجیش فجر أمس إلى قمة «السیریتیل» التی تحولت إلى منطلق لتقدم الجیش الواسع فی الحقل.
مقاتلو «داعش» اضطروا إلى القیام بانسحاباتٍ متتالیة فی اتجاه الشرق، وصولاً إلى بادیة تدمر، بعد اشتداد وتیرة ضربات الجیش ضدّ تجمعاتهم وتحرکاتهم. مصدرٌ عسکریٌ کان قد أکد لـ«الأخبار» أن انسحاب «داعش» نحو بادیة تدمر «لا یعنی أنها ستشکل مکاناً آمنا لهم فی ظل استراتیجیة الجیش الساعیة إلى تأمین کامل الریف الشرقی للمحافظة». المصدر أکّد فی الوقت ذاته أن أعداد قتلى التنظیم خلال عملیة استعادة حقل شاعر «تجاوزت العشرات»، فیما هرب المئات باتجاه الشرق.
على صعید آخر، استهدف طیران «التحالف الدولی» مقارّ لتنظیمی «جبهة النصرة» و«حرکة أحرار الشام الإسلامیة» فی الریف الشمالی لإدلب، والریف الغربی لحلب، ما أوقع قتلى فی صفوفهما، وشهداء مدنیین. وطاولت الغارات مواقع «النصرة» فی کفر دریان وحاجز السجن المرکزی وسرمدا وبابسقا وباب الهوا فی ریف إدلب، کما فی منطقة ریف المحامین الواقعة فی ریف حلب الغربی. وأسفر استهداف مستودع ذخیرة تابع «للنصرة» فی مدینة حارم، عن استشهاد تسعة مدنیین على الأقل، من بینهم أربعة أطفال، وفقاً لتأکیدات مصادر من السکان. مصدر من «أحرار الشام» قال لـ«الأخبار» إنّ «استهداف الحرکة اقتصر على غارة واحدة، طالت المقرّ 111، وهو مقرّ بحکم الخارج من الخدمة».
المصدر أکّد أن «المقرّ کان حیویاً فی فترات سابقة، لکن تم تحویله إلى مقرّ ثانوی فی إطار الإجراءات الوقائیة التی اتخذتها الحرکة مع بدء الغارات الصلیبیة». وفی الوقت نفسه، أقرّ المصدر بأنّ الغارة أدت إلى مقتل عنصرین اثنین، کانا یتولیان الحراسة، فی إطار «وردیّات صغیرة تتوالى على المقر، ضماناً لوجود الحرکة فی المنطقة، ومراقبة تطوراتها»، وفقاً للمصدر ذاته. وفی السیاق، نقل «المرصد السوری لحقوق الإنسان» المعارض عن «مصادر موثوقة» أن «ما لا یقل عن 6 عناصر من جبهة النصرة لقوا مصرعهم فی قصف مقرٍّ فی ریف المحامین، إضافة إلى دمار المقر». إلى ذلک، ارتفعت وتیرة الاشتباکات بین الجیش السوری والمجموعات المسلحة فی بلدتی بالا وحتیتة الجرش فی الغوطة الشرقیة لدمشق، وبالتوازی، تواصلت عملیات الجیش فی مزارع النجار والخزرجیة وبیت جن فی الریف الغربی لدمشق. وشهد مخیم الوافدین سقوط شهیدین وسبعة جرحى على الأقل جرّاء سقوط عدد من قذائف الهاون على المخیم.
جنوباً، أکدت مصادر عسکریة مطلعة، فی حدیثٍ مع «الأخبار» أن قوات الجیش نجحت فی استعادة السیطرة على بلدة حسنو فی ریف القنیطرة، «بعد ضربات مدفعیة وجویة مرکزة، أجبرت المسلحین على الانسحاب نحو الأطراف الجنوبیة الشرقیة للبلدة». المصادر أکّدت «مقتل ما یزید على 25 مسلحاً، فی حسنو ومغر المیر وتل مروان». فیما قتل تسعة مسلحین تابعون «للنصرة»؛ من بینهم الأردنی محمد شبانة، وهو القائد المیدانی لمعارک «النصرة» فی الشیخ مسکین بریف درعا.
