وأفادت وکالة الدفاع المقدس للأنباء، أن غريب آبادي، شارك الثلاثاء، في ندوة متخصصة تحت عنوان "التعاون الدولي، الدروس المستفادة وأفضل الممارسات لإدارة مستدامة لغابات زاغروس" التي عقدت في مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية.
وأكد غريب آبادي في كلمته: "إن حماية زاغروس ليست مسؤولية وطنية تخص الشعب الإيراني فقط، بل إن هذه الغابات تُعد من التراث المشترك للبشرية وعنصرًا حيويًا في النظام المناخي العالمي".
وجاء في نص كلمته ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الضيوف الكرام،
نعيش اليوم في عالم يعاني بوضوح من أزمات بيئية متعددة، منها تغيّر المناخ، التلوث، تدهور الموارد الطبيعية، وانخفاض التنوع البيولوجي، وهذه الأزمات تدفع العالم نحو مستقبل غامض. وتُعد الغابات من أهم الموارد الطبيعية ذات الأهمية الحيوية لبقائنا وبقاء الأجيال القادمة.
يسعدني أن أكون بينكم اليوم، أنتم عشاق الطبيعة وحماتها، لنتحدث عن إحدى الكنوز الطبيعية لإيران وغرب آسيا، وهي غابات زاغروس.
هذه الغابات، التي تشكل "الجواهر الخضراء" في قلب إيران، تُعتبر من أبرز الأنظمة البيئية في البلاد. فهي ليست فقط موردًا اقتصاديًا وبيئيًا مهمًا، بل هي أيضًا داعم حيوي للحفاظ على التنوع البيولوجي وتنظيم الموارد المائية ومكافحة تغير المناخ.
تُعد حماية التنوع البيولوجي في غابات زاغروس، التي تأوي أنواعًا فريدة مثل شجرة البلوط الإيراني والنمر الإيراني ومئات الأنواع النباتية والحيوانية الأخرى، فضلًا عن حماية المياه والتربة التي تضمن حياة آلاف المجتمعات المحلية ومعيشة ملايين السكان في غرب إيران، مسؤولية دولية مشتركة. وتغطي هذه الغابات أكثر من 6 ملايين هكتار، وتمتص ملايين الأطنان من الكربون، مما يجعلها من الرئات الطبيعية للأرض.
إلا أن هذه الغابات تواجه تحديات عدة بسبب تغير المناخ والتنمية غير المتوازنة، مثل التدهور البيئي، حرائق الغابات، تعفن الأشجار، والضغط الزائد من الرعي على الغطاء النباتي.
الجفاف، التصحر، تزايد العواصف الرملية، الكوارث الطبيعية مثل السيول وتآكل التربة، كلها تهدد المجتمعات سواء في الدول المتقدمة أو النامية. وإيران وغابات زاغروس لم تكن بمنأى عن هذه الآثار. وهذه الأضرار تعود أساسًا إلى سياسات وممارسات غير مستدامة للدول المتقدمة، ما يستدعي ضرورة تعاونها مع الدول النامية لمواجهة الظواهر المناخية السلبية.
لكن، هناك حلول، وهي تبدأ من "الإدارة المستدامة للغابات".
الإدارة المستدامة تعني الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية دون الإضرار بالنظام البيئي أو المساس بحقوق الأجيال القادمة. وفيما يلي بعض مجالات العمل:
حماية التنوع البيولوجي: عبر إنشاء مناطق محمية، مكافحة الصيد الجائر، وتطوير البحوث لرصد الأنواع المهددة.
الحد من حرائق الغابات: من خلال تدريب المجتمعات المحلية، استخدام التكنولوجيا للتنبؤ بالحرائق، وتعزيز البنية التحتية للإدارة البيئية.
تمكين المجتمعات المحلية: من خلال التوعية البيئية، وتعليم الزراعة والرعي المستدام، وخلق وظائف خضراء تقلل من الضغط على الغابات وتحسن مستوى المعيشة.
إدارة موارد المياه: بما أن غابات زاغروس تؤثر في مصادر المياه، فإن حمايتها تعني الحفاظ على المياه والتربة، ويجب إدارة المياه بدقة تلبي احتياجات البيئة والسكان.
التعليم والبحث العلمي: من خلال دعم الأبحاث في علم البيئة، تغيّر المناخ، وتدريب السكان المحليين على المحافظة البيئية.
السيدات والسادة،
لقد شاركت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بنشاط ومسؤولية في صياغة العديد من الاتفاقيات البيئية العالمية، مثل اتفاقيات تغير المناخ، التنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر، ولا تزال ملتزمة بهذا الدور. ومن أولوياتها اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع تغير المناخ وتعزيز القدرة على مواجهته.
ونحن مستعدون للتعاون مع المجتمع الدولي في مجالات:
نقل التكنولوجيا الحديثة،
توفير التمويل،
تأسيس صناديق دعم دولية لمساعدة المجتمعات المحلية،
إطلاق برامج تعليمية مشتركة،
تطوير السياحة البيئية المستدامة،
دعم الأبحاث بين الجامعات الإيرانية والدولية.
كما نرحب بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، اليونسكو، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ومع الدول ذات الخبرات الناجحة في حماية الغابات المشابهة لغابات زاغروس.
المبادرات الدولية مثل "برنامج الأمم المتحدة للحد من انبعاثات إزالة الغابات وتدهورها" (UN-REDD)، ومبادرة الفاو لإعادة تأهيل الأراضي والغابات، بالإضافة إلى برامج خلق الوظائف الخضراء، يمكن الاستفادة منها في إدارة غابات زاغروس.
وتجارب إيران في التعاون مع المنظمات الدولية في حماية غابات المانغروف في الخليج الفارسي وجبال هيركاني في الشمال يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى لحماية زاغروس أيضًا.
السيدات والسادة،
غابات زاغروس كنز بيئي لإيران والعالم، وهي بحاجة إلى اهتمام عاجل وإجراءات فعالة. إن إدارتها المستدامة ليست فقط للحفاظ على البيئة، بل هي أيضًا وسيلة لمكافحة تغير المناخ، الحفاظ على المياه، وتحقيق الرفاهية للأجيال القادمة.
نحن نرى في زاغروس فرصة لتعزيز التعاون بين الدول لحماية البيئة. فمستقبل زاغروس مرتبط بمستقبل كوكب الأرض. لنعمل معًا من أجل كوكب أفضل.
انتهى/