وکالة الدفاع المقدس للأنباء – محمد جواد مهديزاده (*): لم تتفکر قیادة المنطقة الشمالیة في الجیش الصهیوني، الذي کان فخورا في مستوی قدرته الأمنیة لحفظ هیمنة الکیان في کافة المناطق المحتلة، بأن مجاهد واحد سیلقي الرعب في قلوب القوات النخبة الصهیونیة بتسلله داخل المنطقة المحتلة و في مکان علی الحدود اللبنانیة الفلسطینیة.
و هذا المجاهد لم یکن أحدا إلا «عباس الوزواز»، الملقب ب«درویش» جهادیا، موالید شهر نیسان عام 1972، ابن منطقة «النبعة» الواقعة في شرق بیروت، و أصله من بلدة «میس الجبل» الجنوبیة، الذي تربی في عائلة مؤمنة و ملتزمة و مجاهدة و مهتمة بالواجبین الدیني و الجهادي، فالتحق بصفوف المقاومة الإسلامیة في أواسط الثمانینیات، و تابعت الأعمال الجهادیة و الثقافیة، حتی أصبحت من القوات النخبة، و تم تعیینه من قبل قیادة المقاومة الإسلامیة لعملیة نوعیة داخل المنطقة المحتلة و في مکان قریب من «الناقورة»، علی الحدود البریة و البحریة بین لبنان و فلسطین المحتلة، والهدف المحتمل لهذه العملیة هو إعدام قائد المنطقة الشمالیة في جیش الکیان الصهیوني، اللواء الرکن «إسحاق مردخاي»، و هو من أبرز جنرالات الکیان الصهیوني المجرم، الذي قاد عملیة الجیش الصهیوني في حرب تموز 1993 (حرب «تصفیة حساب»)، تحت إشراف رئیس الوزاء الصهیوني آنذاک «إسحاق رابین».
ولکن رغم مراقبة امنیة شدیدة من جانب العدو الصهیوني، لم یکن یوجد «إسحاق مردخاي» في القافلة النوعیة التي کانت تمر بطریق منطقة «الناقورة» الحدودیة بین لبنان و فلسطین، إلا و دخل «عباس الوزواز» منطقة العملیة بطریقة ما زالت سریة حتی الیوم، و بقي فیها مع صدیقه المشارک في العملیة لعدة أیام، حتی الساعة 1:30 بعد الظهر في یوم 18 من شهر آب عام 1994، لما ظهرت قافلة القوات النخبة للجیش الصهیوني، فقام عباس و رفیقه بقتل و جرح کل من کان في القافلة، و في هذه المعرکة جرح صدیق «عباس» المجاهد ایضا، فطلب عباس الانسحاب منه، لأنه کان متزوجا و لدیه أولاد، فتمکن المجاهد الجریح من الإنسحاب إلی الأراضي اللبنانیة المحررة.
فتابع «درویش» القتال ضد العدو الصهیوني، و کان عدد من أهالی المنطقة قریب من مشهد العملیة، لکنهم ما انسحبوا، بل أخبروه عن أماکن تواجد الصهاینة حتی خلف حجر و شجر، و وصلت قوات نخبة لمساندة القافلة المستهدفة، فتدخل کلهم في المعرکة، حتی استشهد «عباس الوزواز» اثر جراحه في المعرکة، لکن المشهد تغیر عندما جاء قائد القوات الصهیونیة لأداء تحیة عسکریة للشهید عباس و أکد لعناصره أن هذا الرجال أسوة في المواجهة.
فأخذ العدو الصهیوني الجسد الطاهر للشهید و حفظه لمدة سنتین، لما رجع إلی وطنه إلی جانب ثلة من الأسری المحررین و أجساد الشهداء المجاهدین في عملیة تبادل الأسری بین حزب الله و إسرائیل في عام 1996، و دفن في «روضة الشهیدین» في الضاحیة الجنوبیة للعاصمة اللبنانیة بیروت.
و تابع خطه الجهادي ابن عمه الشهید «علي الوزواز» الذي شارک في حرب تموز 2006 و استشهد بمواجهات بطولیة تحت قیادة الشهید القائد «الحاج محمد دمشق» (جواد عیتا) في منطقة «مارون الرأس» الحدودیة، و بعده الشهید الفقید الشاب المجاهد «هادي الوزواز» ابن اخیه، الذي دفن إلی جانب عمه في روضة الشهیدین في 2016.
(*): إعلامي إیراني و باحث مخصص في مجال العلاقات الدولیة و التاریخ العسکري