فی الأثناء، (حیدر مصطفى) بدأت القوات السوریة أمس عملیّة عسکریة فی بلدة بیت تیما فی الریف الجنوبی الغربی للعاصمة. وتحظى البلدة بأهمیة استراتیجیة، کما تشکل مع بیت جن ومزرعتها وبیت سابر وکفر حور مربعاً مغلقاً ضمن سفح جبلی معقد الجغرافیا، تتحصن فیه مجموعات مسلحة منذ أکثر من عامین. مصدر میدانی قال لـ«الأخبار» إن «فتح نیران هذه الجبهة بشکل مباغت، هدف إلى قطع طرق إمداد المسلحین من بیت جن الحدودیة إلى خان الشیح». المصدر أوضح أن «العملیة نجحت فی تحقیق هذا الهدف بشکل نسبی، کما شکلت عامل ضغط مفاجئ على مخططات غرف عملیات المسلحین فی ریف القنیطرة الجنوبی وریف دمشق الجنوبی الغربی». ووفقاً لمصادر «الأخبار» فقد أسفرت المعارک عن «مقتل نحو 20 مسلحاً تابعین لجبهة النصرة، من بینهم قادة».
مبادرة لوقف معارک «الجبهتین»
إلى ذلک، وفی تطورات الصراع بین «جبهة النصرة»، و«جبهة ثوار سوریا» فی ریف إدلب، أطلقت «حرکة أحرار الشام الإسلامیة» أمس «مبادرة إعلان تحاکم حول أحداث جبل الزاویة». وفی بیان لها، ربطت «الحرکة» بین مبادرتها، وبین «المآلات الإقلیمیة والدولیة التی وصل إلیها المجتمع الدولی فی تعامله مع الثورة السوریة»، وبین استهداف «التحالف» الأخیر لـ«أحرار الشام». المبادرة دعت إلى «إعلان وقف فوری للقتال»، و«إنشاء محکمة شرعیة مستقلة علیا، تبت جمیع الشکاوى الواردة ضد کل الأطراف المقتتلة، وتکون جهة قضائیة ملزمة». إضافة إلى «دعوة جمیع القوى الفاعلة فی الجیش الحر وإخوانهم فی بقیة الفصائل الثوریة المجاهدة إلى تشکیل قوات فصل بإدارة وقیادة تختارها المحکمة الشرعیة العلیا، تکون بمثابة قوة تنفیذیة بیدها لضمان تنفیذ ما یتم التوصل إلیه». ودعت «الفصائل المقتتلة، وعلى رأسها جبهة النصرة وجبهة ثوار سوریا، إلى الموافقة على هذه المبادرة خلال مدة أقصاها 72 ساعة». واختتم البیان بتجدید «نفی مشارکة أیٍّ من ألویتها (أحرار الشام) فی الاقتتال، ومن ثبت علیه المشارکة من الأفراد سیحال إلى محکمة قضائیة».
*************************************************************************
حرب «التحالف» ضد تنظیم «الدولة الإسلامیة» فی وادٍ، واستمرار الأخیر فی تشدید قبضته على مناطق نفوذه فی واد آخر. أحدث فصول «هیمنة الخلافة» فی دیر الزور، تجلّى فی فرض التنظیم شروطاً صارمة مقابل سماحه بعودة أهالی عشیرة الشعیطات (المُهجَّرین منذ حوالى مئة یوم) إلى قراهم. مصادر «جهادیة» أکدت أن «اجتماعاً عُقد بین قیادیّ فی التنظیم، ووجهاء من عشیرة الشعیطات، أُبلغوا خلاله بسماح التنظیم لأهالی العشیرة بالعودة إلى قراهم ومنازلهم، إذا نفذوا ثلاثة شروط». وبحسب المصادر، فإن الشروط تضمنت «الاعتراف بحکم الردّة على کل من قاتل التنظیم، وعدم حیازة أفراد العشیرة أی نوع من الأسلحة، وفرض حظر تجوال یومی فی قرى الشعیطات بین الساعة الثامنة مساءً والخامسة فجراً».
المصدر: جریدة الأخبار